الثلاثاء 19-03-2024 08:41:22 ص : 9 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

التصدع يصل لمجلس الانقلاب..

هيكلة إيرانية جديدة للميليشيات الحوثية تفاقم صراع الأجنحة

السبت 27 فبراير-شباط 2021 الساعة 12 مساءً / الإصلاح نت-متابعات

 

 

تصاعد صراع الفصائل والمراكز القيادية المتنافسة على مستوى الصف الأول داخل ميليشيات الحوثي الإرهابية، المدعومة من إيران، وبات حديثَ الصحافة العالمية والتقارير الأممية، ليخرج بذلك من دائرته السرية إلى العلن، بعدما ظل مقتصراً لفترة على صراعات خفية وصامتة، لأسباب أمنية وسياسية ومالية وقبلية وعرقية مختلفة، فضلاً عن أسباب خارجية مرتبطة بإيران وطريقة إدارتها للحركة.

وأصبحت الانشقاقات تشكل قلقا حقيقياً أثار مخاوف جدية لدى زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، الذي ينافسه محمد علي الحوثي على القيادة، ويسعى جاهداً للهروب من المواجهة المباشرة والمُعلنة على مستوى الأسرة وداخل الميليشيا، محاولاً تقديم نفسه كمرجعية لجميع القيادات والفصائل المنضوية فيها.

لكنه في الوقت نفسه يدعم شخصيات نافذة ومقربة منه في صنعاء، لإعاقة طموحات منافسه الأخطر محمد علي الحوثي، ومن تلك الشخصيات، القيادي المقرب منه، أحمد حامد مدير مكتب رئيس المجلس السياسي الانقلابي، ليصل الصراع بينهما إلى مرحلة متقدمة، وسط معلومات تربط عملية اغتيال شقيقه إبراهيم بدر الدين الحوثي بهذه الخلافات والنزاعات العائلية داخل الأسرة.

 

تصدع مجلس الانقلاب

وحول هذا الصراع المتزايد داخل ميليشيات الحوثي الإرهابية (ذراع الحرس الثوري الإيراني في اليمن) قال وكيل وزارة الثقافة اليمنية، عبدالهادي العزعزي، إن التصريحات المتوالية منذ أشهر لعدد من قيادات الصف الأول في الميليشيا، تنم عن تفاقم الصراع الداخلي ليصل إلى زعيم الجماعة متهماً جهاز التحكم والسيطرة داخلها بالنهب والفساد.

وأشار في تصريحه لـصحيفة "الرياض" إلى انتقال الانشقاق والخلاف إلى بنية المجلس السياسي الأعلى للانقلاب، إذ يتصارع رئيسه "مهدي المشاط" ومدير مكتبه النافذ أحمد حامد، مع محمد علي الحوثي، رئيس ما تسمى اللجنة الثورية الحوثية، والمنافس الأبرز لزعيم الميليشيا.

وأوضح أن فصائل وأجنحة الانقلاب تشعر أن كل جناح يستهدف الأخر ويحاول تضخيم نفسه عددياً بالمقاتلين كنوع من الحماية في مقابل بناء تحالفات اقتصادية ومالية قائمة على الاستحواذ والمصادرة. مشيراً إلى تحالفات جناح صنعاء داخل الميليشيات تهيمن على إيرادات الزكاة واستثمار المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية والإقليمية، في حين اشتد الصراع على قطاع الطاقة وأصبح أكثر ضراوة بعد الاستحواذ على معظم الشركات النفطية من قبل قيادات حوثية محسوبة على جناح صعدة.

 

هيكلة تصطدم بتناقضات الميليشيا

وأخذ الصراع في التصاعد والتوتر خصوصاً في الآونة الأخيرة، وتحديداً عقب شروع جنرال الحرس الثوري الإيراني، حسن أيرلو، في هيكلة تنظيمية وقيادية وأمنية ومالية جديدة للميليشيا، بإشراف وتنفيذ مباشر من قيادة الحرس الثوري الإيراني في صنعاء، وعلى رأسهم الجنرال عبدالرضا شهلائي، المطلوب للتحالف العربي والولايات المتحدة الأميركية.

وتقول مصادر يمنية مطلعة لـ"الرياض": إن الهيكلة الإيرانية الجديدة لميليشياتها في اليمن، تقوم على إعادة توزيع المواقع والأدوار والمصالح والامتيازات، لصالح تعزيز وترسيخ نفوذ النسق الأمني والطائفي الخاضع تنظيمياً وأيديولوجياً وأمنياً للحرس الثوري الإيراني، المصنف على لائحة الإرهاب الدولي.

وأشارت المصادر إلى أن الإجراءات والقرارات الأمنية والتنظيمية والمالية، التي اتخذها الجنرال الإيراني حسن أيرلو والقيادي في الحرس الثوري، عبدالرضا شهلائي (المتنقل ما بين صنعاء وصعدة، والحديدة) اصطدمت بمجموعة معقدة من التناقضات والخلافات والمصالح المتصادمة في البنية التنظيمية والعسكرية والأمنية والطائفية والعرقية والمالية غير المتجانسة.

 

مخاوف بعض الأجنحة

وفي وسط هذه التناقضات الجوهرية الحادة، أثارت سياسة قيادة الحرس الثوري الإيراني وخططه الهيكلية الجديدة، مخاوف وقلق أجنحة ومراكز وفصائل وقيادات داخلية مختلفة، وانعكست بشكل مباشر على الصراع الموجود داخل الميليشيات.

كما أدت إلى زيادة حدة التوتر والخلاف وساهم في كشف خفايا وحجم الصراعات، إلى حيث أكد فريق خبراء لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي في تقريره الأخير أن الانشقاقات الداخلية في تصاعد مستمر على مستوى الصف الأول والأسرة الحوثية، وأن قيادة عبدالملك الحوثي تواجه تهديداً رئيسياً من داخل الجماعة نفسها، مشيراً في هذا السياق إلى أن القيادي النافذ محمد علي الحوثي، أنشأ جهازا هيكليا فاعلا وموازيا للمؤسسات الحوثية ويتحرك من خلالها في بناء نفوذ قوي خاص به، وأصبح يُعد التهديد الأبرز لعبدالملك بدر الدين في قيادة الحركة.

 

دعم النسق التابع للحرس الثوري

وأوضحت المصادر المطلعة لـ"الرياض" أن السياسة والهيكلة الجديدة التي اتخذها مسؤول الحرس الثوري الإيراني في صنعاء عبدالرضا شهلائي، والجنرال التابع له ويدعى "حسن أيرلو" تركز على إضعاف الفصائل والأجنحة والقيادات المختلفة وإزاحتها من المواقع القيادية والإدارية والتنظيمية والأمنية، بهدف تركيز القيادة والقرار بشكل كامل بيد الجناح العقائدي والأمني الذي يتبع من الناحية التنظيمية والأيديولوجية والأمنية للحرس الثوري الإيراني مباشرة، لافتة إلى أن معظم قادة هذا الجناح ممن تلقوا دراستهم وتعليمهم الطائفي في إيران خلال فترة الثمانيات والتسعينات وحتى العام 2014.

ومنذ الإعلان عن وجود قادة الحرس الثوري الإيراني في صنعاء، وعلى رأسهم الجنرال حسن أيرلو، المنتحل صفة سفير، جرى تصفية العديد من قادة الأجنحة والفصائل الحوثية التي تحظى بنفوذ كبير، تعتبره إيران خطراً يهدد قيادة الجناح الأمني والطائفي التابع لحرسها الثوري مباشرة. ومن أبرز القادة الذين جرى تصفيتهم، القيادي الكبير حسن زيد، وزير الشباب في حكومة الانقلاب، والذي تعرض في أكتوبر 2020 لعملية اغتيال في شارع وسط صنعاء بعد أسابيع من وصول "حسن أيرلو"، وسارعت قيادة "فصيل صعدة" إلى إعلان تصفية الثلاثة المتهمين بتنفيذ العملية. الأمر الذي دفع بأسرة زيد إلى اتهام قيادة المليشيات بمحاولة مسح الأدلة وتصفية القضية للتغطية على المتورطين الحقيقيين.

 

جناحا "صعدة"و "صنعاء"

وعلى الرغم من وجود صراع وتنافس داخل "جناح صعدة" وخصوصاً داخل الأسرة الحوثية نفسها، حيث يتصارع عبدالملك بدر الدين الحوثي، مع محمد علي الحوثي.بيد أن ثمة صراع على مستوى أوسع داخل الميليشيات، وتحديداً بين "جناح صعدة" صاحب النفوذ الأقوى عسكرياً وأمنياً، في مقابل"جناح صنعاء" ويعد الأكثر تغلغلاً في هياكل ومفاصل مؤسسات الدولة المحتلة في صنعاء، كما يملك شبكة علاقات سياسية وقبلية ومالية وأمنية واسعة، إضافة إلى كونه قادته يتمتعون بخبرة سياسية وإدارية وأمنية قديمة بحكم علاقاتهم وتغلغلهم سابقاً داخل هياكل السلطة والمعارضة في صنعاء.

وينظر هذا الجناح إلى "حوثيي صعدة" باعتبارهم برابرة لا يجيدون غير استعمال السلاح، كما يؤمنون بأحقيتهم في "الإمامة والولاية" ويعتبرون عبدالملك الحوثي بوصفه مراهق وغير مؤهل لتولي القيادة.

على أن إيران ركزت دعمها لجناح "حوثي صعدة" بحكم دورها المحوري في تكوينه، إذ أنها من أنشأته في الثمانينات ومنذ أن احتضنت مؤسسه الصريع حسين بدر الدين الحوثي، وتزايد اعتمادها على هذا الجناح، وزودته بخبرات عسكرية وأمنية واستشارية وإدارية ومؤخراً بتقنيات وأسلحة متطورة، كما أنها تعمل حالياً على إضعاف حوثيي صنعاء، وسط معلومات تؤكد تورطها في تصفية العديد من قياداته، وفي مقدمتهم حسن زيد.

في هذا السياق، يقول وكيل وزارة الثقافة اليمني، عبد الهادي العزعزي "نظراً لتركيبة الحركة الحوثية وترتيبها العائلي فالأسر الهاشمية الحوثية في صنعاء تقود صراعاً منظماً ضد من تعتبرهم مجرد مقاتلين للحركة ويقصد بهم الأسر الحوثية المنتمية لـ"فصيل صعدة" .

 

إيران تصفي قيادات

ويقول مراقبون يمنيون إن إيران تعمل على مسح الطاولة من القيادات الحوثية والسياسيين التقليديين بحساباتهم الشخصية والعائلية داخل المليشيات لمصلحة عناصر الحرس الثوري الملتزمين والطائعين، كما فعلت في لبنان حينما تبنت تصفية العديد من قادة حركة أمل الشيعية لإفراغ الساحة لذراعها المتجسد بتنظيم حزب الله الإرهابي.

وكان فريق خبراء لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي قد أشار في تقريره الأخير قبل أسابيع إلى "أن قادة الحوثي الكبار ينحازون إلى إيران وتجعل العلاقة بين الطرفين أكثر فأكثر وضوحا، حيث تنحاز الأيديولوجيا الحوثية إلى طهران" محذراً من أن "اعتراف إيران بسلطة الحوثيين دولة في صنعاء تهدد بشكل خطير سلامة اليمن، وتنتهك القرار 2216".

وقال العزعزي إن قادة الحرس الثوري الإيراني في صنعاء، وقيادة الميليشيات الحوثية تحاول التخفيف من حدة الصراع الداخلي وضبط إيقاعه حتى لا يخرج عن السيطرة، فعمدت على شن عدوان غير مسبوق على مأرب والجوف، بهدف تخفيف الاحتقان الداخلي وإيقاف نمو جماعات وأجنحة داخلها، ولإقحام العديد من قيادات الأجنحة التي تريد قيادة الجماعة التخلص منها، وللزج بقيادات يُشك بولائهم لزعيم الجماعة وقيادة الحرس الثوري الإيراني في صنعاء عبر الدفع بهم إلى مأرب لخوض معركة تدرك المليشيا أنها انتحارية وخاسرة.