الأحد 05-05-2024 02:15:20 ص : 26 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

انهيار الريال يضاعف معاناة اليمنيين.. ما الحلول المطلوبة؟

الأحد 07 فبراير-شباط 2021 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت-خاص-اسماء محمد

 

تستمر حتى اليوم الأزمة الاقتصادية في اليمن، وتراجع قيمة الريال اليمني بشكل أكبر، في الوقت الذي ما تزال فيه الحرب قائمة في البلاد، ولا أفق للسلام فيها مع تعنت مليشيات الحوثي وإفشالها مختلف جولات التفاوض.

لا يبدو حتى الآن أن ثمة أمل بتوقف الانهيار الاقتصادي الحاصل، مع ضبابية الوضع الحالي، وانقسام السياسة المالية في اليمن، التي عملت مليشيات الحوثي المصنفة أمريكيا منظمة إرهابية على ترسيخها أكثر، في محاولة منها لإفشال الشرعية.

 

تحسن وتراجع سريع

شهدت قيمة الريال اليمني تحسنا لافتا مع إعلان تشكيل الحكومة واستعدادها للعودة إلى العاصمة المؤقتة عدن أواخر العام 2020، حتى وصل سعر صرف الدولار الواحد إلى 645 ريالا.

ما هي إلا أيام حتى عاود الارتفاع بالتدريج، خصوصا بعد الاستهداف الذي تعرض له مطار عدن، وقالت الحكومة الشرعية إن مليشيات الحوثي هي وراء حدوث ذلك الهجوم بدعم من إيران وأذرعها في المنطقة.

وعادت مجددا رسوم التحويل المالي بين المحافظات التابعة للشرعية والمليشيات بالارتفاع تدريجيا، الأمر الذي يجعل المواطنين يتحملون أعباء إضافية، تجعل حياتهم أكثر صعوبة.

 

انهيار متسارع

منذ ذلك الحين والوضع الاقتصادي في تردٍّ واضح، حتى وصل سعر الدولار الواحد في الثامن والعشرين من يناير 862 ريالا بيع و856 ريالا شراء، وارتفعت عمولة التحويل إلى 43%.

قابل ذلك أيضا ارتفاع الأسعار بشكل كبير، بسبب اعتماد بلادنا على الاستيراد، كما أن عمولات التحويل تتسبب في زيادة أسعار المواد الغذائية كالفواكه والخضروات ومستلزمات الحياة الأخرى التي تأتي من مناطق سيطرة المليشيات، الذين يمنعون تداول العملة ذات الإصدار الجديد، وزيادة قيمة العملة القديمة.

 

معاناة المواطنين

كالعادة، وبسبب فقدان آلاف اليمنيين لوظائفهم نتيجة الحرب وتبعاتها، إضافة إلى بقاء رواتبهم كما هي، أدى ذلك إلى معاناتهم كثيرا وبشدة، وعدم قدرتهم على تلبية أدنى احتياجاتهم، بسبب فقدانهم القدرة الشرائية.

وأصبح الكثيرون منهم مضطرين للتنازل بشكل مستمر عن عدد من احتياجاتهم الضرورية كالدواء والتعليم، مع انخفاض قدرتهم الشرائية، والاكتفاء بالعيش على وجبات صغيرة تبقيهم أحياء، مع عجز عديدين منهم عن سداد إيجارات المنازل التي يسكنونها.

وتقول الأمم المتحدة في إحصائية حديثة لها، إن 50 ألف يمني يعيشون ظروفا تشبه المجاعة، بينما خمسة ملايين آخرين معرضين لها، بعد أن أصبح الجوع واقعا يهدد المواطنين في اليمن، في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 150% عن معدلها الطبيعي، علما بأن 80% من السكان هم بحاجة للمساعدات الإنسانية.

 

تدمير ممنهج

يتهم اقتصاديون مليشيات الحوثي بتعمدها تدمير اقتصاد اليمن، وذلك منذ أن بدأت بنهب احتياطي البنك المركزي الذي كان خاضعا لسيطرتها في العاصمة صنعاء، والمقدر بأكثر من خمسة مليارات دولار، الأمر الذي أدى إلى تضرر النشاط المصرفي وقلة السيولة.

إضافة إلى ذلك، فمنذ أن قررت الحكومة الشرعية نقل البنك إلى عدن، رفضت المليشيات التعامل معه، ونهبت كل إيرادات المحافظات الخاضعة لسيطرتها واستخدمتها في تمويل حربها على اليمنيين وامتنعت عن تسليم رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها، ومع مرور الوقت عملت على تسارع انهيار العملة مع منعها تداول العملة ذات الإصدار الجديد في مناطقها.

تسبب ذلك بالتعامل مع العملة ذات الإصدار القديم كعملة أخرى، وأدى ذلك إلى استمرار ارتفاع رسوم المعاملات المالية بين المحافظات التابعة للشرعية والخاضعة لسيطرة المليشيات كلما انهار الريال في مناطق الشرعية، ففي الوقت الذي وصل فيه سعر صرف الدولار 837 ريالا بلغت عمولة التحويل 40% في الخامس من الشهر الجاري، في الوقت الذي كان فيه سعر صرف الدولار بمناطق الحوثيين 591 ريالا.

وتهدف المليشيات من كل ذلك، إلى توفير غطاء لنهبها إيرادات المحافظات الخاضعة لسيطرتها، إضافة إلى محاولة الضغط على البنك في عدن للتعامل معها، وهو ما تحاول إثباته وإظهار قدرتها على السيطرة على استقرار العملة في مناطق سيطرتها.

لكن مراقبين يؤكدون أنها فشلت في ذلك، والاستقرار وهمي، وأنه يعود إلى احتكار السلطات هناك لبيع وشراء العملة الصعبة، وليس إلى ثبات حقيقي في أسعار الصرف.

 

وضع صعب بحاجة لحلول

يبدو الوضع الاقتصادي حاليا غاية في التعقيد، خصوصا مع عدم قدرة البنك المركزي في عدن على إيقاف المضاربة بالعملة التي تحصل، برغم وعوده بالقيام بكثير من الإجراءات، وعجزه عن الحفاظ على التحسن الذي حدث للعملة أثناء تشكيل الحكومة، بسبب عدم اتخاذهم الخطوات المطلوبة للحفاظ على ذلك.

والأمر مرشح للتدهور بشكل أكبر، بسبب أن الوديعة السعودية المقدرة بملياري دولار أوشكت على النفاد، مع استمرار مليشيات الحوثي بإجراءات منع تداول العملة الجديدة في مناطق سيطرتها، والاستيلاء على كل إيرادات المحافظات الواقعة في قبضتها.

ويرى كثير من الاقتصاديين أن الحل لإنقاذ الوضع المتدهور يكمن في توحيد السياسة المالية للبلاد وإنهاء ازدواج العملة، وتفعيل كافة موانئ اليمن المعطلة واستئناف تصدير النفط والغاز اللذين هما الركيزة الأساسية التي تعتمد عليها البلاد في ميزانيتها العامة، وتكوين احتياطي نقدي من العملة الصعبة.

إضافة إلى حصول البلاد على دعم متوقع من المملكة العربية السعودية المشاركة في التحالف العربي، الذي تدخّل في اليمن لإنقاذ المنطقة من توسع المد الإيراني الذي يستهدف منطقة الخليج، وكذا تعامل المنظمات مع البنك المركزي في عدن للاستفادة من العملة التي تأتي عن طريقه.

وبحسب تصريحات حكومية، فقد بلغت خسائر اليمن الاقتصادية منذ بدء الحرب قرابة 90 مليار دولار، والرقم مرشح للزيادة مع استمرار الحرب التي ستدخل بعد أقل من شهرين عامها السابع.

وكانت قيمة الدولار الواحد سابقا لا تتجاوز قرابة 218 ريالا، لكنها ومع إجراءات الحوثيين المختلفة، وصل سعر صرفه إلى 900 ريال، في الوقت الذي حذر التحليل الأخير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) في اليمن من زيادة عدد الأشخاص الذين يرجح أن يواجهوا مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد بين يناير ويونيو من 2021 بنحو 3 ملايين إلى 16.2 مليونا، أي 54% من إجمالي السكان في البلاد.