الأحد 05-05-2024 15:14:00 م : 26 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

صفحة ناصعة من النضال جنوب اليمن..

 العميد عشال قائد الجيش الاتحادي الذي رجّح كفة ثورة 14 أكتوبر

السبت 15 أكتوبر-تشرين الأول 2022 الساعة 12 صباحاً / الإصلاح نت - الصحوة نت | فؤاد مسعد

 

 

تمهيد

رغم أنه أُجبر على مغادرة الجنوب بعد أول مواجهة مسلحة بين طرفي الجبهة القومية قبل مرور عامين على إعلان الاستقلال، ورغم سيطرة خصومه على السلطة إلا أنه يصعب تجاوزه في الحديث عن ثورة أكتوبر، ذلك أنه كان على رأس الجيش الاتحادي الذي رجح كفة الثورة بعد انضمامه إليها، وإعلانه تأييد الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل.

إنه العميد حسين عثمان عشال قائد الجيش الاتحادي، أحد أبرز رموز ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963 التي أدت إلى تحرير الجنوب اليمني بعدما جثم عليه الاستعمار البريطاني نحو 129 سنة، في الفترة بين يناير/كانون ثاني 1839 ونوفمبر/تشرين 1967.

ولد حسين عشال في "قرن عشال" بمديرية مودية محافظة أبين في العام 1927، وتلقى تعليمه في مسقط رأسه ثم في عدن، وبعدها التحق بالجيش وتلقى عددا من الدورات المتخصصة، ومنها دورات خارجية في الجوانب العسكرية المختلفة، مما أدى لمراكمة خبراته ومؤهلاته وحصوله على الترقيات والعلاوات المستحقة حتى وصل إلى رتبة عميد.

وكان لتنشئته وجذوره القبلية ذات المرجعية الإسلامية وروح الانتماء الوطني والعربي أثراً كبيراً على مسار حياته النضالية فيما بعد، فقد صار له نفوذ وتأثير في محيطه الاجتماعي، كما أنه حقق حضوره الأقوى في المجال العسكري، فضلاً عن بروزه في ستينيات القرن العشرين كواحد من أقوى حلفاء التيار الإسلامي في عدن، وتذكر المصادر التاريخية أن العميد عشال من خلال مركزه القوي في قيادة الجيش أسند رواد الحركة الإسلامية الأوائل أمثال الشيخ/ محمد بن سالم البيحاني والشيخ عمر طرموم بعدما أسسوا المعهد الإسلامي ثم المركز الإسلامي، وتعززت تلك العلاقة في التحاق كثير من الإسلاميين في الجبهة القومية ومشاركتهم في الكفاح المسلح ضد الاحتلال البريطاني.

 

الانضمام للثورة والجبهة القومية

في العام 1967 تسارعت الأحداث في عدن وبقية مناطق الجنوب وجاءت البيانات والتصريحات الأممية والبريطانية تتحدث صراحة عن حق الشعب في تقرير مصيره، وأعلنت السلطات البريطانية عزمها الانسحاب من الجنوب بداية العام التالي 1968، ثم لم تلبث أن أعلنت أن الانسحاب سيكون أواخر عام 1967.

وحرصاً منها على إظهار حسن النية بدأت السلطات البريطانية أولى خطواتها في تعريب الجيش النظامي الاتحادي، وبدأ الجيش يتسلم بعض المهام بدلاً عن القوات البريطانية، وتخلى الإنجليز عن قيادة الجيش الاتحادي، وعينوا لأول مرة قائداً عربياً هو العقيد ناصر بن بريك العولقي، وقوبل التعيين باستياء أغلب ضباط الجيش الذين اعتبروا بن بريك عميلاً للانجليز، وأخذوا يحتجون مطالبين باستبداله، وبدأت الاحتجاجات تتوسع في صفوف الجيش، وحاولت سلطات الاستعمار إخماد هذه الاحتجاجات فأصدرت أمراً بإيقاف أربعة من كبار ضباط الجيش المؤثرين، ومنهم العقيد حسين عثمان عشال والعقيد حيدر بن صالح الهبيلي، وما إن تسرب خبر الإيقاف حتى قررت قيادة الجيش والشرطة وبالتنسيق مع الجبهة القومية، إعلان التمرد في عدد من المعسكرات، يبدأ في تاريخ 20 يونيو 1967، خاصة وأن الضباط الموقوفين متعاونون مع الجبهة القومية والفدائيين.

وفي صبيحة اليوم المحدد انطلقت "انتفاضة 20 يونيو"، وشملت عدداً من المعسكرات منها: معسكر البوليس المسلح (بعد الثورة أصبح اسمه معسكر 20 يونيو) ومقره كريتر، ومعسكر صلاح الدين بالبريقة، ويعد ذلك تحولاً مهماً في مسار ثورة أكتوبر، ذلك أن مقاومة المحتل انتقلت إلى العاصمة عدن ومركزها الرئيس كريتر، فضلاً عن كونها شملت المعسكرات الرئيسية في مختلف أحياء عدن، وأهم ما أسفرت عنه هذه الانتفاضة سيطرة الثوار على كريتر عدة أيام، الأمر الذي أدى إلى اهتزاز صورة الاحتلال البريطاني ونسف هيبته أمام تصاعد المد الثوري الذي نجح في إسقاط المناطق الواحدة تلو الأخرى.

في هذه الأثناء أعلنت قيادة الجيش الاتحادي تأييد الثورة، وبعد ذلك توسعت دائرة الاشتباكات المسلحة بين جبهة التحرير والجبهة القومية، وسعت كل جبهة للسيطرة وإثبات وجودها في مواجهة الاحتلال، غير أن قيادة الجيش الاتحادي التي كانت قد حسمت أمرها بالوقوف مع الثورة، أعلنت وقوفها إلى جانب الجبهة القومية، مما ساهم في ترجيح الكفة لصالحها على حساب جبهة التحرير، وكانت الجبهة القومية قد نجحت في استقطاب عدد من كبار ضباط الجيش والبوليس والمخابرات، أمثال العقيد عبدالله سبعة قائد بوليس الجنوب العربي، والعقيد عبدالله مجور العولقي رئيس مخابرات جيش الجنوب العربي، والعقيد أحمد صالح عبده الضالعي، وهو الذي تولى رئاسة هيئة الأركان بعد الاستقلال.

وفي شهر نوفمبر 1967 أجريت تغييرات في قيادة الجيش الاتحادي، حيث تولى قيادته العامة العقيد/ حسين عثمان عشال، الذي سبقت الإشارة إلى أنه كان ضمن كبار الضباط المتعاونين مع الثوار. وبعد سيطرة الجبهة القومية على أغلب المناطق صارت هي الطرف الممثل لجنوب اليمن في مفاوضات الاستقلال مع السلطات البريطانية، وأسفر عنها إعلان الاستقلال وخروج آخر جندي بريطاني من عدن في 30 نوفمبر 1967.

 

الخلافات الداخلية بين تيارات الجبهة القومية

ما إن تسلمت الجبهة القومية مقاليد الحكم بعد الاستقلال حتى بدأت الخلافات تظهر بين تيارين رئيسيين داخل الجبهة، التيار اليساري (الماركسي)، بقيادة سالم ربيع علي (سالمين)، وعبدالفتاح إسماعيل، وعلي صالح عباد (مقبل)، والتيار المناوئ للماركسية، ويقوده رئيس الجمهورية قحطان الشعبي ورئيس الحكومة فيصل عبداللطيف الشعبي، وقائد الجيش الاتحادي العميد حسين عشال، الذي كان يمتلك التأثير القبلي الاجتماعي في مناطق أبين وشبوة إلى جانب تأثيره القوي على ضباط الجيش، وتبلورت الخلافات بين التيارين خلال المؤتمر العام الرابع للجبهة القومية الذي انعقد في زنجبار أبين، بداية مارس/أذار 1968، وكان أبرز ما خرج به المؤتمر لصالح التيار اليساري إعلان تبني "الاشتراكية العلمية" وتطبيق الأسلوب المعتمد في الدول الشيوعية، غير أن التيار المناوئ أبدى اعتراضه على تلك الخطوات، لتستمر الخلافات خاصة وأن التيار اليساري ظل يسعى لاستبعاد القيادات العسكرية والمدنية المعارضة للتوجهات الماركسية، من خلال المطالبة المستمرة بـ" تطهير جذري يبدأ بالجيش والشرطة، وأجهزة الدولة الإدارية".

وهنا أدركت قيادة الجيش الاتحادي أن هدف التيار اليساري السيطرة على كل مؤسسات الدولة بما فيها الجيش والأمن، وإقصاء الآخرين حتى لو كانوا شركاء في الثورة، الأمر الذي يعني تدمير الجيش الرسمي الذي يدين بالولاء لرئاسة الجمهورية والحكومة، وتصفية قياداته وكوادره بما تملك من خبرات ومؤهلات، واستبداله بجيش التحرير الشعبي المعروف باسم "المليشيا الشعبية"، وأغلب عناصرها ليس لديهم الخبرة والتجربة الكافية، كما أن هذه المليشيا لا تتبع الدولة ولكنها تتبع قيادة التيار اليساري في الجبهة، ذلك أنها – من وجهة نظرهم- جيش الثورة، وليست جيش الدولة، وهي معنية بمحاربة خصوم التيار الماركسي بما فيهم الجيش النظامي، والاستيلاء على المؤسسات وفق النموذج الذي كان سائداً في الدول ذات التوجه الاشتراكي.

في هذه الظروف جاءت حركة الجيش في 20 مارس 1968، حيث سيطرت قوات الجيش والأمن على الإذاعة والمؤسسات الحكومية، وأغلقت الشوارع وقامت باعتقال عدد من قيادات التيار اليساري، ومنهم: عبدالفتاح إسماعيل، سالم ربيع علي، علي عنتر، علي سالم البيض (وزير الدفاع حينها)، سلطان أحمد عمر، عبدالله الاشطل، عبدالعزيز عبد الولي، علي صالح عباد (مقبل)، محمد صالح مطيع، وصالح مصلح، كما اعتقل عبدالله باذيب زعيم الاتحاد الشعبي الديمقراطي، وقد تمكن عدد من المعتقلين من الفرار والهروب خارج عدن.

وعبْر إذاعة عدن أعلن قادة الحركة دعوة الجيش والأمن العام والفدائيين لمواجهة الخطر الشيوعي والإشادة بالجيش الذي قال البيان إنه "يقوم بإنقاذ البلاد".

ومن جهته حرّك التيار اليساري بعض النقابات والقطاعات التي يسيطر عليها للتنديد بحركة الجيش، واعتبارها انقلاباً مدعوماً من السفارة الأمريكية يسعى للقضاء على الثورة، وبعد أيام تدخل الرئيس قحطان الشعبي، ووجه الأوامر لوحدات الجيش بالعودة إلى ثكناتها وإطلاق سراح المعتقلين، مقابل عدم تعرض قيادة الحركة لأي محاكمة أو مساءلة، وبدورها التزمت قيادة الجيش بقرار الرئيس غير أن التيار اليساري صعد في مطالبه بما يسميه "تطهير الجيش والأمن من العناصر المعادية". وظل التياران كل منهما يتربص بالآخر، حتى نشبت مواجهات مسلحة بينهما في مايو/أيار 1968 انتهت بسيطرة قحطان الشعبي وقادة الجيش، ومع ذلك لم يستسلم اليساريون، وظلوا يعززون مواقعهم داخل الجبهة القومية ومؤسسات الدولة، حتى وقعت الجولة الحاسمة في يونيو/حزيران 1969 التي تمكن التيار اليساري من حسمها لصالحه، وباشر عمليات الانتقام من خصومه في الرئاسة والحكومة والجيش والأمن بالتصفيات والاعتقالات والملاحقات، اعتقل الرئيس قحطان الشعبي وبقي في السجن حتى وفاته، فيما تمكن العميد حسين عشال من مغادرة البلاد متجهاً إلى شمال الوطن ومعه عدد من الشخصيات المناهضة للتيار اليساري الذي أصبح يسيطر على السلطة والجبهة القومية، بعد تلك الجولة التي أطلق عليها "حركة 22 يونيو التصحيحية".

 

عملاق يتجاوز الصراعات

انتقل العميد حسين عشال إلى مدينة تعز، وهناك استقر حتى قيام الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب في العام 1990، ومع ما تعرض له من إقصاء ومحاولة تهميش دوره التاريخي في ثورة أكتوبر وتحقيق الاستقلال ووضع أساسات المؤسسة العسكرية ضمن مؤسسات الدولة الوليدة عقب رحيل الاستعمار، إلا أنه ظل حاضراً بشخصيته القوية وعلاقاته الواسعة ونظرته الثاقبة لما وراء كواليس الصراعات، لذلك لم يبحث لنفسه عن مناصب وامتيازات – وإن كان مستحقاً لها، بل اكتفى بما قدم للوطن والثورة والمجتمع سنوات طويلة سيما بعدما أصبح قائداً للجيش وواحداً من أبرز الشخصيات السياسية والعسكرية التي شاركت في صناعة الأحداث في مرحلة استثنائية وفي ظروف معقدة.

ظل العميد عشال يقوم بدوره في خدمة الوطن والشعب لأنه يدرك أن خدمة الوطن يمكن القيام بها دون أن يكون للشخص مناصب رفيعة أو مواقع مرموقة، فالكبير يبقى كبيراً – سواء أكان في السلطة أو خارجها، وكذلك كان عشال كبيراً وهو يخدم البلد والشعب، وعملاقاً يعجز أقزام المصالح والصراعات عن النيل منه أو التشويش على دوره وحضوره وتأثيره في جنوب الوطن أو شماله.

تعززت علاقاته بالعلماء والمصلحين والرموز السياسية والزعامات القبلية والقيادات اليمنية البارزة على مستوى اليمن بشطريه وفي العاصمتين صنعاء وعدن كما في أبين مسقط رأسه وتعز مقر إقامته وبقية المحافظات والمناطق اليمنية، وسبقت الإشارة إلى دوره في دعم التيار الإسلامي وعلاقته بالدعاة والرواد، وهي العلاقة التي كانت الأحداث تزيدها قوة ومتانة.

ومع أنه لم يكن حريصاً على الظهور والحديث عن مكانته ودوره الوطني ورصيده النضالي غير أنه ظل يحظى بتقدير كل من عرفوه ومن تتبعوا مجريات ثورة أكتوبر ومخاض الاستقلال وما رافقها وتلاها من صراعات، وهو ما يثبت أن هذه القامة السامقة لا يمكن أن يطالها التهميش أو ينالها النسيان فذاكرة الشعوب الحية تظل محتفظة بأدوار الأبطال وما قدموه من أجل أوطانهم، والتاريخ يخلد مواقفهم وتضحياتهم ومآثرهم الطيبة.

يقول المؤرخ اليمني الكبير الراحل عبدالملك الشيباني: العميد عشال قائد عسكري من الطراز الأول ومن النوع المتميز، والصنف الممتاز، ولقد خاض معارك عديدة وخاصة إبان حرب التحرير ضد الاستعمار البريطاني في الشطر الجنوبي من الوطن سابقاً. وكان عظيم الشجاعة صلب المراس، راسخ الوجدان، قوي الجنان، لا تزعزعه أعتى المواقف وأعظمها التي تتزلزل لها القلوب، وتنخلع لها الأفئدة. ولم يكن للعميد حسين عشال -رحمه الله- عمراً واحداً بل في الحقيقة كانت له أعمار وأعمار عديدة، ليس بحساب الأعوام والسنين التي قضاها على ظهر هذه البسيطة فتلك السنون والأعوام لا يقاس بها أمثاله من الكبار والعظماء والرواد فهؤلاء لهم مقاييسهم الخاصة.

 

 الحكيم حسين عشال

ظل العميد حسين عشال يراقب الأحداث والتطورات من حوله، ليس طمعاً في الحصول على فرصة ينتهزها في الظفر بالسلطة أو رغبةً في الانتقام من خصومه الذين حاربوه وأقصوه واستبعدوه، ولكنه كان يتابع ما يجري متابعة ذوي الخبرة والتجربة والرؤية الناضجة، ذلك أنه ما كاد يستقر في شمال اليمن حتى بدأت الخلافات تدب داخل التيار الحاكم في الجنوب، حيث انقسم تيار اليسار الماركسي إلى تيارين جديدين: تيار يتبع النموذج الصيني بقيادة رئيس الدولة سالمين، وتيار يتبع التجربة السوفيتية بقيادة عبدالفتاح إسماعيل أمين عام الجبهة القومية التي أصبحت أواخر السبعينيات الحزب الاشتراكي اليمني، وكل تيار يزعم أنه الماركسي الحقيقي، وتطورت الخلافات إلى مواجهات أسفرت عن سيطرة التيار الثاني، وهزيمة الأول فيما عرف حينها بأحداث سالمين أواخر شهر يونيو/حزيران 1978، ثم نشب الصراع فيما بعد داخل التيار الذي قضى على سالمين، وكانت أحداث يناير 1986، وحينها أجبر الآلاف من المنهزمين على مغادرة عدن والجنوب إلى الشمال كما فعل عشال ورفاقه من قبل.

زاره بعض من أجبرتهم أحداث 1986 على النزوح في منزله بمدينة تعز، وكانوا يحدثونه بحماس عن استعدادهم للعودة إلى عدن للانتقام من خصومهم الذين أخرجوهم، وعن وجود ترتيبات لهم بهذا الأمر، لكنهم فوجئوا أنه لم يتفاعل معهم رغم أهمية حديثهم وخطورته، وقبل أن يسألوه عن السبب قال لهم تلك العبارة الموجزة التي أصبحت قاعدة ثابتة: (من خرج خرج)، استغربوا ردة فعله التي لم يكونوا يتوقعونها، خاصة وأنه قد اصطلى بنار الصراعات قبلهم، وتساءلوا عن خصومهم فقال لهم: أنتم لن ترجعوا إليهم لتنتقموا منهم، ولكنهم سيأتون، وبعد نحو أربع سنوات ذهب المنتصرون حينها إلى شمال اليمن بعد اتفاقهم مع نظام صنعاء على الوحدة اليمنية ،وصدقت نبوءة الحكيم عشال.

بعدما تحققت الوحدة اليمنية كان العميد عشال واحداً من مؤسسي حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي ضم عناصر التيار الإسلامي وعدداً من العلماء وشيوخ القبائل والأكاديميين والشباب وغيرهم، وقد ترأس العميد عشال فرع الحزب في محافظته أبين، حتى وافاه الأجل في اليوم التاسع من الشهر التاسع (سبتمبر) عام 1993. وكان يوم تشييعه يوماً مشهوداً حضره حشد جماهيري كبير للمشاركة في وداعه وتشييعه إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه مديرية مودية بمحافظة أبين، يشيعه دعاء المحبين والمودّعين من مختلف أنحاء الوطن، كما هو شأن الكبار حين يرحلون تاركين قلوباً تحبهم وألسناً تلهج بالدعاء لهم، وذاكرة تحفظ آثارهم وتخلدها للتاريخ وترويها للأجيال القادمة.

كما ترك العميد الراحل الفذ حسين عشال كثيراً من المآثر الباقية والمناقب الحميدة، بقي أبناؤه وأحفاده من بعده يسيرون على الدرب ذاته، في خدمة الوطن والمجتمع من مواقع مختلفة وفي مجالات متعددة، فنجله الأكبر الراحل محمد حسين عشال هو الشهيد أبو الشهيد، اغتاله القصف الحوثي الذي استهدف منزله في تعز في يونيو 2015، وابنه الشهيد الشاب/ عبدالحكيم اغتاله مسلحون متطرفون في العاصمة صنعاء في شهر سبتمبر 2011. ونجله الآخر البرلماني الشاب/ علي حسين عشال، أحد أبرز أعضاء مجلس النواب نشاطاً وحضوراً وقياماً بالواجب وتحمل المسؤولية، كما هو موقفه في مجمل مجريات الحياة السياسية وتطورات المشهد اليمني. وكذلك هم بقية أبناء العميد حسين عشال وأحفاده وأقاربه، يترسمون خطاه ويحيون مآثره ويجددون ذكراه في صمت وإخلاص وتفانٍ يليق به وبهم.