الخميس 02-05-2024 07:50:57 ص : 23 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

اليمنيون في ذكرى ثورة 26 سبتمبر.. من فعاليات الاحتفال إلى مسيرات النضال

السبت 30 سبتمبر-أيلول 2023 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

في تفاعل غير مسبوق منذ انقلاب المليشيا الحوثية على النظام الجمهوري في العام 2014، أحيا الشعب اليمني ذكرى ثورة الـ26 من سبتمبر في الذكرى الـ61 لقيامها في العام 1962 التي أطاحت بالنظام الملكي الإمامي، فقد شهدت مختلف محافظات الجمهورية اليمنية تفاعلا كبيرا احتفالا بالثورة السبتمبرية الخالدة، والتي تمثل أم الثورات اليمنية بالنسبة لليمنيين.

وقد حملت الذكرى الأخيرة للثورة صبغة خاصة وطابعا مختلفا منذ سقطت مناطق واسعة من البلاد في قبضة الانقلابيين الإماميين، حيث اتسمت بنفس ثوري وروح نضالية، عكست ذلك الهبة الجماهيرية والفعاليات والاحتفاء الشعبي بهذه المناسبة في داخل اليمن وخارجه.

خطر ومخاوف

الدعوة التي وجهتها الحكومة اليمنية لكافة أبناء الشعب اليمني للاحتفاء بالذكرى الـ61 لثورة 26 سبتمبر المجيدة، في كل وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي عبر حملة إعلامية موحدة تستمر حتى نهاية الشهر الجاري، وجدت تلك الدعوة استجابة واسعة داخل اليمن وخارجه، استجابة نابعة من حنين أبناء الشعب إلى أيام الجمهورية المختطفة، بالإضافة إلى مخاوف حقيقية على ثورة الأحرار 26 سبتمبر التي آل مصيرها إلى قبضة الإماميين أنفسهم، إذ بات معظم أبناء الشعب يستشعرون خطرا محدقا على ثورتهم التي ضحى من أجلها أجدادهم الثوار بدمائهم وأرواحهم، لينعم اليمنيون بالحرية والمساواة.

وقد جاءت تلك الدعوة في بيان نشره وزير الإعلام معمر الإرياني، على منصة إكس (تويتر سابقًا)، دعا فيه أبناء الشعب "لإحياء هذه الذكرى الخالدة، وإبراز مظاهر احتفالات شعبنا في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية بشكل قوي، كتأكيد على رفض الشعب للمليشيا وسياساتها التخريبية".

وأضاف البيان: "أدعو كافة أبناء شعبنا اليمني الصامد والصابر في الداخل والخارج، والمؤسسات الإعلامية، والزملاء الصحفيين والإعلاميين والنشطاء في منصات التواصل الاجتماعي، إلى تدشين حملة إعلامية متواصلة ابتداء من مساء الاثنين الموافق 25 سبتمبر إلى نهاية أيام هذا الشهر، احتفاء بالذكرى الـ61 لثورة 26 سبتمبر الخالدة".

ودعا الإعلاميين والناشطين إلى "إنتاج البرامج والمواد والتقارير الصحفية المرئية والمسموعة والمقروءة، والحوارات والمقابلات، والفلاشات والتصاميم التي تدعم الحملة وتضمينها في التغريدات والمنشورات على منصات التواصل الاجتماعي، وفتح مساحات حوارية على منصة (إكس) للحديث حول 26سبتمبر والانتصار لها، وذلك على الهشتاج #26سبتمبر_ميلاد_وطن".

وأوضح أنّ الاحتفاء بالمناسبة يُظهر "وحدة الصف الوطني وفاء لثورة 26 سبتمبر ومناضليها وشهداء الوطن الميامين، وانتصاراً للوطن والكرامة".

رسالة أقوى

محافظة مأرب والتي باتت حصن الثورة ومعقل الجمهورية كان لها حضور قوي في ذكرى الثورة السبتمبرية الخالدة، فقد أوقد رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير بن عزيز شعلة الثورة في مأرب بحضور عضو مجلس القيادة الرئاسي المحافظ سلطان العرادة وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية، إلى جانب تنظيم عرض كرنفالي مهيب، استعرض فيه الجيش الوطني والشرطة العسكرية أعدادا مهيبة من منتسبيهما، بالإضافة إلى عرض أسلحة تعرض لأول مرة، في رسالة واضحة إلى أعداء الوطن أن الثورة والجمهورية باقيتان ما بقي الإنسان اليمني، مؤكدين على أهمية استمرار النضال ضد المليشيا الحوثية حتى استعادة الدولة والجمهورية.

ذكرى الثورة لم تغب عن وجدان أبناء محافظات جنوب اليمن الذين أعلنوا تمسكهم بالوحدة اليمنية من خلال فعالياتهم التي أقاموها احتفالا بثورة 26 سبتمبر، فقد نظم أبناء حضرموت مسيرات بالسيارات والدراجات النارية رافعة الأعلام الوطنية بمدينة سيئون مركز مديريات الوادي والصحراء احتفاء بالذكرى الـ61 للثورة.

الثورة خارج الوطن

ولم تكن الجاليات اليمنية والمقيمون خارج الوطن أقل تفاعلا من إخوانهم داخل الوطن، إذ لم يفتهم التعبير عن احتفائهم وابتهاجهم في ذكرى الثورة.

فقد احتفلت الجالية اليمنية في مدينة نيويورك بمناسبة الذكرى الـ61 لثورة سبتمبر، والذكرى الـ60 لثورة 14 أكتوبر المجيدة، وأقيم الحفل في أحد شوارع مقاطعة بروكلين في مدينة نيويورك، حيث ألقيت كلمات بهذه المناسبة لكل من السفير اليمني في واشنطن محمد عبد الله الحضرمي، وفتح علاية رئيس جالية نيويورك ، عبروا فيها عن المكانة والأهمية التي تحظى بها ثورتا سبتمبر وأكتوبر وأهمية الاحتفال بهما لاستحضار تلك المفاهيم والمبادئ والأهداف السامية التي قامت عليها ووجوب تعليمها للأجيال في مواطن الاغتراب، كما تم عرض أوبريت للثورة السبتمبرية، وفقرات شعرية وعدد من الأغاني الوطنية التي تخللت الحفل، واختتم الحفل بإيقاد شعلة الثورة بحضور السفير وعدد من مسؤولي الجالية هناك، بالإضافة إلى احتفال الجاليات والسفارات اليمنية في عدد من الدول الأخرى، من بينها هولندا وبلجيكا ومصر وتركيا وغيرها، التي تعددت فيها مظاهر الاحتفال والابتهاج بذكرى الثورة وتنوعت الفقرات ما بين إيقاد لشعلة الثورة وإقامة المهرجانات وإلقاء الكلمات والقصائد وتنظيم العديد من الفنون الشعبية.

سنوات إمامية

الحائزة على جائزة نوبل للسلام الناشطة توكل كرمان وجهت كلمة بالمناسبة ذاتها حيث ربطت بين سنوات الانقلاب الحوثي وبين الحقبة الإمامية بالقول: "من لم يعرف الإمامة عليه اليوم أن يشاهدها في جماعة الحوثيين، وظلمهم واستعلائهم على الشعب اليمني، وضراوتهم المعروفة تاريخيا في محاولتِهم إذلال شعبنا، وإفقاره وإعادته إلى عهود الظلام والعبودية التي تحرر منها بثورته السبتمبرية المجيدة"، مشيرة إلى أن "الحوثي اليوم يعيد التذكير بعهد أجداده، إنه يشرح بطريقة عملية كيف يفكر الإمامي، وكيف يحكم".

وقالت إن ثورة سبتمبر "غيرت مجرى تاريخنا المعاصر، وأخرجت شعبنا من الظلمات إلى النور، فهي ليست مجرد ثورة عابرة في تاريخنا، لقد كانت الجمهورية أهم إنجازات ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، ومثلت الجمهورية تعبيرا تاريخيا عن دولة اليمنيين، ومشروعهم الذي طال انتظاره".

إرادة صلبة

غير أن اللافت في تلك الاحتفالات هو خروج المواطنين للاحتفاء بالثورة التي أطاحت بالكهنوت السلالي في مناطق سيطرة الحوثيين أنفسهم، رغم التهديدات التي أطلقتها مليشيا الحوثي ومنعها لأي مظاهر احتفالية في مناطق سيطرتها، إلا أن تلك التهديدات لم تثن السبتمبريين عن الاحتفال بثورتهم المجيدة.

فعلى الرغم من التحذير والمنع والتهديد الذي أطلقه الحوثيون في حقهم إلا أن اليمنيين في العاصمة صنعاء أصروا على الخروج جماعات وبطريقة عفوية للاحتفاء بالذكرى الـ61 لثورة 26 سبتمبر في مسيرات مبتهجة كان للمرأة فيه حضور بارز غير مسبوق.

وشهدت تلك التظاهرات التي تجاهلت حزمة التهديدات وإطلاق النار والاعتداء بأعقاب البنادق ونزع الأعلام من السيارات والدراجات النارية والأكتاف، مشاركة واسعة للنساء والأطفال والشباب، وتعرضت بعض تلك المسيرات لاعتداءات من قبل المليشيا الحوثية التي تعاملت مع بعض المسيرات بشكل هستيري، قبل أن تواجه العناصر المسلحة بالحجارة من قبل المحتفلين، وحدوث اشتباكات أدت إلى سقوط جرحى، خصوصا في جولة ريماس، جنوب العاصمة صنعاء، في محاولة لمنع المتظاهرين التوجه إلى ميدان السبعين التاريخي رمز الثورة.

ولم تلبث مشاعر الاحتفاء بذكرى الثورة التي يدين لها اليمنيون بالفضل ويولونها مكانة خاصة، أن تحولت إلى ما يشبه الثورة بعد تحولها إلى تظاهرات غاضبة زادت من حدة الاحتقان عقب قيام عناصر الأمن الحوثية بتمزيق الأعلام الوطنية ونزعها من على سيارات المحتفلين ورميها على الأرض واعتقال الكثير من المحتفلين بحسب ما وثقته مقاطع فيديو انتشرت في مواقع التواصل على مدى اليومين الماضيين.

ولم تقف المليشيا الحوثية عند هذا الحد بل نصبت نقاط تفتيش في شوارع العاصمة ونشرت العديد من الأطقم (العربات العسكرية) لمداهمة عدد من الأحياء السكنية وإزالة مظاهر ذكرى ثورة سبتمبر وترهيب المواطنين من الاحتفال بمناسبات غير مرضي عنها من قبل الحوثيين.

اجراءات الحوثيين التعسفية بحق المحتفلين استفزت مشاعر المواطنين الذين اعتبروا عمليات تمزيق الأعلام وإسقاطها ورميها "تطاولا غير مسبوق في تاريخ البلاد"، وهو ما دفع بالآلاف من اليمنيين إلى الخروج في تظاهرات واسعة في شوارع صنعاء وإب والحديدة وتعز، ومدن أخرى في نطاق سيطرة الحكومة الشرعية بينها حضرموت، رافعين الأعلام ومرددين النشيد الوطني وهتافات تتنافى مع "شعار الصرخة" المستوحى من النظام الإيراني، واستمرت المسيرات في بعض المدن منها العاصمة صنعاء حتى وقت متأخر من الليل.

انتفاضة إبية

إهانة العلم اليمني واختطاف الشباب والاعتداء عليهم في العاصمة صنعاء ولد غضبا عارما في عدة مناطق يمنية محررة وتلك الواقعة ضمن سيطرة الحوثيين، فقد خرج الآلاف من المواطنين في مدينة إب عاصمة المحافظة، تنديدا بتعسفات مليشيا الحوثي وممارساتها الإجرامية في صنعاء.

وقد توافد المئات من أبناء مناطق شبان وجبلة وسائلة جبلة والنجد الأحمر والسحول ومناطق عدة من ريف إب، إلى مدينة إب ووصلوا إلى الخط الدائري بمدينة إب للمشاركة في فعاليات الاحتفاء بذكرى ثورة سبتمبر، وجاب المتظاهرون شوارع المدينة احتفاء بذكرى ثورة سبتمبر المجيدة، بالرغم من القيود الحوثية المفروضة عليهم، مرددين هتافات "بالروح بالدم نفديك يا يمن"، وحملوا الأعلام الوطنية بشارعي العدين وتعز، وسط بهجة شعبية عارمة بذكرى ثورة سبتمبر، حيث جاب المتظاهرون معظم شوارع المدينة بالسيارات والدراجات النارية ومشيا على الأقدام حاملين الأعلام الوطنية وجابوا شوارع مدينة إب عاصمة المحافظة، وامتدت تلك المسيرات والاحتفالات إلى مختلف الأحياء السكنية بمديريتي الظهار والمشنة بمدينة إب ومفرق جبلة ومثلث المواصلات وأبلان والمدرية وحارة أحوال رمضان، وغيرها من الأحياء السكنية ومناطق محافظة إب التي ينتمي إليها قائد ثورة 26 سبتمبر علي عبد المغني، وقد ارتفعت أصوات الزغاريد في مسقط رأسه في مديرية السدة التابعة لمحافظة إب.

ردة فعل هستيرية

وقد ولدت هذه الانتفاضة والزخم الثوري ذعرا شديدا وحنقا كبيرا لدى قادة المليشيا قامت على إثرها بحملة مسعورة وبطريقة هستيرية لمطاردة كل من خرج للاحتفال أو من تم الاشتباه به، في مناطق عدة من أحياء العاصمة صنعاء ومحافظة إب ومحافظة الحديدة، أدت تلك الحملة إلى اختطاف المئات من المواطنين.

وبحسب المحامي عبد المجيد صبرة فقد شنت المليشيا الحوثية حملة اختطافات واسعة للمواطنين بسبب رفعهم لعلم الجمهورية اليمنية واحتفالهم بعيد ثورة 26 سبتمبر الخالدة.

ووفقا لما كتبه صبرة على صفحته بموقع فيسبوك، فإنه "ذهب إلى قسم شرطة جمال جميل في شارع التحرير برفقة أحد المحامين، للمتابعة من أجل الإفراج عن المحتجزين على خلفية رفعهم للعلم الوطني، إلا أن نائب مدير القسم أخبره بأنهم محبوسون على ذمة البحث الجنائي".

ونقل صبرة عن نائب مدير القسم أن عدد المختطفين يصلون إلى ألف مختطف في أقسام الأمانة، وأن المليشيا تتهمهم بأنهم يريدون إحداث الفوضى، في تبرير مليشاوي لجريمة الاختطاف".

وأوضح أنه "تحدث مع عدد من المحتجزين الذين أفادوا أن سبب احتجازهم هو رفعهم للعلم الجمهوري، وأنه تم التعرض لهم دون أن تحدث من قبلهم أي فوضى كما زعمت المليشيا الحوثية، كما أفادوا بأنه تم أخذ تلفوناتهم من قبل البحث الجنائي بعد أن ألزموهم بإلغاء كلمة السر، ولا تزال التلفونات لديهم".

ويضيف المحامي صبرة: "اللافت أن هناك ردة فعل قوية من قبل المواطنين بسبب الاحتجازات التي قام بها الحوثيون ليلة أمس على خلفية رفع الناس للعلم الجمهوري حيث شاهدنا في طريقنا أثناء ذهابنا وعودتنا من وإلى قسم الشرطة العلم الجمهوري يرفرف فوق وسائل النقل السيارات والدراجات النارية وغيرها وفي أيدي المارة في الشارع والأناشيد الوطنية تصدح بصوت عال في كل مكان".

ويتابع بالقول: "لقد كسر اليمنيون حاجز الخوف وينتظرون ساعة الخلاص من الإمامة الحوثية التي أعادت اليمنيين إلى عصور الاستبداد والعنصرية والخرافة والتجويع والإفقار الممنهج بينما هي تعيش في نعيم لم يسبق لها أن عاشته، ويتباهى قياداتها بالقصور والعمارات الفاخرة".

مشروع خبيث

ويرى كتاب وناشطون أن مصادرة أعلام الجمهورية ونزعها من أيدي الناس بطريقة همجية واختطاف المواطنين الذين خرجوا للاحتفال بهذه الثورة العظيمة وإرهابهم، ينم عن نوايا سيئة ومشروع خبيث تسعى المليشيا الحوثية لتنفيذه، لاحت بواده من خلال إلغاء المليشيا الانقلابية الإمامية لعيد ثورة 26 سبتمبر من قائمة الأعياد الوطنية للجمهورية اليمنية، وإصدار التوجيهات بمنع الاحتفال به واعتقال كل من تراه المليشيا متلبسا بمظاهر الاحتفال.

ووفقا للناشطين فقد بات مشروع الحوثيين واضحا للعيان، إذ تسعى المليشيا لإلغاء الجمهورية بجوهرها ومبادئها وقيمها، وتعزيز الطبقية في المجتمع من دون أدنى مساواة بين الناس، ليغدو المجتمع صنفين: سادة وعبيدا.

وأضافوا أنه في القرن الواحد والعشرين يراد للشعب اليمني أن يصبح عبدا مأمورا ليتحول من عبادة رب الناس إلى عبادة شر الناس.

وفي الوقت الذي تمنع فيه مليشيا الحوثي وتجرم رفع الأعلام والرموز والشعارات الوطنية، بات من المسموح رفع صور الخميني والخامنئي وسليماني وحسن نصر الله وشعاراتهم ورموزهم، في استفزاز كبير لمشاعر اليمنيين.

كلمات دالّة

#اليمن