الجمعة 19-04-2024 02:33:13 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

أهداف النظام الجمهوري بين ثورة 11 فبراير وضباع السلالية.. المواطنة المتساوية نموذجا

الأربعاء 15 فبراير-شباط 2023 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت-خاص | عبد العزيز العسالي
 

 

أولا، انطلقت النخبة اليمنية أواخر ثلاثينيات القرن الماضي متطلعة إلى غد أفضل شعارها العدل والحرية والمساواة والعيش الكريم.

وبعد كفاح وتضحيات كبيرة تحقق حلم الشعب اليمني الرامي إلى الانعتاق من إسار العزلة خلف أسوار أعتى نظام سلالي حاقد بغيض، حيث هب الشعب اليمني صبيحة الـ26 من سبتمبر 1962م، رافضا ثلاثية التخلف: الجهل والفقر والمرض، صانعا فجر النظام الجمهوري، معلنا الأهداف الستة لقيام الجمهورية وفي طليعتها: التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما.

لقد اكتنز هذا الهدف على مفاهيم كبرى أبرزها:
- إرساء ثقافة آليات دستورية وقانونية لحماية كرامة الإنسان اليمني - الفرد والمجموع - وحريته وحقوقه.

- إرساء ثقافة آليات دستورية وقانونية لحماية حق المواطنة المتساوية لكافة أبناء الشعب اليمني دون تمييز سلالي أو طبقي أو أسري أو جهوي أو مذهبي أو طائفي أو مناطقي... إلخ.

ثانيا، الدوافع الكامنة وراء الأهداف:

- من نافلة القول إن الأهداف الستة لثورة سبتمبر المجيدة انطلقت من خلفيات فكرية إنسانيا ووطنيا وسياسيا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا... إلخ، فهذه المنطلقات تعطينا الدلالة القاطعة على التخلف الشامل المفروض على الشعب اليمني بفعل الإجرام السلالي البغيض.

شهادة التعليم الأساسي:

كان الحاكم السلالي يقوم باختبار طلاب المرحلة الأساسية بنفسه، وتتمثل الاختبارات في سؤال واحد هو: اذكر النسب الشريف.. أي نسب الحاكم السلالي المتسلط بصورته المرعبة أمام الطالب.

فإذا سرد الطفل النسب بدءا من أحمد ياجناه وحتى نهاية السلسلة المزيفة زورا وبهتانا على الدين والتاريخ، يستحق الطالب وضع الختم الشريف على قصاصة قصيرة جدا، وتلكم هي الشهادة الابتدائية.

خلاصة الدوافع هي الضياع التام للشعب اليمني.. سيتضح الأمر أكثر في البند التالي.

ثالثا، أولويات القرار الجمهوري:

- صدور قرار جمهوري تضمن تجريم وعقوبة كل من يدعي أنه من السلالة المطهرة.

- لسنا هنا مع أو ضد ذلك القرار الصارم، فقط ما نريد قوله انطلاقا من المفهوم الثقافي الفلسفي الذي قرره فلاسفة الاجتماع القائل: يجب محاكمة كل تصرف سياسي أو ثقافي إلى سياقه الظرفي التاريخي.

باختصار، القرار الجمهوري الآنف يعكس حقيقة الواقع الثقافي الذي فرضته السلالية الحاقدة المستعلية بطغيانها وفسادها الديني والسياسي والاجتماعي، فيا ترى، ماذا عن كرامة الإنسان؟ ماذا عن أبسط حق - تعليم الحروف الأبجدية نموذجا؟ ناهيك عن حق المواطنة المتساوية، وقس على قولي تكن ذكيا نبيها.

أرجو أن المأساة الإنسانية الشاملة التي طوحت بالشعب اليمني قد اتضحت في مخيلة القارئ.

رابعا، الكفاح الشعبي في كل اتجاه:

هب الشعب اليمني مناضلا ومكافحا في كل اتجاه، كفاحا يدل على وعي غير عادي بتلك المأساة، ذلك أن الكفاح الفكري والثقافي ظل مستحضرا تلك المأساة فاستمر مكافحا الآثار الثقافية الكهنوتية المظلمة بطريقة أو بأخرى، رغم الاختلافات بين القائمين على النظام الجمهوري فقد كان خلافا حول التفاصيل، ذلك أن مبادئ الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية وبناء جيش وطني... إلخ الأهداف الستة ظلت حاضرة ولو في أقل المستويات.

خامسا، ثمار الكفاح:

حضور المواطنة المتساوية طيلة خمسة عقود، بدليل أن كل الأسر والبيوت الهاشمية تمتعت بمبدأ حق المواطنة المتساوية إلى حد كبير، كيف لا، وأنت ترى الهاشميين يتبوّؤون المناصب السياسية والعسكرية والقضائية والدبلوماسية والإدارية والمالية... إلخ أنواع الوظائف في السلك العسكري والمدني شأنهم شأن أي مواطن انطبقت عليه المعايير، وكان هذا المعيار هو الحاضر في الغالب الأعم.

سادسا، الميثاق الوطني:

من الأدلة الساطعة على حضور فكرة حق الحرية والمساواة والمواطنة... إلخ، فكرة إصدار ميثاق وطني يتضمن آلية لاستيعاب جميع الأطياف في إطار الدستور والقانون.

هاجس الميثاق الوطني، حسب القاضي عبد الرحمن الإرياني رحمه الله، في المجلد الثاني من مذكراته، أن فكرة الميثاق الوطني بدأت بعد قيام النظام الجمهوري بثلاث سنوات تقريبا.

بل إن الفكرة وصلت إلى أبعد من حرية التفكير والتعبير، وصلت إلى مناقشة موضوع الحكم المحلي واسع الصلاحيات، تجسيدا لمبدأ المواطنة المتساوية.

تكلل خروج الميثاق الوطني وتأسيس إطار سياسي تمثل في المؤتمر الشعبي العام، ينضوي فيه كل الأطياف، تجسيدا عمليا لمبدأ الحرية والمساواة والمواطنة المتساوية وتنظيما وحماية لحرية التفكير والتعبير.

فهذا الهاجس المبكر والذي حالت دون بلورته سياقات لا يعني أن المبادئ الآنفة قد صودرت أو هضمت، بل إن حرية التفكير والتعبير وحق المواطنة ظلت حاضرة تحت وسائل مختلفة بدرجة أو بأخرى: مجلات، صحف، خطاب مسجدي، والشعر.

الجدير ذكره أن كل ألوان الطيف تصارعت واختلفت ولكنه لم يصدر عنها ما يسيء إلى النظام الجمهوري أو مبادئ الثورة الستة وما يتفرع منها.

نعم، ظل الخلاف قائما بين كل ألوان الطيف طيلة خمسة عقود، ولكنه حول الوسيلة الأكثر فاعلية في حماية الحرية والمساواة والمواطنة المتساوية.

سابعا، اتفاقية إعادة الوحدة اليمنية:

من المسلمات الثقافية أن اتفاقية إعادة الوحدة اليمنية تضمنت إطلاق حرية التعددية والمواطنة المتساوية بكل صراحة ووضوح، الأمر الذي يعكس الحضور الفكري والسياسي والثقافي لتلك المبادئ وأهميتها، ودورها البارز في مجال التنمية الاجتماعية الشاملة.

وثيقة العهد والاتفاق 1993م:

يمكننا القول بإيجاز إن وثيقة العهد والاتفاق الصادرة عام 1993م قد عكست ذلك الحضور الفكري الراسخ حول مبدأ الحرية والمساواة والمواطنة المتساوية والحكم المحلي واسع الصلاحيات وحيادية مؤسستي الجيش والأمن واستقلالية القضاء لدى كل أطراف الحوار يومها، وقد لاقت تلكم الوثيقة زخما شعبيا غير عادي كونها جسدت مبادئ النظام الجمهوري بقوة وامتياز غير مسبوق، بل إن الهاشميين كانوا في طليعة المرحبين بالوثيقة.

ثامنا، ثورة 11 فبراير السلمية:

نستطيع القول جازمين إن ثورة 11 فبراير الشبابية الشعبية السلمية هي امتداد لكل ما سبق من الكفاح والنضال الثقافي الطويل، معلنة دعوتها إلى ابتكار وسائل وآليات أكثر ترسيخا وحماية وفاعلية أقوى وأفضل حياة دستورية عملية أكثر تجسيدا على أرض الواقع.

وقد تجسد ذلكم الوعي الشبابي السلمي في مخرجات لجنة الحوار الوطني والتي هي محل اتفاق بين الجميع، إنها ثالثة المرتكزات الوطنية لإخراج الشعب اليمني من أزمة أقذر حرب إجرامية كهنوتيه وبناء المستقبل من خلال تلكم المرتكزات: قرار المنظومة الدولية، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني المجسدة لأحلام وطموحات ثورة 11 فبراير الشبابية الشعبية السلمية.

تاسعا، ضباع السلالية الانقلابية الإرهابية:

لا نريد تدبيج الكلام رغم أهميته، وإنما نقدم دعوة عقلانية منصفة، ندعو العقلاء، داخل اليمن وخارجها، مثنى وفرادى، أن يعقدوا مقارنة سريعة بين كلامنا الآنف، وبين ما آلت إليه جرائم الحرب السلالية الكهنوتية ومليشياتها الإرهابية الانقلابية تحت شعار دعوى الحق الإلهي، والتي كرست الحرب الطائفية ضاربة وعابثة بعنجهيتها الفجة بالدستور والقانون وبالإجماع الشعبي وبالمواثيق الدولية وبكل القيم الإنسانية والوطنية والأخلاقية.

إن جرائم السلالية التي مارستها من خلال حربها القذرة قرابة عقد من الزمن أهلكت فيها الحرث والنسل ودمرت مقدرات الأمة، فصادرت الحريات وداست مبدأ المساواة لصالح السلالية العنصرية الطبقية، تقليدا لدعاوى ثقافة الصهيونية العالمية - شعب الله المختار.

بل إنها منذ اللحظات الأولى للانقلاب على الإجماع الشعبي والشرعية السياسية اتجهت فورا إلى إقامة المناورات على حدود المملكة العربية السعودية دون أي مبرر.

الخلاصة، السلالية العنصرية تعرت عن كل القيم بلا استثناء.. اللهم فاشهد.. نلتقي بعونه سبحانه مع معوقات فقه الأمة.

كلمات دالّة

#اليمن