الجمعة 19-04-2024 03:11:51 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

بين الترغيب والترهيب.. أساليب الحوثيين في استقطاب المقاتلين والتغرير بهم

الأربعاء 29 سبتمبر-أيلول 2021 الساعة 12 صباحاً / الإصلاح نت-خاص-عبد الرحمن أمين

 

على الرغم من انعدام الحاضنة الشعبية لجماعة الحوثي الانقلابية في المناطق التي تسيطر عليها، والسخط الشعبي العام من ممارسات الجماعة وتصرفاتها اللامسؤولة، واستفزازاتها المتكررة، ونهجها التصادمي، إلا أن المليشيا ما زالت تمارس التحشيد، وتجييش المقاتلين في صفوفها، نتيجة للكثير من الأساليب التي دأب الحوثيون على اتخاذها، للتأثير على الناس لحشد المقاتلين.

ويتضح من خلال الأرقام والإحصائيات العدد المهول لقتلى المليشيا وحجم الخسائر التي تتكبدها نتيجة الحروب التي تخوضها، ما يكشف فداحة الكارثة وعدد القتلى الحوثيين الذين يتم الزج بهم في جبهات القتال.

ففي العام 2020 فقط لقي أكثر من 9 آلاف عنصر من مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة إيرانياً مصرعهم بنيران الجيش اليمني والمقاومة الشعبية وغارات لطيران تحالف دعم الشرعية في جبهات القتال المختلفة.

وتكشفت إحصائية نشرها المركز الإعلامي للقوات المسلحة، أن إجمالي قتلى المليشيا الحوثية الانقلابية منذ يناير وحتى ديسمبر من العام 2020 بلغ 9328 قتيلاً.

الخبز مقابل الدم

وتتخذ المليشيا الإنقلابية من الوضع الاقتصادي المتدهور وحالة الفقر التي يعيشها الناس والمستوى المادي المتدني للأفراد وسيلة لاستغلال حاجات الناس ومعاناة الكثير من المواطنين واستقطابهم للالتحاق بصفوف الحوثيين.

ونتيجة لاتساع دائرة الفقر في مناطق سيطرة الحوثيين وتوقف الرواتب وانعدام فرص العمل وإغلاق الكثير من المنظمات الإغاثية لمكاتبها وتوقف العديد من الجمعيات الخيرية، بات الحصول على سلة غذائية أو مبلغ من المال فرصة لا تعوض لدى الكثير من الأسر لمواجهة شظف العيش ومصاعب الحياة، الأمر الذي جعل من التحشيد أمرا سهلا من خلال مقايضة تلك الأسر بسلال غذائية يصعب الحصول عليها أو مبلغ من المال كراتب شهري مقابل الالتحاق بجبهات القتال.

وتكشف بعض المصادر عن قيام المليشيا الحوثية الإرهابية بإنشاء صندوق يعمل تحت إشراف وإدارة ما يسمى بـ"المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية"، وهو كيان تم ابتكاره قبل عامين لشرعنة ابتزاز المنظمات الدولية وحرف مسار تمويلاتها المخصصة كمواد غذائية ومعونات إغاثية لليمنيين المحتاجين مقدمة من الأمم المتحدة منها 500 مليون دولار تقدمها المملكة العربية السعودية على شكل دعم سنوي عبر المنظمات الدولية لتقوم تلك المنظمات بتسخيرها لصالح المجهود الحربي للجماعة.

هرم التهديد والوعيد

المشرف الذي تفرضه المليشيا في كل محافظة والذي يتقمص دور السلطة المحلية برمتها ويؤدي دورها وبمختلف المجالات، يعتبر الوسيلة الأهم بالنسبة للجماعة حيث يتولى الدور الأبرز في التحشيد وجمع المقاتلين.

وتعمد المليشيا إلى فرض الأسوأ خلقا والأكثر جرما والأكثر استعدادا للقيام بالانتهاكات وممارسة الجرائم والتجاوزات لإشاعة الرعب والخوف في قلوب المواطنين، حيث يتولى دور الآمر الناهي والوصي الرقيب على حياة الناس وشؤونهم، وبات من المستبعد أن تقابل أوامر المشرف أو طلباته بالرفض من قبل المواطنين، إذ أصبح الكثير من الناس يعرف مسبقا ما الذي ينتظره من التهم الجاهزة وما الذي ينتظره من العقاب.

المشرفون وكما يمارسون تهديداتهم على عامة الناس للمشاركة أو الدفع بأبنائهم للالتحاق بالدورات التدريبية التي يقيمونها والانضمام إلى جبهات القتال، فإنهم كذلك ووفقا لمصادر موثوقة يطالهم التهديد والوعيد أيضا ممن هم أعلى سلطة وسطوة في حال فشل أولئك المشرفون في إيجاد العدد المطلوب.

وقد سعت مليشيات الحوثيين إلى تحويل قضية تحشيد المقاتلين إلى منافسة بين المحافظات والمديريات، ورصدت مبالغ مالية كبيرة وصلت في بعض الأحيان إلى أكثر من 150 ألف ريال مقابل كل فرد تم إقناعه بالانضمام للقتال في صفوف المليشيات الحوثية.

نصرة عيال العم

وتتنوع أساليب الحوثيين في إقناع الناس لرفد جبهاتهم بالمقاتلين، إذ تعد العصبية واحدة من الأوتار الحساسة التي تعزف عليها الجماعة، بيد أن ضحايا هذه الدعوة لا يقتصر على عامة الشعب بل يطال أيضا أبناء الأسر الهاشمية الذين يتم إقناعهم تحت ذريعة المناصرة وأن الحرب إنما تستهدف الأسر الهاشمية.

وكثير ما تنطلي مثل هذه الأكاذيب على أعداد كثيرة من أبناء تلك الأسر والتي تتسم عادة بالجهل وتدني مستواها الثقافي والتعليمي، حيث تدفع بأبنائها تحت لافتة الدفاع عن كرامة الأسرة.

ويغذي هذه الفكرة ويجعلها قابلة للتأييد الحملات الإعلامية المضادة وغير المنهجية التي يشنها الكثير من الناشطين والتي تستهدف بدرجة أساسية "الأسر الهاشمية" وبدون تمييز، حيث ساعدت هذه الحملات المليشيا الحوثية بإقناع الكثير من الأسر الهاشمية بخطورة الموقف.

التعصب المذهبي

تسعى المليشيا الحوثية جاهدة إلى إيجاد مناخ موات للمذهبية والطائفية وتغذيتهما وخلق بؤر للتوتر من خلالهما، إذ حرصت الجماعة على توجيه خطاب مذهبي يستهدف المجتمعات والأسر التي تعتنق المذهب الهادوي الزيدي، مدعية أن ثمة استهدافا لمذهبهم من قبل المناوئين والمناهضين للمشروع الحوثي الذين يتم تصويرهم وكأنهم يسعون لاستئصال المذهب الزيدي وإحلال مايسمونها الوهابية مكانه وفقا للخطاب الذي يوجهونه، وهو ما يتجلى في الكثير من خطابات وتصريحات بعض الشخصيات والوجاهات القبلية في محافظات شمال الشمال.

طريق المنافسة

ونتيجة لغياب الدولة وانهيار المنظومة القضائية وانتشار المحسوبية والغياب التام لأجهزة الرقابة وتصاعد الفوضى وازدياد الاختلالات الأمنية، يلجأ الكثير من الوجاهات القبلية للانضمام إلى مليشيات الحوثي للحفاظ على مكانتهم الاجتماعية، خصوصا مع بروز شخصيات من المجتمع ممن أعلنوا انتماءهم لجماعة الحوثي، وظهورهم في المجتمع بشكل مفاجئ وتقلدوا أدوار ومهام رقابية وأمنية، مما حدا بالكثير من المشايخ والوجاهات القبلية لإعلان دعمهم وتأييدهم للجماعة في إطار المنافسات بين الوجاهات المحلية، أو نكاية بوجاهات أخرى ممن انضموا للشرعية أو المقاومة الشعبية ضمن سياسة المماحكات وتصفية الحسابات.

غير أن اتخاذ مثل تلك المواقف كلفت تلك الشخصيات الكثير من التنازلات والتضحيات وبذل الجهود المضاعفة وألزمتهم برفد الجبهات بالمال والرجال، كإثبات للولاء المطلق وحسن النية والإخلاص للجماعة.

شماعة العدوان

وتتخذ المليشيا الحوثية من تدخل تحالف دعم الشرعية الذي يشن غارات على المواقع العسكرية الحوثية ذريعة للتغرير على البسطاء واستنفارهم واستثارة القبائل لما تسميه "الدفاع عن الأرض والعرض" و"مواجهة العدوان" كما تسوق له الجماعة من خلال وسائل إعلامها ودوراتها المكثفة ومنابر المساجد وخطب الجمعة عبر الخطباء الذين تفرضهم المليشيا على المساجد، وممارسة التحريض في أوساط المجتمع عبر مشرفيها ونافذيها لا سيما بعد مراسم دفن قتلاها والتي يتم التحضير لها على شكل مواكب كبيرة واستثارة عواطف الناس ضد ما يسمونه بـ"العدوان" لضمان الاستجابة وتلبية الطلب للمزيد من المقاتلين الذين تسوقهم بلا ثمن وبلا ادنى رحمة إلى محارق الموت ليكونوا وقود دويلة الظلم والقهر والطغيان.

كلمات دالّة

#اليمن