الأحد 05-05-2024 10:09:24 ص : 26 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

جرائم الحوثيين بحق النساء.. حرب موازية تستهدف الأعراض وإذلال المجتمع

الأربعاء 21 سبتمبر-أيلول 2022 الساعة 03 مساءً / الإصلاح نت-خاص | زهور اليمني

  

انقلاب مليشيا الحوثيين على السلطة الشرعية قلب حياة اليمنيين رأسا على عقب، وكان للمرأة اليمنية النصيب الأوفر من معاناة لا تنتهي.

حقوق مسلوبة وكرامة مهدورة وصوت لا يسمع صداه، تكابد همومها بكاهل أثقلته سنوات الانقلاب وتداعياته، التي أكلت أخضر عمرها ويابس سنين عطائها.

استُغلت أبشع استغلال، واستُهدفت بطرق مباشرة وغير مباشرة، فكانت ولا زالت هدفا للقتل، والاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب، فضلا عن النزوح من منطقة إلى أخرى، مما أدى إلى زيادة تعرضها للعنف بشكلٍ كبير.

لقد باتت المرأة اليمنية وكأنها مدفونة تحت تراب انتهاكات الحوثيين وقمعهم، بسبب تغيير نمط حياتها الطبيعي، في ظل مصادرة المليشيات لأبسط أساسيات حقوقها.

وذكرت تقارير دولية ومحلية أن نحو 600 امرأة يمنية قتلت، وأصيبت 805 أخريات منذ بدء الانقلاب.

حيث ذكر المركز الأميركي للعدالة، في بيان له في اليوم العالمي للمرأة (8 أغسطس 2022)، أن النساء في اليمن "يتعرض لصنوف مختلفة من الانتهاكات، ما بين العنف الأسري والازدراء المجتمعي، وفي حين تعيش ملايين النساء أوضاعاً معيشية صعبة، ويقاسين ظروف النزوح والهرب من الحرب، وما يترتب على ذلك من معاناة في المخيمات التي تفتقر لأبسط متطلبات الحياة الكريمة".

وأضاف أن الأسوأ من هذا "الانتهاكات الممنهجة التي تمارسها المليشيا الحوثية، من إصدار لأحكام الإعدام خارج القانون، واختطاف وإخفاء قسري وإهانة، بل إن تلك الانتهاكات وصلت حد الاغتصاب والاستغلال والابتزاز الجنسي داخل وخارج مراكز الاحتجاز، وتشويه سمعتهن، ودفع ذويهن إلى التخلي عنهن والتبرؤ منهن".

منظمة "سام" للحقوق والحريات أفادت في تقرير لها بأنها سجلت أكثر من 150 حالة انتهاك بحق النساء خلال عام 2021 فقط، شملت القتل، والإصابات الجسدية، والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، والتعذيب، والمنع من التنقل، إضافة إلى أن هناك أكثر من 900 ألف امرأة نازحة في مخيمات النزوح.

وأوضحت "سام" أن مليشيا الحوثي تصدرت قائمة أكثر الأطراف المنتهكة لحقوق المرأة، والتي تسببت بـ135 انتهاكا.

وأشارت الأرقام التي جمعتها "سام" إلى أن عدد اليمنيات اللاتي قُتلن خلال هذه الفترة بلغ 40 امرأة، سقط العدد الأكبر منهن في مدينة الحديدة بعدد 12 امرأة، تلتها محافظة تعز 11 امرأة، فيما أصيبت 99 امرأة، وكان لمحافظة الحديدة أيضاً النصيب الأكبر بينهن بعدد 30 امرأة.

وذكرت "سام" أن "من بين إجمالي النساء اللواتي فقدن حقهن في الحياة 12 امرأةً قتلن نتيجة لانفجار الألغام، و5 أخريات قتلن نتيجة لإصابات مباشرة بالرصاص، فيما قتلت امرأتان نتيجة للقنص، وامرأة نتيجة إصابتها بشظايا العبوات الناسفة، فيما فقدت امرأة حياتها نتيجة لجروح مختلفة".

بدوره، وثق تقرير صادر في شهر فبراير الماضي، من فريق الخبراء المعني باليمن التابع للجنة مجلس الأمن، عدداً كبيرا من انتهاكات المليشيا الحوثية بحق النساء في اليمن، من بين تلك الأعمال: اختطاف وإخفاء الناشطات، والاغتصاب، وتلفيق اتهامات كيدية، ومحاكمات صورية بحق المهنيين في القطاعات المختلفة.

واستشهد التقرير بتسع حالات قام فيها الحوثيون باختطاف واحتجاز نساء ناشطات سياسياً أو مهنياً، بسبب معارضتهن لآرائهم الأيديولوجية، أو توجههن السياسي.

وأفاد التقرير بأن الحوثيين استخدموا مزاعم "الدعارة" ذريعة للحد من تقديم الدعم المجتمعي للمعتقلات السابقات، ومنع مشاركتهن النشطة في المجتمع المحلي، وضمان عدم تهديدهن لنظام الحوثيين.

وأضاف التقرير أن المليشيات، وتحقيقاً لهذه الغاية، سجلت فيديوهات مخلة بالآداب، واحتفظت بها لمواصلة استخدامها كوسيلة ضغط ضد أي معارضة من هؤلاء النساء، ووسيلة لردع القيادات النسائية الأخرى، وتخويفهن من الوقوع في المصير نفسه.

وحقق الخبراء في 17 حالة تتعلق بـ50 ضحية من ضحايا انتهاكات القانون الدولي الإنساني، أو القانون الدولي لحقوق الإنسان، فيما يتعلق بالاحتجاز، بما في ذلك العنف والتعذيب على أيدي المليشيا.

أجوب الشوارع أبيع الخضار:

يبلغ الوضع السيئ ذروته في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، التي تتدخل في الحريات الشخصية للمرأة، وتضيق الخناق عليها بشكل أكبر.

إنها تنتهج نهجا متطرفا أشبه بنظام داعش، تنظر إلى المرأة بأنها نوع من أنواع الفتنة، وسبب من أسباب الإغراء، وأن هناك غزوا فكريا وحربا ناعمة تمارس ضدها، ومدخلا حقيقيا لانتهاك الكثير من حقوقها، لذا عملت على تضيق حريتها الشخصية في لباسها وتعليمها وتحركاتها، حيث منعت النساء من التواجد في المقاهي، وحددت نوعا معينا من الثياب، وفرضت على الطالبات في الجامعات ارتداء ملابس معينة، ومنعهن من العمل في بعض المجالات.

(ع. ب) إحدى الفتيات اللاتي طالتهن انتهاكات المليشيا، تحدثنا قائلة: "لقد أجبرت المليشيات ملايين النساء على أن يعشن واقعًا صعبا وظروفا قاسية، فمنهن من هي زوجة لمقعد، أو أم لفقيد أو أسير أو مختطف، أو مسؤولة منزل لا رجال فيه، فبعد أن توفى والدي أصبحت في يوم وليلة المعيلة الوحيدة لأهلي".

وتضيف: "حصلت على عمل في أحد المطاعم، في القسم الخاص بالنساء، وكنت سعيدة جدا بعملي الذي سيكفيني أنا وأسرتي من ذل السؤال، إلى أن قام الحوثيون باقتحام المطعم وطرد كل العاملات فيه، بل تم إخراجنا بقوة السلاح، بحجة مخالفتنا لما يسمونها الهوية الإيمانية".

وتابعت متسائلة: "ماذا يريد الحوثيون وعن أي قيم يتحدثون؟ هل يريدون منا أن نخرج للتسول في الشوارع والجولات؟ اليوم الكثير من النساء يتسولن، والبعض منهن يعملن بائعات متجولات تحت أشعة الشمس الحارقة، لتوفير لقمة العيش وأنا واحدة منهن، حيث أجوب الشوارع أبيع بعض الخضار، التي أشتريها من إحدى المزارع، كي أعيل أهلي".

ومضت تقول: "هذا الإجراء التعسفي، بالإضافة إلى أنه انتهاك لحقوق المرأة وامتهان لكرامتها، فإنه يؤثر على حياتها المعيشية، وحقها في الحصول على مصدر رزق مشروع. إنهم يقطعون أرزاقنا، ويضيقون الخناق علينا ونحن لم نخرج من منازلنا للتسلية، إنما الظروف القاسية التي كانوا سببا فيها، هي من أجبرتنا على الخروج للعمل".

انتهاكات أودت بحياة عدد من الصحفيات:

في بلد عُدّ الأسوأ في العالم من جهة حرية الصحافة والعمل الصحفي، تعاني الصحفيات في اليمن كثيرا من الانتهاكات الجسيمة، التي تحدث لهن بشكل مستمر، ومن جهات مختلفة.

لا توجد إحصائيات رسمية لعدد الانتهاكات التي تتعرض لها الصحفيات، وذلك بسبب اعتماد نقابة الصحفيين على توثيق جميع الانتهاكات التي تحدث، دون تمييز الانتهاكات التي تحدث للصحفيات، عن الانتهاكات التي تحدث للصحفيين.

الصحفية (ع. ت) حدثتنا عن العقبات التي واجهتها في عملها الصحفي قائلة: "خلال تغطيتي لعملي تعرضت لكثير من الانتهاكات من قبل الحوثيين، من أجل إعاقة عملي أو منعه لأي سبب ممكن، فقد تعرضت للتهديد والتخوين وهددوني بالاعتقال، إن لم أتوقف عن عملي".

وأضافت: "هناك انتهاكات للأسف أودت بحياة عدد من الصحفيات، كما حدث مع الصحفية رشا عبد الله، والصحفية رهام البدر رحمهما الله. ولمنعهن من ممارسة العمل الصحفي بأي شكل من الأشكال، قامت المليشيات بتخويف وتهديد الكثير من الصحفيات، مما اضطر بعدد كبير منهن إلى ترك العمل، أو اللجوء إلى العمل بشكل سري، أو باسم مستعار".

وتابعت حديثها قائلة: "لم يكن هذا العنف والانتهاك الوحيد الذي يمارس ضد الصحفيات، بل هناك العنف الإلكتروني الذي يعد ظاهرة مقلقة ضد الصحفيات، حيث تتعرض كثير منهن للقمع اللفظي، خاصة في حال التعبير عن آرائهن في القضايا العامة. وهناك أيضا الكثير من الجهات الإعلامية تقوم بانتهاك حقوق الصحفيات، إما بالعائد المادي البسيط، أو بالعمل من دون عقود عمل، أو أي شيء يمكن له أن يضمن حقوق الصحفية، فالكثير من القائمين على تلك الوسائل الإعلامية، يعتقدون أن المرأة غير جديرة بالعمل الصحفي في ظل وضعنا الحالي، وبالتالي يتم استبعادها من دون أي مبررات".

تعذيبهن لحد الإشراف على مفارقة الحياة:

لإخراس صوتها، تعاملت المليشيا مع المرأة كأداة للابتزاز الشخصي لها، أو وسيلة للضغط على أهلها المناوئين لها لتغيير مواقفهم، خاصة حين تصبح إحدى قريباتهم في سجونها، إذ يسهل عليهم تلفيق كثير من القضايا ضدها، وهو ما يعدّ وصمة عار في مجتمع محافظ.

ويبدو أن صمت المجتمع الدولي إزاء تلك الممارسات، واكتفائه بإصدار تقارير ترصد تلك الجرائم وإدانتها فقط، هو ما شجّع المليشيا الحوثية على الاستمرار في ارتكاب تلك الانتهاكات، التي تزيد من معاناة المرأة.

تقول الناشطة (س. ع): "إذا كانت المرأة اليمنية في الظروف الطبيعية وزمن السلم تعيش ظروفا تعيسة ومؤلمة، فكيف سيكون حالها اليوم وهي المنفضة التي ينفض الجميع عليها غضبهم؟ لقد كانت الكلفة كبيرة جدا، إذ وصل الأمر إلى المساس بحقها في الحياة، وحقها في السلامة الجسدية والسلامة النفسية".

وأشارت إلى أن هناك الكثير من النساء تعرضن للاعتقال والإخفاء القسري، بينهن ناشطات وطالبات تعرضن لكل أشكال التعذيب، فضلًا عن تصفية كثير من المفرج عنهن لاحقًا".

وأضافت: "من خلال عملي رأيت مآسي العشرات من السجينات في معتقلات الحوثي، اللواتي تعرضن للتعذيب الشديد، وفارق بعضهن الحياة جراء ذلك، إثر رفضهن العمل لصالح المشروع الحوثي".

وذكرت أن إحدى الفتيات قضت أكثر من عام ونصف العام في معتقلات الحوثيين دون أي تهمة، سوى أنها رفضت العمل في الأوساط النسائية (زينبية)، من خلال حشد وتجنيد النساء في أنشطتهم العسكرية والأمنية.

وشاهدت هذه الفتاة الويلات في المعتقل الحوثي، من التعذيب والإيذاء الجسدي والنفسي، الذي وصل أحياناً حد الإشراف على مفارقة الحياة.

وبينت أن الظروف الاقتصادية السيئة التي خلفها انقلاب المليشيا الحوثية، وغياب الحدود القانونية، وسقوط القيم الأخلاقية، جعل الكثير من النساء ضحايا عنف آخر، قائم على الاستغلال والابتزاز الجنسي والاختطاف.

وأضافت: "لعل أخطر تلك التداعيات من وجهة نظري، هو اضطرار بعض النساء للعمل في صفوف ما يعرف بـ(الزينبيات) لتغطية بعض نفقات أسرهن، إضافة إلى أن الكثير من المعتقلات نتيجة تعرضهن للتعذيب الذي لا يطاق، يضطرين إلى الموافقة على العمل مع هذا الجهاز الأمني بعد خروجهن من السجن، للهروب من هذا الوضع المأساوي الذي وقعن فيه".

كلمات دالّة

#اليمن