الثلاثاء 08-10-2024 23:48:26 م : 5 - ربيع الثاني - 1446 هـ
آخر الاخبار

أحفاد الإمامة.. لماذا يخشى الحوثيون من الاحتفالات الشعبية بذكرى ثورة 26 سبتمبر؟

الجمعة 27 سبتمبر-أيلول 2024 الساعة 10 مساءً / الاصلاح نت - خاص | عبد الرحمن الكاتب

   

حملة مسعورة ومداهمات واسعة طالت العديد من الناشطين والمواطنين عموما قبيل حلول الذكرى الـ62 لقيام ثورة 26 سبتمبر التي اندلعت في العام 1962 على يد مجموعة من ثوار الجمهورية وأحرارها ضد النظام الملكي البائد، ووضع أولى لبنات الجمهورية، كخطوة أولى لبناء دولة المؤسسات والنظام والقانون والمواطنة المتساوية.

وفي كل عام، اعتاد اليمنيون على إحياء هذه الذكرى بالاحتفالات والأغاني الوطنية والثورية تخليدا لهذه المناسبة وتمجيدا لدماء الثوار الزكية التي قدمت ثمنا لبناء دولة المواطنة المتساوية ودستور يكفل الحقوق والحريات.

وأد المبادرات الثورية

وقد سعت المليشيا الحوثية لخنق هذا النفس وقطع هذا الصوت ومحاربة أي نزعة ثورية ووطنية، والحد من أي أنشطة احتفالية، كتعبير من المليشيا عن انزعاجها من هذه المظاهر، وسعيا منها لطمس هذه المناسبة ومحوها من ذاكرة اليمنيين، من خلال إصدارها لمصفوفة من القوانين التي تمنع وتجرم أي احتفال بهذه المناسبة، إلى جانب المظاهر المسلحة والاختطافات التي تشنها المليشيا الحوثية على نطاق واسع لإرهاب المواطنين وإجهاض كل بادرة ثورية أو انتماء وطني.

وتعتبر هذه المناسبة ذات ارتباط وثيق بمعاناة الناس المتفاقمة التي خلقها انقلاب مليشيا الحوثي والتي جاءت بالمشروع الإمامي ذاته، وهو ما كان سببا لاندلاع ثورة 26 سبتمبر، نتيجة لسياسة الإماميين العنصرية، والتمييز العنصري السلالي والطبقي الذي اتسمت به فترة حكم الإمامة في تلك الفترة.

ونظرا للظروف والمعاناة التي تمر بها البلاد، فقد حولت الذكرى السنوية لـ"ثورة 26 سبتمبر" إلى مناسبة لإعلان اليمنيين رفضهم لممارسات مليشيا الحوثي وتسلطها بالقوة وسيطرتها على مناطق واسعة من البلاد، وخلفت دمارا هائلا في البنية التحتية وتوقف للنشاط الاقتصادي وأزمات متلاحقة وانتهاكات واسعة في عموم البلاد.

قلق مبكر

ووفقا لمنظمات حقوقية يمنية فقد اختطفت مليشيا الحوثي الانقلابية العشرات من المدنيين في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيا، وذلك لمنعهم من الاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر.

وبحسب منظمة "ميون" لحقوق الإنسان، فقد أقدمت المليشيا الحوثية على اختطاف أكثر من 270 مدنياً في العاصمة صنعاء، وعدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، بينهم قيادات حزبية وصحافيون وتربويون وناشطون، على خلفية كتاباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، التي أعلنوا فيها تأييدهم لدعوات الاحتفال باليوم الوطني الـ62 لثورة 26 سبتمبر.

وتشير منظمة "ميون" إلى أن مليشيا الحوثي عملت على تسخير وزارة داخليتها بكل قطاعاتها، من أمن عام، وقوات شرطة، وقوات نجدة، وإدارات البحث الجنائي، إضافة إلى أجهزتها القمعية المستحدثة، مثل جهاز الأمن والمخابرات أو ما يسمَّى بـ"الأمن الوقائي" ووحدة ما تسمى بـ"الأمن المجتمعي"، لترهيب المواطنين وقمعهم، وإسكات أي أصوات معارضة أو منتقدة لممارسات المليشيا.

وأظهرت مقاطع فيديو، تداولها ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي، عمليات مداهمة وتفتيش، قامت بها أجهزة الأمن الحوثية، ضد كل من يحاول الاستعداد والتجهيز للاحتفال بذكرى الثورة، وفرض قبضة حديدية لمنع المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا من أي مظاهر احتفالية، ونشر مليشيا الحوثيين لأطقم أمنية وعناصر مسلحة في العديد من الأحياء، إضافة إلى نشر عناصر من المخبرين والمخبرات لتتبع المعلومات لكشف أي ناشط ينوي الاحتفال أو يدعو إليه، مع تشديد الرقابة على المنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي.

حملة مسعورة

وقد شهدت محافظة إب حملة اختطافات واسعة طالت المدينة والعديد من مديريات المحافظة على خلفية الدعوات لإحياء ذكرى ثورة 26 سبتمبر المجيدة.

ووفقا لمصادر إعلامية ومحلية فقد دشنت المليشيا الحوثية حملة اختطاف مسعورة طالت العديد من المواطنين بمن فيهم ناشطون وصحفيون وأصحاب محال تجارية.

وتقول المصادر إن المليشيا الحوثية اختطفت خلال الأيام القليلة الماضية عددا من المواطنين في عاصمة المحافظة وبعض المديريات منها النادرة والسدة وذي السفال والمشنة وجبلة وريف إب.

وتذكر المصادر أن المليشيا الحوثية خطفت اثنين من المواطنين في مديرية النادرة شرقي محافظة إب، على خلفية الأنشطة والدعوات المتعلقة بالاحتفاء بذكرى الثورة السبتمبرية، كما أقدمت المليشيا الحوثية بمديرية النادرة على اختطاف المواطن "خليل محمد حيدان" بسبب رفعه للعلم الوطني على سيارته واستماعه لأغاني أيوب طارش الوطنية، وأودعته أحد سجونها ومنعت عنه الزيارة، كما اختطفت أيضا المواطن "وليد الكهالي" من أبناء قرية "الجرف" في إحدى نقاط المليشيا بمدينة النادرة، على خلفية بلاغ تلقته المليشيا مفاده أن الكهالي يسمع أغان وطنية وثورية، فيما رفضت الإفراج عن أحد المعلمين ويدعى "صلاح البعوم" بسبب نشره دعوة للاحتفال بالعيد الـ62 لثورة سبتمبر في صفحته على فيسبوك.

وفي مدينة إب تعرض الناشط والتربوي سمير أبلان لعمليات اختطاف من قبل العناصر المسلحة التابعة للمليشيا بعد اقتحام منزله في مدينة إب عاصمة المحافظة.

وفي منطقة ضراس التابعة لمديرية ذي السفال خطفت المليشيا الحوثية قيادي في حزب الإصلاح يدعى "عارف سعيد" بعد أيام من اختطاف قيادي مؤتمري يدعى "صادق الظافر" بذات المنطقة، كما اختطفت المليشيا المواطن قحطان محمد أبو راس بعد مداهمة منطقة "الحوري" في المديرية ذاتها.

كما تعرض المصور الصحفي في محافظة إب جهاد اليمني للاختطاف على أيدي عناصر المليشيا في ظل حملة حوثية واسعة لمنع أي فعاليات بذكرى ثورة سبتمبر المجيدة.

وتقول مصادر إعلامية إن مليشيا الحوثي خطفت "جهاد اليمني" بعد يومين من تصويره بطائرة درون فعالية بذكرى ثورة سبتمبر في مدرسة الفوز بمنطقة شلف بمديرية العدين إحدى مديريات المحافظة، مشيرة إلى أن المصور اليمني يمتلك ترخيصا من المليشيا التي سبق وأن اختطفته في يوليو الماضي وأودعته سجن الصالح بمنطقة الحوبان شرقي تعز.

كما اختطفت مليشيا الحوثي أيضا شقيق الكاتب والصحفي محمد المياحي بعد مداهمة قريته بمنطقة الأهمول بمديرية فرع العدين غربي محافظة إب.

وفي مدينة إب أقدمت مليشيا الحوثي على اقتحام صالون حلاقة واختطفت مالك المحل بعد سماعه أنشودة ثورية، ونشر نشطاء محليون في محافظة إب مشهدا يظهر لحظة اقتحام العناصر المسلحة للمحل، والاعتداء على مالك المحل بطريقة بشعة قبل أن يتم إلقاؤه في أحد الأطقم العسكرية ونقله إلى أحد سجونها.

قيود الإمامة

وتحظى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر باهتمام خاص وتحمل رمزية خاصة في مديرية السدة، فإليها ينتمي مفجر ثورة 26 سبتمبر وأحد أبرز قادتها الأحرار الشهيد علي عبد المغني، فعادة ما يتم إحياء هذه المناسبة بالاحتفالات والقصائد والأغاني الوطنية والثورية كل عام، وهو ما دفع مليشيا الحوثي للتركيز على المديرية وتشديد الرقابة عليها.

ووفقا لمعلومات محلية فقد عقدت مليشيا الحوثي اجتماعاً موسعاً في مركز مديرية السدة مع وجهاء وقيادات في حزب المؤتمر وشخصيات محلية وتربوية ومسؤولي المديرية، بهدف منع إقامة أي فعالية في المديرية التي تعد مسقط رأس قائد ثورة سبتمبر الشهيد علي عبد المغني.

وتفيد المصادر بأن الاجتماع عقد بحضور القيادي الحوثي حمود شتان، المعين من قِبل المليشيا نائباً لمساعد المنطقة العسكرية الرابعة التابعة للحوثيين، وبحضور ثلاثة من وكلاء المحافظة وجميع مسؤولي مديرية السدة، وتم إلزامهم بمنع أقاربهم وأهاليهم وكل من لهم نفوذ عليه في المجتمع من السماح بأي أنشطة احتفالية بذكرى الثورة السبتمبرية، كما تم التشديد على منع الفعاليات والتهديد بقمع كل من يفكر بالخروج، فضلاً عن إلزامهم بإبلاغ الجهات المعنية في المديرية بأسماء كل من يخرج للاحتفال أو يدعو للمشاركة، تزامنا مع حملة هي الأكبر بين المديريات، شهدتها مديرية السدة، التي اعتادت على نشاط سنوي منذ عقود احتفاءً بذكرى الثورة.

ويفيد أهالي المنطقة بأن مليشيا الحوثي اختطفت قبل أيام سبعة أشخاص في عدة مناطق بمديرية السدة، ورفضت الإفراج عن أكثر من خمسين مختطفاً تم الزج بهم في سجونها خلال الأيام الماضية.

كما عقدت مليشيا الحوثي لقاءً مع عقال الحارات بمدينة إب، وأبلغتهم بتعليمات صارمة بمنع أي تحرك أو نشاط للاحتفال، والتهديد بعمليات قمع وتنكيل بالمواطنين المخالفين لتلك التعليمات، ومنع أي مظاهر احتفالية بذكرى الثورة.

سخط شعبي

وتأتي هذه الحملة بعد أيام قلائل من قيام المليشيا الحوثية بدفع قوات كبيرة إلى محافظة إب، وسط خوف وهلع تعيشه المليشيا منذ مطلع سبتمبر الجاري خشية خروج تظاهرات كبيرة في ذكرى الثورة.

وتقول مصادر إن مليشيا الحوثي دفعت بالمئات من مسلحيها، أو ما يسمى بقوات مكافحة الشغب والقوات الخاصة وعناصر استخباراتية من محافظتي صنعاء وذمار إلى محافظة إب بطريقة مموهة عبر شاحنات ووسائل نقل مدنية خلال الأيام الماضية.

وتشير المصادر إلى أن تلك العناصر التي استقدمتها المليشيا من عدة محافظات انتشرت في أحياء مدينة إب وبعض المديريات الأخرى بلباس مدني، فيما جهزت عناصر أخرى ووزعتها في العديد من نقاط التفتيش وعمليات دوريات بالمدينة تزامنا مع حلول المناسبة.

ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات التي اتخذتها مليشيا الحوثي جاءت بعد شعور المليشيا الحوثية بسخط كبير وشكاوى متصاعدة في أوساط المجتمع من الوضع الذي يعيشه المواطنون، جراء الأزمة الإنسانية التي تتفاقم يوما بعد يوم، وانتهاكات حوثية متزايدة بحق مختلف شرائح المجتمع، وسياسة القمع والإجرام التي دأبت عليها المليشيا في مختلف المحافظات، لإحكام قبضتها على مناطق سيطرتها، ونشر الرعب والخوف في المجتمع للحد من أي نشاط مخالف لسياسة المليشيا.

إدانة رسمية

وكانت مليشيا الحوثي قد اختطفت مطلع سبتمبر الجاري الكاتب والصحفي محمد المياحي من منزله في العاصمة صنعاء بعد أيام من كتابات له انتقد فيها المليشيا وزعيمها عبد الملك الحوثي، ووجه انتقادات لاذاعة للمليشيا، داعيا إلى التمسك برفض مشروعها الطائفي ومقاومته بشتى الطرق الممكنة.

وتقول مصادر إعلامية إن المليشيا اقتحمت منزل المياحي وصادرت هاتفه وجهازه الحاسوب واقتادته إلى جهة غير معروفة، بالتزامن مع حملة اختطافات واسعة طالت قيادات سياسية وناشطين على خلفية كتاباتهم الرافضة لسياسة المليشيا، ودعواتهم للاحتفاء بذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر.

وقد أدانت الحكومة اليمنية حملات الاختطاف التي تنفذها مليشيا الحوثي والتي طالت قيادات سياسية وناشطين، على خلفية دعواتهم للاحتفال بذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، ووصفتها بأنها تصعيد خطير.

وندد وزير الإعلام معمر الإرياني بالاختطافات التي تشنها المليشيا ضد القيادات السياسية والصحفيين والناشطين، الهادفة لإرهابهم ومنعهم من نقل الحقائق للرأي العام، وثنيهم عن تبني قضايا الناس ومطالبهم، مطالبا المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوث الأممي ومنظمات حقوق الإنسان بإدانة هذه الممارسات الإجرامية، والضغط على مليشيا الحوثي لإطلاق المختطفين قسرا وجميع المحتجزين.

                                        

كلمات دالّة

#اليمن