السبت 15-03-2025 19:59:09 م : 15 - رمضان - 1446 هـ
آخر الاخبار

استهداف الحوثي منشأة صافر النفطية.. جريمة حرب ونزعة إجرامية لتدمير اقتصاد اليمن

الثلاثاء 27 أغسطس-آب 2024 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

صعّدت مليشيا الحوثي الإرهابية من عملياتها العسكرية ضد المنشآت الحيوية في اليمن، رافعة بذلك وتيرة تصعيدها لاستهداف البنية التحتية الاقتصادية؛ بهدف زيادة معاناة اليمنيين وتعطيل مصالحهم، لتؤكد بذلك أنها عدو اليمنيين الأول والخطر الأبرز على مصالحه الوطنية.

حيث شنت مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران في وقت مبكر من صباح الجمعة، هجومًا بثلاث طائرات مسيرة في محاولة لاستهداف منشأة صافر النفطية في محافظة مأرب، شمال شرقي اليمن، وذلك في تصعيد وصفه مراقبون بـ"الخطير" والذي من شأنه أن يفاقم الوضع الاقتصادي في البلاد.

لم يكن هذا الاستهداف الحوثي الممنهج لأهم منشأة نفطية في البلاد سوى تأكيد على نزعتها الإجرامية لتدمير الوطن ومنشآته الحيوية، فضلا عن كونها مساع حوثية للقضاء على الهدنة أو أي تفاهمات لتحقيق السلام، خصوصًا وأنها جاءت بعد نحو شهر من إعلان المبعوث الأممي اتفاقا بين الحكومة والحوثيين بشأن خفض التصعيد الاقتصادي.

مكان انطلاق الطائرات

وأعلنت وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة في بيان مساء الجمعة، إسقاط ثلاث طائرات مسيرة انتحارية مجنحة تحمل مواداً شديدة الانفجار أطلقتها مليشيات الحوثي الإرهابية في محاولة إرهابية جبانة لتدمير منشأة صافر النفطية في محافظة مأرب.

وقالت الوزارة في بيانها، إن المعلومات تبين أن هذه الطائرات المعادية أُطلقت من نقطة واقعة بين منطقتي دحيضة وقرن الصيعري شرق مدينة الحزم بمحافظة الجوف الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، مؤكدا "جاهزية القوات المسلحة للرد على مثل هذه الأعمال التي تستهدف مصالح الشعب اليمني ومنشآته الاقتصادية السيادية".

وجاء هذا الهجوم بعد نحو شهر من إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، التوصل إلى اتفاق بين الحكومة وميليشيا الحوثي بشأن خفض التصعيد الاقتصادي، والتي شملت إلغاء القرارات التي اتخذها البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن بحق البنوك المخالفة لقرار نقل مراكزها الرئيسية من صنعاء.

ماذا تعنى منشأة صافر؟

وحسب خبراء اقتصاديون فإن شركة صافر النفطية تمثل إحدى أهم مؤسسات الدولة اليمنية وأهم مصادرها الحيوية وظلت طوال أعوام الحرب تزود كل المناطق اليمنية بما فيها مناطق الحوثيين بمادة الغاز المنزلي، بأسعار بسيطة، قبل أن تمنع المليشيا دخوله إلى مناطق سيطرتها واستيراد الغاز المنزلي الإيراني بأسعار مضاعفة.

وتنتج شركة صافر نحو 40 ألف برميل نفط يومياً، كما تنتج الغاز المنزلي بطاقة إنتاجية مقدارها 800 طن متري يومياً تخصص للاستهلاك المحلي وتعد المنتج الوحيد للغاز الطبيعي المسال والمصدر إلى محطة التسييل في ميناء بلحاف بمحافظة شبوة على بحر العرب، المتوقفة منذ انقلاب المليشيات الحوثي ومغادرة الشركات الأجنبية العاملة في مجال النفط والغاز.

ولم تكن المرة الأولى التي تستهدف مليشيا الحوثي المنشآت النفطية في البلاد، حيث سبق أن استهدفت المليشيات الحوثية في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، مينائي النشمية بمحافظة شبوة والضبة في حضرموت، بطائرات مسيرة ما تسبب بوقف تصدير النفط. وفي الرابع من أغسطس (آب) الجاري، أعلنت الحكومة تكبدها خسائر مالية قدرت بنحو 1.5 مليار دولار، بسبب توقف تصدير النفط.

استهداف مصالح اليمنيين

وإزاء محاولة الاستهداف الحوثية لشركة صافر النفطية، يؤكد مراقبون، أن الحوثيين يستهدفون مصالح اليمنيين بهدف تدميرها رغم توقف التصدير، ومساعي الحكومة المستمرة للحفاظ على هذه المؤسسات الضخمة كونها مكتسب لكل مواطن يمني.

مشيرين إلى أن الحوثيين استهدفوا من قبل موانئ تصدير النفط في شبوة وحضرموت وعطلوا تصدير النفط، وحرموا الشعب اليمني من عائدات بمليارات الدولارات، مؤكدين أن ذلك تعطيل لمصالح الشعب اليمني، وزيادة معاناته في الوقت الذي يتحدثون فيه عن مظلومية الشعب واستمرار حصاره.

وسخر مراقبون من محاولات الحوثيين استهداف شركة صافر النفطية، مؤكدين أنها كشفت زيف الحوثية بادعائها معركة مع اسرائيل بينما تتجه لقتل اليمنيين وتدمير مصالحهم، إذ انتظر الناس الدعاية الحوثية المستمرة بالرد على اسرائيل لقصفها ميناء الحديدة الشهر المنصرم، فقامت المليشيا بقصف شركة صافر النفطية بمأرب.

وأكد مراقبون، أن الحوثي عدو اليمنيين الأول، وخطر على مصالح كل المواطنين بمختلف انتماءاتهم ومناطقهم، مشيرين إلى أن الإجرام الحوثي يستهدف البنية التحتية الاقتصادية لمنع أي تعافي أو أمل حتى لو تم إعلان اتفاق سلام، لأن المليشيا تتغذى على الحرب والصراع، وتتلاشى بالسلم والاستقرار.

ورقة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية

وفي هذا السياق، يرى الباحث في شؤون الجماعات المسلحة علي الذهب أن التهديدات الحوثية المتصاعدة على المنشآت النفطية في ظل جهود السلام التي ترعاها الأمم المتحدة تستخدم ورقة ضغط جديدة لتحقيق مكاسب سياسية كبيرة من خلال ربطها بمسارات إنسانية واقتصادية طويلة الأمد يستفيد منها الحوثيون.

واعتبر الذهب في تصريح لصحيفة "إندبندنت عربية"، أن "خريطة الطريق المقترحة التي تدعمها الأمم المتحدة تخدم مصالح الحوثيين بصورة كبيرة، إذ تمنحهم الوقت الكافي للاستفادة من الانفراجة في الجانب الاقتصادي والإنساني وتأخير الجانب السياسي وهو تمكين للحوثيين من فرض شروطهم حين تسلب الحكومة الشرعية الكثير من مصادرها المالية وقرارها السياسي".

بدوره، وصف الكاتب الصحفي، مأرب الورد، الهجوم على منشأة صافربـ"التطور الخطير" مستدركا أن هذا السلوك ليس غريبًا على الحوثيين الذين يدمرون مصالح الشعب ولا يهمهم سوى مصالحهم الخاصة.

وقال الورد عبر منصة "إكس" إن "استهداف منشأة صافر رسالة ضغط سياسي بأسلوب عسكري للتركيع لخارطة الطريق التي تخدمهم وحدهم"، مشددا على أنه "ينبغي أن تذكّر هذه الحادثة وما سبقها وما قد يلحقها في أي مكان، جميع الأطراف أن التفكير بعقلية كل واحد "يوبه لجربته" ليس حلا، وأنه ما لم يكونوا موحدين بالفعل لا بالكلام فسيخسرون جميعا".

إعلان حرب

واعتبر مراقبون ومحللون أن محاولة مليشيات الحوثي الإرهابية استهداف منشأة صافر النفطية نزعة إجرامية للتدمير وبمثابة إعلان حرب وتقضي على الهدنة وأي تفاهمات لتحقيق السلام.

وفي هذا الصدد قال المحلل السياسي، مصطفى ناجي، إن إقدام الحوثي على قصف منشآت صافر النفطية بثلاث طائرات مسيرة أسقطتها الوحدات العسكرية هناك دون حدوث كارثة مشابهة لما حدث في الضبة في حضرموت.

وأضاف ناجي عبر منصة "أكس": "لأن الطائرات لم تحقق هدفها فان الأمر سيمضي وكأن شيئا لم يكن. هذا العمل إعلان حرب يقضي على أي هدنة وتفاهمات سلام تمام. يختلف كليا عن أي خروقات سابقة أو هجوم صغير في جبهة من الجبهات".

وتابع: "الغريب أن هذه العملية جاءت بعد توعد بالرد على إسرائيل وبعد أن بدأت صحف أمريكية تكتب أن مخزون الحوثي من المسيرات نفد وأنه أصبح يلجأ إلى صواريخ محمولة على الكتف في تنفيذ عملياته في البحر الأحمر".

وقال ناجي: "الحقيقة ان الحوثي يخصص سلاحه لقتل اليمنيين والقضاء على مقدراتهم الاقتصادية لتركيعهم وتشييد دولة جنود الرب ومصطفيه. هذه العملية هي التنفيذ الاقتصادي لاتفاق التراجع عن إجراءات البنك (المركزي اليمني) وهي التزام بالوعد الذي ابتهج وهلل له المبعوث (الأممي) ودول الإقليم".

تدمير مقدرات الدولة

بدوره أشار الدكتور فارس البيل رئيس مركز المستقبل اليمني للدراسات الاستراتيجية إلى دلالات استهداف الحوثيين لمنشأة صافر النفطية، مؤكدًا أن المليشيا عينها على صافر ومأرب منذ زمن ضمن مساعيها لتدمير مقدرات الدولة.

وأضاف في تصريح لموقع "بران برس"، أن مليشيا الحوثي حاربت كل عوامل نجاح الدولة اليمنية لأن أي نجاح يقص ظهرها، لافتا إلى أن الحوثي لا يهمه أن يموت اليمنيين وما يريده فقط تهيئة اليمن كأرض خربة للمشروع الإيراني.

وحمل البيل المجتمع الدولي مسؤولية التصعيد الحوثي، مؤكدا أن المجتمع الدولي يقود اليمن إلى سلام موهوم بعيدا عن معطيات الواقع وطبيعة الحوثي، مؤكدا على ضرورة ايجاد ضمانات حقيقية للسلام مع مليشيا الحوثي التي تعمل على استهداف مقدرات الشعب اليمني.

وأشار إلى أن التعاطي مع الحوثيين بلغة السلام لن ينفع ولا يمكن أن تمتلك هذه المليشيا لغة السلام، محذرا من التواطؤ الأممي مع المليشيا الحوثية.. مؤكدا أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عاجزون كليا عن التعاطي مع هذه المليشيا حسب وصفه، منوهًا إلى أن المحاولات الحوثية استهداف منشأة صافر النفطية تتعارض مع جهود المجتمع الدولي الذي يقود اليمن إلى سلام مستدام، حسب وصفه.

استعداد لتدمير الوطن

يشار إلى أن هذا الهجوم الحوثي سبقه تهديدات لعدد من قيادات المليشيا الانقلابية بإيقاف النفط في مأرب، حيث لوح القيادي في المليشيا الحوثية حسين العزي، مطلع مايو الماضي باستهداف المنشآت النفطية في مأرب لمنع استفادة الحكومة الشرعية منها حسب زعمه.

وبينما كانت تتوعد المليشيا الحوثي اسرائيل قامت بمحاولة استهداف منشأة صافر النفطية في مأرب، وذلك في سياق استهدافها الممنهج وحقدها على مكتسباب الوطن، واستعدادها لتدميرها طالما لا تكون بيدها أو لا تحقق مصالحها وفقا لتلويح القيادي الحوثي حسين العزي.

وكانت المليشيا الانقلابية قد استهدفت مأرب بعشرات الصواريخ والطائرات المسيرة، واستهدف المدنيين في المساجد والأسواق العامة، فضلا عن زرع الألغام والعبوات الناسفة والتي راح ضحيتها العشرات من المدنيين بينهم نساء وأطفال، ولم تسلم مأرب من حقد المليشيا حتى في الأعياد. ففي فجر عيد الفطر الماضي استهدفت المليشيا مدينة مأرب بصاروخ باليستي.

وفي يونيو 2023 أعلنت الأجهزة الأمنية بمحافظة مأرب، إحباط محاولة اغتيال فاشلة لعضو مجلس القيادة الرئاسي محافظ مأرب سلطان العرادة، بعبوات ناسفة كانت المليشيا تسعى لتنفيذها بالتزامن مع عيد الأضحى، حيث تم ضبط العناصر المتورطة في الجريمة، ونشر اعترافات الخلية المكلفة بتنفيذ مخطط الاغتيال.

كما عملت مليشيا الحوثي على تلغيم ميناء الحديدة وأبدت استعدادها لتفجيره حينما كانت قوات الشرعية قد دخلت الحديدة وصارت على بعد أربعة كيلومترات فقط من الميناء في 2018، وهو ما يؤكد بجلاء حقد المليشيات الحوثية الانقلابية على الوطن واستعدادها لتدمير أي منشأة لا تحقق مصالحها.

كلمات دالّة

#اليمن