فيس بوك
أحزاب تعز تشيد بالخروج الشعبي الكبير ابتهاجا بعيد ثورة 26 سبتمبر
مكونات الحديدة تحمل الكيان الصهيوني ومليشيات الحوثي مسئولية تدمير البنية التحتية واستهداف المدنيين
طلابية إصلاح البيضاء تنظم ندوة «سبتمبر والإصلاح واحدية الذكرى والأهداف»
وادي حضرموت.. الإصلاح بتريس ينظم لقاءً بالوجهاء والاعيان بالذكرى الـ34 للتأسيس
سياسيون وأكاديميون: 26 سبتمبر و14 أكتوبر صنعتا التحولات لليمن والجمهورية تولد اليوم من جديد
دائرة المرأة بإصلاح تريم حضرموت تحتفل بذكرى التأسيس والثورة اليمنية
الكثير من المنتمين للإصلاح سيتحدثون عن حزبهم من منظور التقدير والتميز والحب وهذا حقهم، وآخرون سيتحدثون بين قادح وذام.. أما أنا فسأتحدث عن الإصلاح من زاويتين، الأولى: حبي لوطني اليمن، الذي أَجِد الإصلاح جزءاً أصيلاً منه، والثانية: مفهومي للحزب، بأنه مشروع وموقف ودور، فهو مشروع مدني، يشكل إضافة للتعايش، ويسعى للسلطة عن طريق عملية الإنتخاب، وهو موقف في وقوفه مع قضايا الناس، ودور في عملية صياغة وعي الأمة، لتجاوز ويلات التشتت، والصراع، وأغلال التخلف، التي فرضتها مفاهيم تراث الفقه المغلوط.
فمن الزاوية الأولى: فهو امتداد رافق وساهم، في صناعة تاريخ نضالات الشعب اليمني، عبر محطاته المختلفة، منذ ثورة ٤٨ وحتى اليوم، فقد ساهم وشارك بثورة ٤٨، ودافع عن الجمهورية والوحدة، والشرعية والدولة الإتحادية بأقاليمها الستة، وكانت خياراته تتسم بالتوازن، بين الحفاظ على كيانه، ووجوده ودوره، ووجود الدولة والحفاظ على كيانها، وعيشه وعمله في كنفها وظلها، بل وفي محطات جزء منها، مما حمّله تبعاتها بالمقابل، وهو حزب تواجد في كل محافظات اليمن، ولذا ارتبط هذا التواجد بكيان اليمن الموحد الواحد.
وتميزت هذه المحطات بمرحلتين: المرحلة الأولى، بارتباطه بحركة الإخوان المسلمين، حيث كان جزءاً منها وامتداداً لها، وهذه مرحلة عاشتها كل الأحزاب، حيث كانت مرتبطة بالنشأة والمنشأ، والمرحلة الثانية، بعد إعلان رئيسه الأستاذ محمد اليدومي فك ارتباط الإصلاح بحركة الإخوان المسلمين، ليتحرر من قرارات رهاناتها الوطنية والإقليمية والدولية الخاطئة، وهو قرار شجاع وحكيم. وأتذكر أني كتبت حينها مباركاً هذه الخطوة لكونها تجعل الإصلاح مرتبطاً بالمشكلة اليمنية دون التزامات تقيده في التحرك بحرية في الواقع اليمني وارتباطاته وقضاياه وعلاقته، لما يخدم صالح اليمن، دون قيود وحسابات التنظيم الأم، وقلت حينها لكي تكتمل هذه الخطوة النوعية والجريئة والشجاعة على الإصلاح تبني خيار مشروع الدولة الإتحادية بأقاليمها الستة كمشروع سياسي يمني للحزب، وهنالك نقلة نوعية أخرى تحسب للإصلاح، تمثلت في مساهمة الإصلاح الفاعلة، في تكوين اللقاء المشترك، الذي قدم نموذجا متميزا للتعايش بين الأحزاب، ولعب الأستاذ محمد قحطان من الإصلاح دوراً متميزاً ورائدا في هذا التوجه، وما زال حتى اللحظة أسيراً عند مليشيا الإنقلاب الحوثية القائمة على العنصرية الدينية الرافضة للتعايش.
أما من الزاوية الثانية، فعلى الإصلاح مسؤولية كبرى، في المشروع والدور والموقف، كونه يحمل ويقدم الخيار الإسلامي للحل، وهذا يلقي بتبعات جسام على الإصلاح، حيث عليه ترجمة هذا الخيار، ونقله من شعاراته العمومية، إلى مشروع واقعي ومتميز، يتناسب مع عظمة هذا الدين وواقعيته وحنيفيته، وهو تصحيح الموروث الثقافي، الذي حول نصوص الفقه (الرأي)، الذي هو اجتهاد إنساني، مرتبط بنسبية المعرفة، وزمانها ومكانها وسقفها وأدواتها، إلى نصوص دينية مهيمنة، بينما الدين هو نص إلهي، من الله –سبحانه- المطلق المعرفة، والذي لا يحده زمان ولا مكان، فهو في نصوصه صالح - وفق الحنيفية التي تعني التغير- حتى قيام الساعة كونه يستوعب الزمان والمكان عبر التطور خلال مراحله الزمنية تحقيقاً للإستخلاف الذي كلّف الله به الإنسان.
وهذا يتطلب من الإصلاح تقديم قراءة معاصرة لدين الله وفق معرفة العصر وأدواتها وإشكالياته المعرفية والحياتية والمجتمعية والإقتصادية، ومن جانب آخر، عليه تقديم صورة التعايش التي قدمها دين الإسلام، بنظرته المتساوية، للناس كل الناس، بمختلف مللهم وأفكارهم وألوانهم وأقوامهم وشعوبهم، وفق مبدأ التعارف والتدافع، وتقديم رؤية دولة الدولة المدنية، التي أرسى أسسها الرسول محمد -عليه الصلاة والسلام- في يثرِب، وحول اسمها إلى المدينة لأول مرة في تاريخ الإنسانية، تأكيداً على هذا الميلاد الجديد، المرافق لاكتمال دين الإسلام وخاتميته. كما أسس عليه الصلاة والسلام قيامها على المواطنة، وليس على العرق أو الدين، تأكيداً لميلاد المشروع الحضاري الجديد، كما أنه من جانب آخر، لم يؤسس دولته المدنية، في مكة عاصمة الإسلام ومقر الكعبة بيت الله، ليبين لنا دليلاً آخر، على خصوصية هذه الرسالة الجديدة، والدولة الجديدة، التي أقامت دولة المواطنة والتعايش لما بعد الرسالات.
هذا المشروع العظيم، يتطلب من الإصلاح تقديم مشروع ثقافي متميز يحتوي كل هذه الأسس، ليعمل على معالجة كافة المفاهيم المغلوطة، في التراث والعمل الحزبي من أحادية وتفرد وقيومية، واعتبار الوطن هو الحزب، والشعب هو أعضاءه المنتمين له، وهذا مشروع قد يظنه البعض صعباً لكنه ليس مستحيلاً، بل هو فرض عين على كل الحركات والأحزاب الإسلامية.
بهذا الدور إن تم وهو ممكن لامتلاك الإصلاح كوادر متمكنة، أعتقد أن الإصلاح، سيدلف لموقف ومسار تاريخي متميز ومغاير، في تاريخ الحركات الإسلامية والحزبية، التي تساقطت تباعاً لغياب هذا المشروع والموقف والدور.
د عبده سعيد المغلس
١٢-٩-٢٠١٨