|
من المحزن ان يرحل أحدنا ، والوطن لايزال يتشبث بألق افكاره ، وروحه الندية المسكونة بقضاياه ، حدث ذلك في الرحيل المبكر والمفاجئ للزميل مختار النقيب ، رحمة الله تغشاه ، آخر الكلمات في صفحته على فيسبوك ، تترجم حجم روحه الوطنية ، ونبل عطائه.السياسي ، وتميزه في الاداء الاعلامي ، وشخصيته العصامية ، دفاعا عن اليمن وهويته وكرامته ، في مواجهة مليشيا الموت والخراب ، تذكروا جيدا واقرؤوها للمرة الالف فهذه خاتمة افكار مختار ، وختامه مسك ، مخاطبا الجميع .. (خليك صاحب قضية ، وابتعد عن المعارك الشخصية التي تحرق جهود وأوقات الناس بلا فائدة.وتذكر أنها تأتي على حساب قضايا أساسية بمرحلة مفصلية في عمر الجمهورية اليمنية) .. رحمة الله تغشاك ، أيها المختار النقيب ، تركتنا نختنق بفاجعة رحيلك المفاجئ ، ترجلت وانت في قمة العطاء والتسامق، تركت في وجوه الكثير من رفاق الإعلام، ما يشبه الصمت والذهول، اختنقت الكلمات في الصدور ، صارت بهيئة حشرجة حزن عميقة ، كان حظي كبيرا حين عثرت عليك في آخر لقاء ، كان عناق الاخاء والوداع الاخير ..
اقتسمنا والعديد من رفاق الحرف والكلمة والاعلام ، في الساحة اليمنية ، مساء أمس الاحد نبأ الرحيل المباغت ، لفارس إعلام ، ترجل صائما ، ارتقت روحه عروجا للسماء ، بذبحة صدرية ، غابت الروح والشمس معا ، تاركا في صدور الجميع وجع الفقد والغياب ، هذا ما لا نقدر عليه من البوح ، المحزن لفراقك يالحبيب ، شموسا تعانق اخرى ولا تغييب ، سنكون اكثر جلدا في الصبر حتى في وجع رحيلك المباغت ، حزن الجميع لفراقك كثيرا ً ، وقد صار الموت حقا علينا ، فكم من صدر ضاق ، اتسع برحمة الله ، فرحمة الله تغشاك ، ورحمة الله تبعث فينا وفي قلوب اهلك ومحبيك ، صبرا يليق بفاجعة رحيلك ، يا الله كيف نودع الاحبة واحدا تلو الآخر ؟ ، وقد تركوا حضور بليغا في ذاكرتنا ، في كل ساحات نضالنا ، في ألق التذكر وتعاريج هذه البلاد ، تركوا مساحة وارفة من تاريخ حياتهم المثخنة بالحضور الكثيف لاجل الوطن .
لم اكن اعلم ان التساؤلات عن غياب من اوجعنا فراقهم ، لا يأتي الا بعد الفراغ الكبير الذي تركوه في حياتنا ، من يملأ المساحة التي كنت تغطيها في الاعلام يا مختار ؟ حضورا واعتمالا في قضايا الوطن وفي مواجهة مشروع الارهاب الحوثي ؟
مازال بي حنين لشجن لقاءنا الأخوي والمهني كرفاق حرف في مؤسسة الصحوة ، كم بوسعي ان استدعي ذاكرة الحنين تلك ؟ ، أطل الجميع من شرفة الوطن ، مكدودون بأشواقه واوجاعه ، انتصرنا فيه لقيم الحرية ، ناهضنا صروف القهر والحرمان، واجهنا مراكز النفوذ والفساد وأعداء الوطن ، بالكلمة والصورة والخبر ، وحين اتسعت دوائر الموت بهذه البلاد ، لم ننكسر ، ترك مختار النقيب قريته ومنزله ، كبقية رفاق الحرية والإصلاح، هجرنا نزحنا ، ومعنا حملنا كل تقنيات المواجهة بذات الروح الوطنية ، لم ننكسر حتى ونحن نلقى قدر الموت ، لنصافحه ونحن في أنقى تجليات العروج ، غادرنا الكثير من انقياء الحرف ورفاق الكلمة ، وزملاء مهنة المتاعب ، وهاهو مختار يختار العروج على طريقته الأنيقة ، وليس في جوفه من فتات الدنيا شيئ ، فمن لم يغادرنا شهيدا غادرنا صائما ، تاركا لنا اخر وصاياه ، كتبها للوطن ، اليمن المفعم به حتى آخر اللحظات الأخيرة ..
جمعتني بالزميل مختار النقيب مؤسسة الصحوة ، والإصلاح ، انتماء ورؤية وثقافة ، مدرستا المهنية الصحفية ، والعمل الوطني المكدود بالوطن والانسان معا ، أخذنا مايليق بنا ويوازي ارواحنا من امنيات واحلام ، تليق بهذه البلاد ، وحين يقرر القدر ، ان نرحل ، نرحل وقد وهبنا الوطن كل مانملك ، دفعة واحدة .
ثمة إخوة لنا نرفض إن نتجاوزهم لأنهم يقفون بين ، القلب والروح ، أبلغ.وصف قرأته لابن القيم في شأن الأرواح، "القلب يشم رائحة القلب" وهانحن نشتم رائحة اخوتك وعبق نضالك الوطني ، حتى وانت في نعش الرحيل الاخير مساء هذا اليوم الاثنين في مدينة عدن ، المدينة التي اخترتها للنزوح ، والمدينة التي تشبه جغرافية حضورك البهي في قلب اليمن ، غادرنا مختار النقيب ، جسدا وبقيت أفكاره ورؤاه حية فينا إلى الابد، ستبقى إخوته.ابتسامة تركها كاخضرار ابدي في مواجيد ارواحنا ، أنا لا أبوح بكل تفاصيل وجع رحيلك فقط ، لكنني تألمت لفراقك يا مختار ، يا لوجع بعد المسافات ؟ انا لا أكتب فقط بل انشج ، فالكلمات، تبدو ضئيلة حين ، تريد احتواء فضاء من العمل الوطني المتقد حماسا ، واعلاما فارقا في تتبع الاحداث وصناعة رسالة الإعلام المجردة من كل الاجندات ، كما كان عليهمختار ، أعيدوا قراءة مادونه في الساعات.الاخيره من رحيله .. من المحزن ان يرحل أحدنا والوطن لايزال يريده ، نواسي أنفسنا في ظل ركام الأحداث المتلاحقة، لدرجة هذه الامنية ، الدافقة بمشاعر الحب والاخاء ، هلا تكرمت الأرض إن تمنحنا مساحة صغيره بجوارك وجوار كل الأحرار ممن ضمت الارض اجسادهم ؟ لنتعانق فيها روحا ووجدا واخاء ، على وعد بلقاء ابدي ، في رحاب حياة خالدة ، يجمعنا الله فيها ، لنحكي فيها أجمل ما قدمناه للوطن والانسان ، حين أراد الله لنا الرحيل ، كتب لنا ذلك في الطريق للصلاة ، أو في محراب الشهادة ، وحين لا يحدث ذلك قدرا ، نعرج صائمين .
عزاؤنا.البالغ لأهلك وذويك وكل محبيك انا لله وانا اليه راجعون ..
وانا لفراقك يا مختار لمحزونون .
في الثلاثاء 05 يوليو-تموز 2022 01:05:23 ص