السبت 23-11-2024 11:20:34 ص : 22 - جمادي الأول - 1446 هـ
آخر الاخبار
عدن فوهة بركان
بقلم/ الأستاذ علي عشال
نشر منذ: 4 أشهر و 28 يوماً
الثلاثاء 25 يونيو-حزيران 2024 11:54 م

كان بالفعل ريبورتاجا رائعا وممتعا ومخدوما، ما قدمه صانع المحتوى الأردني الشهير (جو حطاب) عن حضرموت بما تضمنه من لمحة تاريخية ومشهد ثقافي ومقومات اقتصادية و إظهار لحالة السكينة والهدوء والبشر البادية في وجوه الناس، وأصدقكم القول أني انتظرت بترقب وشغف وتخوف في آن واحد كيف سيكون الريبورتاج عن عدن، وللأمانة لم أتفاجأ من تواضع المادة التي قدمها عن عدن في ضوء معرفتي بواقع المدينة وصعوبة الأوضاع التي تعيشها، بالفعل لم يجد إلا عدن القابعة على (فوهة بركان) مدينة توقف بها الزمن ومنارة انطفأ بريقها، مدينة أرهقتها من الداخل العقول الصغيرة، وأحياناً من الخارج المؤامرات الكبيرة، يبدو أن عبقرية المكان لهذه المدينة ولمينائها يجعلها في قلب الاستهداف لقوى كثيرة.


في كل المراحل السياسية السابقة كانت عدن على الدوام (جوهرة بيد فحَّام) وفي مرحلة غياب الدولة التي نعيشها يبدو أن الجوهرة وقعت في يد سماسرة لا يدركون قيمتها وحسب بل ومستعدون لبيعها بثمن بخس مقابل فتات يذهب لجيوب المتنفذين.


*من وحي حلقة خطاب أحببت أن أسجل ما يلي:
* عدن الميناء وعبقرية المكان على خط الملاحة الدولي الذي جعل منها مركزاً تتهافت عليه انظار قوى دولية وإقليمية وحرك في كثير من المراحل مطامع الكثيرين واستدعاهم للعب أدوارا سياسية خطيرة أضرت باليمن في كثير من الأحيان، وللعلم اليوم يحاك التآمر على هذا الميناء بصفقة تجري في الخفاء بدأت رائحتها تفوح، وللأسف في ظل تواطؤ رسمي وصمت حكومي وغياب لمؤسسات الدولة الرقابية، يأتي ذلك بعد تجربتين مريرتين عاشها الميناء في الماضي من خلال العقود التي أبرمت مع الشركة السنغافورية، وشركة دبي.

* عدن المدينة الكونية التي لم تحتضن اليمنيين فحسب بل انصهرت فيها أجناس وثقافات مختلفة على مر العصور، فهي مثل حروفها تماماً ( ع د ن ) التي تفتح ذراعيها ولايوجد بها حرف مغلق، ظلت المدينة مهوى لكثير من الأفئدة وحضنا دافئاً لكل قادم إليها.
* ‏طوال تاريخها ظلت تلفظ المستحوذين ودعاة الأحقاد والضغائن كما يلفظ بحرها كل جيفة ميتة وكل جسم عفن، كما ظلت ترفض كل من يريد أن يغامر بماضيها وحاضرها ومستقبلها.
* عدن مدينة البركان الخامد والبراكين السياسية المحتدمة التي لم تترك لها فرصة للنهوض وجعلت منها في كثير من المحطات حلبة صراع لم ينقطع وفوضى لا تهدأ، لخصها حطاب بعبارة (مدينة تشعر أن الزمن توقف بها ومنارة أنطفأ بريقها) مدينة أريد لها أن تخرج من ثوبها القشيب وتلبس الأسمال الملهلة للطارئين عليها، لم يجد حطاب مايظهره من ثقافة أهلها إلا (دست الزربيان وكتلي الشاي العدني !!!؟). سحقت كل المراحل السياسية أبناءها وجعلتهم في الهامش، وهم الطبقة المثقفة ومخزن التكنوقراط المبدع المشبعة بقيم الحب والفن والخير والجمال والممتدة أصولهم إلى كل قرية وسهل وجبل في ربوع اليمن بل إلى ماهو أبعد .
* أحسست أن حطاب لم يستطع أن يكرر ماصنع في حضرموت، بأن يغوص في شوارع المدينة ويسبر أغوار ناسها وحكاياهم لسبب واضح، أن ركود المدينة وتذمر أهلها لم يساعد كما أن أوضاعها في كل النواحي المعيشية والخدمية والأمنية لم تشجع للأسف على ذلك .
* كم كان بودي أن اشاهد الحلقة التي كنت أتمنى عن عدن وأن تقدم مادة تليق بتاريخ المدينة حاضرة اليمن ودرة التاج لمدن شبه الجزيرة العربية، لكن من الصعب أن تسعف حطاب التغطية والمقال طالما أن عدن لم يسعفها واقع الحال.
أسال الله أن يبدّل حال عدن وأهلها إلى خير حال وأن يكف عنها أيادي العابثين وشر المتربصين، فهو نعم المولى ونعم النصير.

عضو مجلس النواب