الخميس 28-03-2024 16:27:22 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

اليمن إلى أين؟!

جذور المحنة مقاربة أولية

الإثنين 17 إبريل-نيسان 2017 الساعة 08 مساءً / التجمع اليمني للاصلاح - خاص


الأسس والنشأة, عوامل التغذية، النتائج والمخرج.

تمهيد:
الظواهر الاجتماعية: كما هو معروف لا تأتي اعتباطاً بين عشية وضحاها, وإنما هي نتاج لأخطاء (سننية) متراكمة سياسياً وثقافياً وفكرياّ يغذيها (تدين بلا ثقافة) فيثمر (جهلاً مقدساً)، ويصل الأمر إلى الانسداد.. فتكون الكارثة – في السير نحو الانفجار!

وبما أن الظواهر الاجتماعية ذاتها لها عوامل وأبعاد مختلفة ومعقدة - مع التسليم أن درجة التعقيد تختلف باختلاف الظاهرة، فإن التشخيص لابد وأن يكون صادقاً في التعاطي وشاملاً للأسباب والعوامل وجاداً في المعالجات، موضوعياً في إعطاء كل سبب النسبة المعقولة لتأثيره بلا تهوين ولا مبالغة.
ثم إن المصداقية في التعاطي تعني: المنهجية - الابتعاد عن العواطف، كما تعني قول الحقيقة بلا مجاملة، ولا شطط؛ لأن مصداقية التشخيص تساعدنا على تحديد العلاج بدقة متناهية.

والهدف العام هو القضاء على "المرض" واستئصال جذوره وأسباب تغذيته؛ أي الداعمة بمقومات بقاء المرض أياً كانت هذه الأسباب والعوامل.

وعليه:

فإن المحنة في وطننا المثخن بالجراح الغائرة والمتقيحة والمتسعة.. يمكننا تقريب مكونات وعوامل المحنة اليمنية في المعادلة التالية:

فجور سياسي + عهر سلالي + مرض يساري + تدين بلا فكر = تعصب لجهل مقدس.

وفي الأسطر التالية سنحاول إيضاح المعادلة الآنفة وفقاً لعنوان موضوع هذه المقاربة - العنوان العام وهو جذور المحنة، أسسها ونشأتها... الخ.

الأسس والنشأة:
أولاً أسس المحنة:
لا شك أن هنالك عدة أسس متداخلة عملياً وسلوكياً، وبالتالي فإن فصل أساس عن أساس آخر يمثل صعوبة في نظري, غير أنني سأحاول قدر الإمكان توزيع الأسس إلي مجالين:
المجال الأول: النظري الفكري العقائدي، الجانب الثاني: السلوك العملي تديناً وسياسة، وثقافة، وممارسة، ومواقف وتصرفات وعوامل داخلية وخارجية.

الأساس النظري:
يتمثل هذا الأساس في (مستند) دعوى الحق الإلهي في الحكم، وأعني بالمستند هنا (النص الديني) الوارد في الرواية المنسوبة إلى النبي عليه الصلاة والسلام, في كونه جعل الحكم حقاً إلهياً أبدياً في البطنين!

وهذه الرواية تنقضها مبادئ الإسلام وتشريعاته وكلياته ومقاصده الخالدة, التي قضت على العنصرية والعرقية وشرعت المساواة جاعلة الحق في الحكم للأمة التي هي صاحبة المصلحة. فشرعت للأمة نظرية سياسية هي (الشورى) كما أن هذه الروايات المنتحلة المكذوبة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يعلمها الراشدون بعد رسول الله، بل لم ترد على لسان الخصوم - علي بن أبي طالب وولده الحسن والحسين وكفى بهذا حجة. على كذب الروايات وهي مصطنعة في وقت متأخر لمآرب سياسية بحتة, كما سيتم تفصيله في حلقات خاصة.

هذا الأساس النظري المربك للعقلية المسلمة عموماً واليمنيين خصوصاً: لم يكن مقتصراً على دعاة المنهج السياسي المربوط بالرحم وإنما هو يمثل (إشكالية) قاتلة عند الفريق الآخر الذي يناصب الآخر العداء ويجتلد معه عبر التاريخ فكرياً وثقافياً!

إنها (إشكالية) العقل السني الذي يعتقد القرشية نظرياً ويرفضها عملياً، فالعقل السني ذاته مستعد لأن يحكم بردة من يشكك بالرواية التي تربط السياسة بالحكم بالحيوان المنوي والرحم, وغياب المنهج النظري في التعامل مع هذه الروايات وما يتصل بها، غير أن فريق الربط السياسة بالجينات المنوية إذا رفض قواعد المنهج النظري فإنه يدافع ويغالط بهدف الانتصار للذات.

لكن ها هو عذر فريق السنة الذي (رفض منهج جهود أهل السنة عموماً محدثين، وفقهاء، وأصوليين ومتكلمين؟ وهنا لا عذر ولا حجة عند هؤلاء في رفضهم للمنهج الأصولي الإنساني الحضاري الرصين - اللهم إلا التقليد الأعمى والجهل المقدس بالمنهج الذي وضعه جمهور أهل السنة، وعليه:

فإن الأساسين النظريين المتمثلين في (مستند) السياسة الجينية، وغياب [المنهج الصحيح] في التعامل مع تلكم الروايات المصطنعة هما مصدر المحنة ومرتكزها النظري العقدي الفقهي الفكري.


ـــ الأساس الثالث:هو الجهل بحقائق ومبادئ ومقاصد ومبادئ دين الإسلام وتشريعاته: أثمر كل ذلك جهلاً مقدساً مركباً مرتبكاً, يتعامى عن الكليات والمقاصد ويتعصب للجزئيات ويرفعها إلى درجة العقائد.


وإذا كان فريق السياسة الجينية تاريخياً وحتى اليوم قد جعل الحكم (السلطة) من أصول الدين حتى يحكم على المخالف بأنه كافر منقوص العقيدة - وفي أقل أحواله متأول يعني فاسد العقيدة، ولكن حكمه واحد هو "القتل" ولا فرق بين متأول أو منكر!


إذا كان هذا هو حال التعصب السلالي ونظرته للآخر، فإن فريق السنة يخدمه منهجياً ونظرياً بتصحيح قوله; كونه يكفر من يرفض الرواية! وهنا يتطلب البدء بتصحيح المنهج وتحرير العقل وفق منهج جمهور أهل السنة أنفسهم.


الخلاصة:
هذه أُسس المحنة (من الناحية النظرية) في اليمن، ذلك أن بقية البلدان العربية لا تقول إن السياسة متعلق بالجينات "الرحمية" والجامع للأسس النظرية هو التدين المغشوش والجهل المقدس - يخالف الشرع باسم الشرع ذاته.


يتبع ..!!