بين يدي ذكرى 22مايو
مجيب الحميدي
مجيب الحميدي

الشرعية الأخلاقية للوحدة والنزعة الانفصالية...

رغم عظمة الإنجاز الكبير الذي تحقق صباح الثاني والعشرين من مايو 1990 بإعلان الوحدة اليمنية فسرعان ما بدأت بعد حرب 94 تتآكل القاعدة اﻷخلاقية للوحدة بتنامي سياسات الاستحواذ العائلي ومراكز النفوذ في الشمال على السلطة والثروة رغم توهم البعض حينها لإحكام نظام الاستحواذ قبضته اﻷمنية والعسكرية على كامل التراب الوطني؛ و تولدت على إثر هذا التآكل قاعدة أخلاقية للنزعة اﻹنفصالية استجمعت مشاعر الاحتقان من الإقصاء والتهميش.

غير أن اندلاع ثورة فبراير 2011 التي اسقطت النظام العائلي في الشمال واسندت السلطة لرئيس من أبناء الجنوب وفتحت آفاق الحوار لبناء صيغة سياسية ليمن اتحادي جديد؛ جددت الشرعية اﻷخلاقية للوحدة السياسية في صيغتها الجديدة التي حددتها مخرجات الحوار الوطني وبدأت تتآكل في المقابل القاعدة اﻷخلاقية للانفصال رغم ما يتوهمه البعض من تعاظم هذه النزعة أو إحكام قبضتها العسكرية على أجزاء من الوطن.

ورغم أن نكبة الانقلاب الظلامي الفاشي في 2014 حاولت إعادة تعزيز القاعدة اﻷخلاقية للنزعة الانفصالية مع إشهار أقبح مخالب النزعات الاستحواذية العنصرية الكهنوتية على السلطة والثروة إلا ان انخراط أبناء الشمال في جبهات الدفاع عن الشرعية في أكثر من مدينة وتقديم آلاف الشهداء وتشبثهم بالشرعية الديمقراطية ما يزال هذا النضال وهذه الدماء المتدفقة كل يوم تجدد الحياة في الشرعية اﻷخلاقية للوحدة السياسية في ثوبها الاتحادي المستقبلي رغم كل التحديات والتدخلات الخارجية المشبوهة.

ويدرك اليوم كهنة اﻹنقلاب الاستحواذي العنصري الدموي انه لا مستقبل لمشروعهم الفاشي في ظل اليمن الكبير، فإليمن الجمهوري الديمقراطي لن يستقر له قرار تحت سلطة الإكراه الكهنوتية العنصرية بغرائزها الاستحوذاية التي تتقمص ثوب الدين بتفسير مذهبي متخلف لنظرية الولاية العنصرية التكفيرية الفاشية والمعادية للديمقراطية والتي تستبيح دماء جميع المخالفين من التيارات السياسية والمذهبية الأخرى بما في ذلك الشيعة الاثناعشرية فالشيعة الاثنا عشرية لا يؤمنون بولاية البطنين فالقول بولاية البطنين يسقط القول بولاية اﻹمام الغائب والقول بولاية اﻹمام الغائب يسقط القول بولاية البطنين وهذا تناقض جوهري و مهم للغاية فرغم التوافق الظاهر للمصالح السياسية المؤقتة فالشيعة بمختلف فرقهم يعتبرون مسألة الولاية من مسائل العقيدة و الاختلاف فيها خلاف في جوهر الدين مع وجود فارق سياسي مهم لصالح الشيعة الاثنا عشرية يتمثل بإمكانية قبولهم بالآخرين وقبولهم بالديمقراطية في ظل غياب إمامهم المزعوم أما نظرية البطنين فلا يمكن أن تقبل بالأخر إلا تابعاً ذليلاً خاضعاً لجميع أنواع الابتزاز فضلاً عن اعتماد هذه النظرية الهمجية الفاشية على ثقافة الخروج المسلح والاكراه لفرض اﻹمام بالقوة كشرط لصحة الإمامة.

وإصرار الانقلاب الفاشي اليوم على ربط المذهب الزيدي بنظرية فاشية تاريخية لا تنتمي لثقافة العصر الحديث إساءة بالغة للمذهب الزيدي فلا مستقبل للزيدية في اليمن إلا بتجاوز نظرية الإمامة الطاغوتية الكهنوتية والقبول بالديمقراطية التوافقية والمواطنة المتساوية ولا مستقبل للوحدة السياسية في اليمن إلا بالقضاء على جميع النزعات الاستحواذية الفاشية ولن تستطيع الأمم المتحدة ولا أي قوة في العالم إجبار الشعب اليمني في أي منطقة جغرافية على العيش تحت سلطة فاشية عنصرية كهنوتية تفرض سلطتها بقوة السلاح المجرد من أي تفويض شعبي.

وفي المقابل لا مستقبل لأي نزعات أنفصالية سقطت قاعدتها الأخلاقية في النضال ضد الاقصاء وتحولت إلى مشاريع للإقصاء والاستحواذ وليس أمام اليمنيين إلا العودة إلى سبيل الرشد والحكم الرشيد والسلام والتعايش في وطن ديمقراطي تعددي والعودة إلى مخرجات الحوار الوطني بعد التكلفة الباهظة للتمرد على هذه المخرجات والفشل الذريع لفرض صيغة أحادية فاشية أوصلت الوطن إلى هذا البؤس والدمار .


في الأربعاء 22 مايو 2019 11:44:36 م

تجد هذا المقال في موقع التجمع اليمني للإصلاح
https://alislah-ye.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://alislah-ye.net/articles.php?id=547