|
في البدء يجب أن نعترف أن "العنصرية" و "التمييز الطبقي" والعرقي قضية اجتماعية معقدة ومنتنة ولا يجوز تناولها بسطحية دون بحوث ودراسات ونقاشات فكرية وسلسلة فعاليات تعالج هذه الامراض وتغسل مخلفات السلالية العنصرية القذرة، وهذا ما جعلني اكف عن الخوض في التراشقات الهوجاء التي تظهر بين الفينة والاخرى.
وأكبر عتب ممكن تسجيله هو على اولئك الذين نلمس حرصهم على مناهضة الامامية الكهنوتية العنصرية وعلى ثمرتها النتنة المتمثلة في الحوثية وكل افرازاتها المتسخة بالاحقاد والانتقام من الجمهورية ومبادئها المنبثقة من قيم الاسلام الحنيف -الجمهورية أعني- والتي هي قيم الانسانية السمحاء، والعتب على هذا التيار أنهم يعالجون العنصرية بعنصرية مماثلة ويداوونها بالتي كانت هي الداء!.
اليمنيون اليوم يخوضون حربا وجودية، حربا تأكل أطهر ابناءها وكواكب الشهداء ومواكب التضحيات بالحرية والمال والنفس والوطن لا تزال دماؤنا فيها طرية، ولا يمكن أن نقبل كيمنيين لأحد أن يستثمر تضحياتنا الطاهرة ويلطخ مستقبل ابناء شعبنا بتلك الدماء الثجاجة النقية التي انسكبت لغسل الجمهورية من قذارة العنصرية الكهنوتية وكل اشكال العنصرية!
يجب أن نعترف مجددا أن علينا مسؤوليات مشتركة لردم هذا "الثقب الأسود" الذي يلتهم تضحيات اليمنيين ويهدد مستقبلهم، العنصرية أعني، والتمييز الطبقي الاجتماعي، ومنذ 2004 عادت جيفة الدعوات الطائفية القذرة للسطح على شكل جماعة تسمى الحوثية، وصلت في مثل هذه الايام الى صنعاء كاحتلال وحشي واستعمار فارسي ونكبة بشعة تشبه النكبة الفلسطينية التي تعرض لها في 48 من القرن الماضي وكلا النكبتين اليمنية والفلسطينية متشابهتان حد التطابق من حيث حقد وكذب المحتل ونتائج واثار الاحتلال الوحشية.
ومن نافلة القول اعادة التذكير بأننا جميعا من نسل آدم وأنه هو أبو البشرية، وكما يؤكد المهندس عبد الله صعتر بلهجة صنعانية لطيفة " اذا كان آدم سيد فاحنا كلنا سادة .. واذا كان آدم طرف فاحنا كلنا أطراف"! وهي قاعدة تلجم كل مريض يستدعي التمييز العنصري القذر، وهذا ما تؤكده الابحاث العلمية و dna لكل انسان يشهد أننا كلنا من "زب" واحد ومن نطفة أبينا آدم عليه السلام وبس، وهذا يقول بكل صراحة أنه لا يوجد استدعاء لنسب بعد ادم الا كان بغرض عنصري ولاهداف سياسية رخيصة متمثلة في "السامية" و "الهاشمية" وكلا الادعائين حشر لهما نصوص وآثار كلها استعلائية ابليسية "نحن ابناء الله واحباؤه" و "نحن ابناء رسول الله" ! وكلاهما يطالب ب "الحق الالهي" في الحكم وادارة العالم!
**
تلك مقدمات يجب أن تخرج بشكل أعمق، لكن المقالة هذه جاءت لتقول :
للمتطرفين في حربهم ضد "الهاشمية" لقد تحولتم الى عنصريين وعنصريتكم لا تقل خطرا عن عنصرية من تزعمون حربهم، واقرأوا عن خطر "المكارثية" التي كادت تغرق المجتمع الامريكي في حرب مجتمعية وتهم معلبة قضت على مستقبل ساسة ووزراء وقيادات مجتمعية كلما اراد خصومهم تصفيتهم اتهموهم بتهمة السيناتور "مكارثي" بأنهم عملاء وخونة، وتهدمت مؤسسات وأقيل موظفون تحت الهجمة الارهابية العنصرية المكارثية، فاحذروا من جر المجتمع لمثل هذه البشاعة وهي بالمناسبة أفضل خدمة تقدمونها للعنصرية اعترافكم بها!
وللذين يضجون ويتقيئون بين الحين والاخر بأحاديث ونصوص مفتراه بأنهم ينتمون الى عرق أو نسب أو وقاحة توحي بالتمييز العنصري النتن، عليكم أن تتوقفوا عن هذه الاكذوبة وتبتعدوا عن العنصرية التي لم يدعي بها أحد سوى اتباع اليهود والصهاينة الذين قالوا أنهم افضل من غيرهم، وان قال قائل أن النسب للتعارف فنقول له معك حق، تعال وانتسب الى جدك العاشر والخامس عشر وتذكر أن الله جعلنا "شعوبا وقبائل" لنتعارف فقط، تذكر أنه لنتعارف فقط، فلو عرفتك بمسمى اي مسمى فقد حققت المقصد، فلماذا تستدعي لي هاشم، وأنت تعلم أنه تمييز طبقي عنصري قذر، لو استخدمته باسلوب بريء -ظاهريا- فغيرك يستدعي هذه الالقاب لهذه الاسر من اجل قتل شعبنا، وارتكاب ابشع الجرائم التي لم تعرفها البشرية من قبل، كنت يوما في زيارة لأحدى أمهات الشهداء ممن قتل ابنها في جريمة بشعة وحين وصلنا ومعي زملاء قالت لي : هل فلان من هؤلاء؟ تقول لي هل زميلي الذي معي من الهاشميين؟ مع العلم أنها من اسرة يقال عنهم هذا الاطار الهاشمي الغير انساني، لكنها قالت بوجع: سأظل حاقدة منتقمة منهم من أخوتي وأهلي وكل من انتسب لهم!
التمترس خلف الانساب العنصرية جريمة، والتمييز الطبقي العنصري جريمة، وشعبنا ذاق ويلات العذاب، وحانت اللحظة أن يتصدر العقلاء ممن ضحكوا عليهم بأن هناك قيمة ما للانتساب لهاشم، عليهم أن يتصدروا لخوض معركة اجتماعية قيمية انسانية تقول للجميع: "كلكم لآدم وآدم من تراب"!
من يتفوه بالعنصرية ويتفاخر بنسب غير آدم فهو يشبه الصهاينة في استدعاء تمييز طبقي عنصري قذر، دعوها فإنها منتنه!
كما أن على اولئك التيار المقابل أن يعلي من قيم الجمهورية، الجمهورية التي قامت على مبادئ القانون الذي روحه الاسلام، الاسلام الذي لا يحاكم احدا لنسبه ولا للونه ولا لانتماءه ولا لمعتقده، بل يلاحق السلوك الخطأ، ويسمي فاعل الجريمة "متهم" وحفاظا على نفسيته فإن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته" لأن القانون يسعى للحفاظ على مجتمع سوي وان ارتكب البعض سلوكا سيئا يؤدب المسيء حتى يعالج مرضه ويعود مواطنا صالحا!
فكرة "الاجتثاث" فكرة "مكارثية" عنصرية مقيته، وأقبح منها واشد واقذر عنصرية هي فكرة "الادعاء" والتمييز الطبقي والعنصري في النسب، وهو ما يجب أن نجذر في نفوسنا حقيقة انتماءنا لآدم ونرفع شعار صعتر وحسب.
ومرة أخرى والف، الحديث عن هذه القضية لا يكون بمقال عابر ولا منشور مستفز ولا اجتراح بطولات ولا زعامات، هو مرض يجب أن نعالجه بوسائل أعمق ودراسات وابحاث ونقاشات، ننزع الالغام من طريق مستقبل بلادنا ومجتمعنا، ونعود بشرا أسوياء آدميين لا هاشميين ولا ساميين، آدميين فحسب، وللحديث بقية.
في الجمعة 21 سبتمبر-أيلول 2018 07:31:58 م