السبت 20-04-2024 06:33:08 ص : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

التحالفات السياسية لحزب الإصلاح.. مصلحة الوطن أولًاً

الخميس 14 سبتمبر-أيلول 2017 الساعة 04 مساءً / الاصلاح نت - خاص/ عبدالسلام قائد

     

شهدت التحالفات السياسية لحزب التجمع اليمني للإصلاح، منذ تأسيسه في 13 سبتمبر 1990 وحتى يومنا هذا، تحولات كبيرة، خاصة في المنعطفات السياسية الكبرى التي مرت بها البلاد، وكانت السمة البارزة لهذه التحولات أنها تتغير وفقًا لما تقتضيه المصلحة الوطنية، وقدم الحزب تنازلات كثيرة من أجل تعزيز تحالفاته السياسية، سعيًا منه لتحقيق مبادئه السياسية التي يشترك فيها مع الآخرين، مثل الديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان، ومحاربة الفساد، وتعزيز الوحدة الوطنية، وترسيخ الثوابت الوطنية المختلفة، والإعلاء من شأنها.

 

وتعد التحالفات السياسية لحزب الإصلاح، والتحولات التي مرّت بها، تجربة سياسية متقدمة وناضجة، قياسًا بطبيعة العلاقة التي كانت سائدة بين الأحزاب التي تشبهه فكريًا في بعض الدول العربية، وبين الأنظمة الحاكمة أو التيارات والأحزاب الأخرى فيها، والتي كانت في الغالب علاقات عدائية بفعل المعارك الإعلامية والفكرية المتبادلة، فضلًا عن العنف المتبادل أحيانًا بينها وبين الأنظمة الحاكمة، أو تعرض هذه الأحزاب لقمع الأجهزة الأمنية أحيانًا، والتضييق على عملها السياسي والاجتماعي والخيري أحيانًا أخرى.

 

- تعزيز دور ومكانة الدولة

 

اتسمت التحالفات السياسية لحزب الإصلاح بتعزيز دور ومكانة الدولة، بصرف النظر عن موقفه من النظام الحاكم وعلاقته به، وهذا يتضح عند التأمل في مواقف الحزب من الأزمات والحروب الأهلية. فمثلًا، في حرب صيف 1994، تحالف الحزب مع القوى الوحدية تحت راية الدولة ضد مشروع الانفصال، وكان من بين القوى الوحدوية عدد كبير من الألوية العسكرية الجنوبية التي انشقت عن الانفصاليين وحاربت ضدهم، وتقدمت الصفوف في بعض المعارك، وكان لها دور كبير في تحقيق النصر وسرعة حسم المعركة.

 

وقبل اندلاع الحرب التي تشهدها البلاد حاليًا، والتي تسبب بإشعالها المخلوع علي صالح وجماعة الحوثي، جراء انقلابهم على السلطة الشرعية، رفض حزب الإصلاح في البداية الدعوات التي وُجهت له من قبل البعض للتصدي لمليشيات الحوثيين عندما سيطرت على العاصمة صنعاء، مؤكدًا بأن ذلك مهمة الدولة، كونها تمتلك الجيش والأسلحة، وليس مهمته كحزب سياسي مدني، وأن دوره سيكون تحت راية الدولة ومساندًا لها إذا أعلنت الحرب على الانقلابيين.

 

ورغم الاستفزاز الذي تعرض له الحزب في البداية من قبل تحالف الانقلاب، جماعة الحوثي والمخلوع علي صالح، والمتمثل في اعتقال واغتيال بعض قياداته، ونهب وتفجير مقراته ومؤسساته الخيرية وغيرها، بغية جره إلى الحرب بمفرده مع الانقلابيين، الذين أرادوا تبرير انقلابهم على السلطة الشرعية بأنها حرب على حزب الإصلاح فقط، بغرض تحييد مختلف الأطراف عن المعركة، إلا أن الحزب لم ينجر إلى المعركة، لعلمه بما يريده خصومه، وجعلهم يكشفون بأنفسهم عن نواياهم الحقيقية أمام الداخل والخارج، وهو ما حدث بالفعل.

 

ومع بداية عملية "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية، وبدء السلطة الشرعية بتدريب وتجهيز جيش وطني للحرب على الانقلابيين، أعلن الحزب تأييده لعملية "عاصفة الحزم" وللسلطة الشرعية، ودعا أنصاره للانخراط ضمن المقاومة الشعبية المساندة للجيش الوطني، تحت راية الدولة والسلطة الشرعية، في الحرب على الانقلاب، وأصبح الحزب أبرز حليف محلي للسلطة الشرعية وللتحالف العربي بقيادة السعودية في الحرب على الانقلاب، والتصدي للنفوذ الإيراني في اليمن.

 

كما يتجلى مبدأ تعزيز دور ومكانة الدولة لدى حزب الإصلاح في علاقاته الخارجية، ومواقفه من الأزمات الإقليمية، ذلك أن الأدبيات السياسية للحزب تؤكد على أن مواقفه وعلاقاته الخارجية يجب أن لا تكون مخالفة للمواقف الرسمية الدولية، ولا تتعارض مع المصلحة الوطنية، بصرف النظر عن مدى صوابية مواقف الدولة.

 

- دور الدولة ومصلحة الوطن

 

لكن مبدأ تعزيز مكانة ودور الدولة لدى الحزب يتراجع إذا تناقض ذلك مع مصلحة الوطن، خاصة في الملفات التي يتلاعب بها الطرف أو الحزب أو الشخص الذي يدير الدولة. فمثلًا، رفض حزب الإصلاح الانخراط في جولات الحروب الست التي خاضتها الدولة ضد جماعة الحوثيين في صعدة بشكل متقطع خلال الفترة ما بين 2004 و2010، رغم الدعوات المتكررة للحزب من قبل المخلوع علي صالح للتحالف معه في الحرب ضد الحوثيين.

 

وكان سبب رفض حزب الإصلاح حينها التحالف مع الدولة لعلمه أن تلك الحرب تندرج ضمن سياسة "الإدارة بالأزمات" التي كان ينتهجها المخلوع علي صالح، وكان يريد حينها إنهاك القوى السياسية والعسكرية المعارضة لمشروع التوريث في حروب عبثية، فهو يوجه ألوية الجيش التي لا تدين له بالولاء الشخصي لشن الحرب ضد الحوثيين، بينما كانت الأسلحة تأتي للحوثيين من مخازن معسكرات الحرس الجمهوري الموالية له ولعائلته. كما كان يتم إيقاف الحرب كلما أوشكت جماعة الحوثي على الانهيار، ثم يتم إعلان الحرب بعد تقديم الدعم اللازم للحوثيين من أسلحة وأموال ومواد غذائية وغيرها.

 

- التحالفات الحزبية

 

إذا كانت التحالفات السياسية لحزب الإصلاح مع الدولة، أو النظام الحاكم، تخضع لمبدأ مصلحة الوطن وتعزيز دور ومكانة الدولة، فإن تحالفاته السياسية الحزبية تخضع لذات المبدأ، أي مصلحة الوطن وتعزيز دور ومكانة الدولة، فالحزب حريص في تحالفاته الحزبية على تعزيز وترسيخ المكاسب الوطنية، كالديمقراطية، والنظام الجمهوري التعددي، واحترام حقوق الإنسان، ومكافحة الفساد، والحد من المشاريع الصغيرة، كالتوريث والطائفية والسلالية والمناطقية وغيرها.

 

كما أنه حريص على أن لا تكون هذه التحالفات من أجل مصالح ذاتية خاصة به، أو أن تكون موجهة ضد الدولة أو الانقلاب العسكري عليها، أو التهميش من مكانتها ودورها، ومزاحمتها في مهامها، كما هو حال بعض التحالفات السياسية أو الحزبية أو العسكرية، سواء في اليمن أو غيرها، مثل تحالف المخلوع علي صالح مع جماعة الحوثي بهدف الانقلاب على الدولة والسلطة الشرعية والتوافق الوطني، الذي بدأ في التشكل بحسب المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وعلى رأسها إقرار النظام الفيدرالي في البلاد.

 

بعد تأسيسه في سبتمبر 1990، وجد حزب الإصلاح نفسه متقاربًا مع حزب المؤتمر ونظام علي صالح، وهو التقارب الذي توج بتحالف الطرفين فيما بعد، ويعود ذلك لسببين رئيسيين: الأول، أنه لم تكن قد ظهرت حينها الملفات الشائكة التي تسببت في افتراق الطرفين فيما بعد، مثل الفساد المالي والإداري وتزوير الانتخابات ومشروع التوريث وغيرها. والثاني، أن الوحدة اليمنية، وإقرار التعددية السياسية والحزبية، ثم الانتخابات البرلمانية وقضية تعديل الدستور وغيرها، كلها جاءت في وقت ما زالت فيه المنطقة والعالم يعيشون أجواء الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي الاشتراكي والغربي الرأسمالي، والشحن الأيديولوجي الذي كان أبرز سماتها، والذي نقله معه النظام الشيوعي في عدن إلى صنعاء بعد الوحدة، فأثّر ذلك على طبيعة التحالفات الحزبية في اليمن.

 

لم يدُم تحالف حزب الإصلاح مع حزب المؤتمر طويلًا، فالافتراق بينهما بدأ مبكرًا وببطء، ثم بدأت الفجوة تتسع بين الطرفين بعد التزوير الكبير لانتخابات 1997 البرلمانية، ثم اعتماد حزب المؤتمر سياسة الإصلاحات الاقتصادية المعروفة بـ"الجُرَع"، وانتشار الفساد المالي والإداري في مختلف مرافق الدولة. ثم تفاقمت الخلافات بين الطرفين بعد تزوير ومصادرة نتائج الانتخابات المحلية عام 2001، والتي أعلن بعدها الأمين العام للحزب حينها، الأستاذ محمد اليدومي، عن انتهاء التحالف بين حزبي الإصلاح والمؤتمر من على شاشة قناة الجزيرة خلال حوار أجرته القناة معه.

 

- تحالف اللقاء المشترك

 

أسس حزب الإصلاح مع عدة أحزاب معارضة عام 2003 تكتلًا سياسيًا جديدًا أطلق عليه "اللقاء المشترك"، بهدف إيجاد معارضة قوية وفاعلة تضع حدًا لتغول الحزب الحاكم، الذي أفسد الديمقراطية وأفرغها من مضمونها، وبدأ رأس النظام، علي صالح، بتشكيل وحدات عسكرية وفقًا لمعايير قبلية ومناطقية ومذهبية وعائلية، ويمارس الفساد المالي والإداري بشكل متزايد، وانعكاس ذلك سلبيًا على الأوضاع المعيشية للمواطنين، حيث بدأت تتزايد معدلات الفقر والبطالة والتسرب من المدارس، وارتفاع الأسعار، وتردي الخدمات العامة، وانتشار ظواهر غريبة في المجتمع جراء ذلك، مثل التقطع والسرقة والانتحار والتسول وغيرها.

 

ورغم أن حزب المؤتمر، أو نظام علي صالح، واصل الفساد المالي والإداري وتزوير إرادة الناخبين في الجولات الانتخابية التالية، ولم يعمل على حل الأزمات المتفاقمة مثل غلاء الأسعار وزيادة نسب الفقر والبطالة وغيرها، إلا أن أحزاب اللقاء المشترك قامت بعملية تنوير واسعة، مكنتها من ترسيخ ثقافة النضال السلمي، وكشفت فساد النظام الحاكم أمام الرأي العام، وعرّفت المواطنين بحقوقهم السياسية، وأدّى تراكم كل ذلك إلى اندلاع ثورة 11 فبراير 2011 الشعبية السلمية، التي نجحت في الإطاحة بالمخلوع علي صالح وعائلته من السلطة، والذي بدوره تحالف مع جماعة الحوثيين وإيران وانقلب على السلطة الشرعية، وتسبب في الحرب والدمار الذي تشهده البلاد حاليًا.