الثلاثاء 23-04-2024 16:10:56 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون واستثمار الحروب

الإثنين 11 ديسمبر-كانون الأول 2017 الساعة 08 مساءً / موقع الإصلاح – خاص – فهد سلطان

لا أفق للحل السياسي في اليمن, ولا يبدوا أن الحوثيين مستوعبين حتى اللحظة وضع البلاد المتدهور, فنشوة الانتصارات الوهمية على خصومهم والمتحالفين معهم تعميهم عن رؤية حقيقة البلاد والتي تنهار أكثر وأكثر.!


بالنظر الى تجربة الحوثيين الماضية والحاضرة, فمع كل انتهاء حرب يفتحوا للحرب جولة أخرى, وإذا انتهى الصراع مع مكون سياسي معين بدأ البحث عن مكون سياسي أو اجتماعي أخر !, أنه هروب من المستقبل ومن استحقاقات التي ينتظرها الناس والتي ظلت ولا تزال وعوداً حتى الآن. ليس ذلك فحسب بل أن مشكلات الجماعة الداخلية والتي تكبر كل يوم تجعلهم يهربون الى الامام في استمرار الحرب ومنع أي خطوة تسير بهم نحو ايقافها.


صعدة بلا تنمية
سقطت صعدة في 23 مارس/ اذار 2011م بيد الحوثيين بعد خمسة أيام من مذبحة جمعة الكرامة ابان الزخم الثوري العارم للربيع العربي, واستمرت المحافظة لديهم حتى سقوط العاصمة صنعاء في 21سبتمبر/ ايلول 2014م دون أن تقوم الجماعة بأي جديد داخل المحافظة, باستثناء الشعارات والندوات والاعياد الطائفية المذهبية فقط. حيث يتحصل الحوثيون الضرائب والزكاة ويفرضون اتاوات كبيرة على المواطنين باستمرار, كما يتموضعون داخل اجهزة الدولة حيث سخروا الدولة وكل اجهزتها وما يتصل بها لصالح الجماعة وفي تعزيز الحرب والقوة الدفاعية والهجومية لديهم, فيما كانت معيشة الناس واحوالهم خارج المعادلة الحوثية تماماً.!!


لا يتحدث الحوثيون في مقابلاتهم المتلفزة, ولا في الندوات ولا في الإعلام عن التنمية ولا عن وضع الناس الاقتصادي والاجتماعي, فهذه المفردات لا حديث عنها ولا تشغل بالهم بتاتاً, فكل الحديث عن شعارات وهمية وفارغة لا علاقة لها بالتنمية من قريب أو بعيد, وهو ما يجعل حياة الناس معرضة للخطر, بل داخلة في مستوى الخطر ذاته.


يستطيع المتابع البسيط النظر الى أن الجماعة لا تقوم بأكثر من استثمار اللحظة السياسية, واستثمار الكوارث التي كانوا جزءاً منها, من خلال عرض وضع اليمن على المنظمات الدولية, للقيام بواجب ومهام الدولة. فالجماعة هنا لا علاقة لها بالتنمية ولم يتم حتى اللحظة مشاهدة أي محاولة أو سير في هذا الاتجاه. فعلى مدى خمس سنوات قبل سقوط العاصمة لم يحصل ان تم ترميم مدرسة أو مؤسسة حكومية أو تعبيد طريق للناس, باستثناء الحوزات والاربطة المذهبية والطائفية والتي تحظى باهتمام شديد من قبل الجماعة.


وما تمارسه الجماعة اليوم منذ نشأتها وسيطرتها على مؤسسات الدولة وحتى اللحظة لا يخرج عن الارث التي مارسته الإمامة بحق اليمن واليمنيين والذي امتد على مدى ثمانية قرون, حيث غيبت اليمن عن المحيط الاقليمي والدولي وبقيت هذه الزاوية من الارض خارج التاريخ والجغرافيا منكفأ على نفسها, معزولة عن العالم من حولها, وهو تصرف متعمد من قبل هذه الجماعة في الماضي والحاضر, تعكس ثقافة توارثوها منذ عقود طويلة.!


اليمن تعايش الكارثة
تسير البلاد اليوم نحو الهاوية وتعايش الكارثة, فالوضع الاقتصادي اليوم يصل الى مستويات قياسية في الانهيار والتردي دون أن يحرك ذلك للجماعة ساكناً, فحالات الفقر اليوم حسب تحذيرات دولية تصل تزيد عن 70%, وغياب الطبقة المتوسطة يهدد بانهيار البلاد, إضافة الى توقف تام لكل ما يتصل بالاقتصاد اليمني ودخول البلاد في مرحلة الفشل, كل ذلك لا يمثل أي خوف او حذر لديهم, إذا ما علمنا أن هذا الوضع تستثمره لصالحها من خلال فرض مزيد من الاتاوات.


نهب الاعانات الدولية

تحدثت تقارير سابقة لمنظمات دولية, وتحدث رئيس لجنة الاغاثة في الحكومة الشرعية أن المسلحين الحوثين في عدد من المحافظات يقومون بنهم المعونات الدولية المخصصة لعدد من المحافظات المنكوبة ومنها على سبيل المثال مدينة تعز ويتم توزيع تلك المعونات لصالح المسلحين التابعين لهم, وتكررت تلك الاعمال لعمرات عديدة, دون أن يكون هناك موقف حقيقي ضاغط من قبل المجتمع الدولي, وهو ما جعل كثير من المحافظات عرضة للمخاطر وزاد من الخناق والحصار عليها بفعل كثير من الاسباب كان اختطاف الاغاثة من قبل الحوثيين واحدة منها.


ولم يقتصر الامر في هذه الجزية على مدينة تعز, فقد كانت الجماعة تشرف على عمليات التوزيع في محافظات تقع تحت سيطرتهم, وكانت تمنع حصول بعض الاسر المنكوبة والمحتاجة لتلك المعونات كونها تختلف معها سياسياً وتكررت تلك الاعمال في محافظة عمران وحجة وصعدة ايضاً.


نهب السيولة من الاسواق
كانت هذه الخطوة أو هذه الاعمال غير الاخلاقية واحدة من اسوء ما بليت فيه اليمن في هذه الفترة, وهي القضية التي فشلت كل المحاولات من قبل الحكومة أو الدول المعينة لليمن من حل الوضع الاقتصادي, حيث يتم سحب الاموال من الاسواق ما يتسبب ذلك في ارتفاع للدولار والعملات الخارجية على حساب الريال اليمني, إضافة الى فشل الحكومة الشرعية في انعاش الاقتصاد من خلال دفع الرواتب وزيادة حركة البيع والشراء داخل الاسواق اليمنية.


وتفيد معلومات مؤكدة عن قيام الحوثيين بشراء عقارات داخل العاصمة صنعاء وخارج اليمن ومنها لبنان, حيث كشفت احدى القنوات الفضائية وصحف لبنانية عن قيام شخصيات تابعة للحوثيين بشراء عقارات في الضاحية الجنوبية ببيروت بأسعار مرتفعة, كل تلك الاموال تمثل حسب القناة استثمارات لصالح الجماعة في الحاضر والمستقبل.