الخميس 02-05-2024 13:22:52 م : 23 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

صنعاء الحضارة.. استعصاء يماني على عصابة كهنة التزوير ومحو حقائق التاريخ

الثلاثاء 28 مارس - آذار 2023 الساعة 10 مساءً / الإصلاح نت – خاص

 

 

في خطوة خبيثة تهدد موروثا ثقافيا ومعلما حضاريا منذ قرون، كشفت مليشيا الحوثي الإرهابية اعتزامها هدم عدد من الأسواق الشعبية التاريخية في مدينة صنعاء القديمة المدرجة على قائمة التراث العالمي، بهدف تحويلها إلى "مزار شيعي" على غرار المزارات الشيعية في إيران والعراق.

وجاءت هذه الخطوة ضمن مخطط طائفي (على المستوى الإقليمي) عنصري (على المستوى المحلي) لتدمير التراث والتاريخ اليمني، ومن جانب آخر ضمن الحرب الاقتصادية التي تشنها المليشيا الحوثية على اليمنيين ومصادر رزقهم.

وحتى تتضح حجم الكارثة فيكفي أن تعلم أن مدينة صنعاء القديمة المأهولة بالسكان منذ أكثر من 2500 سنة، تُعد من أبرز المعالم التاريخية في اليمن، لتميزها بطراز معمارها القديم الذي يمتلك زخارف غنية توجد بأشكال ونسب مختلفة مثل كتل النوب والأسوار والمساجد والسماسر والحمامات والأسواق والمعاصر والمدارس إلا أنه لا يعرف متى تم بناء هذا الطراز المعماري المتأثر بالطراز الحميري.

الحكومة اليمنية وعبر وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني، حذرت من إقدام مليشيات الحوثي على هدم أسواق تاريخية في صنعاء القديمة، مؤكدا أن "ما تقوم به المليشيا من استهداف وتدمير ممنهج للمواقع الأثرية والتراثية يندرج ضمن مخططها لتجريف الهوية والموروث الثقافي، والحضاري، والتاريخي لليمن، واستبدالها بهوية دخيلة مستوردة من إيران".

 

هدم تاريخ.. بناء أكاذيب

يفسر الباحث والإعلامي عبد الله إسماعيل، ما تنوي مليشيا الحوثي القيام به في مدينة صنعاء القديمة بأنه جزء من فكرة التغيير الديمغرافي الذي تسعى له، في إطار صبغ المناطق التي تسيطر عليها بالصبغة الإمامية الفارسية.

وقال إسماعيل لـ"الإصلاح نت" إن هناك توجها واضحا لعملية التغيير الديمغرافي، فيما تشتغل المليشيا على مسألة الوقت، باستغلال توقف الحرب، وترى أن لديها فسحة من الوقت لإحداث هذا التغيير وتساوم من أجل بقائه في المستقبل.

ويوضح فيقول: "تسعى الجماعة إلى إحداث التغيير الديمغرافي الذي في مخيلتها، وتغيير الشكل والطابع العام لبعض المناطق، وخلق الكانتونات الخاصة بها، كما تعمل من أجل شراء بيوت ومناطق واسعة في الجراف وحدة وغيرها، وفي حال هُزمت عسكرياً أو حدثت تسوية سياسية فستبقى هذه الكانتونات، وهو ما يفسر مسارعتها في القيام بالتغيير الديمغرافي.

ويرى أن الأمر بالنسبة لمليشيا الحوثي يتجاوز المكاسب المادية إلى تغيير الهوية والصبغة اليمنية بصبغة فارسية إيرانية وسلالية، كجزء من الحرب على التاريخ والهوية اليمنية.

ويؤكد عبد الله إسماعيل أن زيارة علي بن أبي طالب إلى صنعاء غير ثابتة على الإطلاق، ومليشيا الحوثي تعلم أنه ليس لها أي ذكر تاريخي، ويوضح أن الثابت أن رسول الله أرسل علي إلى ضواحي نجران، ولم يصل إلى صنعاء أو يلتق همدان، والدليل إرساله لجمع الزكاة وهذا لا يتم إلا من قوم مسلمين، ما يعني أن إسلام اليمنيين سابق لإرسال علي خاصة في المناطق المذكورة.

 

أبعاد معادية لليمن

بينما يعتقد الكاتب والباحث همدان العليي، أن سعي مليشيا الحوثي لبناء مزار خاص بها في صنعاء له ثلاثة أبعاد أساسية، الأول هو البعد الطائفي، والثاني بعد ثقافي يتعلق بالتراث، وبعد اقتصادي.

ويذهب في حديثه لـ"الإصلاح نت" إلى أن البعد الاقتصادي يقتضي حرمان عدد كبير من أصحاب المحال التجارية والمشاريع الصغيرة في هذه المناطق من المصادر الأساسية لدخلهم، وسلوك هذه المليشيا قائم على النهب، دون اكتراث لتضرر كثير من الأسر.

وفي البعد الثقافي يجزم العليي أن مليشيا الحوثي تريد تدمير واحدة من أهم المراكز التراثية في العالم المسجلة في المؤسسات الدولية، وبناء مكانها بأسلوب وأدوات حديثة جريمة بحسب المواثيق والاتفاقيات الدولية، وهي ضمن سياسية الإبادة لثقافة المجتمع اليمني، وصناعة كيانات ومواقع تعزز العنصرية العرقية وتمجيد السلالة، ما يعني استهداف التراث التاريخي اليمني وبناء وصناعة ثقافة خاصة بالسلالة العرقية في اليمن.

وعن البعد الطائفي يرى العليي أن هذه المليشيا العنصرية تستهدف المعتقد السُني في اليمن، وتعمل على فرض المعتقد الذي يتم جليه من إيران بالقوة، من خلال ممارسات على رأسها التجويع والإرهاب يوازيها اصطناع الخرافات التاريخية وإنشاء مزارات أسوة بالدول التي تنتشر فيها هذه الأفكار.

 

ثنائية الخرافة والتزوير

بينما يؤكد رئيس تحرير مجلة "المنبر اليمني" الصحفي أحمد اليفرسي، حرص الحوثي على تزوير التاريخ ليحقق بذلك أهدافًا شتى، منها أنه يعتمد أساسًا على عقيدة زائفة لا قاعدة لها من المنطق أو العقل أو النقل والنص الديني.

وأضاف اليفرسي لـ"الإصلاح نت": "يلجأ فقير الحجة إلى الكذب والتزوير دومًا، فتقوم الفكرة الشيعية برمتها على خرافة وكذب محض لا تسندها حجة ولا دليل، تقوم على فكرة الاصطفاء السلالي المنوي، وهي فكرة منقوضة نقضًا صريحًا فصيحًا بالقرآن والسنة، فالقرآن يقول: "يا أيها الناس اتقوا الله الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالًا كثيرًا ونساءً..."، وهي آية صريحة تهدم تلك الخرافة السلالية التي يتكئ عليها أولئك الدخلاء ليبنوا عليها دينًا جديدًا لا علاقة له برسالة الإسلام ولا دين التوحيد".

وأشار إلى أن هناك كثيرا من الأكاذيب والتلفيقات التي يبني عليها الحوثي خطابه وبرامجه الطائفية، متصلة بطبيعة البنيوية الفكرية للمشروع نفسه، مبيناً أنه فكر يقوم أساسًا على التزوير والسطو على كل شيء؛ على التاريخ والرمزية الوطنية والدينية والعلمية، والجغرافية، لا يملك إرثًا فكريا أو دينيًا أو تاريخيًا يؤهله لأي دور، فيلجأ إلى السرقة أو صناعة مجسمات هلامية ينفخها في الهواء لتبدو للناس ضخمة مهيبة وهي مجسمات بلاستيكية كرتونية غير حقيقية، يستخدم الإرهاب والقمع ليفرضها على الناس.

ويجزم اليفرسي أنه لم يرد في التاريخ ولا في أي مرجع أن على بن أبي طالب رضي الله عنه وصل إلى صنعاء، لكنهم فرضوا هذا المجسم الكرتوني وكأنه حقيقة، تمامًا كما صنع السامري عجلًا جسدًا له خوار وقال لبني إسرائيل هذا إلهكم.

واستطرد: "حتى لو افترضنا أن عليًا زار صنعاء مع أن ذلك كذب وخرافة وافتراء على التاريخ فذلك لا يعطيهم الحق بأن يهدموا صنعاء التاريخية ليبنوا مزارًا أو حسينية قذرة كما ينوون، كل ما يفعلونه اليوم مبني على الكذب والفجور والتزوير، صنعوا تاريخًا موازيًا من خيالاتهم ويريدون فرضه كحقيقة على الناس، مستهينين بكبار علماء اليمن ومفكريه ومؤرخيه العمالقة".

 

أهداف خبيثة

يعتبر الباحث والإعلامي عبد الله إسماعيل مزاعم وصول علي إلى صنعاء فرية كبيرة، ومحاولة سلالية لتزوير التاريخ، والهدف تبرير أعمالها الإجرامية في النهب والسيطرة على مقدرات الناس، ووصلت في أحيان إلى اختراع الأنساب لبعض القبائل.

كما لفت إلى أن من الأهداف محاولة السلاليين تقزيم الشخصية اليمنية، لتثبت هذه الجماعة أنها صاحبة الحق الإلهي المختار في الحكم.

وبين إسماعيل أن هذه العنصرية يتم تبريرها بمنطلقات دينية، لا تستطيع إلا أن تزور التاريخ، وحتى التفسير للنصوص الدينية أو تخترعها، والهدف من ذلك استخدام الدين لمحاولة السيطرة والوصول إلى الحكم والوصول إلى ما في أيدي الناس والاستقواء عليهم، وهو الأمر الذي تكرر في كل مراحل الإمامة على مدى 1300 عام.

فيما يؤكد همدان العليي أن سكان اليمن لا يؤمنون بهذه المعتقدات الخمينية المستندة على الدعم الإيراني، وهو محل رفض أبناء اليمن، الذين يؤمنون بحرية المعتقد دون فرضه بهذه الطرق الإجرامية لا يمكن القبول بها.

ويرى اليفرسي أن الحوثي يهدف من هذا التزوير والكذب إلى إيجاد تاريخ موازٍ يستخدمه كرافعة سياسية لخرافته بالولاية، والاصطفاء الجيني والسلالي، كل تلك الأفعال هي لخدمة ترميز السلالة سياسيًا وتحويلها إلى مقدس ثابت من ثوابت اليمنيين، وتحويل اليمنيين إلى مجرد عكفة عند تلك السلالة وعبيد، يتقربون إلى الله بخدمتها، والهدف تأبيد هذه السلالة على رؤوس اليمنيين كمقدس مرتبط بالله وبدينه يكفر من يخالفها أو يرفضها ويصير كافرًا حلال الدم والمال والممتلكات.

ويلفت إلى حرص الحوثي على تزوير التاريخ ليحقق بذلك أهدافًا شتى منها أنه يعتمد أساسًا على عقيدة زائفة لا قاعدة لها من المنطق أو العقل أو النقل والنص الديني؟

ويحذر اليفرسي من أهداف العصابة الحوثية التي تسعى إلى إلغاء أي ميزة للمجتمع سواء تاريخ أو رمزية، فأي رمزية أو تاريخ يعتقدون أنه يزاحم تقديره تقدير رموزهم الدينية المسيسة، يجب تدميره واعتباره رمزًا كفريًا يستوجب الإزالة والشطب والإلغاء، ولا ينبغي أن يعتز اليمنيون إلا برموز السلالة، ولا ينبغي أن يتخذ اليمنيون لأنفسهم مسارًا يجعل منهم أمة وحضارة مستقلة عن السلالة، متميزة بكينونتها، ويرون ضرورة تحطيم اليمني معنويًا وتاريخيًا ليتم بعد ذلك بناؤه وفقًا لوظيفة التابع المستخدم لهم لا وظيفة القائد صاحب القرار.