الأحد 05-05-2024 07:24:26 ص : 26 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

حاميها حراميها.. الفضيلة والأخلاق في مسلخ الإرهاب الحوثي

السبت 06 فبراير-شباط 2021 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت-خاص / زهور اليمني
 

 

منذ انقلابها على السلطة، حاولت المليشيات الحوثية ولا زالت وضع نفسها في خانة المدافع عن الفضيلة، والحامي للقيم والأخلاق والعادات، في الوقت الذي يسجل فيه مسلحوها كل يوم عشرات الخروقات والانتهاكات لتلك القيم والعادات، فضلا عن انتهاكهم لكل ما يمت إلى الإنسانية والأخلاق والدين بصلة.

ورغم حرص الجناح الناعم لها على تقديمها كجماعة تؤمن بالحقوق والحريات وتعدد الآراء والأفكار وحقوق المرأة، إلا أن ممارساتها على الأرض تثبت كل يوم عكس هذه الادعاءات.

في أحدث تقرير لها، وثّقت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات 1039 انتهاكاً حوثياً لحقوق المدنيين بينهم نساء، في مناطق سيطرتها، خلال الفترة بين يومي 6 و13 سبتمبر 2019.

وقالت الشبكة إن من بين الأرقام التي وثّقها الفريق 43 حالة قتل بينها 6 نساء، و189 حالة اختطاف وإخفاء قسري طالت مدنيين بينهم نساء وأطفال.

ورصد فريق الشبكة 77 حالة مداهمة وتفتيش منازل وترويع النساء، بينها 5 حالات إحراق لمنازل المدنيين توزعت على 5 محافظات يمنية.

وفي مطلع يوليو الماضي، كشف تقرير مطوّل لمنظمة "سام" للحقوق والحريات، عن أرقام مرعبة لاعتداءات طالت النساء داخل مناطق سيطرة الحوثيين خلال الفترة من 2016 حتى نهاية 2019.

وبيّنت الأرقام أنّ عدد اليمنيات اللاتي قُتلن على أيدي الحوثيين خلال تلك الفترة بلغ 522 امرأة.

وأشار التقرير إلى أن هناك 288 امرأة لا يزلن في سجون المليشيات ويتعرضن بشكل متواصل للتعذيب والاعتداء والمعاملة القاسية.

وتحدث التقرير عن رصد مواقع لاعتقال وإخفاء النساء، شملت أماكن مهجورة تُستخدم للتحقيق والتعذيب النفسي، وبيوت مواطنين تم إجبار أصحابها على تركها، وأقسام شرطة تسيطر عليها المليشيات.

وكان تقرير سابق لفريق الخبراء البارزين الدوليين المعنيين باليمن قد أفاد بأنه رصد حالات عنف جنسي في معتقلات الحوثيين خلال الفترة من 2016 حتى 2019، ومن بين 12 حالة انتهاك جنسي توجد خمس نساء وصبي.

وأشار التقرير إلى حملة الاعتقالات الحوثية التي طالت نساء بتهم الدعارة، وأكد أن المليشيات شنت حملات تشهير بحق عشرات النسوة في مناطق سيطرتها.

 

لون واحد وشكل واحد من الحياة:

على طريقة الجماعات الإرهابية، بدأ الحوثيون منذ انقلابهم حملتهم لضبط أخلاق المجتمع من الانحلال، على حد قولهم، حيث قاموا بكثير من الانتهاكات ومصادرة الحريات.

فمن خلال ما سموه "منع الاختلاط" بين الرجال والنساء في الأسواق العامة والجامعات والمطاعم والمقاهي، قام قيادي حوثي مع مرافقيه بمداهمة أحد المطاعم في العاصمة صنعاء، وبدون سابق إنذار، واقتحم قسم العوائل وفتح الستائر على فتيات وقام بتصويرهن في هاتفه، قبل أن يدخل في مشادات مع حراسة المطعم وأهالي البنات.

وبرر القيادي الحوثي قيامه بالتصوير لإثبات الاختلاط الذي يحدث في المطعم بين الرجال والنساء، حيث اتهم إدارة المطعم بأنها تعمل ضمن "الحرب الناعمة لإفساد المجتمع، من خلال وجود عاملات نساء في المطعم مزينات، يستقبلن الزبائن الذين هم ليسوا عوائل ولا محارم إنما أصدقاء وعشاق"، على حد اتهامات المسؤول الحوثي الذي عمل لاحقاً على إغلاق المطعم.

وفي الأيام الماضية، داهم مسلحون حوثيون عدداً من محال الملابس النسائية في صنعاء، بمبرر عرض ملابس على مجسمات بلاستيكية، باعتبارها تماثيل محرمة ولا يجوز العرض عليها، كما قاموا قبل ذلك بحملة ميدانية لمصادرة الحزامات الخاصة بالعبايات من المحال النسائية وأحرقوها على وقع صرختهم "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل...".

وجاءت الحملة الحوثية بدعوى أن هذه الأربطة تبرز مفاتن المرأة، وتشيع الفساد وتؤخر النصر.

كما قاموا بطمس ملامح صور نسائية من لافتات إعلانية، بحجة أنّ تلك الصور تقوم بـ"تأخير النصر" أيضا.

الانتهاكات طالت أيضا ملاك الكافيهات، حيث قامت المليشيات بتنفيذ حملة واسعة على الكافيهات وأغلقت العديد منها، والتي لم تغلق أُجبر أصحابها على رفع لوحات تنبيهية، تمنع دخول الرجال إليها بحجة منع الاختلاط، كتب عليها "يسمح فقط بدخول النساء والعائلات".

كما قامت بفرض قصات شعر معينة على أصحاب محال الحلاقة، وحذرت مما سمته "قص الشعر بصورة غير أخلاقية ومخالفة للدين الإسلامي الحنيف والعادات والتقاليد".

ووُثقت عدة مقاطع نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تشويه مسلحي الحوثي لقصات شعر شباب وأطفال، كما قَتلت المليشيات شابا بسبب قصة شعره في منطقة بيت الفقيه بمحافظة الحديدة.

أما على صعيد الجامعات، فقد حاولت المليشيات فرض سلوك معين على طلاب الجامعات وتحركاتهم داخل جامعاتهم، حيث نفذت ما سمتها "حملة تحذيرية وتوعوية" في جامعة صنعاء، تتمثل في إلصاق لوحات مطبوعة بجوار مقاعد الاستراحة والبوافي وأماكن تجمع الطلاب والطالبات، تضمنت ما سمته "الإعلان الهام"، وكُتب بالخط العريض "نرجو من الطلاب والطالبات منع الاختلاط"، بل وتتجاوز الأمر ذلك حين قامت بتهديد إحدى الطالبات بنزع ملابسها، ومنعها من دخول الجامعة بتهمة أنها تتحدث مع زملائها، وترتدي لباساً غير محتشم.

كل تلك الممارسات هي ضمن نهج الحوثيين، الذين يسعون إلى إجبار المجتمع على تقاليد وسلوكيات تتجاوز حريتهم الشخصية وتنتهك كل مناحي الحياة، دون أي اكتراث لعواقب تلك التصرفات المتطرفة، التي تعمل على إرسائها في المجتمع، واجبار الناس على لون واحد وشكل واحد من الحياة، بقوة السلاح والسلطة.

 

النساء أكثر ضحايا الحوثيين:

يسهل للمُطّلع على أدبيات المليشيات الحوثية، أن يرى أوجه التشابه العديدة التي تجمع بين المليشيا الانقلابية وتنظيم "داعش" الإرهابي، سواء من حيث الجرائم العنيفة التي ترتكبها، أو القرارات المتشددة التي تحاصر بها المجتمع الخاضع لسيطرتها.

الأستاذة أروى، معلمة في إحدى مدارس البنات في أمانة العاصمة، تتحدث عن حال المرأة في عهد الحوثيين قائلة: "منذ الأزل كانت المرأة اليمنية محاطة بهالة من القداسة والتبجيل، حيث يعد التعدي على أي امرأة يمنية بمثابة "عيب أسود" في العُرف المجتمعي والقبلي، إلى أن جاءت هذه المليشيات الإجرامية وكسرت تلك الحواجز المتينة ورمت بها عرض الحائط".

وأضافت: "لقد ارتكبت المليشيات جرائمها بأساليب وطرق تكاد تكون مقززة وغير أخلاقية بحق النساء اليمنيات، مستغلة أوضاعهن الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية المزرية".

وتابعت: "أعتقد أن النساء كن ولا زلن أكثر ضحايا الحوثي جسدياً ونفسياً ومعنوياً، من خلال استغلالهن في العمليات العسكرية، وهو ما يمثل دليلاً صارخاً على الإفلاس والانهيار التام لتلك المليشيات التي تدعي أنها الحامية للفضيلة، كما أنها خطوة تتنافى مع كل المعتقدات الدينية والأخلاقية في المجتمع العربي الإسلامي".

 

حبوب منع الحمل لمقاتلي الحوثي:

أصدر النظام الإيراني، منتصف شهر يناير 2021، تعميمًا إلى كل مليشياته في المنطقة، بفرض حظر على توفير وسائل منع الحمل للنساء من أجل زيادة عدد المواليد في المناطق الخاضعة للسياسة الإيرانية.

وتنفيذا لرغبة خامنئي، واستجابة لأوامره، أصدرت مليشيا الحوثي تعميمًا إلى كافة مدراء عموم مكاتب الصحة العامة والسكان في المناطق الخاضعة لسيطرتها، تدعوهم لإيقاف استخدام وسائل منع الحمل، تماشيا مع سياسة المرشد الإيراني علي خامنئي.

ويلزم التعميم الصادر من وزير صحة الحوثيين، طه المتوكل، كافة مدراء مكاتب الصحة بإلغاء العمل بما سموه "قلاب المشورة في تنظيم الأسرة"، "منع اللولب" تماشيًا مع هويتهم الإيمانية، حسب وصف المذكرة، إلى حين إعداد "قلاب جديد" بما يلبي الجانب التثقيفي والتوعوي.

وقال مراقبون سياسيون إن إصدار المليشيا الحوثية هذا التعميم الجديد هو تنفيذ لرغبة وسياسة المرشد الإيراني علي خامنئ، الذي أصدر منتصف يناير الماضي قرارًا مماثلا، بهدف زيادة التعداد السكاني في إيران.

وأوضح المراقبون أن قرار الحوثيين الجديد والذي يدعو مكاتب الصحة لإيقاف وسائل منع الحمل، إلى حين إعداد دليل جديد من قبل النظام الإيراني لتوزيع خطة زيادة التعداد السكاني، وهو ما يكشف التبيعة الحوثية الكاملة للنظام الإيراني.

أحد الصيادلة، طلب عدم الكشف عن اسمه، قال: "منعتنا وزارة الصحة الحوثية في بادئ الأمر من بيع كل وسائل منع الحمل، سواء التجارية أو تلك المقدمة من قبل المنظمات الدولية، وبعد مرور فترة أذنت لنا ببيع نوع معين وهو باهظ التكاليف".

يضيف: "يتم بيع نوع معين ولا يمكننا شراؤه من الوكيل إلا بصعوبة، ويشترط علينا الوكيل شراء كمية دواء أخرى لإعطائنا هذا المنتج، وهو منتج غالي الثمن لا يشتريه سوى عدد محدود من الناس، ولا يقدر على شرائه غالبية المواطنين".

اللافت في المسألة أن مليشيا الحوثي التي تجرّم بيع وسائل منع الحمل للنساء، تقوم بتوزيعها على مقاتليها في الجبهات من أجل المساعدة في تخثر الدم إذا أصيبوا بجراح، للحد من النزيف.

هذا ما كشفته دراسة للباحث مايكل نايتس، نشرها مركز مكافحة الإرهاب التابع للأكاديمية العسكرية لمكافحة الإرهاب والصراع الداخلي بنيويورك، بعنوان "آلة الحرب الحوثية.. من حرب العصابات إلى الاستيلاء على الدولة".

الدراسة أكدت أن مليشيا الحوثي تقوم بتوزيع حبوب منع الحمل على الرجال، وتم العثور على كبسولات لمنع الحمل في مواقع معارك مختلفة، ينسحب منها الحوثيون أو يتم أسرهم فيها.

 

كلمة أخيرة:

في مقابل تلك الانتهاكات التي تمارس تحت مظلة الحفاظ على الفضيلة، دعونا نلقي نظرة على الناشطات المقربات من الحوثي، اللاتي لطالما بررن جرائم الحوثي، ولمّعنَ ممارساته الإجرامية منذ سقوط دماج وحتى اليوم، حتى صرن ذوات حظوة لديه، وقِبلةَ وسائل إعلامه في حال احتاج إلى من يبرر انتهاكاته الأخلاقية.

أمل الباشا كنموذج للمرأة المنفتحة، والتي لطالما دافعت عن الحوثيين وامتدحت مغامرات زعيمهم، واعتبرته مخلصا، وليست الوحيدة، فهناك الكثير من الناشطات الحوثيات سخرن جل وقتهن للدفاع عن جرائم الحوثي، لعل أبرزهن حليمة جحاف، وسما الهمداني، وغيرهن ممن حظين بقدر كبير من الرضا لدى قيادة المليشيات، فقط لأنهن دافعن عن إجرام مسلحيها، دون أن يلتفتوا إلى ملابسهن، ولا إلى علاقاتهن، ولا إلى كون الرداء وكشف الشعر مخالف لهوى هؤلاء المفلسين.

لسنا بصدد التشهير بأحد، فلكلٍ حريته في اختيار الملبس والمأكل، والطريقة التي يتعامل بها مع الناس، شريطة ألا يتعدى ذلك إلى الإضرار بحريات الآخرين، لكن المعنى هنا هو كيف أن هؤلاء الغوغاء يتم التغرير بهم وتحريكهم دون بوصلة عقلية، تجعلهم يعيدون النظر فيما يقومون به.

فليس ثمة فرق بين ملابس الباشا والهمداني وجحاف، وانفتاحهن الذي لا حد له، وطالبات الجامعة، الفرق فقط أن قيادة الحوثيين ترى فيهن رمزا للمرأة الحرة الحليفة، بينما تنظر إلى طالبة الجامعة وكل من يرفض المليشيات المسلحة على أنه عدو، يستحق المعاقبة حتى ولو بالتهديد بخلع الملابس.

كلمات دالّة

#اليمن