الإثنين 14-10-2024 20:03:42 م : 11 - ربيع الثاني - 1446 هـ
آخر الاخبار

تهديدات المشروع الإيراني وأدواته في اليمن

الخميس 10 أغسطس-آب 2017 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت – خاص/ أحمد أبو ماهر

   

في يوليو 2011، قالت وكالة "مهر" الإيرانية: إن إيران ستغلق مضيق هرمز للمناورة العسكرية، لكن يبدو أن هذا الإغلاق والمناورة هو محاكاة لأزمة مفترضة في المنطقة تقوم خلالها إيران بإغلاق المضيق والتحكم بمصير خمس إمدادات النفط العالمي الذي يمر عبر هذا المضيق إلى البحر العربي والمحيط الهندي..

 

ورقة مساومة في المنطقة

ولإكمال حصار دول المنطقة، والتحكم بتجارة النفط العالمي، دعمت الحوثيين كذراع عسكرية في المنطقة بكل قوة، بالإضافة إلى قوات الرئيس المخلوع صالح في اليمن للوصول إلى باب المندب والتحكم به إلى جانب مضيق هرمز، وبسيطرة إيران على المضيقين تكون قد تحكمت بحوالي 30% من تجارة النفط العالمي إذا ما أضفنا حصتها المصدرة من النفط عالمياً.

إغلاق مضيق هرمز من قبل إيران سيقود كنتيجة سريعة إلى ارتفاع أسعار البترول في العالم مما يحدث أزمة عالمية في جميع المستويات، وساومت به المجتمع الدولي كثيراً في حواراتها بشأن برنامجها النووي، وهذا الأمر سيؤدي إلى زيادة التوتر في المنطقة والعالم إما سيؤدي إلى حرب كبرى بين أمريكا وحلفائها في المنطقة من جهة وبين إيران وحلفائها من جهة أخرى، وإن كان هذا الخيار مستبعداً مؤقتاً، ويبقى ارتفاع أسعار البترول هو المتصدر، لكن نتيجة هذا الأمر أيضاً ليس بالأمر الهين بأبعاده المختلفة.

منذ ذلك التاريخ سارعت إيران بقوة إلى تقوية الحوثيين كذراع مسلحة لها في المنطقة، رغم علاقتها السابقة وإنشائها ورعايتها للحوثية في حروبها المختلفة في اليمن منذ 2004 وحتى اليوم، وساعدتها في ذلك الفرص المختلفة والتي كان على رأسها تحالف الرئيس المخلوع صالح مع الحوثيين والدخول تحت العباءة الإيرانية، الأمر الذي أكسب هذا الذراع قوة في المنطقة سرَّع بالزحف إلى باب المندب واحتلاله ليدخل تحت النفوذ الإيراني، غير أن عاصفة الحسم حسمت هذا الصراع سريعاً لصالح التحالف العربي، وتم تحرير باب المندب والمناطق المجاورة لها لتأمين المضيق.

وبتحرير وتأمين مضيق باب المندب تكون إيران وحلفاؤها تلقت ضربة قاصمة في اليمن، مما يعني خسارة ورقتها للمضيق بشكل نهائي، وهي ورقة طالما طمحت لها أو لوحت بها تجاه المنطقة.

عقب تحرير المضيق وتأمينه من قبل التحالف وقوات الشرعية في اليمنية، صعدت المليشيات الانقلابية من هجماتها على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية، في محاولة لتعويض خسارتها في الساحل الجنوبي الغربي لليمن.

بقي للمليشيات الانقلابية ورقة بسيطة تصر على استخدامها وهي تواجدها وحربها في الساحل الشرقي لليمن في محافظة شبوة، غير أن هذا التواجد في طريقه للتلاشي والانحسار بفعل الضربات المتلاحقة التي تحققها قوات الشرعية لها.

 

علاقة قديمة متجددة

علاقة الحوثيين بإيران كعلاقة الأم بولدها الذي أنتجته وربته على عينها حتى شب وترعرع وهيأت له كل أسباب الحياة.

حيث بدأت العلاقة بين الطرفين من خلال الأئمة السابقين منذ وقت مبكر كامتداد للمشروع الفكري والأيديولوجي الإيراني بعد البعد الفارسي.

لم تكن الحركة الحوثية اليوم إلا خلاصة ونتاجاً للعلاقة القديمة بين الفرس الصفويين وأصحاب الفكر الجارودي الرافضي الذي بذر مع الإمام القاسم بن محمد ونشأ وترعرع مع الإمام المتوكل إسماعيل بن القاسم واشتد عوده مع الإمام المهدي أحمد بن الحسن القاسمي، ليبلغ أشده مع الإمام الناصر عبدالله بن حسن الذي مكن للحوثي الجد وعصابته الرافضة في اليمن.

ولذلك، وعندما أطلق الحوثيون وثيقتهم الفكرية اتخذوا من الإمام القاسم مرجعيتهم الفكرية والإمامية لعلاقته بالمشروع الجارودي الرافضي وبنيه من بعده.

بين هذه الفترات والشخصيات برز القاسم المشترك الراعي لهذا المشروع الرافضي الحوثي في اليمن، وهو الحاكم الفارسي وأيديولوجيته الصفوية الشيعية التي تعد راعية التشيع في العالم ومرجعيته.

فمن خلال المراسلات والعلاقات الوطيدة التي كونها الأئمة السابقون مع إيران الصفوية اتضح باكراً رعاية هذا المشروع الذي أذن له بالظهور في بداية التسعينيات مع بدر الدين الحوثي من خلال الثغرات التي مكن لهم فيها الرئيس المخلوع صالح في الحكم لينافس بهم خصومه (الإصلاحيين) ليتحد الطرفان للغدر بثورة الشباب وتمكين الحوثيين في اليمن لإعادة المشروع الإمامي لليمن مجدداً على ظهر دبابة المؤتمر ورئيسه صالح.

 

الذراع العسكرية لإيران

قديماً نتج عن هذه العلاقة تنسيق مواقف مشتركة في الحرب ضد العثمانيين الأتراك في شمال اليمن، وتبنى الأئمة مقاومة الأتراك من بعد عقائدي أيديولوجي ومصلحة سياسية مشتركة؛ إذ كان الصفويون في إيران يقاومون الدولة العثمانية بالاستعانة بالروس والنمسا والبريطانيين، وفي الجزيرة العربية بالإمامة التي نسقت مع الإمام القاسم والمؤيد.

وفي سبعينيات القرن الماضي حينما تخلت عنهم السعودية بموجب اتفاق مصري سعودي فيما عرف بالمصالحة بين الجمهوريين والملكيين مثل ضربة لهم مما جعل وزير خارجية الإمامة يصرخ بتلك الأبيات الشعرية:

قل لـ(فيصل) والقصور العوالي   إننا نخبة أباة أشاوس

سنعيد الإمامةَ للحكم يوماً      بثياب النبي أو بثوب ماركس

فإذا ما خابت الحجاز ونجد    فلنا إخوة كرام بـ(فارس)

وفي إطار الصراع الإقليمي بين إيران والمملكة العربية السعودية، ومحاولة إيران التوسع في المنطقة بعد ما يسمى بالثورة الإسلامية الإيرانية، دعمت إيران عدة أذرع مسلحة لها في المنطقة تحت لافتة التشيع ابتداءً من حزب الله في لبنان والحركات الشيعية العراقية قبل احتلال العراق وبعد الاحتلال، وتعد العدة لدعم حركات جديدة في بعض الدول الأخرى كالبحرين، ووجهت لها العديد من التهم بدعم التمردات الشيعية في شرق السعودية.

دعم إيران لهذه الحركات كلها لم يكن خافياً على أحد؛ فهي تعلن ذلك عبر وسائل الإعلام وعبر استضافتها لتلك الحركات وقياداتها في إيران.

وكشفت رسالة سرية خطيرة موجهة من بدر الدين الحوثي لجواد الشهرستاني (راعي مؤسسة آل البيت في النظام الإيراني) مؤرخة بعام 2004 – 1425هـ يشرح فيها استعداد وجهوزية الحركة الحوثية للانقلاب على الثورة والجمهورية وبدء المعارك ضد الدولة ومدى نفوذهم وتغلغلهم في نظام علي عبدالله صالح وتأثيرهم عليه..

وقد منحت إيران زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي بطاقة شخصية إيرانية كنوع من أنواع الانتساب والتابعية الحوثية لإيران.

مدت إيران التنظيم الحوثي بكل سبل النجاح والحياة والاستمرار ومنها الثقافية والمادية من مال وأسلحة، وتصدير طلاب، وتدريب مجندين لتأسيس جيش خاص بالحركة يتمدد إلى كل اليمن وصبغة اليمن بالصبغة الشيعية، وتحول الأتباع من الهادوية إلى الجارودية ثم الاثنى عشرية.

وقد كانت سفينتا (جيهان1 – جيهان2) أشهر السفن المضبوطة التي ضبطت في المياه اليمنية محملة بأنواع الأسلحة للحوثيين، الأمر الذي أثار حفيظة رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، واتهم إيران بـ"التدخل السافر في اليمن" ومد الحركة الحوثية بالسلاح لزعزعة استقرار اليمن.

عملت إيران على الاستيلاء الطائفي على العراق بعد مساعدتها أمريكا على إنهاء حكم نظام صدام حسين، وأعادت العراق إلى الحضن الفارسي، وشجعت إيران ودعمت حزب الله اللبناني ونظام بشار السد ومعارضة البحرين والحوثيين في اليمن لإقامة الإمبراطورية الفارسية مجدداً بلافتة التشيع.

أعلنت إيران أنها ستغلق مضيق هرمز أكثر من مرة مما دفع بالمجتمع الدولي بالتحول نحو الاهتمام باليمن لإيجاد بديل آخر آمن بدلاً من مضيق هرمز، وأدركت إيران الأمر فعملت على استعجال وتقوية الحوثي لبسط نفوذه في اليمن لقطع الطريق على المجتمع الدولي وخنقهم في كل مكان.

بعد الثورة الشعبية الشبابية نسقت إيران بين الحوثيين ونظام صالح لبسط النفوذ والسيطرة وإجهاض الثورة، وعمد الحوثيون ومليشيات صالح لتفجير الحرب في أكثر من جبهة في اليمن لإرباك المشهد السياسي وضرب كل نقاط القوة المتبقية في اليمن، وكثفت من دعمها للحوثيين بالمال والسلاح والمجندين للزحف على المدن وإسقاطها مدينة بعد أخرى للوصول إلى صنعاء وإعادة الإمامة مجدداً، ومن ثم تكون قد طوقت إيران السعودية من الشمال والجنوب وبقي معها الشرق ستفجرها ثورة من الداخل بشيعة السعودية في المنطقة الشرقية.