الإثنين 14-10-2024 12:10:20 م : 11 - ربيع الثاني - 1446 هـ
آخر الاخبار
التجمع اليمني للإصلاح عقود من النضال والبناء
بقلم/ عبدالرحمن جهلان
نشر منذ: شهر و يومين
الخميس 12 سبتمبر-أيلول 2024 01:25 ص
 

انتهج الإصلاح منذ تأسيسه النضال السياسي السلمي من أجل الوطن والمواطن وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود كان الإصلاح الحاضر الأبرز في المحطات النضالية التي شهدها اليمنيون والأكثر حضورا في المجالات السياسية أو الاقتصادية أو التنموية أو الاجتماعية لخدمة الشعب.
الإصلاح حزب الجماهير الذي تأسس من كل فئات وشرائح الشعب اليمني المتعطش للحرية والسلام والتعددية الحزبية وهذه الجماهير ذاتها التي مثلت ولا تزال حاضنته التي يستند إليها وسلاحه في وجه كافة التحديات التي تسعى لإجهاض المشروع الوطني، وقد جنّد الإصلاح أعضاءه وقواعده لخدمة المشروع الوطني والدفاع عنه.
محطات الإصلاح النضالية ومجابهته للإمامة
شكل ميلاد الإصلاح مع ميلاد الوحدة اليمنية في 1990 بالعام ذاته رؤية استراتيجية لبناء اليمن الوحدوي الجديد يمن الحرية والعدالة والمساواة والتنمية الشاملة
ومثَل - يوم 13 سبتمبر 1990م الذي أعلن فيه عن تأسيس حزب التجمع اليمني للإصلاح - يوما تاريخيا وعهدا جديدا أبرز سماته التعددية السياسية، وكان لحظة فارقة في التاريخ السياسي لليمن المعاصر وهو نتاج لنضال كبير استمر لسنوات طويلة قبل الوحدة.
جاءت تسميته امتدادا لتيار الإصلاح اليمني الذي خاض نضالا طويلا ضد الإمامة العنصرية وفكرها المتخلف وسياستها الانتقامية وحكمها الظالم المستبد وكان لذلك التيار الإصلاحي دور بارز ومحوري في مواجهة المشروع الكهنوتي وصلفه، وهذا ما استلهمه حزب الإصلاح في برنامجه وترجمه في مقدمة نظامه الأساسي إلى حركة إصلاحية يمنية جامعة تشكل امتدادا حيا لحركة التجديد والإصلاح الناهضة في تاريخنا الحديث كما يشكل الوعاء التنظيمي لتيار الصحوة الإسلامية.
وقد جاء حزب الإصلاح كامتداد لحركة التجديد والإصلاح التي ناهضت الحكم الامامي وأشعلت الثورات المتعاقبة منذ 1948 إلى حركة 1955 وما تلتها من حركات نضالية متتالية حتى ثورة 26 سبتمبر 1962، إذ كان التيار الإصلاحي ومعهم الشرفاء من أبناء الشعب اليمني وقواه الحية رموز الثورة والمنقذين الذي أزاحوا الظلم عن اليمنيين وقضوا على حكم الإمامة المستبد، وشاركت قيادات التيار الإصلاحي في سلطة الجمهورية الوليدة وساهمت في البناء والازدهار الذي عقب الثورة وبرزوا في العديد من التكوينات السياسية في ميدان العمل السياسي من خلال المجلس الوطني في 1968 كمساهمين أساسيين في إنجازات الترتيبات الوطنية الشاملة وفي إعداد الدستور الدائم وإجراءات انتخابات مجلس الشورى في 1971 وخاضوا تجربة الحركة التعاونية 1973 وسايروا بهدوء الحركة التصحيحية التي تبناها الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي وشاركوا في الانتخابات البلدية في 1979 وساهموا في إعداد الميثاق الوطني وإنشاء حزب المؤتمر الشعبي العام في 1982 وساهموا في انتخاب مجالس التعاونيات في 1985 وساهموا بفاعلية في إنجاح انتخابات مجلس الشورى في 1988 وهم القوة السياسية الوحيدة التي أعلنت بوضوح عن برنامجها السياسي لخوض تلك الانتخابات.
ولقد أعلن حزب الإصلاح انتماءه الفكري والإيديولوجي لحركة الإصلاح والتجديد التي قادها علماء مصلحون ومجددون خلال الثلاثة القرون الماضية من ابن الوزير والشوكاني وصولا إلى الشهيد الزبيري ورفاقه.
ويعد الفكر والمنهج الإصلاحي امتدادا طبيعيا لفكر أولئك العلماء المصلحين المجددين والواقع أن هذه ميزة يمكن البناء عليها، فالإصلاح استغنى بأيديولوجيته الفكرية والسياسية المحلية المنشأ والجذور عن كل الأيديولوجيات المستوردة، فلم يجد نفسه مضطراً لها ولا مدفوعا إليها وبذلك يكون قد حصن هويته ومشروعه السياسي بسياج وطني منيع.
نستطيع الجزم بناءً على ما سبق أن المشروع السياسي للإصلاح ذو دوافع وأركان محلية ومنهج قويم يسعى من خلاله الاهتمام بالوطن والمواطن كركائز هامة في نهضة البلد وتقدمها، وهو ما أثبتته الممارسة السياسية للإصلاح وبرهنت عليه الوقائع والأحداث على الساحة اليمنية طوال 34 عاماً من عمره.
ومن ناحية أخرى فقد جنبت الأيديولوجيا الفكرية الوطنية التي تبناها الإصلاح وأبعدته بالكلية عن أي ارتباطات خارجية من أي نوع كانت ما مكنه من امتلاك قراره السيادي وجعله أكثر حرية ومقدرة على تقرير سياساته وفق إرادته وهو أمر يغفل عنه الكثير من المراقبين والمهتمين بالحزب.
انطلاق رغم التحديات
كانت أدبيات الإصلاح واضحة ومعبرة عن نهجه السياسي وخطه الوطني، وتأكيده المستمر على تجاوز صراعات الماضي، وضرورة بناء دولة المؤسسات والنظام والقانون القائمة على العدل والمساواة، وتمثل الحرية قاعدة أساسية.
سار الإصلاح طيلة عقود وفق منهجية وطنية وسياسية ثابتة، الانحياز للشعب والوطن، والحفاظ على الدولة ومساندتها، شعاره العملي النضال السلمي، بأدوات السياسة، ونبذ العنف والاحتكام إلى السلام، وتغليب لغة الحوار والتواصل، مستغلاً الهامش الديمقراطي ما أمكن، ومعبراً عن آرائه ومواقفه، معلياً من الدستور والقانون، ومصلحة الوطن.
ومع ما امتلكه الإصلاح من جماهير كبيرة على امتداد الوطن، إلا أنه وبموازاة ذلك ظل حريصاً على احياء قنوات التواصل مع مختلف الأحزاب والقوى السياسية، تمت وفقها اتفاقات لتحسين الحياة السياسية والديمقراطية، وكان ركناً في التحالفات السياسية لجمع شتات القوى السياسية، تحت راية النضال السلمي، وهو مع كل ذلك الحريص على الانتقال الفعلي إلى دولة المؤسسات وترسيخ النظام الجمهوري، والحفاظ على المكتسبات الوطنية.
وهو الحزب الذي أسهم في إرساء أسس النهج الديمقراطي الشوروي كخيار حضاري، والمدافع عن حرية الرأي والتعبير، ولديه رؤية واضحة لإعادة تأطير العمل السياسي عبر الحوار وتحت سقف الدولة ومؤسساتها الدستورية، وقدم التنازلات من أجل المصلحة العليا للوطن والشعب، وكان له الدور الأبرز في تطوير الوعي السياسي والحقوقي، فما انطلقت الثورة حتى رفد الإصلاح ساحة المعارضة والعمل السياسي الوطني بمشروع النضال السلمي الذي مثّل رافعة العمل السياسي لأحزاب اللقاء المشترك فقد كان التكتل السياسي المعارض الجديد بحاجة إلى مشروع سياسي جديد قادر على إحداث اختراق في الحالة اليمنية التي ظلت تراوح مكانها زمنا طويلا وللمرة الأولى تتمكن المعارضة من الإمساك بزمام المبادرة في مواجهة الحزب الحاكم فتقدم مشاريع سياسية ورؤى وطنية لإخراج البلد من أزماته على قاعدة الحوار والمشاركة السياسية.
وبعد أن سيطرت مليشيا الحوثي على مؤسسات الدولة وقوضت العملية السياسية، وجاءت مساندة التحالف العربي لدعم الشرعية بقيادة السعودية بطلب من الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، حينذاك سارع حزب الإصلاح لإصدار بيان سياسي يؤيد عاصفة الحزم ويجدد رفضه الانقلاب الحوثي معززاً ذلك بالوقوف مع القيادة الشرعية ممثلة بالرئيس هادي ودعم المقاومة الشعبية ضد ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة إيرانيا.
ومع استمرار المعركة الوطنية لاستعادة الدولة، كان للإصلاح دور بارز في الدفع لإنعاش الحياة السياسية التي جرفتها مليشيا الحوثي، والعمل مع شركاء النضال والسياسية، على عودة الحياة السياسية والحزبية إلى المناطق المحررة، كون هذه الأحزاب هي الرافعة للمعركة الوطنية، فكان تأسيس التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية، بينما نحن اليوم بانتظار ولادة التكتل الوطني الأوسع، ليكون الرافعة الأقوى لعودة اليمن والدولة والحياة السياسية، وانهاء الانقلاب والحفاظ على الجمهورية والهوية من مهددات مخلفات المشروع الإمامي السلالي، الذي بات أحد أذرع الحرس الثوري الإيراني.
مستقبل الإصلاح
لم تعد فكرة النضال والدفاع عن الثوابت خيار ضروري فحسب، بقدر ما غدت اليوم قناعة لدى قواعد وقيادات التجمع اليمني للإصلاح الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة المكايدات السياسية من شركاء العمل السياسي ومحاولة إرباكهم في المعركة الوطنية لاستعادة الدولة وللأسف هذه المكايدات من الشركاء تكون على حساب المكاسب الوطنية للشعب وتخدم أعداء الوطن الذين يحيكون له كل المؤامرات والدسائس الكيدية، وبرغم كل ذلك يستمر حزب الإصلاح في النضال مقدما تضحيات جسيمة في المعركة الوطنية ولن يثنيه شيء عن مواقفه الوطنية التي تأسس عليها، متمسكا بإيمانه العميق والراسخ بأن الشراكة والوحدة الوطنية ركيزة أساسية لإنجاز المهام الكبيرة لليمن الكبير.