الخميس 18-04-2024 10:57:07 ص : 9 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

إيران واليمن.. تصدير الثورة الخمينية والإرهاب (الحلقة الثالثة)

الأحد 26 نوفمبر-تشرين الثاني 2017 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ فهد سلطان

 

الفراغ الذي خلفه الربيع العربي مثًل واحدة من أهم الفرص أمام دولة إيران الصفوية في بث ونشر جواسيسها في عدد من الدول العربية ومنها اليمن, وهي عمليات توسع واستهداف للبلدان العربية أعقبت قيام (الثورة الإيرانية) في نهاية سبعينيات القرن الماضي أبان الثورة الخيمينية. ولم يتوقف الأمر على ذلك فقد أعقبه ابتعاث خبراء في عدد من المجالات العسكرية والأمنية, وخاصة بعد السيطرة الكاملة على محافظة صعدة 23 مارس/ اذار 2011م. وكانت أولى تلك الخطوات انجاز مشاريع استراتيجية في المحافظة, يمثل مطار صعدة الدولي واحدة منها, والذي كان على وشك الافتتاح في 2015م, قبل أن تغير عليه طائرات التحالف العربي ليلة قيام العاصفة(1). 

بالسيطرة على محافظة صعدة نشط التواجد الإيراني, وبدأ التوغل في هذه المحافظة التي كان لها ارتباط وثيق بالزيدية (الهادوية) المتطرفة على مدى التاريخ, وكان المحافظة ايضاً من أواخر من عادت إلى حظيرة الدولة شكلياً، فيما واقعها كان لا يزال يحتفظ بامتيازات مرتبطة ما قبل ثورة سبتمبر. ومع سقوطها بيد التمرد الحوثي بدأ القلق ينتاب الجميع من خطورة ذلك وهو ما سيجعل من هذه المحافظة خطراً ليس على المحافظة نفسها ولكن على اليمن بالكامل والجوار الخليجي ايضاً.

ومن تلك الأنشطة الاستراتيجية التي دعمتها إيران في المحافظة هو مطار صعدة الدولي, والذي كان يتبع القوات الجوية اليمنية، قبل أن يستولي عليه الحوثيون أثناء الحروب الست مع الدولة(2).

ويقع المطار في مدينة صعدة بالقرب من القصر الجمهوري، ويبلغ طول مدرجه 3100 متر وعرضه 60 مترا، قبل التوسعة التي قام بها خبراء إيرانيون 2013م, وفيه موقف ومدخل للطائرات, حيث تم تنفيذه بمواصفات دولية لاستقبال جميع الطائرات، بتكلفة بلغت خمسة مليارات ريال يمني, فيما يعتقد أن إعادة التوسعة والتجهيز لبداية الاستقبال زادت بثلاثة مليارات دولار(3).

 

خلايا التجسس

يعتقد بعض المراقبين للشأن الإيراني في باب المندب والخليج, أن إرسال بعثات التجسس الى اليمن يعود الى نهاية تسعينيات القرن الماضي, وكان التواصل مع قيادات دينية وسياسية لنشر التشيع الاثني عشري في بادئ الأمر, إلا أن مستوى التواصل توسع مع بداية الحروب الست, وتنوعت البعثات الإيرانية الى اليمن بين الفترة والأخرى, من خلال ابتعاث خلايا للتجسس وخبراء عسكريين يعملون كمستشارين, الى جانب بعثات للتدريب وشخصيات دينية قادمة من عدد من الحوزات العلمية في العراق وطهران.

كانت أول خلية تقع في قبضة السلطات اليمنية في منتصف يوليو/ تموز 2012م بمدينة عدن الى الجنوب من البلاد(4), مكونة من ثمانية أفرد تم اعتقالهم, فيما عدد افراد الخلية بالكامل المتوزعين في عدد من المحافظات يصل الى خمسين عنصراً يعملون تحت غطاء تجاري وتنشط الخلية المقبوض عليها بين مدينة عدن وتعز, وتفيد معلومات أولية نشرت في حينها أن الخلية قدمت الى البلاد مع قيام الحرب الثانية بصعدة في مارس/ اذار 2005م, وانتقلت من صعدة الى مدينة عدن, وهي الخطوة التي ستؤزم العلاقات بين البلدين. وفي منتصف مارس/ اذار 2013م تم الافراج عن الخلية وسط غموض كامل عن الأسباب والدوافع قبل أن يتم عرضهم على القضاء.

 

صفقات السلاح

في الـ 23 يناير/ كانون الثاني 2013م ألقت السلطات اليمنية القبض على سفينة إيرانية تدعى (جيهان1), وهي محملة بالأسلحة عندما كانت في طريقها إلى ميناء ميدي الذي يسيطر عليه المتمردين الحوثيون لتزويدهم بحمولتها, وحسب معلومات حكومية فقد كانت السفينة تحمل 48 طناً من الأسلحة والقذائف والمتفجرات وصفت بأنها شديدة الانفجار حسب وزارة الداخلية اليمنية, وبين الأسلحة المضبوطة صواريخ (سام 2) و(سام 3) المضادة للطائرات.

هذه الحادثة دفعت الحكومة اليمنية لطلب من مجلس الأمن والأمم المتحدة للتحقيق في القضية, حيث استجاب مجلس العقوبات في المجلس للطلب المقدم من الجمهورية اليمنية, وفي ذات القضية نفت وزارة الخارجية الإيرانية بتاريخ 3 فبراير/ شباط علاقة إيران بالسفينة.

وكانت أول كشف لعمليات التهريب سلاح من قبل دولة إيران الى الحوثيين في 2009م, حيث أعلنت السلطات اليمنية ضبطها لسفينة إيرانية محملة بالأسلحة لدعم الحوثيين, وفي ذات التوقيت نفت إيران تلك الاتهامات ووصفت تصريحات الحكومة اليمنية بالكاذبة والمسيئة على حد تعبير بيان السفارة الإيرانية في صنعاء(5), ولاحقا قضت المحكمة اليمنية في 25 أكتوبر 2011 بإدانة ستة بحارة إيرانيين بتهمة دخول الأراضي اليمنية بطرق غير شرعية، والاكتفاء بمدة الحبس السنتين التي قضوها في السجن من تاريخ إلقاء القبض عليهم، وترحليهم من الأراضي اليمنية.

وبعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في ديسمبر/ كانون أول 2014م قاموا بمحاصرة مقر الأمن القومي الذي يعتقل فيه ثلاثة إيرانيين متهمين في تهريب الأسلحة على متن ذات السفينة الإيرانية (جيهان 1)، الذين يشتبه في أنهم أعضاء في الحرس الثوري الإيراني، وتم الإفراج عنهم وجرى نقلهم على متن طائرة عمانية من مطار عدن الدولي جنوبي اليمن.

في 25 ديسمبر/ كانون أول 2014م, اختطف الحوثيون ضابطا في الأمن السياسي اليمني برتبة لواء يعتبر المسؤول عن ملف قضيتي خلايا التجسس الإيرانية التي قبض عليها في اليمن وسفينة جيهان، وكان قد عمل المراني في الأمن السياسي بصعدة لـ 25 عاما, وأفرج عنه لاحقاً بوساطة عمانية ايضاً.

الشيء الملاحظ هنا أن إيران مع كل عملية يتم الإمساك بها تنفي صلتها بالحادثة, وبالنظر الى عدد من الحوادث التي تجري في بلدان مجاورة ودول اخرى فإن عمليات التهريب توكلها تشكيلات ومليشيات غير رسمية, فيما تتولى الدولة الإشراف اللوجستي وخاصة فيما يتعلق الامر بالحرس الثوري الإيراني, فالشخصيات الي تم الإمساك بها يعودون الى جنسيات مختلفة منها سوريون ولبنانيون من حزب الله وإيرانيون وأفغان.

 

تهريب الصواريخ

في الـ 18سبتمبر/ ايلول 2017م حسب موقع اسوشتيد برس قال النائب في الكونجرس الأمريكي "ادم كيفن" ان إيران تحافظ على الحوثيين بدرجة عالية من التسليح اللوجيستي والصاروخي, في تكرار لتجربة حزب الله في جنوب لبنان لمحاصرة المملكة العربية السعودية وإضعاف السلطة في اليمن وربط علاقة وصلة بدولة إيران مباشرة. وأظهرت عدد من العمليات العسكرية والقتالية التي قام بها الحوثيون سواء في عرض البحر الأحمر على مقربة من باب المندب, باستهداف سفن حربية خليجية ودولية, والقدرة الصاروخية المتطورة لدى الحوثيين, حيث استهدف الحوثيون الفرقاطة السعودية وأخرى اماراتية( 6)

 تبدو الحاجة للسلاح دائمة في الحروب, لكن هناك حاجات مُلحة أيضاً مثل المواد الأولية لـ"صنع الصواريخ" والتي قد تمر من مناطق سيطرة الحكومة والمقاومة دون الشعور بأهميتها, وهذه الصواريخ هي تلك النوعية من الصواريخ التي تصنعها إيران وتصدرها الى عدد من الدول لمد بها اذرعها العسكرية، ويطلقها الحوثيون باتجاه المحافظات السعودية المحاذية للحدود اليمنية بشكل مستمر، كان أخرها صاروخ "بركان1" الذي يتطابق في وصفه مع صاروخ "شهاب2" الإيراني، وبالرغم من جزم البعض بوجود خبراء إيرانيين في اليمن يعملون مع الحوثيين، إلا أن ذلك ليس ملزماً فحسب مجلة "الحرب الطويلة" الأمريكية فإن إيران قامت بالفعل بتصدير تكنولوجيا السلاح إلى الحوثيين لصنع صواريخ باليستية.

.......................

هوامش:

1-    تم قصف مدرج المطار بثلاث غارات في 26 مارس/ اذار 2015م ليلة قيام العاصفة, ثم عادت طائرات التحالف لقصفه مرة ثانية في 25يوليوا/ تموز 2015م, حيث تحدثت مصادر محلية أن القصف استهدف مخازن سلاح داخل المطار.

 

2-    الحروب الست: هي معارك اندلعت بين القوات الحكومية من جهة وحركة التمرد الحوثي من جهة اخرى, في يونيو/ حزيران 2004م, عندما اعتقلت السلطات اليمنية حسين الحوثي مؤسس الجماعة بتهمة إنشاء تنظيم مسلح داخل البلاد, واستمرت الحرب بشكل متقطع حتى فبراير/ شباط 2010م.

3-    الصحفي المتخصص في القوات الجوية سامي نعمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» اشار الى أن «إعادة تأهيل مطار صعدة مخطط لها منذ فترة ما قبل سيطرة الحوثيين على صعدة عام 2011، وعلى كثير من المحافظات اليمنية بما فيها العاصمة عام 2014».

4-    بيان لوزارة الداخلية اليمنية, وأظهرت صور نشرتها قنوات رسمية تابعة للحكومة تظهر وزير الداخلية وعدد من القيادات الامنية يتجولون داخل السفينة المقبوض عليها, كما تظهر كميات كبيرة من السلاح الذي كانت تحمله السفينة.

5-    نفت وزارة الخارجية الايرانية في الـ 3 فبراير/شباط 2013م, علاقة ايران بسفينة الشحن التي اعلنت الحكومة اليمنية السبت عن ضبطتها، قائلة انها قادمة من إيران ومحملة بأسلحة ومتفجرات بينها صواريخ مضادة للطيران وقالت أن لا علاقة لها بالسفينة تماماً.

6-    بتاريخ 30 فبراير/ كانون الثاني استهدفت صواريخ حوثية فرقاطة سعودية على البحر الاحمر.