|
كان ذلك يوم 21 أيلول الأسود 2014م. يوم تجلى فيه الغدر و المكر و التآمر بأبشع صوره، و أقبح مظاهره.
و كان يوما بائسا لم يمر على اليمن مثله، ذلك أن التآمر الغادر لم يكن غدرا بصنعاء فحسب و لكنه كان غدرا باليمن و اليمنيين أجمعين، و دعوا هذه السطور تقول - و بكل أسف - لو أن عروبة اليوم كان لها نصيب من عروبة قبيلة بكر في يوم ذي قار لما تجرأ المشروع الفارسي أن يطرق باب دولة عربية واحدة.
و لا بأس من التذكير بيوم ذي قار و هو اليوم الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أول يوم ينتصف فيه العرب من الفرس، و تبدأ القصة عندما أودع النعمان بن المنذر ملك الحيرة هاني بن مسعود الشيباني زعيم قبيلة بكر بعض سلاحه و أمتعته، حين شعر بتنكر كسرى ملك الفرس له و طلبه إليه و قام بقتله، ثم أرسل كسرى إلى زعيم قبيلة بكر يطلب منه أن يسلمه ودائع النعمان التي أودعه إياها، فأبى البدوي العربي و بنخوة عربية فتية أن يخون أمانته، أو أن يخفر ذمته، و رفض أن يسلم الودائع التي عنده، فأرسل كسرى فارس جيشا لتأديب قبيلة بكر بن وائل، و تداعت القبيلة للدفاع عن حياضها و شرفها، و عن قيم الوفاء، و كانت المعركة التي انهزم فيها الفرس هزيمة مدوية من عرب الصحراء، و التي خلدها الشاعر الأعشى بقصيدة عصماء :
و جند كسرى غداة الحِنو صبّحهم منا غطاريف ترجو الموت فانصرفوا
لقوا ململمة شهباء يقدمها للموت لا عاجز فيها و لا خرف
فرع نمته فروع غير ناقصة موفق حازم في أمره أنِف
ثم راح يعاتب بعض بني عمومته من قبائل عربية مجاورة، لم تشارك في قتال المعتدين الفرس :
لو أن كل مَعَدٍّ كان شاركنا في يوم ذي قار ما أخطاهم الشرف
ترى لماذا تخلفوا عن المشاركة؟ هل أصابتهم لعنة القرن الواحد و العشرين، لعنة عمل ( خط رجعة )؟
دعونا أيضا مما مضى، و دعونا من لوم قبائل بدوية في تاريخ قد غبر، و في موقف لا يقارن مع من غدروا و مكروا و تآمروا !!!
و هل تخلّي قبائل معد عن المشاركة مع بكر في قتال الفرس - يومها - يساوي، أو تصح مقارنته بالمكر و الغدر بصنعاء؛ بل باليمن يوم 21 أيلول الأسود؟ كلا و ألف كلا، فلا مقارنة على الإطلاق!
هنا أموال طائلة و طائلة و طائلة دفعت للكهنوت، و هنا معسكرات و معسكرات و معسكرات سُلّمت لهم، و هنا ألوية صواريخ و قواعد مدججة بالسلاح سلمت أيضا، و يأتي - بعد ذلك - غبي أحمق، و سفيه أخرق؛ يتنكر للحق و الحقيقة فيقول : الإصلاح سلم الموقع الفلاني للحوثي، الإصلاح يمد خطوط تحالف مع الحوثي ... هل رأى أحد منكم غباء مركبا أقبح من هذا !؟ هذه النوعية من المثرثرين بتهم الزيف و التضليل يتناسون عمدا إعلان كبرائهم التحالف مع الحوثي، و يحسبون من فضاعة جهلهم أن الشعب اليمني لا يعرف من سلم المعسكرات لمليشيا الكهنوت!!؟
و يظن هذا الدعي أو الغبي، و من هم على شاكلته أنهم بما يحملون من غرابيل يستطيعون حجب الشمس و ستر ضيئها؛ بما يهرفون به في بعض قنوات فضائية على منوالهم.
هذا اليوم 21 سبتمبر 2018م. خرج أحرار و حرائر تعز في مسيرة حاشدة تنديدا بذكرى الغدر بصنعاء، و هو موقف تشكر عليه تعز و أحرارها و حرائرها .. و لا عزاء لمن لايزال يفكر بالإبقاء على ( خط رجعة ) لكنه :
سريع إلى ابن العم يشتم عرضه و ليس إلى داعِ الندى بسريع
في الخميس 20 سبتمبر-أيلول 2018 09:22:22 م