الجمعة 29-03-2024 03:19:35 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

إيران واليمن.. تصدير الثورة الخمينية والإرهاب (الحلقة الاولى)

الإثنين 20 نوفمبر-تشرين الثاني 2017 الساعة 08 مساءً / موقع الإصلاح – خاص – فهد سلطان
 

 

توطئة
اعتمدت دولة إيران " الصفوية" على فكرة "تصدير الثورة الخمينية الى خارج حدودها السياسية", منذ اليوم الأول لقيامها في فبراير/ شباط 1979م , وستمثل هذه الفكرة المثالية بوابة لعمليات واسعة من التدخل المباشر في شؤون الدول العربية والإسلامية وتخريبها وإضعافها, لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من الصراع والصدام والتي لا تزال أثاره مستمرة حتى اليوم. وخلال سنوات قليلة فقط من عمر الثورة الخمينية بانت ملامح الوضح الجديد, فقد كانت أول صدمة يلاقها العرب والمسلمين تتمثل في الدعوة إلى إسقاط الأنظمة الملكية واستبدالها بجمهوريات إسلامية شيعية, وخطوة تلك الدعوة أنها مذهبية في مجتمعات فيها وجود أقليات شيعية, ستمثل بعضها بوابات الخراب والنفوذ في الداخل.(1)


بدأ مسلسل الشعارات المزيفة مرافقاً للثورة الخمينية, وخرج من الطور المحلي لاستعطاف الجماهير ضد نظام الشاة الى الطور الإقليمي, حيث دعت إيران في ضل الوضع الجديد لتغيير ما عبرت عنه بالظلم الاجتماعي والملكيات والتأثير الغربي، والفساد في الشرق الأوسط وباقي أنحاء العالم, (2) وفي هذه الظروف قامت إيران بناءً على نهج الخميني بتصدير الثورة - الى الخارج - بإحداث سلسلة من التفجيرات في الجامعة المستنصرية, شبيهة بتلك التي سبقت القيام بالثورة الإيرانية, في محاولة لتأجيج الشارع العراقي, ومن ثم القيام بثورة في العراق على غرار الثورة في إيران، كما قامت أيضا بقصف بعض المناطق الحدودية في محافظتي ديالى والكوت, ما اعتبره العراق خرقا لاتفاقية الجزائر ومحاولة من إيران لغزو العراق, وهكذا بدأت حرب السنوات الثمان بين البلدين، واحدة من أكثر الحروب دموية وتدميراً في القرن العشرين.(3)


وفي اللحظة التي كانت العالم الإسلامي منشغلاً بالقضية الاولى للمسلمين "قضية فلسطين المحتلة" بعد نكبة 48م , كانت إيران بعد ثورتها الطائفية تسير على خطين متوازيين في سياستها الخارجية, الاول تصدر المشهد إعلامياً في دعم القضية الفلسطينية واستغلال ذلك أمام الرأي العربي والإسلامي, والثاني تصدر المشهد العربي سياسياً وعسكرياً في ارباك وتخريب البلدان العربية والإسلامية باسم تصدير الثورة بنفس طائفي صارخ, فقد فتحت جبهة حرب مع العراق في ثمانيات القرن الماضي, ثم شاركت بفعالية في اسقاط افغانستان على يد الاحتلال الامريكي 2001م, وتكرر الامر للعراق 2003م مرة ثانية, الى جانب تخريب دول عربية أخرى سنتحدث عنها في هذه الدراسة فيما بعد.


تهريب السلاح وانشاء كيانات موازية للدول
حزب الله في لبنان.
تتميز إيران باقتناص الفرص وانتهازها لصالحها الضيقة على حساب الشعوب وأمن واستقرار الدول الاخرى, فعندما احتلت اسرائيل لبنان عام 1982م, انتهزت الفرصة في تأسس كيان جديد تحت مسمى حزب الله, في أوائل الثمانينات كجزء من جهد إيراني لتجميع الوحدات الشيعية اللبنانية المسلحة تحت سقف واحد, وبدأ معه مسلسل تهريب السلاح تحت بند دعم المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي, فيما كانت الاهداف تسير في اتجاه معاكس ضمن مشروع تصدير الثورة. وبدأ التدريب للحزب بإرسال 1500 عنصر من قوات الحرس الثوري, الذين وصلوا من إيران بإذن من الحكومة السورية حينها, فقد كانت لبنان ضمن الحماية السورية التي بدأت 1967م وحتى 2005م عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري واتهام النظام السوري في المشاركة باغتياله.


وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية قد وضعت حزب الله في لائحة "المنظمات الإرهابية" ( 1-1) بسبب أعماله تجاه إسرائيل، واعتقادها بأن الحزب هو من قام بتفجير مقر القوات الأمريكية والفرنسية في بيروت في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1983م, تلك العملية التي أسفرت عن مقتل 300 جندي أمريكي وفرنسي, كما تتهمه أيضا بالمسؤولية عن مسلسل خطف الرهائن الغربيين إبان حرب لبنان عام 1980م, مما يعني تقييد تفاعله خارج لبنان, إلا أن الحزب استطاع أن ينسج علاقات مستمرة مع عدة دول في محيطه الإقليمي وحتى خارجه, وهناك من يرجح أن تفاهمات إيرانية مع دول غربية ومنها الولايات المتحدة الامريكية على تغير سياسة حزب الله تجاه الدول الاجنبية, وتكريس جهوده المستقبلية تجاه الدول العربية فقط, وهو ما كان بالضبط في مسار الحزب بعد ذلك التاريخ وحتى اليوم, وذات الامر سيتكرر مع جماعة الحوثيين المسلحة والتي لم تصنف على لائحة الإرهاب حتى اليوم ولم يصدر عن الولايات المتحدة أي موقف عدائي( 1- 2)
ثانياُ: تنظيم الشباب المؤمن ( تنظيم الحوثيين المسلح)


يعتبر عام 1990م هو التاريخ لنشأة ما يعرف بـ تنظيم "الشباب المؤمن" في بعض مناطق محافظة صعدة كـ مران ورازح, الى الشمال من العاصمة صنعاء بمسافة تبعد 240كم, كمنتدى للأنشطة الثقافية والفكرية حسب ما يقول أحد أبرز المؤسسين العلامة محمد عزان والذين انشق عن التنظيم في 2000م بعد خلاف استمر لعامين منذ 1998م (4)، فيما يرى بعض الباحثين أن العلاقة بين حسين بدر الدين الحوثي المؤسس الفعلي للجماعة والتنظيم تعود الى عام 86م بعد زيارته سرية لإيران وتعمق العلاقة بشكل كبير بعد عام 95م . حيث بدأ التدريب المسلح للشباب وحمل السلاح داخل معسكرات خاصة والتحريض على الدولة, والارتباط بدولة إيران بصورة مباشرة, وتبني افكارها ونهجها وتزعم نقل الثورة الإيرانية الى اليمن منذ 1998م (5 ) , واستمر ذلك في الخفاء حتى عام 2004م وهي الفترة التي سيحاول النظام السياسي في اليمن, نظام الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح الحد من النفوذ المتزايد في صفوف الجماعة قبل أن تتفجر حرب بين الدولة والجماعة ستستمر حتى 2009م بما يعرف الستة الحروب والتي كانت تنشب وتتوقف دون أسباب معروفة.


وبقدر ما كانت الحرب في بدايتها لإسقاط المشروع الذي أسسه حسين الحوثي إلا أن مسار الحرب تغير فيما بعد, فيما يعنينا من الدراسة هنا أن مسلسل الدعم العسكري وتهريب السلاح سينشط بعد 2009م, كما لن يقتصر على تهريب السلاح بل سيصل الى التدريب المباشر ووصول قيادات من الحرس الثوري الإيراني ومن حزب الله, الى جانب خبراء في صناعة المتفجرات " الالغام" وفي تطوير الاسلحة ومنها الصواريخ. فقد اعتمد الحوثيون في بداية الامر على شراء الاسلحة التقليدية والمتوسطة من الاسواق التي كانت منتشرة في اكثر من محافظة, بمعرفة الدولة, ومنه سوق الطلح بصعدة, واثناء الحروب الست استطاع الحوثيون الحصول على سلاح ثقيل تارة بالشراء واخرى بالاستيلاء عليه كغائم, قبل أن يتطور الامر الى تسليم مخازن بعض المعسكرات بصورة متعمدة من قبل النظام السياسي السابق, في معركة كسر بعض وحدات الجيش اليمني لصالح تشكيلات قوات الحرس الجمهوري الذي كان يقف على رأسه نجل رأس النظام ذاته العقيد احمد علي عبدالله صالح.

 

يتبع ..
هوامش ... ...
1- الفقيه والدين والسلطة كتاب صادر عن مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية
2- ايران من الداخل فهمي هويدي.
3- حسني أحمد الثورة الإسلامية...إيران تغير ثوبها (1/2)
4- لقاء مع العلامة محمد عزان على قناة الجزيرة بتاريخ 10ابريل/ نيسان/ 2007م, اجرى الحوار الصحفي احمد الشلفي ويمكن الرجوع الى نص الحوار مكتوباً على الجزيرة نت بنفس التاريخ.
5- تصريح للمرجع الشيعي علي محمد قاسم الكوراني خلال مداخلة له بقناة "المستقلة" الفضائية –2002م – حيث قال " أن الحوزة الشيعية في "قم"، و"النجف"، تسعى للسيطرة على كل منطقة "الحجاز"، والشام، واليمن، والعراق، وأن هدف المرجعية هو "رئاسة العالم الإسلامي كله"، وأن تمدد الشيعة ليس له حدود.
6- (1-1 ) أصدر المركز القومي الأميركي لمكافحة الإرهاب (NCTC) أجندة العام 2014 لمكافحة الإرهاب، وقد ضمّنها قائمة بمجموعة من التنظيمات التي صنّفتها الخارجية الأميركية على أنها تنظيمات إرهابية تهدد مصالحها. حيث يغلب على هذه التنظيمات المنتشرة في كل أنحاء العالم، الطابع الديني المتطرّف أو القومية المتشدّدة ومنها حزب الله وإطاره السياسي والعسكري في لبنان.
7- (1-2) "إن أمريكا لم تكن في يوم من الأيام عدوًا للحوثي، كما لم يكن الحوثي وأتباعه أعداء لها" تصريح لـ يحيى بدر الدين الحوثي شقق المؤسس وشقق قائد الجماعة في هذه الأثناء عبدالملك الحوثي في حوار مع قناة العربية، من محل إقامته بالسويد، بتاريخ 26ابريل/ نيسان 2005م.