الخميس 25-04-2024 13:31:25 م : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الأمم المتحدة ودعم الشرعية في اليمن .. فرص النجاح وأساليب الفشل

الإثنين 06 نوفمبر-تشرين الثاني 2017 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت - خاص / الحلقة الاولى – فهد سلطان
 

 

توطئة
اعتبر مؤسسو منظمة الأمم المتحدة 24 أكتوبر/ تشرين أول 1945م أن "صون السلم والأمن الدوليين" واحد من أهم الأهداف للمنظمة وذلك بعد الدمار الكبير الذي لحق بأوروبا عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية, كما يدخل ضمن اهتمامها العمل على "منع النزاعات وصنع وحفظ وبناء السلام"(1)، كما أن الدبلوماسية الوقائية والوساطة للأمم المتحدة تقوم على "منع النزاعات في المقام الأول، وهو أكثر الوسائل فعالية في الحد من المعاناة الإنسانية في النزاعات وما يترتب عليها من كلفة اقتصادية هائلة فضلا عن عواقبها, وتضطلع الأمم المتحدة بدور مهم في منع الصراع باستخدام الدبلوماسية ومكاتب المساعي الحميدة والوساطة, ويُعد المبعوثون الخاصون والبعثات السياسية في الميدان من الوسائل التي تستخدمها المنظمة في نشر السلام"(2).


صدر عن مجلس الأمن الدولي بخصوص اليمن 11 قرارا أممياً, كان القرار الاول في 29 مايو/أيار 1948م وتناول القرار ثماني دول عربية من بينها اليمن يأمر فيها المجلس وقف جميع أعمال القوة المسلحة (النضال والحرب ضد إسرائيل) لأربعة أسابيع، والامتناع عن إدخال أي أفراد للقتال في فلسطين(3)، وصدر قرار مجلس الأمن الدولي الثاني في 11 يونيو/حزيران 1963م أي بعد نجاح ثورة سبتمبر الخالدة بعدة اشهر فقط, فقد نص القرار على أن "الأطراف المعنية مباشرة بالوضع في اليمن اتفقت بين حكومة المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية المتحدة (مصر – سوريا) وذلك بدفع نفقات بعثة مراقبي الأمم المتحدة لأكثر من شهرين, وحثت الأطراف على الالتزام ببنود فض الاشتباك وطلبت الأمين العام إنشاء عملية المراقبة كما عُرفْ، وأن يقدم تقريراً إلى المجلس عن تنفيذ هذا القرار حيث صوتت عشر دول مع القرار وامتنعت عن التصويت الاتحاد السوفييتي فقط(4).

 

أولاً: المسار السياسي
فمنذ انطلاق ثورة 11 فبراير 2011م الشبابية الشعبية صدر عن مجلس الأمن بخصوص اليمن خمسة قرارات دولية؛ أربعة منها بعد انطلاق مؤتمر الحوار الوطني الشامل والذي بدأت أولى جلساته في 18 مارس/ أذار 2013م, كان القرار الأممي (2140) في 26 فبراير/ شباط 2014، حيث اكد مجلس الأمن التزامه الشديد بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامته الإقليمية, وذات القرار قضى بتشكيل لجنة عقوبات تابعة للمجلس، لمراقبة وتسهيل تجميد الأموال ومنع السفر وتقصي معلومات حول الأفراد والكيانات المتورطة في الأعمال المعرقلة للمرحلة الانتقالية أو تهديد أمن واستقرار البلاد.


كما صدر قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (2201) بتاريخ 15 فبراير/ شباط 2015م من نفس العام, اتخذه مجلس الأمن بالإجماع مطالبة جماعة الحوثيين بسحب مسلحيها من المؤسسات الحكومية.


وفي ابريل/ نيسان 2015م صدر القرار رقم (2216) حيث تبنى مجلس الأمن الدولي فرض عقوبات تمثلت في تجميد أرصدة وحظر السفر للخارج طالت زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي ونجلس الرئيس المخلوع أحمد علي عبد الله صالح قائد الحرس الجمهوري المنحل، وأبو علي الحاكم القائد في جماعة الحوثيين المسلحة, وجميعهم متهمين بـ"تقويض عملية السلام والأمن والاستقرار في البلاد.


وفي 23 فبراير/ شباط 2017 أصدر مجلس الأمن الدولي بالإجماع قراره الجديد (2342) أكد فيه على تنفيذ عملية الانتقال السياسي بشكل كامل, بما يتفق مع مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها وقرارات المجلس السابقة ذات الصلة. صدرت الأربعة القرارات السابقة عن مجلس الأمن في عهد المبعوث الأممي السابق إلى اليمن جمال بنعمر فيما صدر قرار واحد 2017م ف عهد المبعوث الأممي الجديد إسماعيل ولد الشيخ والذي لا يزال ممسك بالملف اليمني حتى هذه اللحظة.

بالنظر إلى طبيعة تلك القرارات التي أصدرها مجلس الآمن والتي غالباً ما كان الشارع اليمني يتناولها بترحاب شديد كون الأزمة السياسية أنهكت قواه وأثرت على حياته بصورة مباشرة واستمرار الحرب كان تضع مخاوف من المستقبل, ومع مرور الوقت كانت المشكلة تتمثل في عدم تنفيذ تلك القرارات, والتي رغم صدورها عن المجلس وتحت بند الفصل السابع, إلا أنها لم تنفذ ولم يمارس المجلس أي سلطة فعلية حقيقية في دعم تلك القرارات الصادرة عنه وإلزام الأطراف بها. ومنذ انتخاب الرئيس عبده ربه منصور هادي في 21 فبراير/ شباط 2012م وعلى مدى ثلاث سنوات، كان ينظر لليمن على أنه النموذج الناجح لعملية التدخّل الدولي الهادف إلى احتواء أزمة بعد ثورة 2011م ، وهذا على الأقل من جانب الأمم المتحدة ومختلف سفراء مجلس الأمن الدولي، والأهم من طرف المبعوث الخاص للأمم المتحدة جمال بنعمر آن ذلك.

 

التحول في مواقف الأمم المتحدة
يذهب بعض المراقبين للشأن اليمني للقول أن مخرجات الحوار الوطني كانت البداية في التحول في مسار المبعوث الأممي الى اليمن, ورغم أنه خاض جولات غير عادية في التوفيق بين الفرقاء السياسيين للسير نحو الانتهاء من الحوار والبدء في تنفيذ ما تبقى من استحقاقات العملية السياسية فإن التحول قد بدأ يطرأ من فترة الى أخرى, ابتداء بالتراخي في تنفيذ قرار مجلس الأمن (2216) وانتهاءً بالانقلاب الكامل والشامل على العملية السياسية والسير نحو اتفاق سيء السمعة ما يعرف بالسلم والشراكة. ( 5 )

 

..................
هوامش:
(1) ديباجة تأسيس المنظمة في موقها الرسمي على الانترنت
(2) ضمن الديباجة الرسمية لمهام الأمم المتحدة في موقعها الرسمي على الانترنت.
(3) حث القرار أيضا جميع الحكومات والسلطات للقيام بكل ما في وسعها ضمان سلامة "الأماكن المقدسة" في المنطقة، فضلا عن مدينة القدس، وضمان حرية الوصول إليها. تعليمات إلى "وسيط الأمم المتحدة" في فلسطين إجراء اتصالات مع جميع الأطراف المعنية لمراقبة تنفيذ الهدنة كما سيكون من الضروري لتحقيق هذه الغاية عرض ذلك عليه من المراقبين العسكريين،. القرار قرر أنه إذا كانت الشروط المحددة فيه والسابقة قد انتهكت قرارات المجلس بإعادة النظر في هذه المسألة بغية اتخاذ إجراءات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة, واعتمد القرار في أجزاء؛ وعملية التصويت لم تجرِ بشأن القرار ككل.
(4) صدر القرار برقم 179 وهو أول قرار يتناول الوضع اليمني بعد نجاح ثورة سبتمبر.
(5) اتفاق السلم والشراكة هو اتفاق سياسي يمني وُقع في 21 سبتمبر/ أيلول 2014 لتسوية الأزمة بين الحوثيين والسلطات والمكونات السياسية في البلاد، ورغم أن الاتفاق لصالح الحوثيين ويمثل انقلاب واضح إلا أنهم رفضوا التوقيع على الملحق الأمني التابع للاتفاق حينها وتم التوقيع عليه في 27 سبتمبر ولكن بعد فقدان الثقة بجدوى الالتزام به.