السبت 20-04-2024 16:46:20 م : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تفجير الحوثيين منازل الخصوم.. إرهاب مغلف بالانتقام

الأربعاء 22 فبراير-شباط 2023 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

الحديث عن مليشيا الحوثي الانقلابية هو حديث عن الخراب والدمار والفساد والجرائم بكل أشكالها ومختلف أنواعها، كنتيجة طبيعية حتمية للانقلاب على القوانين المرعية النافذة والأعراف والعادات في البلاد، وتجاوز القانون والدستور، من خلال سلوك المليشيا الإجرامي، وممارساتها الإرهابية، منذ أحكمت قبضتها على مناطق واسعة من البلاد.

تفجير منازل الخصوم والمؤسسات والمنشآت التابعة لهم هي واحدة من سياسات المليشيا التي اتبعتها منذ تفردها بالسلطة وتوليها المهام الأمنية والعسكرية، فقد دأبت على هذا الفعل المشين والجريمة النكراء، تنكيلا بخصومها وإرهابا للمواطنين، كواحد من أساليب بث الرعب والخوف في أوساط المجتمع، للتسليم ببقائها وعدم التفكير بمعارضة سياساتها الإجرامية التي تمارسها عبر نافذيها ومشرفيها.

 

عودا قبيحا

وكانت قد تراجعت وتيرة هدم منازل ومنشآت المعارضين وتفجيرها في العامين الأخيرين لصالح التأميم ومصادرة تلك المنازل والعقارات والأراضي التابعة لمعارضي المليشيا، إلا أن تلك السياسة الإجرامية عادت إلى الواجهة مجددا لتعبر عن نزعة إجرامية متجذرة لدى هذه المليشيا، وشهية متغلغلة للتنكيل بالخصوم وإرهابهم، لفرض سياساتها وثقافتها بنسختها الإيرانية، التي تسعى إلى تكريسها في المجتمع رغم تعارض تلك السياسة والثقافة مع دستور البلاد وثقافته وهويته، والسعي إلى إحلالها بالحديد والنار.

ومع دخول العام 2023 شرعت المليشيا الحوثية بمباشرة سياستها الإجرامية بتفجير البيوت والممتلكات من جديد، وكانت آخر تلك الجرائم قيام المليشيا بتفجير ستة منازل لمدنيين في قرية الزور بمديرية صرواح غربي مأرب.

وبحسب مركز "سبأ " فإن مليشيا الحوثي أقدمت على تفجير ستة منازل لمواطنين بمديرية صرواح التابعة لمحافظة مأرب في فبراير من العام الجاري 2023، وذكر المركز أن المنازل التي فجرتها المليشيا تعود ملكيتها للمواطنين (أحمد ناصر الجهمي، وعبد العزيز الجهمي، وأحمد جروان).

 

وجه الإرهاب الحقيقي

وقد نددت الحكومة اليمنية بهذه العملية التي نفذتها مليشيا الحوثي الإرهابية بتفجيرها لمنازل المواطنين في منطقة الزور بمديرية صرواح غربي مأرب.

واستنكر وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الإرياني، بأشد العبارات إقدام المليشيا على تفجير منازل عدد من المواطنين في منطقة الزور بمديرية صرواح، بينهم منزل أحمد ناصر الدولة الجهمي الذي توفي قبل الانقلاب بخمسة أعوام، بالإضافة إلى قيامها بتشريد الأسر من النساء والأطفال.

ويوضح "الإرياني" في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، أن استمرار مليشيا الحوثي في تفجير منازل خصومها من مناهضي الانقلاب في محافظة ‎مأرب وغيرها من المناطق، يعكس موقفها من دعوات التهدئة واستعادة الهدنة التي تسعى أطراف عدة إلى إحلالها، ويكشف وجهها الحقيقي كتنظيم إرهابي لا يؤمن بالحوار والنهج السلمي، ويؤكد أنها أداة للقتل والتدمير ولا يمكن أن تكون شريكا حقيقيا في بناء السلام.

ويشير الإرياني إلى أن منظمات حقوقية وثقت قيام مليشيا الحوثي الإرهابية منذ انقلابها بتفجير المئات من منازل قيادات الدولة والجيش والأمن والسياسيين والإعلاميين والمشايخ والمواطنين، متخذة من سياسة تفجير المنازل وتهجير سكانها قسرا منهجا وأسلوباً لإرهاب المواطنين، والانتقام من المناهضين لمشروعها الانقلابي، مطالبا المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأمريكي بخروجهما عن الصمت عن مثل هذه الجرائم، وإعلان موقف واضح من الأعمال الارهابية التي تقوض جهود التهدئة، وتندرج ضمن سياسات التهجير القسري للمدنيين وجرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، والعمل على تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية.

 

همجية وفجور

العملية الإجرامية هذه تأتي بعد عامين من تهجير سكان المنطقة وتحويلهم إلى نازحين ومشردين في مخيمات وتجمعات النزوح المنتشرة في محافظة مأرب.

ونتيجة لاشتداد المعارك في جبهات غرب مأرب مطلع العام 2021، واستهداف المناطق السكنية ومخيمات النازحين من قبل الحوثيين بقذائف المدفعية والصواريخ البالستية، فقد اضطر الأهالي والنازحون إلى المغادرة باتجاه المدينة حفاظا على حياتهم، ومنذ ذلك الحين لم يتمكن الأهالي والنازحون من العودة إلى بيوتهم.

ولم يشفع ما حل بسكان المنطقة والنازحين من مآس متلاحقة ونكبات متتالية وتحولهم إلى حياة التشرد والنزوح، وتكبدهم للمعاناة جراء استمرار الجرائم ضدهم واستهدافهم المتكرر من قبل المليشيا الحوثية، وتهديم المنازل والمزارع وزراعة الألغام، لم يشفع ذلك بألا تلجأ المليشيا الحوثية أيضا إلى تفجير المنازل المتبقية بطريقة إجرامية.

وأكدت مصادر محلية أن عناصر مليشيا الحوثي تسللت ليلا إلى القرية وزرعت العبوات الناسفة في المنازل المستهدفة وتمكنت من تفجيرها عن بعد، في دلالة على همجية وحقد المليشيا ضد المدنيين الذين رفضوا الانصياع لمشروعها وأفكارها الطائفية.

وقد وصف مركز حقوقي نسف منازل المواطنين وتفجيرها مخالفة جسيمة للقانون والدستور، وانتهاكات لحق الملكية تمارسها مليشيا الحوثي بمختلف المحافظات اليمنية.

ويقول "المركز الأمريكي للعدالة" في بيان له نشره على منصة تويتر، إن مليشيا الحوثي نسفت أربعة منازل مملوكة لمدنيين في قرية الزور التابعة لمديرية صرواح غربي مدينة مأرب بالعبوات الناسفة.

ولفت إلى أن مليشيا الحوثي تقوم بنسف منازل معارضيها ومناهضي نفوذها من مواطنين وقادة ونشطاء أحزاب وقيادات ومسؤولين في الدولة وشخصيات اجتماعية، نتيجة لرفض سياستها وعدم الخضوع لمشروعها ونفوذها حيث تتهمهم بالخيانة والعمالة.

 

جرائم لا تسقط بالتقادم

وبحسب موقع "الصحوة نت" نقلا عن المديرة التنفيذية للهيئة المدنية لضحايا تفجير المنازل، خديجة علي، فإن مليشيا الحوثي فجرت 62 منزلا خلال 2021، والربع الأخير من العام 2020.

ووفقا لـ"خديجة علي" فإن المنازل التي فجرتها مليشيا الحوثي تتوزع بعضها على محافظة البيضاء 5 منازل، ومحافظة تعز 47 منزلا، منها 4 منازل في جولة الحوبان، و43 منزلا في منطقة الحيمة بتعز، وفي محافظة الجوف 4 منازل، وفي مأرب 6 منازل، اثنان منها في منطقة الجوبة العام الماضي، وأربعة منازل مطلع هذا العام 2023 بمنطقة صرواح غربي مأرب، مشيرة إلى أن هناك حوالي عشرين منزلا في مأرب دمرتها المليشيا قصفا بالصواريخ.

وتضيف "خديجة" أنه بهذه الجريمة الأخيرة بحق أربعة منازل في صرواح يصل عدد المنازل التي فجرتها المليشيا الحوثية إلى 900 منزل، تم توثيقها ورصدها من قبل الضحايا بكل الوثائق والشهود، مشيرة إلى أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم.

وبحسب مراقبين فإن استمرار المليشيا الحوثية في جرائمها وسلوكها التدميري، وحربها على المواطنين انعكاس لصمت المجتمع الدولي، إذ لم تجد المليشيا ما يردعها عن ارتكاب تلك الجرائم، فهي لا ترضخ للسلام ولا تعنيها الاتفاقيات، وستظل مصدر قلق للمواطنين، لا يمكن أن تتعايش معهم من دون هذا السلوك الإجرامي الذي يجب مجابهته وعدم السكوت عنه من قبل الجميع على كل المستويات، من أجل إنصاف الضحايا.

 

سياسة إسرائيلية

ولا تكتفي المليشيا الحوثية باعتقال أو تشريد المعارضين لسياستها من المناطق التي تجتاحها وتسيطر عليها، بل تلجأ أيضاً إلى نسف منازلهم، في إستراتيجية يهدفون من خلالها إلى خنق الأصوات التي شكلت عقبة أمام مشروعها التوسعي في تلك المناطق وإرهاب أصوات أخرى، وترويع المناهضين لها في مناطق أخرى لم تصل إليها بعد.

وتعمد المليشيا الحوثية إلى الانتقام ممن يثبت معارضته لسياستها أو حتى من فضل الحياد بمجرد انتمائه لأحزاب أخرى معارضة لسياسة المليشيا عبر تفجير منازلهم، ما يعيد الذاكرة إلى ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً ما يتعلق بسياسته في نسف منازل الفلسطينيين كعقاب لهم، وإن كانت المليشيا الحوثية قد فاقت الاحتلال الصهيوني إجراما وبشاعة، إذ إن ما هدمته المليشيا الحوثية في فترة انقلابها يفوق بكثير عدد المنازل التي هدمتها قوات الاحتلال في الفترة ذاتها.

وتمتلك مليشيا الحوثي سجلاً حافلاً في هدم منازل خصومها وتفجيرها كسياسة دأبت عليها منذ بداية الانقلاب، فمنذ تفجير منزل زعيم قبائل حاشد الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، في منطقة الخمري بمحافظة عمران مطلع فبراير 2014، دأبت المليشيا الحوثية على انتقاء منازل الشخصيات القبلية النافذة التي تتصدر المشهد العسكري أو حتى السياسي لتقوم بتفجيرها.

ويحرص الحوثيون على توثيق مشاهد التفجير للمنازل التي ينفذونها، حيث تقوم عناصر المليشيا بوضع العبوات الناسفة في جميع زوايا المبنى ثم تفجيره عن بُعد، يرافق ذلك هتافات التكبير وترديد الصرخة الإيرانية التي تنادي بـ"الموت لأمريكا وإسرائيل" باعتبار ذلك نصرا عسكريا وسياسيا يضاف إلى سجل المليشيا، وعادة ما يتم تأديتها عند ما ينظر إليه على أنه تحقيق مكاسب.

 

تهديد مبطن

وقد دأبت مليشيا الحوثي على تفجير المنازل الواقعة في القرى والمناطق النائية تحديدا، إذ لم تطبق هذه السياسة على المنازل الواقعة في المدن والأماكن الحيوية، كمنازل القيادات الرفيعة في العاصمة صنعاء وعواصم المدن الأخرى، وخصوصاً منزل الجنرال علي محسن الأحمر، أو منزل رجل الأعمال حميد الأحمر، إذ تقوم بدلاً من تفجيرها بالاستيلاء عليها، وتحويلها إلى مقرات خاصة بها، أو مساكن خاصة لقيادات عسكرية موالية للمليشيا، وعبر ما يسمى بجهاز "الحارس القضائي"، إذ قامت المليشيا بالاستيلاء على عشرات المنازل التابعة لبرلمانيين وسياسيين موالين للحكومة الشرعية، كما صادرت مزارع لهم في محافظتي حجة والحديدة وغيرهما من المحافظات.

غير أن المليشيا الحوثية لا تفتأ ماضية في سياسة هدم المنازل وتفجيرها في المناطق النائية والقرى حرصا منها على ترسيخ بطشها وإرهابها في أذهان المواطنين وترويعهم وتقديم رسالة تهديد للآخرين بأن من سيقف ضدهم سيلاقي المصير نفسه.

تفجير المنازل أو إحراقها وإتلاف محتوياتها، هي واحدة من جرائم الحرب التي تتفنن بها مليشيا الحوثي الانقلابية، وتستخدم كدعاية من أجل إرهاب المناوئين، حيث يعمدون إلى تصوير مشاهد التفجير وبثها في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في طريقة متعمدة لإيصال تلك المشاهد إلى الخصوم والمعارضين وعموم المواطنين، حيث يعد ذلك بمثابة تهديد مبطن لبث الرعب والخوف لدى أبناء المنطقة، حتى لا يفكروا في تبني أي شكل من أشكال المقاومة، إذ يلجأ غالبية المواطنين إلى الصمت حتى لا يتعرضوا لمثل هذا العقاب.

ولم تكن سياسة تفجير المنازل وليدة اللحظة بل شرعت المليشيا بتدشينها منذ اللحظة الأولى لاجتياح الحوثيين لصنعاء وبقية المدن اليمنية الخاضعة لسيطرتها أواخر العام 2014، وانتهجت المليشيا تفجير منازل خصومها وتشريدهم والتنكيل بمن يخالف توجهاتها الطائفية، إضافة إلى تفجير واحتلال مراكز تحفيظ القرآن الكريم والمدارس، وتحويل المباني المدنية إلى ثكنات عسكرية أو سجون سرية ومراكز تعذيب واعتقال، وفق التقارير الحقوقية الدولية.

 

لا حرمة لبيوت الله

وقد تجاوزت مليشيا الحوثي الإجرامية كل الخطوط الحمراء ولم يعد في قاموسها حرمة لأي شيء بما في ذلك بيوت الله التي لم تسلم من جرائمها التي طالت الأرض والإنسان في اليمن، فتفجير وقصف المساجد ومراكز تحفيظ القرآن الكريم سلوك إجرامي لم يعرفه اليمنيون إلا عبر هذه المليشيا الإجرامية التي دأبت على شتى أنواع الجرائم المحرمة في الأديان والشرائع السماوية.

ولم تنل بيوت الله ما نالته السفارة الأمريكية من الرعاية والحماية التي وفرتها لها المليشيا الانقلابية، بل على العكس من ادعائهم العداء لأمريكا وإسرائيل من خلال صرختهم التي يرددونها ليل نهار، ومزاعم نصرتهم للقرآن وإطلاق مسمى "المسيرة القرآنية" على جماعتهم ومسيرتهم الإرهابية، فقد كان للمساجد نصيب وافر من التدمير والتفجير والعبث على أيدي هذه المليشيا التي لم تتورع عن أي شيء من أنواع الجرائم.

ويعكس استهداف المساجد وتفجيرها من قبل الحوثيين حقد المليشيا على الرموز والمقدسات الإسلامية وسعيها لمسخ ثقافة المجتمع وطمس هويته، خصوصاً إذا نظرنا إلى حجم الجرائم التي يمارسونها والأرقام المهولة للمساجد التي تم استهدافها وتفجيرها.

ووفقا لإحصائيات رسمية نشرت قبل أكثر من عام، فإن عدد المساجد التي أقدمت مليشيا الحوثي الإيرانية على تفجيرها وقصفها ونهبها بلغ نحو 750 مسجداً، منها 282 مسجداً في العاصمة صنعاء، تليها محافظة صعدة بواقع 115 مسجداً، والبقية في مناطق متفرقة، منها ما تم تفجيره بشكل كامل، أو عن طريق قصفه بالدبابات، أو عبر النهب والاقتحامات، كما حولت بعضاً منها إلى ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة لعناصر المليشيا الانقلابية.

كلمات دالّة

#اليمن