السبت 20-04-2024 15:10:31 م : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون في محافظة إب.. حملات مسعورة لنهب المنازل والأراضي

السبت 11 فبراير-شباط 2023 الساعة 05 مساءً / الاصلاح نت-خاص

  

لا تزال مليشيا الحوثي الانقلابية في سباق مع الزمن لسلب ونهب العقارات والأراضي والممتلكات الخاصة والعامة، مطلقة أيدي قياداتها ونافذيها لممارسة النهب والسلب على نطاق واسع وبشكل لافت في المناطق التي تسيطر عليها وتحكم قبضتها فيها، وسط تنافس محموم بين مشرفي الجماعة ونافذيها للبسط على الأراضي والعقارات، متخذين من نفوذهم وسيلة للتكسب والثراء.

هامور الفساد

ومنذ أن سقطت العاصمة صنعاء بأيديهم، عمد الحوثيون إلى إقصاء وتصفية خصومهم ومعارضيهم وكل من يشكون بولائه لهم تحت ذرائع واهية ومبررات كيدية كالخيانة والعمالة والارتزاق وغيرها، لتبدأ المليشيا بإطلاق يد النهب والسطو بشكل هستيري وجنوني.

ويعتبر القيادي "صالح الشاعر" هامور هذه المهمة الإجرامية، فقد قام بتنفيذ عمليات سطو واسعة على الشركات والأملاك التابعة لمعارضي الجماعة من مختلف الانتماءات، لتطاول عملية السطو حتى الجمعيات والمؤسسات الخيرية، حيث مثَّل الشاعر ذراع السطو المنظم باحترافية عالية.

وقد طوّرت المليشيا الحوثية من آلياتها ومنهجيتها في النهب ومصادرة أموال الخصوم والمعارضين من الطريقة القسرية التي كانت تمارسها منذ بداية الانقلاب، إلى عمليات نهب منظمة تتم عبر شبكات مختلفة، شملت القضاء والبنك المركزي والأمن والمخابرات التابعة للمليشيا، وصولا إلى ما يسمى بـ"الحارس القضائي" الذي تولى إدارته صالح الشاعر نفسه، والذي عُيّن في هذا المنصب كمكافأة له بعد النجاحات التي حققها في مهمته الإجرامية.

ويذكر تقرير لمركز صنعاء للدراسات أن اللجنة التي شكلتها المليشيا الحوثية برئاسة صالح الشاعر والمكلفة بحصر وتسليم أموال المعارضين والتي كانت في أيدي المشرفين، قضت بمصادرة أموال وممتلكات 1223 من المعارضين وعهدت لنظام الحارس القضائي بإدارتها، وخلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2019، صادر الحارس القضائي ملكية 37 شركة، منها أموال وأصول لا تقل قيمتها عن 83 مليون دولار.

وسيلة خطيرة

ويعتبر الحارس القضائي (هيئة حوثية استحدثت مؤخرا) أخطر وسيلة ابتكرتها المليشيا الحوثية حتى الآن، لغرض النهب ومصادرة الأموال والممتلكات، فقد اتخذت المليشيا من القضاء أداة لاستصدار الكثير من أحكامها الجائرة بحق المخالفين لسياساتها، وتمرير تهم ملفقة ضد خصومها ومعارضيها، سعيا منها لشرعنة جرائمها وممارساتها الإرهابية، لتبدو بتلك الجرائم ومن خلال تلك الأحكام الجائرة أكثر احتراما للقضاء وتطبيقا للقانون.

فقد باشرت المليشيا من خلال هذه الهيئة عملها الإجرامي للسيطرة على الأملاك والأراضي والعقارات والمؤسسات والجمعيات والجامعات التابعة لقيادات وشخصيات وتجار معارضين لسياسة المليشيا الحوثية.

وبحسب تقرير لمنظمة "سام" صدر العام الماضي 2022، فقد استولى الحارس القاضي على ما يقدر بأكثر من مليار و700 مليون دولار من قيمة واردات الأموال والشركات والمؤسسات والجمعيات.

ويشير التقرير إلى أن وسائل النّهب للممتلكات تتطابق مع اقتصاد الحرب وغسيل الأموال، فحتى منتصف العام 2021 فقط صادرت المليشيا الحوثية -وفقا للتقرير- المليارات من الأموال المحجوزة في حسابات مصرفية، وممتلكات خاصة يملكها أو يديرها أكثر من 1250 شخصاً في العاصمة صنعاء، جميعهم من المعارضين لسياسة المليشيا الحوثية.

انتهاك صارخ

وقد سعت المليشيا الحوثية للسيطرة على القضاء بهدف تطويعه وسهولة استصدار الأحكام المسيسة بحسب رغبتها، فقد أعلنت المليشيا في العام 2021، إيقاف 70 قاضيا وعضو نيابة عن العمل، تمهيدا لمحاكمتهم في صنعاء وبقية المحافظات الواقعة تحت سيطرتها.

ووفقا للقيادي في المليشيا محمد علي الحوثي، فإن 70 عضو نيابة قد اتخذت بحقهم إجراءات عقابية وجرى تعليق أعمالهم ومنعهم من النظر في أي ملف، معتبرا القرار خطوة في الاتجاه الصحيح.

ويرى مراقبون أن ما يسمى بـ"الحارس القضائي" يعتبر مخالفة صريحة للدستور، إذ إن طبيعة عمل هذه الهيئة يمثل انتهاكا خطيرا للقانون وأحكام الدستور، ولا يعني وجود مصطلح "الحارس القضائي" في القضاء سابقا أن هناك شرعية للهيئة التي أنشأها الحوثيون تحت هذا المسمى، فوجود المصطلح في قوانين القضاء، يعني بذلك تعيين شخص في حالة معينة كفساد شركة أو اختلاف ورثة على إرث، ولم يكن كمؤسسة كما هو عليه الحال عند الحوثيين الآن.

وبحسب المراقبين فإن القضاء في مناطق سيطرة الحوثيين يعد أداة من أدوات المليشيا، كما أن القضاة يأتمرون بأمر الحارس القضائي، ويخضعون له كذلك، فالقضاة لا يصدرون الأحكام إلا بأمر الحارس القضائي كأوامر إطلاق السجناء أو أي قضية أخرى.

شهية الفساد

ووفقا لتقرير صادر عن منظمة "سام" للحقوق والحريات في وقت سابق فقد وثقت عمليات نهب ومصادرة أموال وممتلكات خاصة تزامنت مع حملات تضليل من قبل "الحارس القضائي" وإعلام المليشيا.

ويفيد التقرير المعنون بـ"إقطاعية الحارس وماكينة التضليل"، الذي صدر في فبراير من العام الماضي 2022، بأن مليشيا الحوثي مارست عمليات مصادرة قسرية لأموال المعارضين بذريعة خيانتهم وموالاتهم لما يصفه المليشيا بـ"العدوان"، أو مختلفون مع المليشيا في التوجه الثقافي والديني فسيطرت على شركات وبنوك ومؤسسات وجمعيات ومبانٍ وعقارات وأصول وأموال نقدية.

وبعد أن نجحت المليشيا الحوثية في القضم والاستيلاء على الأموال ومصادرة ممتلكات المعارضين لها من سياسيين وتجار وبرلمانيين، أغراها ذلك لتوسيع نطاق الفساد ودائرة الإجرام لتشمل محافظات أخرى إلى جانب محافظة صنعاء التي دشنت فيها المليشيا طاحونة "الحارس القضائي" لتطال رحاها كل شيء من عقارات وممتلكات المعارضين.

وقد كان لمحافظة إب نصيب وافر من عمليات النهب والسلب ومصادرة الممتلكات بالطريقة نفسها وعبر ما يسمى بالحارس القضائي، بعد أن أطلقت المليشيا الحوثية يده في المحافظة ليتولى مصادرة ما تبقى من ممتلكات أو منازل لم يتم تفجيرها أو نهبها طيلة السنوات الماضية من عمر الانقلاب، بعد أن استكملت المليشيا مصادرة ممتلكات المعارضين لها من سياسيين وتجار وبرلمانيين وشخصيات اجتماعية من انتماءات متعددة.

مصدر رعب

وبحسب صحيفة الشرق الأوسط فقد "طالت أعمال المصادرة حتى ممتلكات الموتى، بتهمة العمل لصالح الحكومة الشرعية، ما دفع سكان المحافظة إلى إطلاق اسم "المندوب السامي" على القيادي الحوثي المعين حارساً قضائياً بسبب السلطات المطلقة التي منحت له، والتي جعلت من السكان أسرى لرغبات هذا الرجل القادم من محافظة صعدة باعتباره ممثلاً لزعيم المليشيات عبد الملك الحوثي".

وتضيف الصحيفة نقلا عن مسؤول محلي أنه وخلال العام المنصرم "أرسلت مليشيا الحوثي لجنة مهمتها متابعة عملية حجز ومصادرة ممتلكات وأموال المعارضين السياسيين في عاصمة المحافظة (مدينة إب) وفي الأرياف أيضاً، وطلبت من المشرفين ومسؤولي الأحياء والقرى إبلاغها بممتلكات كل المعارضين إلى جانب الأسماء التي سبق ووضعتها في قوائم الملاحقين قضائياً".

تأتي هذه الإجراءات التعسفية والإجرامية بعد سنوات من قيام مندوب هيئة الأوقاف التي استحدثها الحوثيون بمصادرة مساحة واسعة من الأراضي والمباني بحجة ملكيتها للأوقاف، أو بذريعة أنها مقيدة بأسماء آخرين، بالإضافة إلى قيامها بتغيير مسؤولي تحرير عقود البيع والشراء بغرض منع المعارضين من بيع ممتلكاتهم لآخرين تجنبا لمصادرتها.

وقد أوكلت المليشيا الحوثية مهمة السطو والنهب ومصادرة الممتلكات إلى قيادي حوثي من أبناء محافظة صعدة يدعى أبو مالك عبد الملك الجهيمي الذي يحمل صفة "الحارس القضائي" والذي تحول إلى مصدر للرعب لدى السياسيين والتجار على حد سواء، إذ باتت أموال وممتلكات الكثيرين منهم تحت رحمة القيادي الحوثي وسطوته وأسيرة توجهاته وقراراته، باعتباره الحاكم المطلق الذي يمارس كل صور الاستقواء والاستخفاف بالحقوق والممتلكات الخاصة.

تبادل الأدوار في الفساد والنهب

وقد أقدمت المليشيا وعبر ما يسمى الحارس القضائي في يونيو من العام الماضي 2022 على حجزها لمنزل اللواء الشيخ أمين القادري المتوفى قبل أكثر من عشر سنوات بمنطقة وراف، بدون أسباب وجيهة وقانونية لمثل ذلك الإجراء، على الرغم أن المنزل هو ملك لبقية ورثة القادري، بالإضافة إلى استيلائه على موقع "جبل عثمان" العائد ملكيته إلى ورثة القادري أيضا، ليستكمل دورا إجراميا كان قد بدأه المسؤول الحوثي عن هيئة الأوقاف في المحافظة المدعو بندر العسل، الذي بسط على الكثير من ممتلكات السكان بزعم ملكيتها للأوقاف، حيث استهدف أملاك عائلة الشهاري مروراً بعائلة الصباحي وانتهاء بورثة محمد قاسم العطاب.

وإمعانا منها في الفساد واستمراء للجريمة عينت المليشيا مطلع فبراير الماضي حارسا قضائيا على مستشفى أهلي بمدينة إب مركز المحافظة تمهيدا لمصادرته، ووفقا لمصادر فإن مليشيا الحوثي عينت حارسا قضائيا على مستشفى "الجبلي" التخصصي لأمراض العيون، وفرضت طوقا أمنيا على المستشفى قبل اقتحامه برفقة قيادات في المليشيا، والقيام بعملية جرد لمحتوياته، وتسليمه للحارس القضائي التابع لها، وبحسب المصادر فإن المليشيا عطلت كاميرات المراقبة قبيل عملية الاقتحام.

تأتي هذه الحادثة بعد أيام قلائل من اقتحام المليشيا مستشفى "دار الشفاء" التخصصي بمدينة إب، وتعيين حارس قضائي عليه.

ففي أواخر يناير من العام الجاري 2023 فرضت سلطة مليشيا الحوثي حارسا قضائيا على المستشفى تمهيدا لمصادرته، في ظل عمليات سطو ونهب واسعة تمارسها المليشيا بمختلف مديريات المحافظة، حيث فرضت طوقا أمنيا على المستشفى الأهلي، واقتحمته بمعية قيادات حوثية، وسلمته للحارس القضائي الذي فرضته على المستشفى.

حملة مسعورة

عمليات السطو والنهب في محافظة إب تزايدت في الآونة الأخيرة بشكل لافت وعبر ما تطلق عليه المليشيا الحارس القضائي خصوصا في العام الماضي 2022.

فقد استولت المليشيا الحوثية في مارس من العام 2022 على أرضية خاصة بورثة بيت "الصباحي" تبلغ مساحتها 85 (قصبة)، بقيمة تزيد عن 5 مليارات ريال، وفق تأكيدات محلية.

وفي شهر مارس أيضا حجزت مليشيا الحوثي منزل الأكاديمي والقيادي في حزب الإصلاح الدكتور "رشيد الصباحي" في منطقة المحمول جنوب مدينة إب، بتهمة العمل مع الشرعية، وهي التهمة التي تسوقها لمصادرة ممتلكات المواطنين والمعارضين لها في مناطق سيطرتها، على الرغم من تواجد الصباحي وإقامته في ماليزيا وليس في أي دولة من دول التحالف.

وبحسب مصادر فإن عدداً من القيادات الحوثية حضرت إلى المنزل مصطحبة العشرات من العناصر الحوثية بهدف السطو على المنزل، وسط استياء واسع في أوساط الأهالي مما تقوم به المليشيا من انتهاكات لم يعرفها المجتمع من قبل.

وتأتي عملية الحجز والمصادرة بعد يومين من حجزها منزلين في مدينة إب، بالتهمة ذاتها في إطار حملة مسعورة تقوم بها المليشيا الحوثية لقضم ما تبقى من أموال ومؤسسات وأملاك تابعة لشخصيات معارضة ظل ترصد وبحث عن بقايا ممتلكات لم تطلها يد النهب والإجرام.

وفي نوفمبر من العام 2021 صادر الحوثيون عمارة تعود ملكيتها للمواطن "عبده الصبري" في حارة الصلبة القريبة من الاستاد الرياضي وسط مدينة إب، بحجة قرابته من البرلماني "عارف الصبري" عضو مجلس النواب، في الوقت الذي أكد مالك المنزل أنه لا علاقة له بتوجه شقيقه وأنه مغترب منذ عشرات السنين وقام ببناء منزله من كده وتعبه.

وعقب شهر واحد اقتحمت عناصر حوثية منزلاً تابعا لمواطنين أحدهم مدير أمن محافظة مأرب السابق "عبد الملك المداني"، الموالي للحكومة الشرعية، في منطقة "المعاين" شمال غرب المدينة، وقامت على إثر ذلك بطرد مستأجري المنزل ومصادرته، كما تزامن هذا الاقتحام مع اقتحام آخر قامت به المليشيا لمنزل والد وزير المواصلات "نجيب العوج"، الكائن في منطقة الوازعية، وذلك في إطار حملتها الموسعة والمتواصلة لمصادرة ممتلكات الخصوم بحجة "التعاون مع العدوان" وهي التهمة التي تذرعت بها المليشيا وصادرت بموجبها ممتلكات آلاف المواطنين في مناطق سيطرتها.

وتعتبر أراضي محافظة إب هي الأكثر ارتفاعا للأسعار بين كل المحافظات اليمنية، حيث يصل السعر إلى عشرات الملايين للبنة الواحدة في عاصمة المحافظة، الأمر الذي يجعل قيادات مليشيا الحوثي تسعى لنهب أكبر قدر من أراضي المحافظة، لما تشكله من مردود مالي كبير جدا مقارنة بغيرها من المحافظات.

يذكر أنّ مليشيا الحوثي صادرت في سبتمبر ويوليو من العام 2021 على مستشفى السلامة بمدينة يريم، ومستشفى الأمين التخصصي بمدينة إب بعد أعوام من عمليات ابتزاز وضغوطات مورست ضد إدارة المستشفى والمستثمرين فيه، بالإضافة إلى قيامها بالسطو خلال الأشهر والأعوام الماضية على عدد من المؤسسات بمحافظة إب، من بينها مستشفى المنار ومستوصف الخنساء ومؤسسة الرائدات النسوية وجامعة الجزيرة وجمعيات خيرية ومؤسسات خاصة أخرى بعدد من مديريات المحافظة الخاضعة لسيطرتها منذ الانقلاب أواخر العام 2014.

كلمات دالّة

#اليمن #اب