الخميس 02-05-2024 20:56:09 م : 23 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

التنافس على النفوذ والثروة يشعل الصراع بين قيادات الانقلاب الحوثية

الإثنين 24 ديسمبر-كانون الأول 2018 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

لا زالت وتيرة الصراع بين قيادات مليشيات الحوثي الانقلابية في تصاعد مستمر، لكنها في الأيام الأخيرة باتت أشد ضراوة مما سبق، بعد أن برزت خلافات جديدة إلى السطح، كانت أهم أسبابها التنافس على النفوذ داخل الجماعة لا سيما في الجناح العسكري للجماعة الانقلابية الممولة من إيران.

وخلال اليومين الماضيين تداولت وسائل إعلامية عن مصادر في صنعاء، الكشف عن خلافات حادة نشبت بين رئيس مصلحة الضرائب المعين من قبل الحوثيين، هاشم محمد الشامي، ومدير عام وحدة كبار المكلفين بالمصلحة رضوان المؤيد، انتهت بالقبض على الأخير.

وأوضحت المصادر أن «هاشم الشامي» استعان بالأمن القومي بعد تزايد حدة الخلاف بينه وبين «رضوان المؤيد» على إيرادات وحدة كبار المكلفين بالمصلحة، حيث داهم عناصر من الأمن القومي ظهر السبت الماضي مكتب «المؤيد»، وقاموا باعتقاله، وإغلاق المكتب، حيث كانت المليشيا الانقلابية قد عينت رضوان المؤيد في سبتمبر الماضي مديرا لوحدة كبار المكلفين بمصلحة الضرائب، في سبتمبر الماضي، ومنذ ذلك الحين برزت خلافات حادة بينه وبين رئيس المصلحة بسبب إيرادات المكتب، والبالغة مليارات الريالات شهريا.

هذه الحادثة تأتي استمراراً لسلسلة الخلافات بين أذرع جماعة الحوثي الانقلابية التي سيطرت على مؤسسات الدولة، وعينت عناصرها في مناصب رسمية وفق انتماءاتهم إلى أسر محسوبة على السلالة التي تمثل كيان الانقلاب الحوثي الممول من إيران.

فقبل ذلك كان القيادي الحوثي عبد الرزاق المروني الذي عينته المليشيات الحوثية قائداً لقوات الأمن الخاصة، عقب انقلابها على الدولة وإسقاطها للعاصمة صنعاء في 2014، قد قدم استقالته من منصبه، والسبب التدخلات المستمرة من نائبه المحسوب على رئيس اللجنة الثورية الحوثية محمد علي الحوثي.

  

صراع النفوذ

شكل استحواذ الجناح العسكري للانقلابيين الحوثيين على القرار والسلطة والثروة وموارد الدولة أهم أسباب الصراع بين أذرع المليشيا، خصوصاً في العاصمة صنعاء، التي سيطر فيها الانقلابيون على مؤسسات الدولة وإيراداتها.

ورغم أن الانقلاب الحوثي حاول أن يبدو كسلطة عبر تشكيل ما سمي بالمجلس السياسي للانقلابيين الذي يرأسه اليوم الانقلابي مهدي المشاط المقرب من زعيم التمرد، وتشكيل حكومة انقلابية تتبعه، وإلغاء سلطة لجنة الانقلاب الرئيسية "اللجنة الثورية الحوثية" إلا أن المؤسسات الحكومية تحولت إلى واجهات شكلية فقط وديكوراً لسلطة مليشاوية طائفية هي نفسها التي يقف على رأسها محمد علي الحوثي، وأدى ذلك إلى تصاعد الصراع بين أقطاب الجماعة الانقلابية.

وتؤكد مصادر مطلعة أن محمد علي الحوثي يحاصر المشاط بفريق نافذ محسوب على الأول، ووصل الأمر أن المشاط لا يستطيع تمرير أي قرار بعد أن أصبح مكبلاً بنفوذ محمد الحوثي، ولعل آخر دليل على ذلك الشكوى المقدمة من وزير سياحة حكومة الانقلابيين التي وصلت إلى زعيم جماعة التمرد عبد الملك الحوثي عن سيطرة الجناح الطائفي للجماعة على صلاحياته، وهو الأمر الذي يتكرر في كل وزارة في حكومة الحوثيين غير المعترف بها.

وبحسب مطلعين فإن محمد علي الحوثي بالنسبة للجماعة يمثل صورة مصغرة للحرس الثوري الإيراني ويمثل الجناح الطائفي الأكثر تطرفاً، الذي يتبع المرجعية الدينية الخامنئي، ومعه عبد الخالق شقيق زعيم الجماعة التي تنتهج الأسلوب الإيراني، بينما يبقى الجناح السياسي مجرد ديكور وواجهة لا يمتلك أي قرار فعلي.

هذا الصراع الذي طفا على السطح أصبح مهدداً بانهيار الجماعة التي تؤمن بالسلاح سبيلاً وحيداً للوصول إلى أهدافها الفئوية، لكنه أصبح أكثر رعباً على قياداتها بعد أن وصلت حدته إلى قتل قيادات حوثية بارزة وتصفيتها بأساليب مرعبة، واندلاع مواجهات عسكرية بين أذرعها، وأصبحت مليشيا الانقلاب الحوثي غير قادرة على الظهور بكيان متماسك، وهو ما تجلى في عدة محافظات، شهدت مواجهات بين قيادات ومشرفي الجماعة، الذين يمثلون أذرعها المتنافسة على السلطة والثروة.

  

صورة من إيران

وزاد من حدة الصراع المحموم داخل المليشيات الإيرانية الانتصارات المستمرة التي تحرزها قوات الجيش الوطني في مختلف جبهات القتال، وبعد سيطرتها على أغلب الساحل الغربي، واقترابها من معقل زعيم المتمردين في صعدة، والتقدمات المستمرة في حجة والبيضاء.

وتفاقمت الصراعات بين أذرع المليشيات الحوثية مؤخراً بعد اتفاق السويد بين الحكومة اليمنية ووفد المليشيا، حيث سعت أذرعها إلى إفشاله قبل أن يجف حبره بارتكاب عشرات الخروقات، وبعد صدور قرار مجلس الأمن الأخير استناداً إلى اتفاق السويد والذي اعتبرته قيادات المليشيا المحسوبة على الانقلابي محمد علي الحوثي نكسة لهم.

ولعل الصراع الدائر له علاقة بالجغرافيا، حيث تحكم عصابة الحوثي القادمة من صعدة قبضتها على مفاصل القرار في الجماعة السلالية، وهي العصابة المرتبطة مباشرة بطهران وقم، وتم تهميش الأجنحة التي تعاونت وقدمت التسهيلات للمشروع الحوثي حتى نفذ انقلابه المشؤوم في 2014، وهي اليوم تعيش وسط خطوط حمراء ويتم التعامل معها كزوائد يجب إزالتها وإزاحتها من المشهد، ولذلك عمدت القيادات الحوثية النافذة إلى وضع العديد من أتباع هذا الجناح المهمش تحت الإقامة الجبرية.

   

صراع التنافس على الثروة

كشفت الحكومة اليمنية أن الحوثيين نهبوا ما يعادل 6 مليارات دولار خلال العام 2017 فقط، من موارد الضرائب والزكاة والجمارك والرسوم المتنوعة، فضلا عن عائدات المؤسسات الخدمية، وأرباح الشركات الحكومية، إضافة إلى احتكار الحوثيين لتجارة المشتقات النفطية والغاز المنزلي، مما يوفر لهم أرباحا يومية تزيد على مليون ونصف المليون دولار، كما يعد قطاع الضرائب والجمارك والزكاة، الشريان الحيوي الأهم لتغذية السلة المالية للميليشيات الانقلابية، إذ يوفر لها أكثر من 60% من إجمالي الموارد المالية.

كل هذا كان سبباً كافياً لتأجيج الصراع بين هوامير الحوثي، التي تتصارع على النفوذ من أجل الحصول على مكاسب أكبر من الثروة، بعد أن تحولت الدولة ومقدراتها إلى مغانم للحوثيين وانصارهم.

  

الفساد الدامي

هذا الصراع الدائر بين القيادات الكبيرة ومشرفي المليشيا كشف معه فساداً غير مسبوق، حيث يلتهم هؤلاء بلايين الريالات من إيرادات الدولة وتجارة السوق السوداء للمشتقات النفطية، فقد سبق أن المليشيات استنزفت الاحتياطي النقدي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي والمقدر بنحو 4 بلايين ونصف بليون دولار أميركي بحسب تأكيد الحكومة الشرعية، إضافة إلى الإيرادات العامة للدولة لأكثر من عامين من إيرادات شركات الاتصالات والجمارك والضرائب والتبرعات التي كانت تحصلها لمصلحة دعم البنك المركزي، وإيرادات النفط والغاز. وكلها لم تكن تورد إلى البنك المركزي وفق المصادر، وإنما لصالح قيادات الجماعة.

وتداولت وسائل إعلامية خلال السنوات الأربع الماضية وثائق تكشف فساد قيادات حوثية متورطة بالمتاجرة بالمشتقات النفطية في السوق السوداء، وتأسيس شركات نفطية خاصة بهذه القيادات، أكبرها تتبع ناطق الجماعة محمد عبد السلام، واحتكارها استيراد النفط، وكانت هذه أحد أسباب الصراع الدامي بين أذرع الجماعة.

لقد اكتشف اليمنيون في المناطق الواقعة تحت سطوة المليشيات الحوثية أن الحوثيين ليسوا سوى عصابات لتنمية الثروات، وهي التي بدأت في صعدة ميليشيات مسلحة وعصابات تهريب للسلاح والمخدرات، فتحولت أحشاؤها إلى خلايا سرطانية نشبت بينها الصراعات والمواجهات المسلحة وتطورت إلى اغتيالات وتصفيات كما هي عادتها.