الخميس 02-05-2024 10:54:38 ص : 23 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ثورة 26 سبتمبر في عهد الإماميين الجدد.. استهداف ممنهج ونور يتوهج

الإثنين 26 سبتمبر-أيلول 2022 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ صادق عبد المعين

 

 

ما إن تحل ذكرى ثورة الـ26 من سبتمبر من العام 1962، والتي انطلقت بإرادة يمنية ثورية تحررية للقضاء على الحكم الإمامي الرجعي، إلا ويسارع الشعب اليمني بكل فئاته للتعبير عن تمسكه بخيار الثورة والجمهورية بمختلف وسائل التعبير المتاحة، خصوصا في ظل ما يواجهه النظام الجمهوري من تحد حقيقي جعل الثورة والجمهورية على مفترق طرق، وتأكيد ولائه للثورة والجمهورية.

 

قرار شعبي

وتعتبر ثورة 26 سبتمبر 1962 إحدى أهم الثورات اليمنية الخالدة، والتي اندلعت شرارتها كقرار شعبي خالص للتحرر من أسوأ العهود الظلامية المتخلفة التي مر بها اليمن، والذي كانت تحكمه واحدة من السلطات الإمامية المتعاقبة خلال فترات متفرقة منذ أكثر من ألف عام، حيث تعتبر تلك الحقبة من أسوأ الحقب التي مرت بها البلاد جهلا وتخلفا وظلما واستبدادا، وجاءت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر لتلغي إرثا متراكما لعقود من تلك الحقبة من التجهيل والامتهان حاولت سلطات الأئمة جاهدة على تكريسه في ذهنية الإنسان اليمني طيلة فترة حكمها الممتد لعقود كثيرة، قبل أن تباغتهم الثورة وتعصف بكل ذلك الإرث البغيض وتلقي به في مزبلة التاريخ، واضعة على أنقاض الحكم الإمامي البائد اللبنات الأولى لمشروع النهضة والجمهورية، متطلعة إلى مستقبل مشرق وغد أجمل، وإلى دولة القانون والعدالة التي تكفل الحقوق ويتساوى في ظلها أبناء الوطن الواحد.

 

أسوأ نسخة

ويرى الإعلامي "أحمد اليفرسي" أن انقلاب مليشيا الحوثيين الإرهابية "جعل من ثورة 26 سبتمبر عقيدة راسخة لدى اليمنيين، فهي النور الذي بدد ظلام ذلك الكهنوت الذي تجدد على أيدي الحوثيين، وهي الحرية التي بددت ليل العبودية والظلم والكهنوت، والرجعية والتخلف والجهل".

ويضيف: "لقد كان آباؤنا يحدثوننا عن ثلاثية الجهل والفقر والمرض التي ضربت أطنابها في مناطق واسعة من الوطن اليمني خلال قرون من حكم الإمامة، فلم نكن ندرك حقيقة ذلك حتى أثبت لنا كل ذلك الحوثيون بكل قبحهم واقعًا معاشًا".

وبحسب "اليفرسي" فإن 26 سبتمبر صارت اليوم "عالمًا افتراضيًا يعيشه اليمنيون في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية التي قدمت نفسها كحركة إمامية في أبشع صورة وأسوأ نسخة لها عبر التاريخ".

ويؤكد بالقول إن "الزخم الشعبي المتعاظم المحتفي بهذه الذكرى يتجاوزها كمناسبة وطنية مجيدة، إلى كونها تمثل معبرًا فارقًا غادرت اليمن من خلاله عهدًا يشبه العهد الحوثي بتفاصيله القبيحة، إلى عهد الحرية والعدالة، والمساواة والإسلام النقي الصحيح، لا إسلام السلالة والعبودية".

 

محاولات يائسة

وفي الوقت الذي كانت فيه مكونات الشعب تحث الخطى وتضاعف الجهود للسعي نحو تحقيق أهداف الثورة وترجمة بنودها على أرض الواقع، رغم ما لمسه الشعب من تحسن ملحوظ في حياة الفرد والمجتمع، وتطور لافت في البنية التحتية، وتقدم مستمر على كل الأصعدة وفي كل المجالات، وفي الوقت نفسه أطل شبح الإمامة برأسه من جديد، لينقض وبدعم من أعداء الوطن وأمنه واستقراره على مكتسبات الثورة والجمهورية، وثمار 60 عاما من عمر الثورة.

فقد طالت أذرع الخراب وماكنة الهدم الإمامية كل ما أنجزته حكومات الثورة والجمهورية المتعاقبة، لتشمل مجالات متعددة من مجالات الحياة، كالتعليم والصحة والأمن والتنمية والقضاء وغيره من المجالات، مستحضرة صورة أكثر قتامة للحقبة الإمامية الغابرة في سعي منها لتكرار أوضاعها السيئة ومظاهر التخلف وحالة الفقر والجهل والامتهان والاستبداد التي مثلت العنوان الأبرز لحكم الإمامة.

 

الوحدة في خطر

ويرى مراقبون أن الوحدة اليمنية والتي تعتبر من أبرز وأهم منجزات الثورة ومكتسباتها ليست بمأمن من تمكن المليشيا الحوثية من السيطرة على مناطق واسعة من البلاد وتوسع نفوذها، بل إن ذلك يمثل تهديدا مباشرا للوحدة الوليدة التي باركها كل اليمنيين بمختلف مناطقهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم.

ووفقا للمراقبين فإن العقيدة الراسخة لدى مليشيا الحوثيين أن وحدة البلاد تشكل خطرا عليها وعلى مشروعها السلالي العنصري الطائفي، وإن كانت لا تبدي ذلك صراحة ولا تجاهر بالعداء للوحدة أمام الرأي العام، بل عملت بطريقة أو بأخرى على تكريس واقع انفصالي يصب في مصلحتها، على خطى الأئمة الكهنوتيين السلاليين.

ويرون أيضا أنه ونتيجة للعجز عن فرض السيطرة على كل جغرافيا اليمنية، والاستنزاف المستمر والخسائر الفادحة في صفوف المليشيا الحوثية، إضافة إلى المساحة الواسعة في مناطق جنوب اليمن، والتباينات السياسية في تلك المناطق، وانعدام الحاضنة الاجتماعية للمليشيا، فإن ذلك ولد لدى الحوثيين رغبة جامحة في إنهاء الحرب والاكتفاء بمحافظات ما قبل الوحدة، وفرض سلطتها عليها وإعلان دولة بجغرافيا محدودة.

 

نفس ثوري

غير أن (م. ع. ت)، أكاديمي في جامعة صنعاء، فهو أكثر تفاؤلا وتحمسا، واضعا رهانه على وعي الشعب وإدراكه بمخاطر تغول الجماعة وتمكنها من السيطرة على البلاد، حيث يقول: "بعد ستة عقود من عمرها، ما زالت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر تتوهج في قلوب وعقول الأجيال المتعاقبة، يشعر بدفئها ذلك الشيخ الثمانيني الذي كان أحد صناع ضحى ذلك اليوم البهيج أو عاشه وشاهد أحداثه، ولا يختلف عنه الشاب الذي وإن لم يكن يعرف قيمة السادس والعشرين من سبتمبر حق معرفته من قبل".

ونوه بتنامي النفس الثوري في أوساط الجماهير، وقال: "عودة الإمامة وقدوم الأئمة الجدد وما استقدموه من ويلات وكوارث على الوطن والمواطن، كل ذلك جعل الشاب اليافع مدركا لأهمية ثورة سبتمبر الخالدة".

 

محاكم تفتيش

وفي ظل الواقع السيئ الذي خلقه الإماميون الجدد، يضيف: "أصبح اليمنيون أكثر إدراكا لأهمية الثورة وأشد إيمانا بقيمها، وأصبحوا يؤمنون بضرورة بقاء شعلة الثورة السبتمبرية وهاجة في الصدور، فهي السبيل لإحراق بقايا نفايات الدجل والكهنوت، التي خرجت من كهف الخرافة لتلوث حياة اليمنيين، في لحظة غفلة منهم"..

ويختم (م. ع. ت) حديثه بالقول: "رغم أن الإماميين الجدد يتعاملون مع ثورة 26 سبتمبر وفقا لمبدأ التقية، والذي يعد جزءا من عقيدتهم، إلا أن سقطات ألسنتهم وأقلامهم تبدي ما تكن صدورهم نحو الثورة والجمهورية".

وأضاف: "لو قدر للعصابة الكهنوتية أن يطول عمرها لسنوات قادمة، فستنشئ محاكم للتفتيش عن الإيمان بالثورة السبتمبرية والولاء للجمهورية في قلوب اليمنيين، وسيكون مجرد وجود أثر يوحي بهوية وانتماء لسبتمبر وجمهوريته موجب للتنكيل بصاحبه".

 

عقدة تاريخية

وقد سعى الحوثيون جاهدين إلى طمس مآثر ومنجزات ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة، إذ تمثل الثورة للمليشيا عقدة تاريخية واجتماعية لا يمكنهم تجاوزها في حال من الأحوال.

فقد صنعت الثورة فارقا جوهريا في بناء العلاقات المجتمعية، وإلغاء الفوارق الطبقية التي كانت سائدة إبان فترة حكم الإمامة، وفتح الباب أمام الجميع مضمارا للتنافس على أساس العلم والمعرفة، التي غيبها الأئمة طيلة فترة حكمهم، مكرسين الطبقية والسلالية والدوران حول السيد والإمام، والتسليم له بكل شيء، بعد أن حول البلاد الخاضعة لحكمه إلى إقطاعية خاصة به وبأسرته، استغل فيها الأرض والإنسان.

ومع هذا التحول يدرك الحوثيون ما تشكله الثورة من خطر على مشروعهم الإمامي الممتد للعهود الإمامية البائدة.

للبناء المبني على العلم والتطور ومواكبة العصر، فكان التطور وكانت المنجزات وكان الرخاء، وخرج اليمن من سبات استمر لعقود، عائدا إلى سجله الحضاري ومتخففا من حالة الفقر والجهل والمرض.

 

حقد دفين

وقد تداولت بعض المواقع الإخبارية مقطع فيديو يظهر فيه ما وصفته بحملة لإزالة الأعلام اليمنية من الطرقات والمحلات وأعمدة الإنارة، مما يعكس حجم الحقد الذي تكنه المليشيا الحوثية للثورة والجمهورية.

ووفقا للمصدر فقد "دشنت مليشيا الحوثي حملة لإزالة الأعلام الوطنية من الشوارع، قبيل الاحتفال بذكرى الانقلاب على الجمهورية اليمنية" والذي صادف تاريخ 21 سبتمبر الجاري.

ويضيف نقلا عن مصادر محلية في العاصمة صنعاء أن مليشيا الحوثي "بدأت منذ أيام بإزالة كافة الأعلام الوطنية، ورفعت مكانها الشعارات الطائفية، تزامنًا مع استعداداتها للاحتفال بذكرى الانقلاب".

وقد أظهر الفيديو المتداول مشهدا لإزالة الأعلام اليمنية قال المصدر إنه في أحد شوارع العاصمة صنعاء، وتجميعها في عربة المخلفات، وفقا للمصدر.

 

انبعاث أمة

وتمثل ثورة 26 سبتمبر ماردا موحشا وكابوسا حقيقيا بالنسبة للمليشيا الحوثية ذراع إيران في اليمن، والتي تعتبر تلك الثورة أكبر إدانة تاريخية لمشروعها الإمامي المتجدد بنسخ متعددة، ذلك المشروع الذي ورثته عن أجدادها الأئمة السلاليين الكهنوتيين، فقد سعت إلى محو كل ما له علاقة بثورة 26 سبتمبر واعتمدت ذكرى نكبة21 سبتمبر (ذكرى إسقاط المليشيا للعاصمة صنعاء في العام 2014) ليكون بديلا عن ثورة اليمنيين الخالدة التي أطاحت بحكم الإمامة وما يحمله من رمزية للتخلف والاستبداد.

ولم يكن حقد المليشيا الحوثية على الثورة إلا نابعا من النظر لأهميتها وما تمثله من رمزية تحررية نهضوية بامتياز، فهي تعتبر النقيض الحقيقي لمشروع المليشيا الحوثية الظلامي المتخلف، فشتان بين مشروع الهدم والخراب والتجهيل والاستبداد الذي يحمله الحوثيون، ومشروع الحرية والتعليم والبناء والتطور والتنمية الذي جاءت الثورة السبتمبرية بإرسائه على كامل التراب اليمني، ولذا فثورة 26 سبتمبر تشكل عقدة كبيرة للمليشيا الحوثية التي سعت بشتى السبل إلى تهميشها والقضاء عليها، حتى في توقيت الانقلاب واعتماد تلك الذكرى والتى سمتها ثورة، ليصبح هناك ثورتا سبتمبريتان في أسبوع واحد، ليتلاشى ذكر الثورة الحقيقية مع مرور الوقت ويتضاءل ألقها المتجدد، كلما مرت ذكرى مناسبتها مع مناسبة الانقلاب الحوثي، ناسين أو متناسين أن ثورة الـ26 من سبتمبر ميلاد فجر وانبعاث أمة.