الجمعة 29-03-2024 12:57:25 م : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

من "الزينبيات" إلى "الفاطميات".. إرهاب حوثي يرتدي اللثام

السبت 18 ديسمبر-كانون الأول 2021 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت-خاص-زهور اليمني

 

أخفت الحرب التي أشعلها الحوثيون الكثير من التفاصيل اليومية المؤلمة، وغطى دخان نيرانها حقيقة ما يحدث على الأرض، فهناك منسيون في هذه الحرب لم يعد يَبحث عنهم أحد، دفعتهم الحاجة في مثل هذه الظروف لأن يكونوا فريسة سهلة لأطماع المليشيات، واستغلالهم لتنفيذ مهامها القذرة.

في خطوة كسرت كل الحواجز والأعراف الاجتماعية، تنافت مع الشعارات الدينية التي تتذرع بها، سعت المليشيات الحوثية إلى استقطاب المرأة وتجنيدها لصالحها، اقتداء بالإستراتيجية الإيرانية الخاصة بتجنيد الفتيات، لتتحول المرأة إلى وحش تبث الرعب وتمارس كل أشكال الترويع والإرهاب، منتهكة حقها في حياة كريمة أولا، وحق غيرها من النساء في حياة آمنة مطمئنة.

على خطى إيران يسير الحوثيون:

بالانتقال إلى التجربة الشيعية في مسألة تجنيد النساء والزج بهن في العمليات، نجد أن فكر الولي الفقيه لم يمانع عملية تجنيد النساء، بل دعا إلى تجنيد وحشد النساء من أجل الدفاع عن الثورة الخمينية الإيرانية، ففي نوفمبر 1979 بعد نجاح الثورة بشهور قليلة تم إنشاء أول مليشيا نسائية إيرانية تحت مسمى "أخوات الباسيج".

في البداية، كان دور المرأة في "الباسيج" يقتصر على التواجد في الخطوط الخلفية للقتال لأداء مهام محددة مثل تمريض المصابين وإعداد الطعام وتجهيز الأسلحة، وتطور الأمر فيما بعد واحتلت المرأة الصفوف الأمامية في المعارك والحروب، كما لعب هذا التنظيم الدور الكبير في قمع المعارضين وتصفية الخصوم.

وتعتبر حارسة الإمام الخميني "مُرضية دباغ" من أبرز مؤسسي "تنظيم أخوات الباسيج"، والملهمة للفتيات المنضمات إليه.

وإزاء هذه التجربة انبرت الحركات المرتبطة بنظام الولي الفقيه في تشكيل العديد من المليشيات المسلحة النسائية، كما فعلت مليشيات الحوثي التي حاولت السير على خطى إيران، فشكلت لواء "الزينبيات" عام 2014 في محافظة صعدة بشكل سري.

بداية الظهور:

في 2017، أعلن زعيم المليشيا الإرهابية عبد الملك الحوثي اعتزامه إعادة التجنيد الإجباري لتعزيز الجبهات بالمقاتلين الجدد دون أن يحدد المستهدفين بالتجنيد الإجباري، وهو ما يجعل عملية التجنيد تشمل فئات المجتمع جميعًا من بينها النساء، حيث قالت رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة الدكتورة "غادة أبو طالب" في حديث صحافي مع وكالة أنباء "سبأ" التابعة للحوثيين: "ونحن ندشن العام السادس من الصمود في وجه (العدوان)، أثبتت المرأة اليمنية صمودها وثباتها إلى جانب أخيها الرجل في مختلف الجبهات، بالاستناد إلى الوعد الإلهي، وتحركت من منطلق أن الموقف القرآني والربح فيه مضمون"، في إشارة إلى دور الكتائب النسوية الحوثية في العمل الأمني والاستخباري.

بعد هذا الإعلان ظهرت "الزينبيات" بشكل علني، وظهرت لذلك التنظيم قيادات مثل هدى الوزير وفاطمة الشرفي وهناء باعلوي، وأغلب قيادة هذه التشكيلات الحوثية زوجات القيادات الحوثية وقريباتهم، إذ يستحيل إسناد مهام قيادة أيٍّ من هذه التشكيلات لنساء من خارج السلالة الهاشمية.

ومع ظهور الجرائم البشعة التي ارتكبتها المجندات "الزينبيات" في حق المرأة اليمنية، وصارت سمعة هذا الفصيل لدى المنظمات الدولية مكشوفة ومفضوحة، فمضت المليشيات وبصورة سرية في تشكيل فصيل نسوي جديد يُسمى "الفاطميات"، الذي يتركز عمله في الاستدراج الناعم في أوساط النساء، والتعبئة الفكرية والتحريض والتلقين والشحن الطائفي، عبر إلقاء محاضرات ودروس ودورات لجموع النساء والفتيات في كل مديرية وحي وحارة في العاصمة صنعاء، والإبقاء على وظيفة "الزينبيات" في نطاق الأعمال القمعية والقتالية والتجسسية.

مجندات مهامهن استقطاب الأطفال للجبهات:

على وقع الهجمات المحمومة للحوثيين باتجاه مأرب ومساعيهم لحسم المعركة هناك، لجأت المليشيات إلى الدفع بنسائها المجندات لتولي مهمة استقطاب الأطفال، وغسل أدمغتهم بالأفكار الطائفية والمتطرفة، ومن ثم الزج بهم كوقود لعملياتها العسكرية المختلفة.

تقارير حقوقية يمنية كشفت في وقت سابق دور المليشيات في ارتكاب أبشع الانتهاكات ضد صغار السن بواسطة نسائها المجندات، وأفادت بأنهن استقطبن أكثر من 4600 طفل منذ مطلع يناير 2020 وحتى نهاية سبتمبر الماضي.

وكشف أحدث تقرير حقوقي عن تجنيد المليشيات أكثر من 10 آلاف طفل يمني بشكل إجباري منذ بداية الانقلاب.

وأشار التقرير المشترك الصادر عن منظمة "سام" للحقوق والحريات و"المرصد الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان، إلى أن المليشيات لجأت إلى استخدام النساء المجندات للقيام بهذه المهمة، حيث يلجأن أحيانا إلى تهديد أمهات الأطفال، وتارة أخرى يستهدفن العائلات الفقيرة وإقناعها بتجنيد أبنائها مقابل مكافأة مالية شهرية.

وذكر التقرير أن عدد الأطفال الذين جندتهم المليشيات في صفوفها ولقوا مصرعهم بلغ خلال العام الماضي أكثر من 1400 طفل، بناءً على حصيلة ما تداولته وسائل إعلام حوثية على امتداد العام الماضي.

حول هذا الموضوع حدثتنا "أم أحمد" والتي تسكن في صنعاء القديمة قائلة: "منذ اكثر من شهرين شرعت مليشيا الحوثي عبر النساء المجندات في صفوفها بالمرور على المنازل في صنعاء القديمة، ودعوة النساء لحضور الدورات والمحاضرات الطائفية التي تقام يوميا في أوساط الأمهات وربات البيوت، بغرض إقناعهن بأهمية إلحاق أبنائهن بجبهات القتال دفاعاً عن المال والأرض والعرض ضد الغازين من اليهود والنصارى"، كما يروجون.

وأضافت: "لقد انتقت المليشيات أبرز المجندات والمشرفات والمؤدلجات طائفياً وأوكلت إليهن مهمة إلقاء المحاضرات في أوساط النساء، فهي ترى في شريحة النساء الطرف الأضعف وتعتقد بسهولة خداعهن والتغرير عليهن وإقناعهن بإلحاق أبنائهن بجبهات القتال، من خلال تعبئتهن بخطاب العنف والكراهية والعداء للآخر في إطار ما تسميه "الهوية الإيمانية" وتحصين المرأة من أعداء الأمة".

وتابعت: "هناك أمهات رفضن حضور الدورات فتم تهديدهن باختطافهن أو اختطاف بناتهن وحرمانهن من المساعدات الأممية أو حرمانهن من الغاز المنزلي، وإجراءات أخرى قد تتخذ بحق أسرهن في حال عدم حضورهن تلك الدورات".

أهم دوافع المليشيا لتجنيد النساء:

لدى مليشيات الحوثي الاستعداد للقيام بأي شيء يحقّق أهدافها، ومثلما استغلت الشباب والأطفال في معاركها، فإنه من الطبيعي أن تستخدم النساء لتحقيق ذلك، فهي لا تهتم لا بحقوق الإنسان ولا بأعراف وتقاليد المجتمع المحافظ، لذا استخدمت النساء تحت ضغط العديد من الدوافع الميدانيَّة واللوجستية، من أهمها:

- التجنيد:
يعد تجنيد المرأة من أهم الدوافع التي لجأت إليها المليشيات من أجل استقطاب النساء في صفوفها، فالمرأة لديها قدرات خاصة يمكن استغلالها في تجنيد مزيد من الأفراد في صفوفها، فهي تستطيع التواصل مع أقاربها وزميلاتها ومحيطها دون أي عائق، وتعمل على بث الأفكار المتطرفة فيهم.

ولعل أهم دور تقوم به النساء المجندات هو خلق أجيال متعاقبة متشبعة بالأفكار المتطرفة والطائفية، يصعب معها معالجتها والقضاء عليها، فالأم لدى المليشيات هي المدرسة الأولى التي يتلقى فيها الأطفال دروس العنف والتطرف.

- مداهمة المنازل:
بعد الانتقادات الكثيرة التي وجهت للحوثيين باستخدام المسلحين في مداهمة المنازل، اتجهوا لاستخدام النساء المجندات لمداهمة المنازل في أي وقت، واقتياد النساء إلى مراكز الاختطاف والاعتقال السرية، ونهب المنازل وحُلي النساء، والتجسس على الطالبات، حيث يوجد أكثر من 400 امرأة مختطفة لدى الحوثيين بناء على تقارير محلية ودولية.

- الاستعانة بالمجندات من النساء في التفجيرات وزراعة الألغام والعبوات الناسفة، حيث تم اعتقال خلية نسوية حوثية أثناء زراعتها للعبوات الناسفة في محافظة الجوف.

- قمع المظاهرات:
اعتمد الحوثيون النساء المجندات في قمع المظاهرات والاحتجاجات النسائية، والاعتداء على أي نشاط نسوي معارض، مثال على ذلك تفريق وقمع وقفات كثيرة لأمهات المختطفين.

- القمع السياسي:
لعل الجماعات الشيعية هي أول من استخدم المجندات لهذا الغرض، ومرضية دباغ هي أول وأشهر من قامت بهذا الدور حتى قبل اندلاع الثورة الخمينية عام 1979.

فمع التقدم التكنولوجي بدأت المليشيات في استخدام الفتيات في أعمال استخباراتية، مثل تتبع المعارضين على وسائل التواصل الاجتماعي عبر تكوين مجموعات مختلفة في الشبكات الاجتماعية، إضافة إلى تضليل الرأي العام وابتزاز رجال الأعمال والمسؤولين عبر تلك المنصات.

وتعد مسألة إذلال الخصوم المعارضين من أخطر الوظائف التي قامت بها المجندات الحوثيات، فهي تعبر عن مدى دونية المرأة في نظر الحوثي.

- البعد عن الشبهات:
توجد العديد من الوظائف يصعب على الرجال القيام بها، مثل عمليات الاستطلاع والاستخبارات، والمرأة في المجتمع اليمني عنصر غير مشكوك فيه وبعيدة عن الشبهات، وبالتالي استغلت المليشيات تلك الميزة وجندت النساء من أجلها، وقامت بزراعتهن في أوساط النساء لمراقبتهن ورصد نوعية الأحاديث المتداولة عن المليشيات، ورفع تقارير دورية وبناءً عليها يتم ملاحقة النساء واختطافهن.

- تعويض النقص البشري: تعويضًا لحالة النقص العددي في صفوفها نتيجة مقتل الكثير من الرجال خلال المعارك، لجأت المليشيات إلى تجنيد بعض الفئات مثل الأطفال والنساء، وتكوين مليشيات من الأطفال وأخرى من النساء تكون مهمتهن تقديم الخدمات اللوجستية والعمل في الخطوط الخلفية، لكن ما يلبث أن يتطور الأمر تحت وطأة نقص المقاتلين إلى الزج بهن في الجبهات.

- الاستغلال الإعلامي:
في ظل مجتمع محافظ كاليمن، ليس مألوفًا أن تحمل المرأة السلاح وتذهب لقتال الرجال، لذا استغل الحوثي المرأة المجندة أسوأ استغلال من خلال الاستفزاز النفسي والعصبي للمجتمع، بإبراز صورة المرأة المجندة التي تدافع عن دينها ووطنها بزعمهم، في الوقت الذي يعجز فيه الرجال عن المشاركة في القتال، وهذه الحيلة نجحت في استنفار الكثير من الشباب.

- ينظر الخطاب الحوثي إلى أن المرأة تحتاج إلى من يرشدها وينتشلها من مستنقع الذنوب الذي وقعت فيه، لذا لا بد من انغماسها في معتقده والعمل على نشر دعوته بمختلف الطرق، منها العمل المسلح الذي يمهد لها أقصر الطرق للجنة كما تدعى المليشيات.

- استخدم الحوثيون النساء الجانحات المحكوم عليهن بأحكام قضائية، وقاموا بتجنيدهن وتدريبهن ضمن دورات مكثفة، وأصبحن يشكلن الآن فرقا خاصة يقمن بتدريب الفتيات المنضمات حديثاً لمعسكرات التدريب.

أما بالنسبة للأسباب التي دفعت المرأة للالتحاق بالتجنيد في صفوف المليشيات فهي:

- الكثير منهن لم تتح لهن فرصة اختيار الانضمام إلى المليشيات، وكان عامل القوة والتهديد سبب في التحاقهن بالتجنيد، بعد أن تم تلفيق للبعض منهن تهما مخلة بالشرف والأخلاق.

- يعد الفقر الذي تسبب فيه الحوثي، وفقدان بعض الأسر لعائلها الوحيد بسبب الحرب وما تلا ذلك من معاناة في البحث عن مصدر رزق تقتات منه هذه الأسر، من أسباب الرضوخ لحملات التجنيد الحوثية بعد إغراء أسر الفتيات والنساء بالمال.

- الالتحاق بالمليشيات والقتال معها بأية وسيلة كانت تمنح البعض من النساء شعورا بالحرية، وتوفر لهن إحساسًا بأهمية الدور الذي يقمن به في خدمة المليشيات التي ينتمين إليها، حيث أوضحت إحدى المنظمات لقوات التعبئة الشعبية في إيران "الباسيج" أن الفتيات الإيرانيات يحببن الالتحاق بصفوف كتائب "أخوات الباسيج" لما يتوفر لهن من حرية قد لا توجد داخل المجتمع الإيراني المنغلق، فضلًا عن الدور العظيم الذي يقمن به من أجل خدمة المجتمع، أي أن التجنيد قد يكون وسيلة لإشباع رغبات المرأة في التحرر من القيود الاجتماعية وبناء ذاتها الشخصية، وهو الأمر الذي تلعب عليه مليشيات الحوثي.

- اعتبر المحللون السياسيون استخدام الحوثي النساء في العملية العسكرية، خصوصاً في الصفوف الأمامية كدروع بشرية، يهدف لتقديمهن دولياً فيما بعد على أنهن ضحايا حرب.

تقارير توثق أنواع الانتهاكات الحوثية بحق المرأة:

تعددت أشكال الانتهاكات الحوثية ضد المرأة، والتي تبدأ بالحرمان من حق العمل والحياة الكريمة إلى الاعتداء المباشر بالقتل والتعذيب والاختطاف والإخفاء القسري، وتجاوزت الخطوط الحمراء عقب توثيق حالات اغتصاب بحق سجينات في معتقلاتها.

فقد كشف تقرير حديث صادر عن اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان المدعومة من الأمم المتحدة، سقوط أكثر من ألفي امرأة وطفلة ضحايا بنيران مليشيا الحوثي.

ووفقاً للتقرير الذي نشرته "العين الإخبارية"، فقد وثقت اللجنة مقتل وإصابة 2617 امرأة وطفلة خلال الفترة من 2015 وحتى نهاية 2020 إثر القصف العشوائي الذي استهدف الأحياء السكنية في عدد من المحافظات اليمنية.

وأوضح التقرير أن اللجنة انتهت من الرصد والتحقيق في مقتل 528 امرأة وإصابة 805، إضافة إلى مقتل 512 طفلة وإصابة 772 أخرى.

وتصدرت محافظة تعز القائمة بعدد 678 امرأة ضحية، تلتها محافظات الحديدة والجوف والضالع.
وذكر التقرير أنه تم التحقيق في سقوط 109 نساء نتيجة انفجار الألغام التي زرعتها المليشيات الحوثية بينها 40 قتيلة و69 إصاباتهن خطيرة سببت لأغلبهن إعاقات دائمة وتشوهات مختلفة.

ولفتت اللجنة إلى أنها تحققت في عدد 72 امرأة يمنية تعرضن للاعتقال التعسفي والإخفاء القسري بسبب نشاطهن الإنساني والسياسي أو ابتزاز لأسرهن كجزء من سياسة استخدام النساء في الحرب.
وأوضحت أن أمانة العاصمة جاءت في المرتبة الأولى بعدد 31 حالة، مبينة أن المليشيا الحوثية تمارس الاعتقال والإخفاء والتعذيب، وتحتجز أغلب النساء في فروع الأمن وأماكن احتجاز سرية أخرى.

وكشفت أن مليشيا الحوثي أنشأت ملحقا سريا جوار السجن المركزي في أمانة العاصمة صنعاء لإخفاء النساء، وتتواجد فيه حاليا 50 امرأة مخفية بحسب إفادات 4 من الضحايا الناجيات.
اللجنة، بحسب التقرير الصادر عنها نهاية العام الماضي، حققت في 4 وقائع اغتصاب ضد النساء على خلفية نشاطهن ومواقف أسرهن السياسية والفكرية، تصدرت القائمة أمانة العاصمة ومحافظة ذمار.

كلمات دالّة

#اليمن