الخميس 18-04-2024 08:15:57 ص : 9 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تحالف الحوثيين والمخلوع صالح.. والانقلاب على قرارات الشرعية الدولية

الأربعاء 25 أكتوبر-تشرين الأول 2017 الساعة 12 صباحاً / الاصلاح نت - خاص/ عبدالسلام قائد

 

لم ينقلب تحالف جماعة الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح على السلطة الشرعية في البلاد فقط، ولكن انقلبوا أيضًا على الشرعية الدولية، برفضهم لكل قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالأزمة اليمنية منذ العام 2011 وحتى يومنا هذا، رغم صدور ثمانية قرارات هدفت إلى تجنيب البلاد الانزلاق إلى الحرب الأهلية، وتحقيق انتقال سلمي وسلس للسلطة، وحتى لا تشكل الحالة في اليمن خطرًا على الأمن والسلم الدوليين، وتاليًا هدفت إلى وضع حد للحرب الأهلية، والدعوة إلى الحل السياسي السلمي للأزمة.

 

في البداية، راهن المخلوع علي صالح وحلفاؤه الحوثيون على قدرتهم بفرض أمر واقع في البلاد سيجعل المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، التسليم به كأمر واقع، كما حدث في نزاعات مماثلة في بعض البلدان. ورغم التطورات المتسارعة التي شهدتها البلاد، والتي لم تعد في حصيلتها الحالية لصالح جماعة الحوثيين والمخلوع علي صالح، إلا أن الطرفين ما زالا يرفضان الامتثال للقرارات الدولية، ويرفضان التفاعل الإيجابي مع المساعي الأممية لحل الأزمة سلميًا.

 

اهتمام مبكر

 

بدأ اهتمام مجلس الأمن بالوضع في اليمن منذ شهر أكتوبر 2011، أي بعد ما يقارب ثمانية أشهر على اندلاع ثورة 11 فبراير الشعبية السلمية ضد نظام المخلوع علي صالح، وسبب الاهتمام حينها يعود إلى تزايد استعمال القوة والرصاص الحي ضد المتظاهرين وساحات الاعتصام من قبل جنود وبلاطجة المخلوع صالح، وتسبب ذلك في جرح واستشهاد عدد كبير من شباب الثورة السلميين والعُزَّل.

 

حينها، أصدر مجلس الأمن أول قراراته بشأن اليمن بعد اندلاع الثورة، وهو القرار 2014، الصادر بتاريخ 21 أكتوبر 2011، وفيه أدان استعمال القوة ضد المتظاهرين، ودعا إلى ضرورة إجراء تحقيق شامل ونزيه بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان، كما دعا إلى الوقف الفوري والكلي لإطلاق النار، وشدد على أن أفضل حل للأزمة اليمنية يكمن في عملية انتقال سياسي شاملة تستجيب لمطالب الشعب اليمني، وطالب بأن تقوم كافة الجماعات المسلحة (يقصد بلاطجة المخلوع صالح) بإزالة جميع الأسلحة من مناطق التظاهر السلمي، والامتناع عن ارتكاب العنف وتجنيد الأطفال وعدم استهداف البنى التحتية.

 

لم يستجب المخلوع علي صالح لقرار مجلس الأمن السابق، رغم توقيعه على المبادرة الخليجية فيما بعد، واختيار عبدربه منصور هادي رئيسًا توافقيًا للبلاد خلال المرحلة الانتقالية، حيث ظل يعمل على عرقلة عمل حكومة الوفاق الوطني، وتوجيه بلاطجته باستهداف البنى التحتية، مثل الاعتداء على أبراج نقل الطاقة الكهربائية، والاعتداء على محطة مارب الغازية، وأيضًا تفجير أنابيب نقل النفط.

 

كما برزت ظاهرة الاغتيالات التي استهدفت ضباطًاً وسياسيين في العاصمة صنعاء، فضلًا عن تزايد العمليات الإرهابية التي طالت تجمعات لجنود ومقرات حكومية، وانتشار عصابات التقطع والنهب في الطرق الطويلة بين المدن وداخل العاصمة ذاتها، ورأى مراقبون حينها بأن كل تلك الأعمال يقف وراءها المخلوع صالح بهدف إفشال حكومة الوفاق الوطني وإرباكها، وتحريض المواطنين ضدها، واتهام معارضيه بالقيام بتلك الأعمال، رغم أن حزبه (المؤتمر) كان يشغل نصف الحقائب الوزارية في حكومة الوفاق الوطني، ويسيطر حزبه على الهيكل الإداري للنصف الآخر من الوزارات، والتي كانت من نصيب المعارضة.

 

وأمام هذه الأوضاع، اجتمع مجلس الأمن بتاريخ 12 يونيو 2012، وأصدر القرار 2051، والذي أكد فيه بأن أفضل حل للوضع في اليمن يكمن في عملية انتقال سياسي سلمية وشاملة للجميع، وبمشاركة وتعاون جميع الأطراف، وأكد على ضرورة تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وعقد مؤتمر حوار وطني يضم جميع الأطراف، وإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن، واتخاذ خطوات على صعيد العدالة الانتقالية، بالإضافة إلى إجراء إصلاح دستوري وانتخابي وإجراء انتخابات عامة بحلول فبراير 2014.

 

حالة ما قبل الانقلاب

 

ظل المخلوع علي صالح يعمل على تأزيم الأوضاع في البلاد بعد تخليه عن السلطة، بالتوازي مع الجهود التي كانت تبذلها حكومة الوفاق والرئيس عبدربه منصور هادي وبرعاية المجتمع الدولي، وخاصة الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية، من أجل إنهاء حالة التوتر في البلاد والانتقال إلى المرحلة التالية، وكل ذلك كان يتم بالتوازي مع استمرار انعقاد جلسات مؤتمر الحوار الوطني، وهيكلة شكلية للجيش، وحلول ترقيعية لبعض الأزمات، بسبب حالة الشلل التي أصابت الحكومة بسبب سيطرة حزب المخلوع صالح على نصف حقائبها الوزارية، واستخدام نفوذه لعرقلة أدائها.

 

وخلال هذا التوقيت، أمَدَّ المخلوع علي صالح جماعة الحوثيين بكميات كبيرة من الأسلحة التي نهبها من مخازن ما يعرف بـ"قوات الحرس الجمهوري" الموالية له، وقدم لها التسهيلات، وحرضها على العنف وافتعال المعارك خارج محافظة صعدة، وبدأت ملامح التحالف بينه وبينها بشكل واضح في جلسات مؤتمر الحوار الوطني، ثم كانت مخرجات الحوار، التي لم ترق للمخلوع صالح وجماعة الحوثيين، خاصة إقرار نظام الأقاليم الفيدرالية، السبب الرئيسي لدفع الطرفين نحو التخطيط للانقلاب على السلطة الشرعية وعلى كل ما تم إنجازه خلال المرحلة الانتقالية التي أوشكت على الانتهاء.

 

أثارت هذه التطورات قلق مجلس الأمن، الذي عقد جلسة بتاريخ 26 فبراير 2014، وأصدر خلالها القرار 2140، وشدد فيه على ضرورة إحراز التقدم في تنفيذ المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها، وقرر بأن الحالة في اليمن باتت تشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين في المنطقة، وأن ذلك يخوله التصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، أي التلويح بالتدخل العسكري وفرض عقوبات، وذلك بغرض إجبار المخلوع صالح والحوثيين على العودة لاستئناف المسار السياسي، وعدم الانقلاب على كل ما تم إنجازه منذ بدء المرحلة الانتقالية.

 

كما تضمن قرار مجلس الأمن أن تجمد جميع الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، ودون تأخير، جميع الأموال والأصول المالية والموارد الاقتصادية الأخرى، ولمدة سنة واحدة ابتداءً من تاريخ القرار، بالإضافة إلى حظر السفر، ضد الأفراد والكيانات الذين تقرر اللجنة أنهم يشاركون في أعمال تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار في اليمن أو يقدمون الدعم لتلك الأعمال، وكل ذلك لم يمنع المخلوع صالح والحوثيين من التوقف عن خطواتهم الانقلابية وتقويض السلم والأمن والاستقرار في البلاد.

 

 الانقلاب التدريجي

 

وبصرف النظر عن الملابسات والظروف المحيطة بالانقلاب، فاللافت أن الانقلاب تم بأسلوب تدريجي، واتخذ الانقلابيون خططًا بدأت بتطويق العاصمة صنعاء بمظاهرات مسلحة ظاهرها الاحتجاج على ما أطلق عليها "الجرعة"، وباطنها الاستعداد للانقضاض على العاصمة وفرض أمر واقع جديد ينسف كل ما تم إنجازه منذ بدء المرحلة الانتقالية.

 

غير أن تسارع الخطوات الانقلابية، وما رافقها من اعتقالات وملاحقات ضد قيادات الأحزاب والإعلاميين، وإغلاق الصحف والقنوات الفضائية، والسيطرة على مقار الأحزاب ووسائل الإعلام وبيوت بعض السياسيين ومباني المؤسسات الحكومية، كل ذلك جعل الجميع أمام مشهد فائق الخطورة، وانقلاب من أسوأ الانقلابات التي عرفها العالم، وأثار مخاوف الداخل والخارج، خاصة دول الجوار.

 

وأمام هذا الوضع، أصدر مجلس الأمن القرار 2201 بتاريخ 15 فبراير 2015، وفيه أشار إلى ما خلص إليه في القرار 2140 من أن الحالة في اليمن تشكل تهديدًا للأمن والسلم الدولييْن، وشجب بشدة الإجراءات التي اتخذها الحوثيون لحل البرلمان والاستيلاء على المؤسسات الحكومة وممارسة أعمال العنف، وأعرب عن قلقه إزاء استيلاء الحوثيين على المنابر الإعلامية للدولة واستخدامها للتحريض على العنف.

 

كما طالب مجلس الأمن في قراره الحوثيين فورًا ودون شروط بعدد من المطالب، منها: سحب قواتهم من المؤسسات الحكومية، وإعادة الحالة الأمنية إلى طبيعتها في العاصمة والمحافظات الأخرى، والامتناع عن اتخاذ أي إجراءات من جانب واحد من شأنها أن تقوض الانتقال السياسي والأمن في اليمن.

 

ومع استمرار الحوثيين في إجراءاتهم الانقلابية، وبتواطؤ ورعاية المخلوع صالح، وعدم التجاوب مع قرار مجلس الأمن السابق ذكره، اضطر المجلس إلى إصدار قرار آخر بعد تسعة أيام فقط من القرار المذكور، بتاريخ 24 فبراير 2015، وهو القرار 2204، وفيه قرر مجلس الأمن أن الحالة في اليمن لا تزال تشكل خطرًا يهدد السلم والأمن الدولييْن، وأنه يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

 

وأكد المجلس في قراره من جديد الحاجة إلى تنفيذ عملية الانتقال السياسي بشكل كامل وفي الوقت المناسب في أعقاب مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرر تمديد الجزاءات حتى 26 فبراير 2016 ضد الجهات الخاضعة للجزاءات، وفقًا لأحكام الفقرتين 12 و15 من القرار 2140، وتشمل تجميد الأموال وحظر السفر ضد الأفراد والكيانات التي تهدد الأمن والاستقرار في اليمن أو تقدم الدعم لتلك الأعمال.

 

 ما بعد "عاصفة الحزم"

 

كان أقوى قرار اتخذه مجلس الأمن بخصوص الأزمة اليمنية هو القرار 2216، والذي أصدره بعد ثلاثة أسابيع من انطلاق عملية "عاصفة الحزم" العسكرية التي بدأت في 26 مارس 2015، وضمت تحالفًا عربيًا بقيادة السعودية بناءً على طلب الرئيس عبدربه منصور هادي بالتدخل لإعادة السلطة الشرعية والقضاء على الانقلاب.

 

صدر قرار مجلس الأمن 2216 بتاريخ 14 أبريل 2015، وفيه أكد المجلس أنه إذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فإنه يطالب جميع الأطراف، لاسيما الحوثيون، بالتنفيذ الكامل للقرار 2201 (2015)، وبأن تمتنع جماعة الحوثيين عن اتخاذ المزيد من الإجراءات الانفرادية التي يمكن أن تقوض عملية الانتقال السياسي في اليمن، وأن يقوم الحوثيون فورًا بدون قيد أو شرط بما يلي:

 

- الكف عن استخدام العنف.

- سحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها بما في ذلك العاصمة صنعاء.

- التخلي عن جميع الأسلحة الإضافية التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية بما في ذلك منظومة القذائف.

- الامتناع عن استفزاز أو تهديد الدول المجاورة.

- الإفراج عن وزير الدفاع محمود الصبيحي وجميع السجناء السياسيين والأشخاص الموضوعين تحت الإقامة الجبرية أو المحتجزين تعسفيًا.

- إنهاء تجنيد الأطفال واستخدامهم وتسريح جميع الأطفال المجندين بصفوفهم.

 

ودعا المجلس في قراره جميع الأطراف، لاسيما الحوثيين، إلى الالتزام بمبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

 

كما أكد المجلس في القرار المذكور على حظر توريد الأسلحة وتجميد الأرصدة المالية وحظر السفر لعدد من أبرز قادة الانقلاب الذين حددهم بالاسم، وهم: علي عبدالله صالح، وعبدالله يحيى الحاكم، وعبدالخالق الحوثي، وعبدالملك الحوثي، وأحمد علي عبدالله صالح.

 

 استمرار التمرد

 

استمر تحالف الحوثيين والمخلوع علي صالح في التمرد ومواصلة الانقلاب على السلطة الشرعية وعلى قرارات الشرعية الدولية ممثلة بمجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، ورفض الجهود الأممية لحل الأزمة السلمية عبر المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد.

 

ونتيجة لكل ذلك، أصدر مجلس الأمن قرارين بعد القرار 2216، لم يختلف مضمونهما عن القرارات السابقة، مع تضمينهما تمديد العقوبات ضد المخلوع صالح وحلفائه الحوثيين، وتشمل حظر استيراد الأسلحة وحظر السفر وتجميد الأرصدة المالية، وهذان القراران هما القرار 2266 (24 فبراير 2016)، والقرار 2342 (23 فبراير 2017).

 

وفي قراره الأخير، أكد مجلس الأمن من جديد ﻋﺰﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺇﺑﻘﺎﺀ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻗﻴﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﺮﺍﺽ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ، ﻭﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻩ ﻻﺳﺘﻌﺮﺍﺽ ﻣﺪﻯ ﻣﻼﺀﻣﺔ ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﻴﺮ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﻴﺮ ﺃﻭ ﺗﻌﺪﻳﻠﻬﺎ ﺃﻭ ﺗﻌﻠﻴﻘﻬﺎ ﺃﻭ ﺭﻓﻌﻬﺎ، ﺣﺴﺒﻤﺎ ﺗﺪﻋﻮ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻭﻗﺖ ﻓﻲ ﺿﻮﺀ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻣﻦ ﺗﻄﻮﺭﺍﺕ.