الأربعاء 01-05-2024 20:56:54 م : 22 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الصراع بين أجنحة مليشيا الحوثي.. هل يحدث الانفجار من الداخل؟

الأحد 25 سبتمبر-أيلول 2022 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت-خاص- زهور اليمني

 

يتخذ الصراع داخل المليشيات الحوثية العديد من المظاهر والوسائل، ما بين تنافس على مراكز النفوذ والمال، وإنشاء كيانات موازية لمؤسسات الدولة التي تسيطر عليها الميليشيات، وحتى الاغتيالات، في ظل تقارير تشير إلى خلافات عميقة بين قيادات حوثية من الصف الأول، تزامنا مع أنباء عن وفاة قيادات عسكرية دون معرفة أسباب ذلك.

فقد كشف فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن، في تقريره السنوي 2020/2021، عن تصاعد الصراع بين قيادات المليشيات على مستوى الصف الأول.

ويؤكد الخبراء الأمميون أن ثلاث قيادات حوثية بارزة تخوض صراعا فيما بينها على النفوذ والأموال، وأسسوا هياكل أمنية واستخباراتية منفصلة عن عبد الملك الحوثي.

وأضاف الخبراء أن "التهديد الرئيسي لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي هو من داخل الحركة نفسها "، مؤكدين أنه "خلف قشرة الوحدة يتنافس أولئك الموجودون في القيادة السياسية العليا، لإثراء أنفسهم من موارد الدولة المحدودة".

وقال التقرير إن "محمد علي الحوثي وأحمد حامد وعبد الكريم الحوثي قاموا ببناء قواعد قوة متنافسة، مؤمَّنة بواسطة هياكل أمنية واستخباراتية منفصلة "، مشيرا إلى أن "محمد علي الحوثي، الذي يترأس ما تسمى اللجنة الثورية العليا، يعد التهديد الأبرز لعبد الملك الحوثي في قيادة الحركة الحوثية".

وتابع التقرير: "محمد الحوثي أنشأ جهازا هيكليا فاعلا وموازيا للمؤسسات الحوثية، ويتحرك من خلالها في بناء نفوذ قوي خاص به"، لافتا إلى أن اغتيال وزير الشباب والرياضة في حكومة الحوثي، حسن زيد، في صنعاء، "كانت أكبر عملية اغتيال رفيعة المستوى منذ الإعلان عن مقتل إبراهيم الحوثي في أغسطس 2019".

من جانبه، نفى القيادي الحوثي "يوسف الحاضري" في مقابله له مع أحد المواقع الإخبارية، وجود أي خلافات بين قيادات المليشيات، وقال إن ما أورده فريق الخبراء في تقريره مبني على أهداف سياسية متحيزة، ولم نجد أي شيء سليم منه، مؤكدا أن هذا الأسلوب ينتهجه الفريق ضد جماعته لتغطية السلبيات التي يظهرها على الطرف الآخر، في إشارة منه إلى الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا.

ولفت إلى أنه إذا وجد هناك أي نقاط خلافية أو عدم تفاهمات بين هذا وذاك، فلا شك أنها أمور قد تحصل في البيت الواحد.

استمرار نفوذ المليشيات باستمرار الحرب:

قبل أسابيع عدة سقط القيادي الحوثي في مديرية بني حشيش، أبو فضل يحيى منير الحنمي، برصاص مجهولين بالقرب من مطار صنعاء الدولي، واتهمت قبيلته ميليشيا الحوثي بعملية الاغتيال، في حين رجح مراقبون أن حادثة الاغتيال مشهد من مسلسل ما يُعرف بصراع الأجنحة الحوثية.

الباحث (م. ت) الذي فضل عدم ذكر اسمه، يتحدث حول ماهية هذا الصراع قائلا: "مليشيات الحوثي جماعة مغلقة تعتمد على القيادة الهرمية، وهذا بطبيعة الحال يجعل الصراع من الأمور الطبيعية نتيجة لعدم إفساح المجال أمام القدرات، ما يجعلها تفرغ فائض طاقتها في الصراع والتنافس على السلطة والمال، يضاف إلى ذلك الأيديولوجية الناظمة لهذه المليشيات القائمة على الحق الإلهي والتي تصدر للأتباع، لكنها غير صالحة لقيادات الصف الأول".

وأضاف: "القيادات الحوثية تعلم أن التبعية الإلهية للقائد غير ملزمة، ما يجعلها تتمرد على بعض القرارات، وتتشكل المصالح المتضاربة التي ينتج عنها تصفيات جسدية في بعض الأحيان، أو تصفيات معنوية في أحيان أخرى. وبطبيعة الحال، وعبر التاريخ فإن الجماعات تتوحد حول مواجهة خصومها، وتفترق أمام مغنم السلطة والمال، وجماعة الحوثي واحدة منها".

وتابع: "إن تعالي الحوثيين على مناصريهم خلق رغبة لدى الكثير منهم في التخلص من عبد الملك وحاشيته، مترقبين ساعة الخلاص. وهذا يمكن استنتاجه من توالي التصدعات والانقسامات البينية في أوساط المليشيات، لتشمل جميع خطوط الانقسام داخلها، سواء في أوساط السلالة العنصرية بين من يوصفون بهاشميي صنعاء وهاشميي صعدة، أو بين القناديل والزنابيل بحسب التقسيمات العنصرية والمناطقية التي تكرسها المليشيا داخلها، أو وفق الانتماءات القبلية والمناطقية لقيادات المليشيا ومقاتليها، فضلا عن الأجنحة التابعة لكبار القيادات".

وقال: "تعبر تلك الانقسامات عن نفسها من خلال التصفيات الجسدية التي تطول قيادات في المليشيا من مختلف المستويات القيادية، كما تطول مقاتلي المليشيا لأسباب عدة، منها اتهامهم بالفرار من الجبهات، ورفض الأوامر والاتهام بالتخابر مع الحكومة الشرعية أو مع التحالف، وأحيانا لأسباب تتعلق بالولاءات بين قيادات وأجنحة المليشيا، كما تمثل الخلافات المتزايدة على الإتاوات والمنهوبات والمناصب في المؤسسات الإرادية".

وتابع حديثه قائلا: "الحقيقة الماثلة اليوم هي أنه لا يمكن بسهولة الحديث عن شخصية قوية داخل المليشيات الحوثية، قادرة على إدارة دفة المناطق الخاضعة لسلطة الانقلاب بذاتها، ولكن هناك العشرات من الرؤوس التي برزت من داخل البيت الحوثي، والبيوتات المجاورة له في المكانة الدينية والسلالية، وباتت تشكل اليوم خلايا عنقودية تتزاحم لتوسيع دائرة النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني، وتخوض في ما بينها صراعا هادئا تحت السيطرة حتى الآن، قد يخرج قليلا عن الطور عبر عملية اغتيال مفاجئة هنا أو هناك في بعض الأحيان".

وأضاف: "في الواقع أن هذه الصورة المقربة لحقيقة الجماعة الحوثية من داخلها، قد تجيب عن بعض أسباب فشلها في تحقيق أهدافها الثقافية والاجتماعية، على الأقل نظرا لفشلها في تقديم نموذج يخدع اليمنيين ويوازي قليلا بين شعارات الفضيلة، التي يتبناها خطاب المليشيات الإعلامي وبين تصرفات قادتها المزرية على الأرض، كما تجيب هذه الصورة إلى حد بعيد عن أسباب تعثر أي حلول محتملة لتحقيق السلام في ما مضى أو في ما هو آت، مع غياب القيادة الحوثية المركزية القادرة على اتخاذ قرار مثل قرار السلام، وهو قرار قد يلحق الضرر بمصالح العشرات من قادة المليشيات السياسية والعسكرية، التي ارتبط بقاؤها واستمرار نفوذها السلطوي والاقتصادي باستمرار الحرب".

اتهامات بالإثراء من نهب إيرادات من الداخل والخارج:

لعل أحد أسباب الخلافات التي تنشب بين القادة الحوثيين، هو صراعاتهم الحادة على مردود صفقات الفساد المهولة التي يتسابقون عليها.

فقد برزت في الفترة الماضية صراعات في البيت الحوثي، وتبادل القادة الاتهامات بالفساد والإثراء من نهب الإيرادات المالية الضخمة التي يجنونها من الداخل والخارج.

فقد اتهم القيادي الحوثي عبد المحسن طاووس، وزير المياه والبيئة الانقلابية نبيل الوزير، بالتلاعب بأموال المانحين ومساعداتهم، والامتناع عن التنسيق مع ما يسمى "المجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية" التابع للمليشيات.

ويشغل الطاووس قيادة هذا المجلس بصفة الأمين العام، وهو كيان استحدثته المليشيات ضمن مساعيها إلى القيام بمهمات أجهزة الدولة، وهو بمثابة الجهاز الذي يجمع وظائف وزارات التخطيط والطرق والمياه والداخلية والخارجية، وعمليّاً هو غير موجود في الهيكل الإداري لمؤسسات الدولة سابقا، ولا أجهزة الحكومة الشرعية.

وكشف الإعلامي الموالي للحوثيين أسامة ساري على صفحته في فيسبوك، عما قال إنها وثائق تتعلق بقضايا فساد مالي وإداري لوزير المياه ومنظمة اليونيسف، واتهم ساري نبيل الوزير بـ"اختلاس صفقتي شراء سيارات ممولة من اليونيسف، بتكلفة إجمالية بحوالي 670 ألف دولار بينها 13 سيارة تم شراؤها لهيئة حماية البيئة، عام 2019، من دون علمها".

كذلك اتهمه بـ"اختلاس حوالى 199 ألف دولار من مشروع حملات التقييم البيئي للمناطق المتضررة من الصراع"، إضافة إلى مبلغ "مليون دولار من ميزانية تمويل حملات الرش لمكافحة وباء الكوليرا، واختلاس سيارات الرش، وحوالى 60 ألف دولار من ميزانية تمويل مشاريع التفتيش البيئي للمستشفيات المقدمة من اليونيسف خلال عام 2018".

صراع أجنحة:

تفاقم الصراع بين جناح رئيس ما يسمى المجلس السياسي مهدي المشاط ومدير مكتبه أحمد حامد وجناح محمد علي الحوثي، على خلفية قيام كل منهما باستخدام ما يسمى "مباحث الأموال العامة" لاعتقال المتهمين بقضايا فساد ورشى مالية للمحسوبين على كل جناح منهما.

وافادت المصادر بأن جناح محمد علي الحوثي ضغط على "مباحث الأموال العامة" ودفعها لاعتقال "دستور غالب" مدير مكتب أشغال مديرية السبعين المحسوب على جناح المشاط، رداً منه عقب أيام من احتجاز والتحقيق مع "علي اللاحجي" وكيل أمانة العاصمة، ذراع جناح محمد علي الحوثي.

ولفتت المصادر إلى أن جناح المشاط وحامد من جهة، وجناح محمد علي الحوثي من جهة ثانية، كل منهما يسعى للإيقاع بالطرف الآخر، وهو ما ظهر من خلال تسريب وبث تسجيل بين علي اللاحجي وكيل أمانة العاصمة وإبراهيم العمدي نائب مدير مكتب أشغال مديرية السبعين، والذي يكشف عن تورط قيادات موالية للمليشيات في أمانة العاصمة ومديرية السبعين في قضايا فساد، وتلقيهم رشى مالية باهظة والسماح لمستثمرين وتجار ومواطنين بالبناء لمبان عديدة بصنعاء بشكل مخالف للقانون.

وأشارت إلى أن "مباحث الأموال العامة" استدعت مسؤولا محليا سابقا ومدير أشغال السبعين السابق علي السقاف، المحسوبين على جناح محمد علي الحوثي، للاستجواب والتحقيق في قضايا فساد، كما استدعت كلا من عبد اللطيف الولي نائب مدير مكتب الأشغال العامة بالأمانة، ومحمد الوشلي مدير مديرية السبعين، لاستجوابهما في قضايا مماثلة.

وأكدت المصادر أن القيادي محمد علي الحوثي وجناحه يعملون جاهدين لإثبات تورط خالد المداني مشرف عام الحوثيين في أمانة العاصمة بقضايا فساد ورشى مالية كبيرة، ويتهمونه بالتستر على حمود عباد أمين العاصمة، كونهما محسوبين على جناح المشاط وحامد.

الباحث السياسي مصطفى ناجي الجبزي يرى أن تسمية الصراع داخل المليشيات الحوثية بصراع الأجنحة غير دقيق، كونها حركة غير واضحة بالشكل الكافي، فهي نشأت وصعدت بالحرب كحركة ذات تراتبية قيادة قتالية، ولا تعبر عن تحالفات سياسية وأيديولوجية واجتماعية، بمعنى أنها جماعة مقاتلة بعقيدة واحدة، لها رأس مقدس وأدوات وظيفية فقط.

إن الطابع العسكري هو الغالب على أدوات الحركة الحوثية، فهي لا تمارس السياسة إلا من خلال مقاتلين، وحتى في المفاوضات التي تشارك فيها، يتم إيفاد مقاتلين ميدانيين، لأن الكتلة المقاتلة هي المهيمنة، أما الكتلة التي حاولت أن تمارس السياسة تم تهميشها أو تصفيتها.

ويفسر الجبزي التباينات داخل المليشيات اجتماعياً بأنها تسببت بفرز طائفي إلا أن داخلها فرز اجتماعي قائم على تقديس فئة معينة، وما دون هذه الفئة مجرد جنود وأتباع ليس لهم ثقل في مراكز القرار.

ويستدرك: "وبرغم ذلك ثمة استثناءات، حيث تتشكل دوائر ذات بعد مناطقي يقوم على علاقة الريف بالمدينة، فالحوثيون المنتمون إلى محافظة صعدة لهم الحظوة والأفضلية على غيرهم من الحوثيين المنتمين إلى مدن أخرى، لكن هناك استثناء لتفضيل القادمين من خارج التيار السلالي في صعدة، على من ينتمون لهذا التيار في مدن أخرى".


صراع داخل الأسرة الحوثية:

بقدر ما تبدو المليشيات الحوثية منسجمة ومركزية القرار، إلا أن الصورة الحقيقية لمن يقترب من نواتها من الداخل، يدرك أن ثمة انقسامات أعمق ومراكز قوى أكثر مما قد يعتقد البعض في باطنها.

ومن يقرأ في تاريخ الدويلات الإمامية التي تعاقبت على حكم اليمن عبر التاريخ، يدرك جيدا أن الصراع بين هذه الدويلات التي يعد الحوثي امتدادا لها مسألة وقت فقط، وقضية مؤجلة يتم ترحيلها عادة حتى الانتصار على الخصوم الخارجيين والداخليين، ثم يبدأ مسلسل النزاع داخل هذه الدويلات وفقا لأسس قائمة على مبادئ عقدية، يشوبها الخلاف حول مفاهيم "المفضول" و"الأفضل " والحق بالولاية والخروج عن الإمام الجائر.

وإذا ما ألقينا نظرة سريعة على واقع الخلافات الظاهرية التي نشبت منذ تأسيس الجماعة الحوثية، نجد أن الصراع بدأ مبكرا حتى منذ الوهلة الأولى لبروز النشاط الحوثي في محافظة صعدة، وكان هذا الخلاف امتدادا لخلافات قديمة يدور بعضها حول مسائل عقدية تتعلق بالمذهب ذاته، وأخرى تتمحور حول النفوذ الديني والصراع على المرجعية، وظهر ذلك جليا في الخلافات التي دبت بين تيارين رئيسيين في صعدة، الأول بقيادة المرجع الزيدي مجدالدين المؤيدي، والآخر ذلك الذي قاده بدرالدين الحوثي، الذي تبنى خطابا أكثر تصادمية مع الدولة ومع التيارات الزيدية الأخرى، وعزز نفوذه في نهاية المطاف عبر مسار متطرف، قائم على الارتباط بالمشروع الإيراني، لتصدير ما يسمى "الثورة الإسلامية".

ولم ينته الصراع داخل البيت الحوثي حتى بعد حسم الصراع مع التيارات المغايرة داخل البيت الزيدي "الجاردوي" بصعدة، فسرعان ما ظهر صراع جديد بين عبد الملك الحوثي ومحمد عبد العظيم الحوثي، والذي تحول في مراحل متقطعة إلى صراع مسلح بين أتباع ومريدي الطرفين، لكنه ما يزال تحت السيطرة، نتيجة لما يبدو أنه رغبة ملحة يبديها عبد الملك الحوثي لتأجيل هذا الصراع حتى الانتهاء من حسم خلافاته الإقليمية بالطريقة التي يتوقعها، قبل التفرغ لتنظيف البيت الحوثي ذاته من المختلفين أو المعارضين.

يتوقع مراقبون أن يتطور هذا الخلاف مستقبلاً، نتيجة التعامل العنصري والنظرة الدونية، والتعامل بقاعدة الطبقات والتفريق العرقي لدى المليشيات فيما بينها، ومثلما حققت فكرتهم العنصرية تمييزًا خارجيًا وتفريقًا طبقيًا بين سلالة الهاشمية وبقية أبناء المجتمع، فإن الفكرة ستؤدي لتمييز وتفريق واختلاف داخل السلالة نفسها، التي تتبنى هذه الفكرة والقاعدة، يوحي بهشاشة الفكر الحوثي، وسيمهد لتآكله وإضعافه ماديًا ومعنويًا.

السياسية التي تنتهجها المليشيات في تصفية حلفائها:

بالعودة إلى ما قبل الاجتياح الحوثي للعاصمة صنعاء، عصفت موجة من الاغتيالات لبعض القيادات السياسية، التي أصبغت عملها السياسي بنكهة ليبرالية، وكانت تعمل من خلف حجاب لفرض مليشيات الحوثي على الساحة السياسية والعسكرية، من خلال تبنّي أفكارها ومشروعها التوسعي بشكل سياسي معتدل، الأمر الذي ترفضه المليشيات وتتعارض معه.

كانت البدايات مع اغتيال النائب الحوثي في الحوار الوطني عبد الكريم جدبان، في 22 نوفمبر 2013.

في 21 يناير 2014 اغتيل الدكتور أحمد شرف الدين، ممثل الحوثيين وعضو مؤتمر الحوار الوطني، الذي كان في طريقه إلى مقر توقيع الصيغة النهائية لمؤتمر الحوار الوطني، والذي كانت ترفضه المليشيات الانقلابية وحليفها علي عبدالله صالح شكلاً ومضموناً.

في 2 نوفمبر 2014 اغتيل السياسي القريب من المليشيات محمد عبد الملك المتوكل، ووصفت الرئاسة اليمنية في ذلك الوقت اغتياله بأنه محاولة لخلط الأوراق، وإفشال الجهود الجارية لإخراج البلاد من أزمتها.

ومع تغير خارطة النفوذ السياسي والعسكري التي فرضتها القوات الحكومية في الجغرافيا اليمنية بمساندة التحالف العربي، أصبحت نار الخلافات تنهش تحالف المصالح الهش بين الحوثي وصالح، وبدأت المليشيات بسحب البساط من تحت قدمي صالح شيئاً فشيئاً.

في 8 أكتوبر 2016، شنت مقاتلات التحالف غارات عدة استهدفت مراسم عزاء والد جلال الرويشان، المعين من قبل الحوثيين كوزير للداخلية، في الصالة الكبرى.

تسريبات كشفت عن تعرض اللواء الجايفي وهلال لجروح طفيفة جراء الغارات، وتمت تصفية القياديين من قبل مليشيا الحوثي عقب نقلهما إلى المستشفى، والبعض من قيادات مؤتمرية تم تصفيتهم في القاعة من قبل المليشيات، التي هرعت إلى مكان الحادثة ومنعت إسعاف الجرحى.

في خضم هذه التعقيدات أعلن القيادي الحوثي حسن زيد، في منشور له على فيسبوك حينها، وفاة صلاح العزي وابنته في حادث سير في طريق صعدة، والذي كان أول من باشر بنشر فيديوهات لجريمة تفجير صالة العزاء.

عقب مجزرة القاعة الكبرى تمكنت المليشيات من السيطرة العسكرية والسياسية في معظم محافظات الشمال، وتجريد صالح وحزبه من النفوذ السياسي والعسكري، وتفجرت الخلافات العلنية بين الحليفين، والتي أدت إلى مواجهات عسكرية بينهما في المربع الجنوبي في صنعاء، مما دعا صالح إلى الإعلان عن فض الشراكة مع الحوثيين، ودعا إلى الانتفاضة الشعبية ضدهم، ودعا صالح التحالف العربي إلى وقف القصف الجوي، وفك الحصار وفتح صفحة جديدة وإتاحة المجال أمام الحوار.
الرد الحوثي كان سريعاً باغتيال حليفهم السابق صالح في 4 ديسمبر 2017.

منذ أبريل 2018 كثفت المليشيات من عملياتها السرية، ونفذت تصفيات واعتقالات داخلية، استهدفت رجال القبائل وبعض ضباط الجيش، كانت التصفيات تتم عن طريق ما يسمى "جهاز الأمن الوقائي" مما أثار الرعب في أوساط الكثير من منتسبي المليشيات، وسط انعدام الثقة بكل قياداتها، وظهور أجنحة متصارعة داخلها.
بعدها وضعت المليشيات لائحة بأسماء بعض قياداتها من أجل قتلهم بتهمة الخيانة، تضمن هذه اللائحة أسماء 204 من مشرفي المليشيات إلى زعيمها عبد الملك الحوثي، مع تقارير باتهامات لكل قيادي منهم، بينها التواطؤ والخيانة والفساد وعدم حشد المسلحين.

يبدو أن هناك أطرافاً مستفيدة من هندسة صراع النفوذ للمليشيات بشكل عقائدي وديني متطرف، من خلال تمكين قيادات محافظة صعدة على باقي قيادات المحافظات الأخرى.
يظهر ذلك جلياً من خلال تزايد حد التصفيات الداخلية لبعض القيادات القبلية المشكوك في ولائها، رغم ما قدمته للانقلابيين الحوثيين من مكانة سمحت بتنامي نفوذ المليشيات.
هندسة تظهر مدى ضعف وهشاشة التركيبة الداخلية للحوثيين، وتكشف عن الجانب البشع في التعامل مع الحلفاء قبل الخصوم.

كلمات دالّة

#اليمن