السبت 15-03-2025 19:46:30 م : 15 - رمضان - 1446 هـ
آخر الاخبار

المختطفون في سجون مليشيا الحوثي.. أصوات لا تطوى في صفحات النسيان

الخميس 22 أغسطس-آب 2024 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت - خاص
 

 

تتفاقم الأزمات الإنسانية في اليمن مع استمرار الانقلاب الحوثي على الدولة منذ نحو عشر سنوات، واستمرار معاناة المختطفين في سجون مليشيا الحوثي والتي تعد واحدة من أهم القضايا الحقوقية الملحّة، والتي تستدعي اهتماما دوليًا ومحليًا واسعًا، باعتبارها قضية إنسانية لا سياسية.

لم تشفع التنديدات والمطالبات والمناشدات الأممية للحوثيين بالإفراج عن المختطفين، بل واصلت المليشيا غيّها بارتكاب مزيدا من الجرائم بحقهم، من خلال إصدار أحكام قضائية متنوعة بين السجن والإعدام، إضافة إلى ملء السجون بالعشرات من المختطفين من منازلهم ومقار أعمالهم، وتلفيق التهم الخطيرة بحقهم.

مؤخرًا، شدّدت محكمة حوثية عقوبة السجن على الصحفي في وكالة سبأ الرسمية "نبيل السداوي" لتصبح تسعة أعوام بدلا عن ثمان سنوات، لتبرهن على تعاملها المليشياوي مع المختطفين، الذين رمت عليهم التهم الجزاف، وليس لهم من تهمة سوى عدم إيمانهم بمشروعها الإنقلابي.

إن الحكم الصادر بحق الصحفي "نبيل السداوي" الذي لاقى تنديدا حقوقيًا واسعًا بمثابة الترجمة الحقيقية لعدم نية المليشيا المضي باتجاه السلام، باعتبار المختطفين العنوان الأبرز والدليل القاطع على التوجه نحو السلام، الذي تسعى الأمم المتحدة والدول الإقليمية والمجتمع الدولي لإنجازه بعد عشر سنوات من الانقلاب.

أحكام إعدام حوثية جديدة

نهاية يوليو المنصرم، أصدرت ما يسمى بالشعبة الجزائية الاستئنافية المتخصصة، الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، أحكام إعدام بحق أربعة من المختطفين، وهم "إسماعيل أبو الغيث، وصغير فارع، وعبد العزيز العقيلي"، والذين تم اختطافهم ضمن سلسلة اختطافات نفذتها المليشيا في اكتوبر 2015م.

جاءت تلك الأحكام الحوثية لتبدد بصيص الأمل، الذي رسمته التحركات الأممية بشأن انجاز ملف الأسرى والمختطفين، لتعيد اليمنيين إلى مربع المواجهة الأولى مع المليشيا التي لطالما استخدمت القضاء لتصفية حساباتها ضد خصومها السياسيين، رغم افتقارها لأدنى معايير العدالة والنزاهة.

ولقيت تلك القرارات الحوثية إدانات حقوقية واسعة، كونها تفتقر لمعايير العدالة والنزاهة، وبطلان الاجراءات التي رافقت وسبقت تلك المحاكمات الصورية، فضلا عن انتفاء الولاية القضائية عن مصدري القرارات والجهات الصادرة عنها، وفقا لبيان الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين.

وأكد مراقبون، أن أحكام الإعدام الحوثية بحق المختطفين الأربعة، جاءت بعد أن ظلوا مخفيين قسرًا لمدة خمس سنوات وخمسة أشهر، حُرموا خلالها من حق الدفاع عن أنفسهم، وتعرضوا للتعذيب الوحشي النفسي والجسدي، مؤكدين أن تلك المحاكمات الصورية تعتبر استباحة لدماء الابرياء وان الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان وللقوانين الدولية والوطنية من قبل جماعة الحوثي المسلحة ستقوض جهود السلام في اليمن.

145 قرار إعدام حوثي ضد المختطفين

نهاية يوليو الماضي، قالت الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين إن مليشيا الحوثي الإرهابية أصدرت 145 قرار إعدام بحق مختطفين مدنيين في سجونها، وسلطت الضوء في مؤتمرها الصحفي الذي عقدته تحت عنوان "لا للتصفيات السياسية" على قرارات الإعدام الصادرة عن محاكم جماعة الحوثي، والتي تفتقر إلى الشرعية القانونية وتعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان.

وأوضحت الهيئة أن عدد ضحايا قرارات الإعدام بلغ 145 مختطفًا، منهم 9 تم تنفيذ الإعدام بحقهم، بينما هناك 70 مختطفًا مدنيًا معرضون لخطر الإعدام، مؤكدة أن المحاكمات التي تُجرى تحت سلطة جماعة الحوثي تفتقر للشرعية القانونية وتعمل خارج نطاق القوانين اليمنية والدولية، مؤكدة أن قضاة هذه المحاكم أدوات في أيدي الجماعة يستخدمون لتجميل عمليات التصفية السياسية المنهجية.

وأشارت إلى أنه "تم تبادل 26 مختطفًا في صفقات محلية وأممية، و12 مختطفًا صدرت بحقهم قرارات إعدام بعد الإفراج عنهم، و25 مدنيًا لم يتم اختطافهم، إضافة إلى إصدار قرارين إعدام بحق شخصين متوفيين، فيما تم العفو عن ضحية واحدة بقرار مما يسمى المجلس السياسي الأعلى".

تماهٍ أممي

وانتقد محامون وحقوقيون يمنيون، الدور الأممي الذي اعتبروه متماهٍ مع قرارات الإعدام الحوثية التي تصدرها بحق المختطفين، مستغربين حالة الصمت الأممي التي لا ترقي إلى مستوى الكارثة الإنسانية التي تقوم بها المليشيا الانقلابية ضد المختطفين منذ عشر سنوات.

وفي هذا الصدد، انتقدت المحامية والحقوقية "هدى الصراري" حالة التماهي المستمر من قبل المجتمع الدولي والمبعوث الأممي تجاه جرائم القتل خارج إطار القانون، وأوامر الإعدام التي تصدرها مليشيا الحوثي الانقلابية في صنعاء، مؤكدة أن جرائم القتل خارج إطار القانون (اوامر الاعدام التي تصدرها الجزائية المتخصصة الحوثية) تحدث أمام مسمع ومرأى المجتمع الدولي ومنظماته والمبعوث الأممي.

وأشارت إلى أن "هذه الجهات تحديدًا تتداعى لإنقاذ مليشيا الحوثي من أزماته والقرارات التي تتخذها الحكومة الشرعية ضده، فلماذا هذا التماهي في تجاهل جرائم الحوثي تجاه المدنيين، وتجاهل المناشدات التي يٌطلقها ذوي الضحايا والمنظمات الحقوقية والمدافعين لمناصرة قضاياهم".

وتساءلت المحامية الصراري " ولماذا لا تُضمن ملفات القتل خارج إطار القانون _ اوامر الاعدام_ واعتقالات موظفي الامم المتحدة وقضايا العنف ضد النساء المحتجزات في المفاوضات الاقتصادية ومفاوضات الاسرى والمعتقلين واستغلال رحلات المبعوث المكوكية للضغط على الحوثيين مثلما المجهود الذي يبذله للضغط على الحكومة الشرعية لإجبارها عن التنازل والخضوع لرغبات الحوثيين، ولماذا الحكومة الشرعية لا تضع هذه الملفات ضمن مفاوضاتها لمصلحة الضحايا واسرهم كونها الجهة الشرعية والقانونية لتمثيل الشعب وحمايته؟

محاكمة الصحفيين المحررين

لم تكتف المليشيا الانقلابية بإصدار الأحكام المختلفة بحق المختطفين في سجونها، بل واصلت جرائمها لتصل لمحاكمة الصحفيين المحررين من سجونها بعد ثمان سنوات من الاختطاف، وهم (عبد الخالق عمران، توفيق المنصوري، حارث حميد، أكرم الوليدي).

وكانت المليشيا قد اختطفهم من مقر عملهم في يونيو 2015، ومارست بحقهم صنوف التعذيب النفسي والجسدي، وسوء المعاملة، واخضعتهم للمحاكمة بتهم ملفقة، واصدرت أوامر بإعدامهم في ابريل 2020، قبل أن يتم تحريرهم في صفقة لتبادل الأسرى والمختطفين في أبريل 2023.

وجاءت المحاكمة الحوثية للصحفيين المحررين من سجونها لتؤكد على أنه ليس لها عهد ولا ميثاق، وتندرج ضمن مساعيها لإرهاب السياسيين والصحفيين والنشطاء والمواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وإصرارها على المضي في نهج التصعيد، ووضع المزيد من العراقيل أمام الجهود الصادقة التي تبذلها الدول الشقيقة والصديقة للتهدئة واحلال السلام في اليمن، وفقا لتصريح وزير الإعلام معمر الإرياني.

واعتبر الإرياني المحاكمة الحوثية للمختطفين المحررين بأنه "انقلاب فاضح على نص وروح الاتفاق، ومحاولة لإفشال اي تقدم في ملف الأسرى والمختطفين"، مطالبًا "المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن بممارسة ضغط حقيقي على مليشيا الحوثي الإرهابية، لاحترام اتفاقيات التبادل، وايقاف محاكمة كافة المختطفين والمحتجزين قسرًا المحررين من معتقلاتها غير القانونية، وعدم استخدام القضاء كأداة لقمع وتصفية مناهضيها وارهاب المجتمع، والشروع الفوري في تصنيفها "منظمة إرهابية عالمية.

صرخة إنسانية

ويرى مراقبون، أن تفاصيل معاناة المختطفين في سجون الحوثيين، تفتح أمامنا أبوابًا من الألم والقلق، ولكنها أيضًا تعكس صرخة إنسانية تحتاج إلى الاستماع والعمل العاجل، فحين نواجه سرديات الحزن واليأس التي يعاني منها هؤلاء المختطفين، فهو تأكيد على ضرورة الاستجابة العاجلة والفعّالة لإطلاق سراحهم دون قيد أو شرط.

إن الحكايات المروّعة للمعاناة والتعذيب تحت وطأة الانتهاكات الحوثية تُذكّرنا بأن كل فرد يحمل حقّا لا يُقدّر بثمن في العيش بكرامة وأمان، وأن المسؤولية اليوم هي ألا نسمح لهذه الأصوات أن تُطوى في صفحات النسيان، بل يجب التحرك على مختلف الأصعدة لإطلاق سراحهم، تنفيذا لقرار مجلس الأمن ٢٢١٦ وتعويض الضحايا عما لحق بهم من اضرار.

وفي الختام، إن تلك المعاناة القادمة من سجون المليشيا وزنازينهم تدفعنا جميعًا للمُضي قدمًا لكي نكون صوتًا للحقيقة، ونصيرًا للعدالة، ونصنع من أوجاع الحاضر حوافز لبناء غدٍ أفضل، حيث تُحترم الحقوق، وتُصان الكرامة، وتُستعاد الإنسانية في كل تفاصيلها بسرعة الإفراج عنهم دون قيد أو شرط.

كلمات دالّة

#اليمن