|
أعاد اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بقيادة التجمع اليمني للإصلاح الأسبوع الفائت علاقة المملكة بالإصلاح إلى السطح مجدداً، ورأى فيه الكثير من المتابعين تطوراً مهما يستحق الوقوف أمامه باهتمام بالغ. وبجرد مختصر لردود الأفعال يتضح أن اللقاء من وجهة نظر التيار الوطني في الداخل اليمني وفي المملكة يعد استحقاقاً مهماً؛ فالمملكة بتأثيرها المهم في تفاصيل الشأن اليمني، والإصلاح بوجوده كتيار مهم ومؤثر في تركيبة الشرعية ومواجهة الانقلاب تجمعهما من القواسم المشتركة ما يستحق التنسيق والعمل المشترك لمواجهة التحدي الذي يصنعه النفوذ الإيراني الذي يهدد أمن اليمن والمملكة والمنطقة عموماً، وهذا التنسيق -وإن كان تحصيل حاصل عبر التعاون المشترك بين السلطة الشرعية بقيادة الرئيس هادي والإصلاح جزء مهم من تكوينها- الا أن تعزيز هذا التنسيق بخصوصية أكثر مع الإصلاح يعطي دلالات مهمة.
باستقراء متمعن للتاريخ الحديث نجد أن الإصلاح الذي هو امتداد طبيعي للحركة الإصلاحية في اليمن التي تطورت عبر مراحل الزمن كان نَفَسه الوطني والعروبي والإسلامي منسجماً مع الدور الذي تقوم به المملكة في قيادتها وريادتها للمحور الإسلامي في مختلف المحافل، وعليه فإن الانسجام بين المملكة والإصلاح ليس مجرد سحابة عابرة بل هو اجتماع والتقاء مبدئي أثبتته حقائق التاريخ؛ فحين نشط التوجه الثوري اليساري العنيف في سبعينيات القرن الماضي وسعى لإسقاط الدولة اليمنية وعمل على استعداء المملكة، كانت الحركة الإصلاحية اليمنية في مواجهته حتى عملت على إسقاطه قبل تمدده لالتهام اليمن وتهديد المملكة، بل إن الإصلاح -ببنيته الفكرية ونهجه الوسطي المعتدل- عمل عبر مؤسساته وتأثيره في مؤسسات الدولة ودور التربية على نشر الوعي المعتدل الذي يسد كل الثغرات على نشوء نزعات التطرف والإرهاب التي استهدفت اليمن والمملكة معا. وعلى مدى 27 عاماً من عمر الإصلاح اختط له خط سياسي وإعلامي يسعى الى تمتين علاقة الجوار بين اليمن والمملكة وتنميتها لتصبح أكثر من جوار بل شراكة في النهج والمصير ..
وبعد تغول المشروع الإيراني في اليمن الذي يشكل تهديداً خطيرا للمملكة كان الإصلاح في مواجهته بكل أدوات المواجهة وعمل بجد لاستدعاء الدولة والمجتمع للقيام بدورهم في مواجهة هذا الخطر القادم منطلقا في ذلك من استراتيجية واضحة أن هذا الاستهداف لا يمكن مواجهته الا عبر بناء دولة وجيش وطني وعدم السماح بأن تصبح اليمن بيئة خصبة لنشوء المليشيات التي ستشكل خطرا دائما. وبعد أن كاد المشروع الإيراني أن يستكمل الإجهاز على الدولة وإسقاطها بشكل كامل كان القرار العربي التاريخي بانطلاق عاصفة الحزم وقيام التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن مرحلة جديدة من تجسيد التعاون بين الإصلاح والمملكة؛ فلقد شكل الإصلاح جزءاً مهما من منظومة الشرعية والمقاومة، واصطف بكل إمكاناته البشرية والمادية وتأثيره السياسي والإعلامي في مواجهة الانقلاب على هوية وتاريخ اليمن ودفع لأجل ذلك ثمنا باهظا؛ اذ كان هدف المليشيات الثأر من موقف الإصلاح الرافض لانقلابها فاستهدفته ككيان وقيادات وأفراد، وسقط من كوادره عدد كبير من الشهداء والجرحى والمعتقلين، ودمرت الكثير من مؤسساته ومقاره، وتم التحريض عليه عبر كل أدوات التحريض ووسائله، وامتزجت دماء كوادره مع بقية إخوانهم من الجيش والمقاومة والشعب اليمني عموما لتشكل مع أشقائهم في المملكة وجميع دول التحالف صورة من التلاحم والإخاء ..
لا يمكن تبرير انزعاج بعض القوى التي تشكل دعما للانقلاب علنا أو خفية من اللقاء السعودي بقيادة الإصلاح إلا في إطار ما أوصلهم اليه فهمهم من أن هذه الموقف شكل هاجسا مزعجا يقوض مشروعهم الماكر ويعزز جبهة مواجهتهم، ولذا كان الألم والانزعاج ظاهرا في جهر قولهم وفلتات ألسنتهم وفحيح أقلامهم. ويتضح بجلاء أن تمتين علاقة الإصلاح بالمملكة يشكل بعدا مهما ومكسبا في إيقاف مطامع إيران في المنطقة وتعزيز جبهة المقاومة لها ولمشاريع الخراب التي تدعمها.
في الإثنين 20 نوفمبر-تشرين الثاني 2017 12:19:38 ص