الجمعة 29-03-2024 03:04:38 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الإصلاح في مهمة تعزيز الوحدة الوطنية

الأحد 28 مايو 2017 الساعة 12 صباحاً / التجمع اليمني للاصلاح - خاص

تواجه الجمهورية اليمنية تحديات مصيرية تتصل بوجودها واستمرارها, وأعلنت قوى محلية حرباً شاملة عليها تسعى لإعادة الإمامة والتشطير ما قد يؤدي إلى تشظي البلد إلى كيانات صغيرة متقاتلة.


وليس من الصدفة أن جميع تلك القوى تختلف في منطلقاتها وفي أهدافها، لكنها تُجمع على اعتبار الإصلاح هو العدو، وهي بذلك تؤكد على حقيقة ساطعة واضحة للعيان فحواها أن الإصلاح هو الجهة اليمنية التي يرتبط مصير البلاد بمصيرها والجهة المتبقية للتعبير عن وحدة الدولة اليمنية والوحدة الوطنية.


تلك المسؤولية تفرض على الإصلاح مسؤوليات جسيمة, ويفرض على قيادات الإصلاح التوقف طويلاً أمام الحالة الراهنة والتفكير الجدي والدراسة الشاملة لها بأبعادها وعناصرها المختلفة, فالله تعالى يقول: {وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين}، الشاهد أن معرفة السبل المختلفة غاية في الأهمية!

 

الإصلاح والدولة
إن الوحدة الوطنية والعمل العام في إطار الدولة اليمنية وفي إطار سلطة الدولة القانونية هو الطابع العام لسلوك الإصلاح السياسي والذي يعد وحدة البلد أرضاً وإنساناً, بل من المسلمات غير القابلة للجدل أو الشك, لذلك فقد كان مصيره مرتبطاً بمصير الدولة اليمنية.


فالعمليات التي استهدفت الدولة وتقويضها استهدفت الإصلاح معها, كون تلك العمليات كان الإصلاح والدولة معاً هدفاً لها لأنها تدرك منذ البداية أن الإصلاح يحول بينها وبين الاستيلاء على الدولة وتقويضها.

 

الإصلاح والوحدة الوطنية
في هذه الفترة التاريخية الحرجة تبدو القوى السياسية في حالة من الهشاشة والشتات, وهنا لم يبق سوى الإصلاح الذي يوجد على المستويين الإجتماعي والجغرافي لليمن؛ فالمؤتمر الشعبي العام كان يمثل حضوراً على المستويين في الماضي مع أنه فقط لخدمة سلطة الشخص, وهنا عمل على إضعاف الوحدة الوطنية وجعل الولاء للشخص بدلاً عن الولاء العام للدولة, ولكونه حزب سلطة فقد تعرض لعملية انشقاق وانقسام واسعة، ولم يعد كتلة واحدة. وبالنظر إلى الحزب الاشتراكي بات يواجه أزمات كثيرة يحتاج إلى أن يتغلب عليها في القريب العاجل ويعاود نشاطه من جديد.


ومنذ نشأة الإصلاح وإعلانه في سبتمبر 1990 شمل الأرض اليمنية والمجتمع اليمني، ومثل الوحدة الوطنية عملياُ من انتشار أعضائه ومقراته في أنحاء البلاد, وقد انصهر فيه اليمنيون في وحدة فكرية وتنظيمية سالمة من تلك النزاعات المذهبية والمناطقية والجهوية والتي وقعت فيها كثير من القوى والأحزاب السياسية, هذه الوحدة الوطنية التي يمثلها الإصلاح اليوم جعلت القوى الطائفية والمناطقية والجهوية تتحد في النظر إليه كعدو ومن ثم عملت ولا تزال بوسائل مختلفة للعمل على إضعافه والتحريض عليه والتخويف منه وإعلان الحرب عليه.


وبالنظر إلى القوى المختلفة فستجد عندها مشكلة تجاه الوحدة الوطنية, بل إن بعض القوى باتت المشكلة جزءاً من تكوينها ومنطلقاتها كالحوثية والحراك الانفصالي, كما أن الحوثية تظل حركة طائفية جهوية, والحراك الانفصالي يجمعهما التحالف مع صالح والخصومة للإصلاح بل والحرب عليه.


ليس ذلك فحسب، بل حرب وعلى الدولة الواحدة وتكريس التشطير والتجزئة حتى على مستوى ما كان يعرف بالشطر الواحد، فالحوثي صالح انقسام شمالي شمالي، والسقاف وبن بريك انقسام جنوبي جنوبي، وقد كانت صنعت انقساماً شمالياً جنوبياً, والقوى السياسية الأُخرى منقسمة بين الانقساميين؛ فهناك أجنحة شمالية بعضها مع الشرعية وبعضها مع الحوثي وبعضها مع صالح وأجنحة جنوبية بعض منها مع الشرعية وبعض آخر مع الانفصاليين, لذلك يمكننا القول إن الإصلاح هو الوحيد الذي سلم من تلك الأمراض, بما يوقع عليه رهان كبير مع السلطة الشرعية للمحافظة على الدولة الواحدة, والانتقال بها إلى الاتحادية وجعل الأقاليم التي يرجى منها إعادة التوزيع للسلطة والثروة واقعاً معاشاً.


وهنا مهم أن تكون الدولة أكثر متانة، وأن تختفي معها ذرائع الانقساميين الممزقين للوحدة الوطنية ووحدة الدولة وسلامتها، ومن هنا يتطلب من السلطة الانتقالية القائمة أن تكون علاقتها بالإصلاح كعلاقة أية سلطة بقوة سياسية مساندة لتلك السلطة في ظروف استثنائية تواجه فيها الدولة - المسؤولة عنها السلطة - مخاطر فعلية وأخرى متوقعة. وعدم المجازفة في التمكين لقوى معادية للدولة بإحداث خروق لهذه العلاقة، ولعل السلطة تدرك أنها إن وقعت في الخصومة مع الإصلاح إنما تضعف ذاتها لصالح القوى المتمردة المعادية للدولة والسلطة الشرعية.

 

محمد عبد الكريم