الثلاثاء 10-12-2024 04:57:33 ص : 9 - جمادي الثاني - 1446 هـ
آخر الاخبار

معاناة غزة في وجدان اليمنيين.. دعم شعبي ورسمي للقضية الفلسطينية

الثلاثاء 08 أكتوبر-تشرين الأول 2024 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 


منذ انطلاق معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، المتمثلة بالضربة الاستباقية التي نفّذتها كتائب القسّام (الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس) على الاحتلال الإسرائيلي، وما تبع ذلك من جرائم صهيونية وإبادة جماعية بحق سكان غزة، ضاعف اليمنيون مساندتهم التاريخية والثابتة للقضية الفلسطينية، وأعلنوا تأييدهم لعملية الطوفان، ومساندتهم لسكان القطاع.

وخلال عام من المعركة في غزة، التي نتج عنها حتى السابع من أكتوبر الجاري 41.638 شهيدا، نحو 60% منهم أطفال ونساء، وفق وزارة الصحة بغزة، إضافة إلى قرابة 100 ألف مصاب، تجلّت المساندة اليمنية في المحافظات المحررة، في حراك شعبي لا يتوقف إلا ليبدأ من جديد، دعمًا للقضية الفلسطينية وتنديدًا بجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق سكان قطاع غزّة، بالإضافة إلى إسناد مالي يتم إيصاله إما عبر جمعية الأقصى أو بأساليب أخرى.

موقف شعبي فاعل

على المستوى الشعبي، جسد اليمنيون موقفًا مشرّفًا في حراكهم وفعالياتهم الجماهيرية المساندة لمعركة 7 أكتوبر، حيث خرجوا إلى الشوارع في العديد من المحافظات عقب ساعات من بدء عملية الطوفان، معلنين تأييدهم المطلق لهذه المعركة، ومعبّرين عن إعجابهم بها. ولم تتوقف الفعاليات الشعبية المساندة لغزة في عموم اليمن، لا سيما المحافظات المحررة، وخصوصًا تعز المحاصرة من الحوثيين، ومدينة مأرب.

وتعد تعز المحاصرة من الحوثيين الأكثر حراكًا شعبيًا إسنادًا لغزة وفلسطين، حيث تشهد ساحاتها ومساجدها حراكا جماهيريا متواصلا خلال عام كامل، ويتجمع عشرات الآلاف من المواطنين كل يوم جمعة في شارع التحرير وساحة الحرية وسط المدينة، يهتفون لغزة وفلسطين، فضلاً عن المسيرات الشعبية والوقفات الاحتجاجية في عموم المدينة.

وفي السياق، قال الناشط السياسي عبد الحميد المجيدي، لـ"الإصلاح نت"، إن اليمن، رغم ما يعانيه من المليشيا الحوثية، إلا أنه سجل مواقف شعبية تفوق الموقف الرسمي، وكانت المظاهرات والمسيرات والاحتجاجات والتضامن مع إخواننا في قطاع غزة العزة والكرامة الصامدة الأبية مواقف واضحة رغم الألم والمعاناة.

من جانبه، أكد الصحفي صدام الحريبي، لـ"الإصلاح نت"، أن موقف اليمن شعبا وأحزابا وحكومة من معركة طوفان الأقصى لم يكن موقفا عابرا، بل إن اليمنيين تبنوا هذه المعركة ودعموها بكل ما أوتوا من قوة، وجعلوا المعركة معركتهم، وإن فُتح المجال لرأيناهم في طليعة من يدافعون عن غزة ويشاركون في طوفانها.

وأضاف أن تعز الثائرة خرجت بسيل عارم من الحشود وأقامت العديد من الفعاليات التي تتبنى طوفان الأقصى وتدافع عن غزة، وكذلك مأرب الشامخة التي لم تتوانَ عن دعم غزة وطوفانها وكل المحافظات اليمنية.

وأشار الحريبي إلى أن القضية الفلسطينية وغزة وطوفان الأقصى بالنسبة لليمنيين هي من صميم عقيدتهم التي تربوا عليها ولا يمكن أن يتنكروا لها.

موقف الحكومة والأحزاب

وعلى المستوى الرسمي، اتخذت الحكومية اليمنية المعترف بها موقفًا واضحًا مُساندًا للشعب الفلسطيني، ورافضًا للمجازر التي تنفذها قوات الاحتلال بحق المواطنين في غزة، وذلك من خلال بيانات إدانة على لسان وزير الخارجية اليمني.

وبدورها، كانت الأحزاب اليمنية في طليعة المكونات العربية والإسلامية التي أعلنت بوضوح تأييدها لعملية طوفان الأقصى وإدانتها للجرائم الإسرائيلية، وذلك من خلال بيان صادر عن التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية اليمنية (يجمع أكبر الأحزاب اليمنية وأبرزها)، والذي اعتبر أن عملية الطوفان جاءت كرد فعل مشروع على استمرار الكيان الصهيوني في اعتداءاته الهمجية على الشعب الفلسطيني، داعيًا المجتمع الدولي إلى التدخل لحماية الشعب الفلسطيني والقيام بمسؤولياته لإجبار الاحتلال على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية وإرادة السلام.

وفي حين واصلت الأحزاب والمكونات اليمنية موقفها المساند للقضية الفلسطينية من خلال بيانات صادرة عنها، عملت فروع الأحزاب في محافظة تعز على تنظيم المسيرات والوقفات الاحتجاجية الداعمة لعملية الطوفان، والمنددة بالجرائم الصهيونية، التي لم تتوقف يومًا ضد سكان قطاع غزة.

وفي هذه الجزئية، قال الناشط المجيدي إن جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية في اليمن تعتقد أن قضية فلسطين قضية أساسية دون خلاف وهي تمثل قلب الأمة. ومهما كانت تباينات الأحزاب في الشأن اليمني، غير أن موقفها واحد وموحد بشأن القضية الفلسطينية والوقوف معها والتضامن مع إخواننا في قطاع غزة، وأيضًا موقف الحكومة اليمنية مع القضية الفلسطينية ومع الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية التي تواجه المحتل الغاصب للأرض والديار.

إسناد مالي

لم يتوقف الإسناد اليمني لغزة الفلسطينية عند حد الحراك الشعبي والمظاهرات الجماهيرية والبيانات الرسمية، بل فهناك دعم مالي يصل تباعًا إلى سكان القطاع، شاركت فيه مختلف فئات الشعب اليمني، من رجال أعمال وموظفين وطلاب مدارس وجامعات ومواطنين من عامة الشعب رجالا ونساء وأطفالا، من خلال مبادرات وبازارات وفعاليات مختلفة.

وفي السياق، يقول الدكتور أحمد الحسام، أمين عام جمعية الأقصى في تعز، في تصريح خاص لـ"الإصلاح نت"، إن "الجمعية أطلقت عقب معركة طوفان الأقصى حملة عاجلة لدعم أهلنا في غزة تحت شعار (كن سندًا لهم)، وحتى نهاية عام 2023 (أي في ظرف ثلاثة أشهر) نفذت الجمعية مشاريع إغاثية عاجلة بلغت تكلفتها 336 مليون ريال يمني في خمس حملات عاجلة موثّقة بالصوت والصورة في قطاع غزة، بواسطة شركائها: جمعية غزي دستك، جمعية البراق، جمعية تكافل لرعاية الأطفال، وجمعية غراس لتنمية المجتمع".

وأضاف أن الجمعية مستمرة في حملتها لإغاثة أهلنا في غزة، من خلال حملات إغاثة عاجلة، وقد وصلت إلى الحملة رقم 19 في قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر 2023، حيث تنوعت هذه الحملات بحسب الحاجة، بين حملات طبية، وطعام، وحملات إيوائية، ومساعدات نقدية، وحملات خاصة باحتياجات الأطفال، وصيانة آبار مياه الشرب، وصيانة أفران الخبز، وكفالة أيتام، وغيرها من الحملات التي تنفذها الجمعية بمساهمات اليمنيين.

ووفق الحسام، فإنه ليس غريبا على الشعب اليمني بكل أطيافه ومشاربه الفكرية، وقوفه مع القضية الفلسطينية، وحبه لفلسطين وللمسجد الأقصى المبارك، لافتًا إلى أنه "رغم الظروف القاسية التي مر ويمر بها الشعب اليمني، يظل تفاعله ومسارعته في تلبية دعوات الجمعية في إسناد ودعم أهلنا في فلسطين وغزة خصوصا منذ معركة الطوفان، وما يدهش أكثر مسارعة الفقراء ومحدودي الدخل أكثر من غيرهم".

وذكر أمين عام جمعية الأقصى في تعز (تأسست بالتزامن مع قيام الوحدة اليمنية عام 1990م)، أن "تعز في طليعة المحافظات اليمنية الداعمة لغزة"، مشيرًا إلى أنه "رغم ظروف الحصار المفروض (من الحوثيين) على أبناء تعز، وقساوة أحوال أهلها، إلا أن اندفاع أبناء هذه المحافظة لنصرة أهليهم في غزة يدعو للفخر، ولا تستطيع أن تميّز بين تفاعل شريحة وأخرى، فالمرأة سباقة والمؤسسات الرسمية والأهلية مبادرة، إنهم يأتون بتبرعاتهم قبل أن نأتيهم. بادر أساتذة الجامعات ومثلهم طلابهم وطالباتهم، وكذلك مديرو المدارس الحكومية والأهلية والطلبة".

وقال الحسام لـ"الإصلاح نت": "في تعز يصعب أن نميز تفاعل شريحة اجتماعية عن غيرها في إسناد غزة ودعم فلسطين والأقصى، وتبعا لذلك نعجز عن شكر المتميزين، لأن الكل متميز، لذلك لا يسعنا إلا أن نشكر جميع أبناء تعز"، لافتًا إلى أن "هناك من يعزو تميز أبناء تعز في تفاعلهم ومسارعتهم في دعم فلسلطين وغزة إلى الوعي الجمعي بمركزية القضية الفلسطينية والولاء العام لفلسطين، إلى جانب تشابه أسباب المعاناة بين أهلنا في غزة وتعز كالحصار مثلا"٠

مواقف لافتة من إسناد ونصرة غزة

ومن المواقف والنماذج التي ذكرها أمين عام جمعية الأقصى في تعز، في إسنادهم لغزة وفلسطين، أن طالبا جامعيا يوفر مصاريف الدراسة من دراجته النارية التي يعمل بها بعد الدراسة، ويتبرع أسبوعيا بعائد عمل يوم لصالح غزة، كما أن بائع "أسوكة أراك" يتبرع بدخل يوم من الأسبوع لصالح أهل غزة.

وذكر الحسام أن "امرأة دفعت نصف مهر زواجها لدعم غزة، وأخرى تبرعت بكل ذهبها لصالح أهلنا في غزة، ويتيمة أصرت على التبرع بكفالتها لصالح أيتام غزة، وهناك من تبرع بسيارته وآخر بمسدسه وثالث بجنبيته، وغيرها كثير من النماذج التي تأتي مصداقية لشهادة النبي عليه الصلاة والسلام حين وصف اليمنيين بأنهم (أهل المدد إلى يوم القيامة)".

الاستغلال الحوثي

يرى مراقبون أن الموقف الحوثي من القضية الفلسطينية يأتي في سياق خدمة الأجندة الإيرانية، لا في إطار مساندة غزة، رغم أن المليشيا تعلن عكس ذلك، وهي مغالطات تهدف من خلالها المليشيا لاستغلال القضية العادلة في غسل جرائمها بحق اليمنيين، والتي تعد جرائم مشابهة لما يفعله الصهاينة بحق الفلسطينيين، قتلاً وتشريدًا وتهجيرا واختطافًا، وما تزال جرائم المليشيا الحوثية المتواصلة منذ عشر سنوات قائمة ومستمرة في تعز ومأرب والعديد من المحافظات.

وفي السياق، يقول الناشط السياسي عبد الحميد المجيدي إن القرصنة التي تمارسها المليشيا الحوثية وضرب السفن الملاحية في باب المندب والبحر الأحمر أعمال صبيانية تقدمها مليشيا الحوثي خدمة لإيران في مفاوضاتها مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية بشأن برنامجها النووي من جهة، ومن جهة أخرى نال الشعب اليمني من تلك الأعمال الصبيانية عقوبات واعتداء عليه من قبل تحالف دولي وتم ضرب ميناء الحديدة وبعض المحافظات اليمنية والعديد من مصالح اليمنيين، فيما لم يطل القيادات الحوثية أي استهداف.

ورغم المواقف المخادعة والاستغلالية من المليشيا الحوثية، إلا أن الموقف اليمني الشعبي من القضية الفلسطينية هو موقف تاريخي وثابت ومشرف وأصيل، ولعلّ الحراك الشعبي الاستثنائي في العديد من المحافظات، وفي مقدمتها تعز، دليل واضح على أهمية القضية الفلسطينية لدى اليمنيين، إذ يرونها قضيتهم الأساسية، رغم ما يعانونه من أوجاع ومآسٍ مشابهة منذ عشر سنوات، بفعل الحرب التي أحدثها انقلاب الحوثيين المدعومين من إيران.

كلمات دالّة

#اليمن