|
منذ فترة وأنا أتابع الهجمة الشرسة التي يتعرض لها التجمع اليمني للإصلاح منذ العام 2011 وحتى الآن. تلك الحملة التي تعصف وتخفت وتسخن وتبرد بسبب وبلا سبب، قيل فيه ما زاد عن قول مالك في الخمر، وما فاق قول جرير في نمير. أتهم زوراً بكل فرية، وناله من الإفك والبهتان ما لم يصب غيره. وقفت كثيراً أفتش عن أسباب منطقية لكل ذلك فلم أجد سوى الكثير من الحقد يرادفه الكثير من الاستغباء والاستغفال، والكثير الكثير من (الببغائية)، والقول بغير علم والنقل بلا بصيرة. أدركت كم نحن بسطاء إلى درجة أن نؤجر عقولنا وضمائرنا بلا ثمن.. سيول من الكذب والتزوير والفبركة، وعواصف من الشتم بلا حدود لم يسلم من ذلك قيادته وعلماؤه ومفكروه وشبابه وفكره ونهجه ومواقفه. تجاوز الأمر النقد إلى القذف والجرح.. تضخم هفواته فتصبح كالجبال، وتقزم جبال محاسنه فلا تسمع لها ذكراً. وبرغم أن النقد ظاهرة صحية وعلامة نضج، والنقد علاج والإصلاح لديه من الأخطاء ما يحتاج فيها إلا التصحيح والتجديد والتطوير، لكننا بحاجة إلى شجاعة الناقد لا جور الحاقد، وعدل المنصف لا تزييف المبغض. وأنا على يقين تام أنه سيأتي الوقت الذي تزول فيه الغشاوة وتتضح الصورة ويتلاشى الزيف ويذهب الزبد.
الإصلاح أصاب وأخطأ، وقدم وتقدم، وأخر وتأخر، له محاسن تراها عيون المنصفين وزلات لم تأخذه العزة بالإثم والمكابرة في جحودها بل يقر بها ويعترف. هو جسد متماسك ممتد على طول اليمن وعرضها.. بضاعته تبصرها العيون وتسمعها الآذان.. شبابه متواجدون وملتصقون بمجتمعهم.. تجدهم في المنشط والمكره، والسراء والضراء..له في كل ميدان نصيب، ومعه لكل باب من الخير مفتاح.. قاوم الغلو والتطرف وركب سفينة الاعتدال والوسطية، فقالوا عنه تكفيري.. ثار على الظلم والفساد والاستبداد فقالوا عنه متهور.. جنح للسلم والحوار فقالوا بائع للتضحيات متاجر بالدماء ..إنحنى أمام العاصفة فقالوا جبن وضعف..قاوم وقدم قوافل من شبابه فلم يسلم من الاتهام.
الإصلاح يدفع اليوم فاتورة نهجه الوسطي وفكره المتزن وسلوكه الحكيم، ولا ضير في أن تسن له الألسنة الحداد وتوجه إليه سهام التخوين، فله في التاريخ عبرة، ولمن سبقه عظة، فحين حطم إبراهيم الخليل الأصنام بما تمثله من انحطاط للقيم قال القوم: "حرقوه وانصروا آلهتكم"، وحين رفض لوط انحلال القوم وفجورهم قالوا: "أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون"، وحين هاجر محمد -عليه الصلاة والسلام- كانت أمانات قريش في عهدته وكذبوه وهو عندهم صادق أمين!
الإصلاح له في كشف الحساب أرباح وخسائر، ومن يعمل ويجتهد يصيب ويخطئ ليس ملائكياً ولا شيطانياً، بل بشري خالص. كان عاملاً مهماً في استقرار اليمن.. سد -بكل ما يستطيع- منافذ للشر كثيرة، وحجز أخطاراً محدقة.. مد يده للتعايش والوئام والسلام.. ساهم في تجاوز العصبيات النكرة. بصماته في التعليم والإرشاد والتوجيه والعمل الاجتماعي وإصلاح ذات البين، والشباب، يدركها كل من نزع عنه نظارة الحقد.
يدرك أعداء اليمن وصناع مآسيه أن الإصلاح - بما يمتلكه من رصيد فكري وسياسي وحضور فاعل- سيكون عقبة كؤوداً وعائقاً أمام مشاريع تدمير اليمن جنوبه وشماله، لذا يجب أن ينال منه وإضعاف دوره وتحطيم صورته، فجيشوا لذلك جيوشاً عدتها التضليل وسلاحها التشويه، وقد استطاع الإصلاح -بفضل الله- تجاوز الكثير من الحفر والمنعطفات، وخرج منها سليماً قوياً متماسكاً.
في الجمعة 03 مارس - آذار 2017 10:12:33 م