|
إنه السياسي المحنك، ذلك الذي يقبع خلف القضبان، مقهوراً، بدون جرم أو محاكمة، يعاني من الأمراض وهمجية السجان، ويعاني أيضاً من جحود الأصحاب والخلان ورفقاء الدرب.
أتخيله في زنزانته يتعرض للإهانة والتعذيب، ويمر بمخيلتي ذكرى طيفه وهو أمامنا نجري معه مقابلة تلفزيونية، تمت في إبريل ٢٠١٠م بصنعاء.. المقابلة كانت لفيلم وثائقي عن اللقاء المشترك من إنتاج منظمة صحفيات بلا قيود.
أسترجع الآن كلماته القوية المخلصة والصادقة، فأتألم وأتميز غضباً وغيظاً وحرقة.
للعلم، ولمن لم يلتق بالأستاذ المربي محمد قحطان، فأول ما يلفت نظرك إليه بساطته وتواضعه وبشاشته ووقاره.. إنطباع مريح يرتسم في عقلك، فإن تحدث وقفت إجلالاً لفكره ورجاحة عقله ووضوح الرؤية عنده، تحيط بك بلاغته وقوة حجته وأسلوبه الذي تميز به وهو يجمع بين السياسة الثقيلة والفكاهة والسخرية، وهو الأسلوب الذي كان يجعلنا جميعاً كأعضاء في اللقاء المشترك وكمعارضين للنظام السابق ننتظر تصريحاته ضد المخلوع صالح باهتمام ولهفة.
نعم لقد كانت مناورات ومحاصرات تصريحات الناطق الرسمي للمشترك لعدة سنوات قحطان، بقدر ما كانت تشفى غليل صدورنا، كانت تصيب المخلوع بالجنون والهستيريا وتخرجه عن الإطار ليبدأ بالهذيان. لم لا والمتحدث معه بارع وحديثه تكلله آيات الصدق والمسؤولية وتنبعث من بين ثناياه عبق الوطنية وقيم الحرية والتحدي والمنطق، وهو ما يفتقده الخائن الجبان المخلوع.
حقيقة اليوم
سأركز في تناولتي هذه ليس فقط على جريمة الحرب التي ترتكبها المليشيات التابعة للحوثي وعلي عبدالله صالح بحق سجين الرأي السياسي الذي ليس له من جريرة إلا التصدي للإنقلاب على الإرادة الشعبية والشرعية وإسقاط العاصمة واحتلال المحافظات وقتل المواطنين واستحلال دمائهم وأعراضهم وممتلكاتهم ومقدساتهم.
ولن أتكلم كثيراً عن الدور الضعيف الذي قامت به كل أحزاب المشترك بحق قحطان، وإنما سأتناول وصية من وصايا قحطان وجزء مهم من نضالاته السلمية التي يجب أن نحافظ عليها.
نعم لقد تحدث معنا مطولاً عن تجربة اللقاء المشترك كأول تجربة في الوطن العربي، شكلت فارقاً في عالم السياسة، وأملاً وانفراجة بعد الانسداد في الأفق السياسي الذي رافق بداية العام 2000م.
ضم المشترك الأحزاب المتباينة في التوجهات والأيدلوجيات والثقافة والفكر، وكان لمهندس اللقاء، رفيق الدرب الشهيد جار الله عمر الكهالي الذي اغتالته أيادي غدر صالح، دور جوهري في إخراج هذا الكيان إلى النور، دفع ثمن هذا الخروج حياته مقابلاً له لاحقاً.
مثل هذا التكتل الركيزة الأساسية للنضال السلمي، ولحقه النضال العسكري لكسر أنياب وعظام الاستبداد والقضاء على هوس التمديد والتوريث والاستفراد بالسلطة والثروة والقرار السياسي.
الثمن الباهظ بكل المقاييس، الذي قدم قرباناً للتحرر والحرية.
مازال يقدم، وبعد مرور 14 عاماً منذ إنشاء المشترك، خطفت روح جار الله عمر، وخطف جسد محمد قحطان إلى السجن فأخفى قسراً، وتم منع أسرته حتى من زيارته أو الاطمئنان عليه، ورزح سنتين تحت التعذيب والإهمال في سجون الأمن القومي الخاصة.
لقد ثار الثائر محمد قحطان في وجه الظلم وصمد ومن معه في وجه المحاولات المستميتة لفكفكة المشترك وتمزيقه، و تصدعه من الداخل.
ثار قحطان في وجه كل محاولات المخلوع لإفشال التسوية السياسية التي أعقبت الثورة الشبابية الشعبية، وصمد أمام محاولات إفشال حكومة الوفاق وهدد المخلوع بأن الشعب بعد أن ثار عليه فسيزحف إلى قصره ومكتبه.
هاجم قحطان الحوثي بعد اجتياحه صنعاء والمحافظات فوصفهم بالإنتفاشة التي إلى زوال .
أضطر قحطان، وحزب التجمع اليمني الإصلاح الذي يمثله، للقبول باتفاق السلم والشراكة الذي تم تحت تهديد السلاح لأنه يعلم أن البديل هو الحرب الأهلية، وقد كانت، ليس لأن قحطان رفض ذلك الاتفاق، وإنما لأن الحوثي والمخلوع انقلبا على الاتفاق وأرادا ابتلاع كل شيء.
خطف الثائر الحر في ٤/ إبريل/ ٢٠١٥، ومنذ ذلك التاريخ والوطن بأكمله مخطوفا، والمشترك يتشظى ويقل تأثيره.
لقد أعلن زعيم الإنقلابيين عبدالملك الحوثي قبل يومين عن رغبته بعقد صفقة تبادل للأسرى بين الحوثيين وحكومة الشرعية، ونرجو أن يكون محمد قحطان من ضمن الصفقة، ليس لأنه أسير حرب فهو لم يحمل السلاح يوماً ولم يرفع في وجه الظلام والتخلف والعنصرية والسلالية والاستبداد والظلم والأثرة والطغيان إلإ القلم ولسانه الحر.
وأختم بما ختم به الأستاذ السجين، فقد حذر من كف العفريت الذي تلاعب بمصير البلد ومعه مصير المشترك الذي يتعرض لهزة ارتدادية بسبب الحرب التي يشنها الإنقلابيون على البلد وبسبب الاستقطابات الخارجية، والجشع والابتزاز لدى بعض أحزابه.
هذه الهزة التي أدت إلى خلخلة وانقسامات وتشظى وضعف في أداء المشترك لابد أن يتم تداركها.
فنتائج التمزق الحاصل سينعكس سلباً على أية تسويات قادمة وخصوصاً إذا عرفنا أن المشترك كان الحامل الرئيس للثورة ومثل طرفاً مقابل الطرف الآخر في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وفي القرارات الدولية المعنية.
إن ترك جهد من ضحى وبذل يضيع جريمة لن تغتفر ليس لأننا ضد التحالفات السياسية وإنما لأن المصير المشترك لابد أن يجمعنا حتى تستقر المرحلة على الأقل.
ومن باب الوفاء لنضالات وتضحيات من سبق علينا تطوير اللقاء المشترك وتوسيعه ليضم كل القوى لاستكمال المهمة التي انطلق من أجلها وهي إرساء النظام الجمهوري الاتحادي والديموقراطى وتحرير القرار والثروة والسلطة لتصبح ملكاً مشاعاً للشعب ومن أجل مصلحته.
نطالب كل أحزاب المشترك وكل القوى السياسية والمدنية والإجتماعية بالضغط الجماهيري والسياسي والإعلامي لإطلاق سراح محمد قحطان والصبيحي واللواء ناصر هادي وكل المعتقلين من الناشطين والصحفيبن وغيرهم، وذات الطلب نقدمه لرئيس الجمهورية الذي لم يتخل قحطان عنه ورفض كل الانتهاكات التي مورست ضده وظل واقفاً ومعه الحزب الذي ينتمي اليه في صفه حتى اللحظة.
#الحرية_لقحطان
#FreeQahtan
#الحرية_للمعتقلين
في الثلاثاء 04 إبريل-نيسان 2017 05:12:29 م