الأربعاء 24-04-2024 08:44:26 ص : 15 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

في ذكرى الـ30 من نوفمبر المجيد

من القرن السادس عشر وحتى القرن العشرين..حين تبتلع عدن الامبراطوريات

الخميس 30 نوفمبر-تشرين الثاني 2017 الساعة 11 مساءً / التجمع اليمني للاصلاح - خاص

 

تتسابق الدول والامبراطوريات لاحتلال عدن وما حولها ابتداءً من دخول الأحباش والفرس قبل الإسلام وحتى الامبراطوريات المتأخرة من البرتغاليين والمماليك والعثمانيين والفرنسيين وحتى الإنجليز.


حيث تعيش اليمن اليوم الذكرى الخمسين لعيد الجلاء في الثلاثين من نوفمبر عام 1967، يوم رحل آخر جندي بريطاني محافظة عدن بعد مائة وتسعة وعشرين عاماً من الاحتلال البريطاني للشطر الجنوبي من اليمن سابقاً.


مثلت عدن أهم الموانئ العالمية وأهم نقطة في الشرقين الأوسط والأدنى ما جعل كل الإمبراطوريات تتصارع عليها طوال ظهورها وحكمها.


حيث بذل البرتغاليون أقصى إمكانياتهم لاحتلال عدن وهاجموها أكثر من ثلاث مرات، كل مرة كانوا ينكسرون على أسوارها، حتى جاء العثمانيون وأغلقوا البحرين العربي والأحمر وتمكنوا من كافة الموانئ اليمنية والعربية، لكن ومع رحيل العثمانيين الرحيل الأول من اليمن وضعف دولتهم دخلت امبراطوريتان ودولة أوروبية في صراع حول عدن وما جاورها، أما الإمبراطوريتان فهما فرنسا وبريطانيا وأما الدولة الثالثة فهي هولندا مع بعض البقايا للعثمانيين.


حيث منحت الملكة إلیزابیث الأولى امتیازًا لشركة الهند الشرقیة البریطانیة یسمح لها بإقامة مشروعات تجاریة مع بلدان الجزیرة العربیة وسواحل البحر الأحمر، وبدأ أول دخول لبريطانيا عدن في عام 1607م بحجة إقامة مشروعات تجاریة مع بلاد الیمن والاستفادة بنصیب من تجارة البلاد العربیة وخاصة تجارة البن أولاً، ثم بحجة منع القرصنة البحرية ثانياً كما تفعل اليوم الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وإيران وغيرها من الدول.


على إثر ذلك وصلت السفینة البریطانیة (اسینشون) التي یقودها الكابتن الكسندر شارلي إلى عدن في ٨ نیسان ١٦٠٩ لإقامة علاقات تجاریة مع بلاد الیمن ومحاولة إنشاء مراكز تجاریة ثابتة فیها وبدأت عين بريطانيا على جزيرة بريم (ميون) وسط مضيق باب المندب، كما افتعلت حجة أخرى للاحتلال وهي ادعاء أن القراصنة هاجموا سفينتها واحتلت عدن 1839 بشكل نهائي.


أما الإمبراطورية الفرنسية فقد جاءت إلى عدن بعد بريطانيا بمائة عام وقلدتها في كل شيء، حيث أسست فرنسا شركة الهند الشرقية مثلما فعلت بريطانيا تماماً، بودأ الاتصال الفرنسي بالسواحل الیمنیة في عام ١٧٠٩ م ، عندما وصلت البعثة الفرنسیة في ٦ شباط ١٧٠٨ على ظهر السفینتین (كیرییز) و(دیلجینت) برئاسة دي میرفیل وعند وصول البعثة میناء عدن لكن السفينتين غادرتا عدن إلى المخاء في ٣ كانون الثاني ١٧٠٩ لأن بريطانيا كانت قد سبقتها إلى السواحل الجنوبية وخاصة عدن، وتمكن (دي میرفیل) من عقد معاهدة مع حاكم المخا نیابة عن الإمام المهدي محمد بن أحمد القاسمي، وتاجروا بالبن اليمني واقاموا وكالتهم هناك، ليستقر الفرنسيون بشكل نهائي في المخاء، ومن يومها بدئ الميناء يعرَّف بـ"كافي موكا".


التي كان أهم بنودها حق الفرنسیین في المتاجرة طول النهار على أن یعودوا إلى سفنهم لیلاً ، كما یمكنهم رفع العلم الفرنسي فوق وكالتهم ، وأن تكون الضرائب الجمركیة على البضائع المباعة بنسبة ٣% كما یسمح للفرنسیین ممارسة طقوسهم الدینیة.


غیر أن العلاقات بین فرنسا والسلطات في المخا سرعان ما توترت، عندما تبین لحاكم المخا الفقیه احمد أن الفرنسیین كانوا - بمقتضى الاتفاق الذي ابرم معهم في عام ١٧٠٩ م- یدفعون 1/٤ % ضریبة على الصادرات والواردات في حین یدفع الأوربیون الآخرون ٥% ، وقرر حاكم المخا رفع الرسوم الضرائبیة على الفرنسیین الى ٥% دون سابق إنذار، فاغضب هذا التصرف شركة الهند الشرقیة الفرنسیة إلى درجة جعلتها تقوم بإجراء تأدیبي ضده ، إذ أرسلت أسطولا لقصف المخاء في عام ١٧٣٧ م، وأدى القصف إلى أن ترضخ المخا وتدفع ما علیها من فروق الضریبة إلى الفرنسیین ثم قطعت على نفسها عهدا باتفاقیة عام ١٧٠٩ م.


وبسبب سياسة الاحتلال البريطاني في عدن والجنوب عامة من سياسة فرق تسد وإدارة الصراعات بين السلطنات الجنوبية، وحرمان المواطنين من التعليم، وقيامه بالكثير من التعسفات تاق الشعب اليمني في الجنوب إلى التحرر والانعتاق من رِبْقة المحتل الأجنبي، حيث شهدت عقود الأربعينيات والخمسينيات والستينيات في الوطن العربي ثورات الشعوب المقهورة، والتي وصلت نيرانها إلى الجنوب اليمني بعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر بعام واحد. فقد تلاحم الشعبان والشطران في شمال اليمن وجنوبه للتخلص من الاستبداد الداخلي المتمثل بالإمامة العنصرية الكهنوتية المتخلفة، ثم انطلقت الثورة إلى الجنوب في ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963. واستمر النضال إلى أن رحل آخر جندي بريطاني من الجنوب في الثلاثين من نوفمبر 1967 لينال اليمن الجنوبي استقلاله والذي نحتفل اليوم بتلك الذكرى العظيمة، وفي عدن أفلت شمس الإمبراطورية البريطانية التي كانت لا تغيب عنها الشمس، وما يوم الجلاء عنا ببعيد.