الجمعة 29-03-2024 16:40:53 م : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

تجارة المخدرات.. ثراء فاحش للقيادات الحوثية وخطر يهدد المجتمع

الأربعاء 15 مارس - آذار 2023 الساعة 12 مساءً / الإصلاح نت-خاص

 

 

نشطت مليشيا الحوثي مؤخرا في تجارة المخدرات بأنواعها على نحو غير مسبوق مستغلة الفراغ الذي سببه الانقلاب، والأوضاع الأمنية المتدهورة وحالات الفوضى المتزايدة التي تشهدها البلاد، حيث تهرب المليشيا العديد من أصناف المخدرات التي يتم استيرادها بطرق متعددة ووسائل متنوعة برعت المليشيا في ابتكارها والاعتماد عليها لتمرير صفقات التهريب.

 

سوق مفتوحة

ومنذ أن أحكمت مليشيا الحوثي الانقلابية قبضتها على عدد من المحافظات بعد الانقلاب الذي نفذته، تحولت اليمن إلى سوق رائجة لمختلف أنواع المخدرات بأنواعها وأثمانها المختلفة، عبر شبكات تهريب دولية تبدأ من طهران وحزب الله (لبنان) وتنتهي بهوامير التهريب وعتاولة الفساد في اليمن.

وتقدر جهات حقوقية ما يتم تهريبه عبر اليمن وما يصل إليها بعشرات الأطنان من الحشيش والمخدرات تأتي عبر شبكات تهريب إيرانية، تمر عبر اليمن وصولا إلى دول الخليج عبر محافظة صعدة، التي حولتها مليشيا الحوثي إلى مركز استلام وتسليم وتنسيق بين عصابات التهريب، كمصدر أساسي يستخدمه النظام الإيراني لتدفقات مالية ضخمة لدعم المليشيا التابعة له، حيث يقدّر حجم المبالغ التي تجنيها المليشيا من تجارة المخدرات بـ6 مليارات دولار سنويا.

ويقول تقرير حقوقي صدر نهاية العام الماضي 2022، إن مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، حولت اليمن إلى سوق مفتوحة للمخدرات، ومقلب واسع لكل الممنوعات والمحظورات المجرمة قانونيا، بهدف الثراء السريع لقيادات المليشيا.

ويفيد التقرير الصادر عن "الشبكة اليمنية للحقوق والحريات" أن اليمن منذ بداية الانقلاب بات سوقا رائجة للكثير من السلع المهربة غير المرخصة والمنشطات والمخدرات بأنواعها بشكل ملفت وبطريقة غير معهودة لم يسبق لليمن من قبل أن شهد مثل هذا الضخ والكم الهائل من المخدرات.

 

معلومات خاصة

وتؤكد الشبكة الحقوقية -وفقا لمعلومات حصلت عليها من مصادر مختلفة- أن "تهريب المخدرات والإتجار بها مرتبط ارتباطا وثيقا بمليشيا الحوثي الانقلابية، وضلوع قيادات في المليشيا في تهريب المخدرات بأنواعها والمتاجرة بها وتسهيل المرور لها بكميات كبيرة"، وأن إيران هي "البؤرة الأساسية ومستنقع تهريب المخدرات الأساسي للمليشيا الحوثية الإرهابية"، معتبرة أن تجارة المخدرات "أبرز الأسباب خلف الثراء الفاحش والسريع لقيادات الحوثي".

ويشير تقرير الشبكة إلى أن الحوثيين "يعتمدون اعتمادا كبيرا على تهريب المخدرات من خلال العائدات المهولة التي يجنونها من وراء الإتجار بها، حيث أشارت تقديرات اقتصادية إلى أن حجم الأموال المتدفقة في خزائن الانقلابيين من المخدرات قد بلغت 6 مليارات دولار سنويًا".

ويكشف التقرير أن "ضباطاً في الحرس الثوري الإيراني تعاونوا مع تجار المخدرات في كولومبيا لإنتاج كارتيلات ومراكب غاطسة لتهريب الأسلحة ومكونات الصواريخ والمخدرات إلى الحوثيين".

وأضاف أنه "يتواجد فريق يعمل بشكل خفي برئاسة محمد الحوثي وأبو علي الحاكم وشقيق زعيم المليشيا عبد الكريم الحوثي وفارس مناع وقيادات أخرى".

وتفيد الشبكة الحقوقية بـ"تورط قيادات حوثية بارزة في شبكات الإتجار بالمخدرات والاعتماد عليها كمصدر مهم لتمويل ما تسميه المجهود الحربي، واستدراج واستقطاب الآلاف من الشباب للانخراط في صفوفها، والزج بهم في معاركها العبثية".

وتقول الشبكة إنها حصلت على معلومات خاصة تفيد بوجود "39 هنجرا في العاصمة صنعاء وحدها يستخدمها تجار حوثيون في إخفاء أنواع متعددة من المخدرات التي يتم استيرادها من إيران، حيث يتم تهريبها عبر ميناءي الحديدة والصليف ومرافئ صيد في شمالي الحديدة"، تابعة لشبكات منظمة يشرف عليها قيادات حوثية عليا.

وأشارت إلى أن عصابات التهريب المرتبطة بالحوثيين تعمد إلى استخدام النساء والأطفال في عمليات التهريب.

 

حرب من نوع آخر

ووفقا لمصادر إعلامية متطابقة فإنه بالإضافة إلى قيام المليشيا الحوثية بإغراق السوق المحلية بالمخدرات بأنواعها فإنها تستخدم اليمن كمحطة لتهريب المخدرات وتصديرها إلى بلدان أخرى كالسعودية وغيرها، حيث تعتبر محافظة صعدة (معقل أبرز قيادات الحوثيين والقريبة من السعودية) إحدى أهم المدن اليمنية في تجارة المخدرات، بالإضافة إلى شهرتها كأرض خصبة لزراعة الحشيش منذ عقود.

وتقول تلك المصادر إن مليشيا الحوثي عمدت إلى إبقاء مساحات شاسعة على الحدود بين اليمن والسعودية كممرات آمنة لسهولة تهريب المخدرات إلى السعودية.

وتعتبر الحدود اليمنية بالنسبة للسعودية من أخطر المصادر إن لم تكن هي الأخطر لتمويل هذه الآفة التي عانى ويعاني منها المجتمع السعودي أشد المعاناة، وكلفت الدولة جهودا كبيرة وأموالا ضخمة لمحاربتها والحد من انتشار تعاطيها، إذ ما زالت تتدفق أنواع المخدرات نحو المملكة بشكل مهول، وطبقا لمصادر أمنية فإن ما يتم ضبطه لا يُذكر مقارنة بالكميات التي تتدفق يوميا عبر الحدود اليمنية السعودية.

ويبدي مراقبون تخوفهم من تنامي عمليات التهريب للمخدرات في اليمن أكثر مما هي عليه الآن، واتساع نطاق زراعتها في مناطق سيطرة الحوثيين بشكل أكبر، في ظل إحكام المليشيا قبضتها على تلك المناطق وتحكمها بالوضع، خصوصا مع ما حققته المليشيا من أرباح خيالية في تجارتها منذ أعوام، بالإضافة إلى ما تعتبره مليشيا الحوثي جزءا من حربها ضد المملكة العربية السعودية من خلال استهداف المجتمع السعودي وإغراقه بالمخدرات بأنواعها المختلفة.

ووفقا لبعض المراقبين فإن إبداء جانب من التساهل مع ظاهرة تهريب وزراعة المخدرات في اليمن قد يحولها إلى أفغانستان أخرى، خصوصا في ظل الأدوار السلبية التي تعاملت من خلالها الأمم المتحدة تجاه ازدهار تجارة المخدرات في أفغانستان.

وبحسب تأكيدات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في وقت سابق، فإن محصول الأفيون ارتفع في أفغانستان بنسبة 8 في المائة في عام 2021 مقارنة بالعام الماضي، ليبلغ 6,800 طن، الأمر الذي قد يؤدي إلى إغراق الأسواق في جميع أنحاء العالم بحوالي 320 طنا من الهيروين النقي المهرّب من البلاد.

 

إحباط عمليات تهريب

وبحسب مساعد مدير شرطة محافظة مأرب، العقيد الركن مجيب ناصر، في تصريح له العام الماضي 2022، فإن "شرطة محافظة مأرب وأجهزتها الأمنية أحبطت الكثير من عمليات تهريب المخدرات التي يتم تهريبها من السواحل الشرقية، وهذه الشحنات التي تم ضبطها، لا تمثل سوى 20% من كمية المخدرات التي تدخل إلى اليمن".

وأشار إلى أن "الأجهزة الأمنية في محافظة مأرب ضبطت -خلال السنوات الخمس الماضية- ما يقرب من 135 جريمة و166 متهما، وتقدّر كمية المخدرات المضبوطة بـ12 طنا، تم إتلافها بمعرفة النيابة العامة".

ويضيف العقيد مجيب ناصر أن "هناك طرقا للتهريب عبر الصحراء، ومحافظة صعدة عبارة عن مركز لاستقبال المخدرات، سواء التي تأتي عبر الساحل الشرقي أو الجنوبي أو الغربي، باعتبار أن صعدة معقلا لمليشيا الحوثي، ومن ثم يتم تهريبها إلى السعودية ودول الخليج"، منوها إلى أنه "في الساحل الشرقي هناك طريقان رئيسيان تتم عبرهما عملية التهريب، الطريق الأول عبر محافظة المهرة ثم حضرموت ثم العَبر حتى صحراء الجوف، ومن صحراء الجوف إلى صنعاء وصعدة، فيما الطريق الآخر أيضا من المهرة عبر الطريق الإسفلتي إلى حضرموت، ومن ثم مأرب، وفيها نحو 35 نقطة أمنية، وهي غير آمنة للتهريب".

 

ارتفاع نسبة المدمنين

ويضيف مساعد مدير شرطة مأرب بالقول "لاحظنا -في العامين 2018 و2019- عندما كانت الحرب في الحديدة وأغلق ميناء الحديدة، ولم تستطع مليشيا الحوثي التهريب في تلك الفترة، كان نشاط الأجهزة الأمنية في محافظتي مأرب والجوف كبيرا جدا، فتم ضبط الكثير من شحنات المخدرات عبر الطريق الإسفلتي، كون عمليات التهريب تحوّلت عبر الساحل الشرقي".

وذكر أن "اليمن يمتلك شريطا ساحليا كبيرا جدا بطول 2500 كيلو متر، وهذه السواحل بحاجة إلى قوة لتأمين عملية التهريب منها، لكن غياب الدولة وسيطرة المليشيا على الدولة اليمنية بكل مقوِّماتها في صنعاء جعل اليمن مسرحا لتهريب المخدرات والسلاح".

وأفاد بأن "مصادر تهريب المخدرات هي دول الهلال الخصيب (إيران وأفغانستان وباكستان والهند)، لكن إيران تغزو اليمن ودول الخليج بالمخدرات ليسهل السيطرة عليها فيما بعد، وبتحرير اليمن من مليشيا الحوثي والحسم العسكري سيتطهّر اليمن من المخدرات".

ولفت إلى أن "اليمن عبارة عن ممر عبور للمخدرات حتى من قَبل انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة، إلا أن نسبة التعاطي -بحسب تقارير دولية- لا تمثل سوى 1%، لكن بعد سيطرة المليشيا على صنعاء واستخدام المخدرات في تمويل حربها ضد اليمنيين، وبالإضافة إلى استخدام المخدرات مع الشمة التي يتعاطاها مقاتلوها في الجبهات، أصبحت نسبة التعاطي في مناطق سيطرة المليشيا -بحسب خبراء- ما بين 10 - 20%، والغالبية من المقاتلين معها في الجبهات".

 

تنسيق إيراني

وفي منتصف العام الماضي 2022، أعلنت السلطات الأمنية في محافظة المهرة ضبط سفينة إيرانية قالت السلطات إنها كانت تحمل كمية كبيرة من الممنوعات في ساحل مديرية حوف.

وبحسب نائب مدير شرطة المهرة ومدير البحث الجنائي، العقيد أحمد علي رعفيت، فقد تم ضبط السفينة أثناء رسوها على ساحل مديرية حوف لإنزال كمية من المخدرات.

وأضاف أن السفينة المقبوضة كان على متنها ستة أشخاص منهم خمسة إيرانيين وآخر من جنسية باكستانية، حيث تمت السيطرة عليها بعد أن حاولت إفراغ حمولتها في جنح الليل.

وقد اعتبر وزير الداخلية "إبراهيم حيدان" هذه العملية إنجازا أمنيا جاء بعد رصد ومتابعة قامت بها الأجهزة الأمنية اليمنية، متهما مليشيا الحوثي بالوقوف خلف هذا التهريب، لتمويل حربها من خلال المتاجرة بالمخدرات، وكل الأعمال الخارجة عن القانون.

هذه العملية دفعت الأجهزة الأمنية والعسكرية في المهرة إلى تكثيف حملاتها ضد المروّجين ومتعاطي الممنوعات ومداهمة عدد من الأحياء داخل المحافظة، وتشديد الإجراءات في المنافذ الرسمية.

 

تهديدات خطيرة

وقد سُجلت في مناطق سيطرة الحوثيين حالات من الإدمان وظهور أنواع مختلفة من المواد المخدرة، لم يشهدها المجتمع اليمني قبل تمرد وانقلاب الحوثيين، ونتجت عن تعاطي تلك الأنواع من المخدرات أنواع من الجرائم الخطيرة في المجتمع اليمني، كقتل الأبناء آباءهم وأمهاتهم، وقتل الآباء أولادهم، وقتل الأخ أخاه، وغيرها من الجرائم البشعة والغريبة.

ووفقا لتأكيدات طبية فإن انتشار المخدرات أحد أهم وأبرز أسباب تلك الجرائم في المجتمع، إذ إن تعاطيها يدمر عقل ونفسية الإنسان، ويدفعه للتوحش والتنمر وارتكاب الجريمة دون وازع ديني أو إنساني أو أخلاقي.

وتنتشر في مناطق الحوثيين أنواع عديدة من المخدرات تتفاوت في خطورتها من نوع إلى آخر.

وقد انتشرت في المجتمع ما تسمى بـ"شمة الحوت"، وهي نوع من التبغ المطحون المحتوي على مواد مخدرة، يولد تعاطيها إدمانًا لها، ويدخل المدمن في حالة من النشوة واللامبالاة بالمخاطر، وتجعله يمارس العنف والجريمة كأنها هواية، ولذلك يحرص الحوثيون على إعطائها للمقاتلين في صفوفهم بشكل مستمر، مما يجعلهم يقاتلون بلا شعور ودون توقف.

بالإضافة إلى ذلك فإن مادة "الشبو" هي مادة أخرى من المواد المخدرة والتي بدأت في الظهور في المجتمع اليمني، إذ تعتبر هذه المادة من أخطر أنواع المخدرات التي يتعاطاها الشباب، نظرا لشدة تأثيرها والإدمان عليها، إضافة إلى استحالة التعافي منها والقدرة على تركها بعد الإدمان عليها، كونها غير طبيعية بل يتم تصنيعها بمكونات كيميائيا، بحسب تقارير طبية.