الثلاثاء 23-04-2024 12:07:17 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

على خطى الأجداد.. الحوثيون ومساعي طمس الهوية اليمنية

الخميس 14 يناير-كانون الثاني 2021 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت – خاص / عبد السلام الغضباني
 

 

منذ انقلابها على السلطة الشرعية أواخر سبتمبر 2014، تواصل مليشيا الحوثي محاولاتها لطمس مختلف معالم الهوية اليمنية، فهي لم تكتفِ فقط بمساعيها لتكريس خطاب طائفي عنفي عبر المساجد ووسائل الإعلام والمناهج التعليمية، وتمجيد السلالة العنصرية وعقيدتها المنحرفة والإعلاء من شأنها، وتكثيف الدورات الطائفية لمختلف موظفي الدولة، ولكنها تسعى أيضا إلى تغيير حتى أسماء المدارس والشوارع وقاعات الجامعات، ووصل الأمر لدرجة التضييق على الاحتفالات ومحاولة فرض نمط حياة معين يدور حول تمجيد الإمامة السلالية العنصرية وأفكارها الضالة ومعتقداتها المنحرفة، مستخدمة أبشع أساليب البلطجة والإرهاب لتغيير وطمس الهوية اليمنية.

• على خطى الأجداد

تتشابه محاولات الحوثيين لطمس الهوية اليمنية مع المحاولات التي بذلها أجدادهم الأئمة السلاليين لطمس معالم الهوية اليمنية أثناء حكمهم للعديد من المناطق اليمنية، حيث دمروا العديد من الآثار والمعالم التاريخية التي كانت شاهدة على عظمة الحضارة اليمنية القديمة، كما أحرقوا كل ما وقعت عليه أيديهم من مخطوطات ومؤلفات لعلماء يمنيين في عدة مجالات، وأوقفوا التراكم الحضاري لليمنيين، بل دمروا معظم ما تحقق على هذا الصعيد، ليحل مكان ذلك خرافاتهم ودجلهم وشعوذتهم ونشرهم التخلف والجهل وأفكارهم العنصرية السلالية وعقيدتهم المنحرفة التي شوهت رسالة الإسلام وأبعادها الحضارية الكونية وتسعى لتحويلها إلى فكرة عنصرية سلالية تسلطية لا صلة لها بالإسلام، وإنما تعكس رغبات تسلطية عنفية صادرة من بشر غير أسوياء، كل همهم التسلط والسلب والنهب وادعاء الحق الإلهي في السلطة والثروات العامة، وغير ذلك من الافتراءات على الله ورسوله.

وتعكس مساعي الحوثيين وأجدادهم الأئمة السلاليين لطمس الهوية اليمنية، مدى غيضهم وأحقادهم على اليمنيين وحضارتهم وتاريخهم وعقيدتهم الدينية، كون تلك السلالة قدمت من خارج اليمن ولا علاقة لها بتاريخ هذه الأرض وحضارتها القديمة، لذلك فهي تخشى من اعتزاز اليمنيين بهويتهم، كون ذلك يمثل إدانة لهمجية المليشيات السلالية، ويمد اليمنيين بأسباب الرفض لها ومقاومتها وحشرها في زاويتها العنصرية الضيقة التي اختارتها لنفسها كفئة منبوذة اجتماعيا، لذلك فإن أكثر ما يرعبها هو اعتزاز اليمنيين بهويتهم وتاريخهم وحضارتهم، مما يدفعها لبذل كل الجهود لطمس معالم الهوية اليمنية وتدمير ما سلمت منه أيديها من آثار وشواهد تاريخية ومخطوطات ومؤلفات وضعها علماء اليمن في حقب تاريخية مختلفة.

• تغيير شامل لمعالم الجمهورية

كان أول عمل قامت به مليشيا الحوثي، في أعقاب تسهيل دخولها العاصمة صنعاء من قبل حليفها الرئيس السابق علي صالح، أن حاولت تغيير أسماء الشوارع الرئيسية في أمانة العاصمة، ورفعت لافتات في كل شارع بالمسميات الجديدة. ورغم أن المواطنين أهملوا تلك المسميات، وظلت المسميات القديمة هي المتداولة رغم أنف المليشيات، إلا أنها منذ ذلك الحين وحتى اليوم تواصل مساعيها لتغيير أسماء المدارس والمساجد وقاعات الجامعات والمستشفيات والحدائق العامة وغيرها.

وفيما يلي نماذج من محاولات مليشيات الحوثي لطمس كل معالم الجمهورية:

- 7 ديسمبر 2019: أصدرت مليشيا الحوثي قرارا يقضي بتغير اسم مدرسة "علي عبده المغني"، أحد رموز ثورة 26 سبتمبر المجيدة، واستبدالها باسم "الحسين بن علي".

- 12 يناير 2020: أصدرت المليشيات الحوثية بجامعة ذمار قراراً يقضي بتسمية قاعات الكليات الدراسية في الجامعة بأسماء قيادات من عناصرها لقوا مصرعهم في عدد من جبهات القتال.

- 20 يناير 2020: أقدمت مليشيا الحوثي على تغيير أسماء عدد من الحدائق العامة بالعاصمة صنعاء بالتزامن مع اختتام فعالياتها التي سمتها بـ"الذكرى السنوية ليوم الشهيد". ووجهت قيادة مليشيات الحوثي بأمانة العاصمة بتغيير اسم حديقة "الجندي المجهول" الواقعة خلف ضريح "الجندي المجهول" بميدان السبعين إلى حديقة ما سمته "الشهيد الصماد".

- 5 أبريل 2020: أقرت مليشيا الحوثي في العاصمة صنعاء تغيير أسماء عدد من المدارس الحكومية واستبدالها بأسماء طائفية، وأصدرت قرارا تضمن استبدال أسماء مدارس حكومية بصنعاء بأسماء طائفية من بينها مدرسة "خالد بن الوليد" واستبدالها بمدرسة "الإمام الهادي"، كما استبدلت مدرسة "عمر المختار" بمدرسة "على بن الحسين"، واستبدلت مدرسة "الفاروق" بمدرسة الإمام "زيد بن علي".

- 19 أبريل 2020: وجهت مليشيا الحوثي بتغيير اسم مستشفى السبعين للأمومة والطفولة في صنعاء إلى مستشفى صالح الصماد، أحد القياديين البارزين في الجماعة الذي قتل قبل سنوات. ويرتبط اسم مستشفى السبعين بمعركة فاصلة بين الجمهوريين مع قوات الإمامة، التي كانت قد حاصرت صنعاء واستمر الحصار 70 يوماً من 28 نوفمبر 1967 إلى 7 فبراير 1968، وانتهى بهزيمة أنصار الإمامة.

- 16 يوليو 2020: أصدرت المليشيا الحوثية توجيهات بتغيير جميع أسماء المباني الحكومية المرتبطة بالنظام الجمهوري بأسماء أخرى تابعة لها بشكل تدريجي، وشملت التوجيهات تغيير أسماء المستشفيات والمدارس، منها مستشفى الثورة والجمهورية والأسماء المرتبطة بثوار 26 سبتمبر المجيدة كالشهيد الزبيري وجمال جميل وغيرهم.

وأفادت مصادر إعلامية أنه تم تغيير اسم مستشفى 17 يوليو ومعسكر يوليو باسم مستشفى أبو حرب ومعسكر أبو حرب، وهو أحد القيادات الحوثية البارزة والذي قتل في صفوف المليشيات.

وأكدت المصادر أن وزير التربية والتعليم في حكومة الانقلاب يحيى الحوثي، شقيق زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، كلف بتغيير أسماء المدارس، كما وجه عمه عبد الكريم الحوثي بتغيير أسماء مراكز وأقسام الشرطة وما يتبع الداخلية من منشآت.

وأوضحت أنه تم تكليف وزير الصحة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها دوليا، طه المتوكل، بالمهمة نفسها، وذلك لتغيير المستشفيات والمراكز الطبية بأسماء قيادات حوثية بشكل تدريجي والبدء بالمراكز الطبية الريفية.

- 7 سبتمبر 2020: أصدرت مليشيا الحوثي قراراً بتغيير أسماء المدارس الأهلية والخاصة في مناطق سيطرتها.

- 9 يناير 2021: ألزمت مليشيات الحوثي كل الجامعات بتغيير أسماء مكوناتها بأسماء قتلاها، وفق وثيقة تناقلتها وسائل إعلامية.

- قبل أيام، شرعت مليشيا الحوثي في تغيير تسمية القاعات الدراسية في جامعة عمران الخاضعة لسيطرتها، بأسماء قادة حوثيين قتلوا في حربها العبثية. وتناقلت وسائل إعلامية وثيقة مسربة تتضمن صدور قرار من القيادي الحوثي خالد الحوالي المعيّن من قبل المليشيات رئيساً لجامعة عمران بتغيير أسماء أربع قاعات دراسية في كليات الطب والتربية والتجارة أبرزها القاعة الكبرى بكلية التجارة والتي تم تغييرها باسم صالح الصماد.

• محاولات طمس الهوية والعقيدة

تعمل مليشيا الحوثي كل ما بوسعها لطمس هوية اليمنيين وعقيدتهم الدينية، من خلال السيطرة على المساجد وتغيير خطبائها بآخرين من أتباعها، وعادة ما تركز تلك الخطب على التحريض على القتل والعنف، وهو ما تفعله أيضا وسائل الإعلام التابعة للمليشيات، إضافة إلى تكثيف الدورات الطائفية تحت الإكراه للطلاب والمدرسين والمقاتلين في صفوفها وغيرهم.

كما أنها عملت على تدمير التعليم وتجريفه وإحلال تعليم بديل يمجد المليشيات السلالية ورموزها ومعتقداتها وينشر ثقافة الكراهية وتفخيخ المجتمع بأجيال جديدة معبأة بالكراهية للجميع ولديها قابلية لممارسة العنف والإرهاب خدمة للسلالة العنصرية الطائفية.

ويعمل الحوثيون على استقطاب عدد كبير من المدرسين، وعينوا مديري مدارس موالين لهم، مما أسهم في نشر الفكر الطائفي المستقى من ملازم مؤسس المليشيات حسين الحوثي، بالإضافة إلى تنظيم دورات طائفية للمدرسين، ومن يرفض يتم إجباره بالقوة على حضور الدورة التي تستمر عدة أيام.

وقال أحد مدراء المدارس الذين حضروا إحدى تلك الدورات بالقوة، إن معظم المحاضرات التي شارك فيها على مدى أسبوع مع 27 من مديري ووكلاء مدارس أخرى، تركز على ما يسمى "حق الولاية للإمام علي بن أبي طالب" وأبنائه من بعده (يزعم الحوثي أن أصوله ترجع إلى سلالة علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله)، كما تحث على نصرة المليشيات الحوثية بالمال والرجال وحشد الشباب للالتحاق بالقتال. كما يطالب المحاضرون بتوظيف الأنشطة والإذاعة المدرسية في تعزيز هذا التوجه وغرس الولاء في نفوس الطلاب للحوثي الذي يعتقدون بأن الله "ولاه على المسلمين".

الخلاصة، كل ما ذكره سابقا لا يمثل سوى غيض من فيض ومجرد نماذج تكشف مدى بشاعة مليشيا الحوثي، التي أمعنت في القتل وسفك الدماء وتعذيب المعتقلين والمختطفين في سجونها، وتتفنن في نهب أموال المواطنين والتجار، ودمرت الاقتصاد، ونهبت رواتب موظفي الدولة، ولم تكتف بكل ذلك، بل فهي تسعى لطمس الهوية اليمنية وعقيدة اليمنيين وطمس تاريخهم وثقافتهم، ليحل مكان ذلك العبودية والولاء لزعيم المليشيات وحرف عقيدة اليمنيين وتشويهها ونشر الجهل والتخلف والخرافات، وغير ذلك من الأهداف الإجرامية للمليشيات الحوثية.