الثلاثاء 23-04-2024 20:03:19 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحراك الجنوبي .. من الانطلاقة إلى ثورة الشباب

الأحد 17 ديسمبر-كانون الأول 2017 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت - خاص

    

يمر الحراك الجنوبي بمرحلة مفصلية منذ تاريخ انطلاقته قبل عشر سنوات في تاريخ 7 يوليو 20017م جرت خلالها مياه كثيرة في جداوله، ويجد القارئ نفسه بحاجة إلى فهم كل المراحل والأحداث المصاحبة لها وتأثيراتها على المشهد الحالي وتعقيداته والتي ربما تكون إحدى نتائجها سلبا وإيجاباً.

شكلت الانتخابات الرئاسية في العام 2006م والتي خاضها المهندس فيصل بن شملان صافرة البداية في تشكيل حراك سياسي على مستوى اليمن، وكان بمثابة الأرضية التي انطلق في بدايته الحراك السلمي الجنوبي بقيادة جمعية المتقاعدين العسكريين متكئاً على مطالب حقوقية أبرزها قضيتي الموظفين المبعدين من وظائفهم و نهب أراضي الدولة في المحافظات الجنوبية كأحد مظاهر آثار حرب صيف 94م.

قدم الحراك نفسه أثناء انطلاقته كمظلة جامعة لكل المتضررين من سياسات النظام القائم حينها و كانت المطالب محل إجماع ودعم مختلف القوى السياسية التي تنتقد السياسات الخاطئة التي انتهجها النظام السياسي في الجنوب عقب حرب 94م ووفرت له الدعم الإعلامي والحقوقي واستضافت مقراتها لقاءات قيادات الحراك وحضرت رموز الأحزاب فعاليات الحراك المختلفة، فيما استمر الأخير في تنظيم الفعاليات الجماهيرية في المناسبات الوطنية كأداة ضغط و إثبات حضور في مواجهة السلطة.

تسبب عنف النظام و انتهاجه أسلوب القمع ضد الفعاليات السلمية التي ينظمها الحراك و عدم اعترافه بالمطالبات دفعت باتجاه تخلق الشق السياسي لما عرف لاحقاً بـ(القضية الجنوبية) وبدأت دعوات المطالبة ب"حق تقرير المصير" و"استعادة الدولة" كنتيجة طبيعية لتعنت السلطة الحاكمة ورفضها الاعتراف بفشل سياساتها في جنوب الوطن.

شكل تاريخ الحادي والعشرين من مايو من العام 2009م منعطفا مفصليا في تاريخ الحراك الجنوبي حيث اعلن نائب الرئيس الأسبق علي سالم البيض في خطاب متلفز نيته السعي لـ(فصل الجنوب) عن الشمال بعد نحو 15 عاما قضاها الرجل في سلطنة عمان ودعم توجه البيض قيادات محسوبة على الحزب الاشتراكي وقيادات قبلية وغيرها، وترافق ذلك مع ارتفاع الأصوات التي تحرض على الأحزاب السياسية ودعوة المنضمين للحراك من الحزبيين للاستقالة من أحزابهم.

التزم بقية القيادات الجنوبية في الخارج الصمت ولم يصدر عنها أي موقف من تحرك البيض، والتي ربما كان من الأسباب عدم ثقتها بقدرة الحراك في الداخل على مواجهة السلطة القائمة وخوفها من إغضاب الدول المستضيفة لها.

وباستثناء إعلان البيض نيته عن فصل الجنوب تحت مصطلح أطلق عليه (فك الارتباط) فقد بقي خطاب الحراك الاعلامي محصوراً على أسباب ومظاهر (القضية الجنوبية) دون الخوض في تقديم الحلول والرؤية المستقبلية.

لجأ النظام القائم إلى اعتقال القيادات الميدانية للحراك السلمي مثل باعوم والغريب وبن فريد وعلي منصر وغيرهم، لكن سرعان ما رضخ أغلبهم بعد بدء المحاكمات لضغوطات السلطة وقدم أغلبهم رسالة اعتذار شهيرة تلاها الكاتب أحمد عمر بن فريد في قاعة المحكمة في صنعاء مقدمة إلى الرئيس السابق علي عبدالله صالح يناشدوه خلالها بالعفو.

عادة ما كان يوصف الحراك الذي كان قد شهد تأسيس عشرات الكيانات والفصائل و المنظمات و جماعات الضغط كلها تحمل الهدف نفسه بأنه رأس بلا جسد ويشبه (الأرخبيل) المكون من عدة جزر تنتمي لنفس الوطن، لكن ذلك يرجع بالأساس إلى عفوية التحرك الذي كان سائدا بين أوساطه المختلفة والحاجة المرحلية لإظهار حجمه وزخمه الجماهيري.

استطاع النظام في تلك المرحلة من حرف خطاب الحراك المهاجم له باعتباره – اي النظام- المتسبب في كل المظالم التي يعانيه الجنوب، إلى التحريض ضد الأحزاب السياسية ومنعت أحزاب اللقاء المشترك من إقامة فعالية نضالية في محافظة الضالع من قبل انصار الحراك تحت شعار (لا حزبية ولا أحزاب) وذلك في العام 2009م وشكلت تلك الحادثة تحولا مفصليا في علاقة الحراك بأحزاب المعارضة.

نستطيع القول أن المرحلة بين عامي 2007م – 2011م شكلت ملامح القضية الجنوبية بشقيها الحقوقي والسياسي، وقدمت خلالها عشرات التنظيرات بهدف تعريفها و دراسة أسبابها و مظاهرها ونتائجها، كما يجدر القول أن هذه الفترة غلب عليها العمل العشوائي و الشعبي غير المنظم وعدم تشكيل قيادة موحدة، كان أشبه بتعبير اجتماعي وسياسي كشف مستوى المشكلة التي سببتها سياسات النظام في المحافظات الجنوبية.