الخميس 02-05-2024 08:43:10 ص : 23 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

نهب الحوثيين عقارات الأوقاف وتمليكها أتباعهم.. تغيير ديمغرافي وتفخيخ طائفي

السبت 10 أكتوبر-تشرين الأول 2020 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت – خاص / عبد السلام الغضباني

 

في مسعى منها للتغيير الديمغرافي وتفخيخ المجتمع اليمني بألغام الطائفية من خلال توطين أتباعها في المدن، خاصة العاصمة صنعاء، نشطت مليشيات الحوثي في نهب أراضي الأوقاف وعقارات المواطنين منذ انقلابها على السلطة الشرعية، ومطالبة المستأجرين عقارات تتبع الأوقاف بتسديد إيجارات منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، في مسعى لنهب أموال المستأجرين قبل مصادرة تلك العقارات وتمليكها لأتباعها.

وفرضت مليشيات الحوثي بعموم مناطق سيطرتها قيوداً على بيع العقارات والأراضي، حيث تحتكر عملية البيع والشراء كوسيط بين البائع والمشتري مما يمكنها من احتكار العملية والاستيلاء على أكبر قدر من العقارات والأراضي.

وبحسب تقديرات مراقبين، فإن عمليات السطو الحوثية طالت منذ الانقلاب أكثر من 80% من أراضي وعقارات وممتلكات الدولة في كل من العاصمة صنعاء ومناطق يمنية أخرى تحت سيطرة المليشيات.

- نهب وبسط مبكر

بدأت مليشيا الحوثي الانقلابية بالنهب والبسط على مساحات واسعة من أراضي الدولة اليمنية منذ انقلابها على السلطة الشرعية في سبتمبر 2014، ولطمس جرائم نهب ممتلكات الشعب اليمني، لجأت المليشيات إلى إحراق الأرشيف الوطني التابع لوزارة الأوقاف في صنعاء.

وتمتلك وزارة الأوقاف مساحات من الأراضي الخاصة التي تم تخصيصها لمشاريع حكومية وكذلك مبانٍ تم تشييدها وتتبع وزارة الأوقاف، لكن مليشيات الحوثي عمدت خلال الأعوام الماضية إلى التصرف بها لمصلحة قادة الانقلاب، كما قامت ببيع عدد منها، خصوصاً في العاصمة صنعاء وفي الحديدة غربي البلاد.

وأدانت وزارة الأوقاف والإرشاد في الحكومة الشرعية ما وصفتها بـ"الأعمال الإجرامية الممنهجة" لمليشيات الحوثي، وذلك بإحراق مخازن الوزارة في العاصمة صنعاء.

وقال بيان رسمي إن "وزارة الأوقاف تدين بشدة امتداد الأيادي الآثمة لإحراق محتويات المخازن من وثائق وملفات مهمة"، معتبرة أن هذه الجرائم تضاف إلى رصيد هذه المليشيات التي تحاول العبث بممتلكات الأوقاف بطريقة ممنهجة.

وأشار البيان إلى أن عملية إحراق الوثائق والأرشيف الوطني للأوقاف يحمل في طياته نوايا سيئة لخلط الأوراق، بعد إقدام قيادات هذه المليشيات المتخلفة على البسط على أراضي وممتلكات الأوقاف في مناطق مختلفة، وبالتالي تأتي عملية إحراق مخازن الوزارة للتغطية على هذه الجرائم التي تمس بالوثائق الوطنية وممتلكات الشعب.

وحذرت وزارة الأوقاف والإرشاد في الحكومة الشرعية المليشيات الحوثية من المساس بما تبقى من المخطوطات والمستندات وتحميلها كامل المسؤولية عن هذه الأفعال الإجرامية.

- رفض تطبيق النظام المحاسبي

ترفض قيادات مليشيات الحوثي تطبيق النظام المحاسبي الموحد على إيرادات ومصروفات الأوقاف والوصايا والترب واستخدام دفاتر التحصيل القانونية، واستمرار قيامها بتحويل المبالغ المحصلة إلى حسابات وهمية تتبع المشرفين الحوثيين خصوصا القادمين من محافظة صعدة.

وتستخدم مليشيات الحوثي أجهزة الدولة لشرعنة عمليات النهب والسطو على الأراضي، مثل وزارتي الأوقاف والعدل، إضافة إلى سيطرتها على القضاء وإجبارها القضاة على إصدار أحكام وتمليك أراضٍ تابعة للدولة ونقلها بأسماء مشرفين من المليشيات وتحرير وتزوير وثائق تشرعن هذا الأمر.

وعبر مافيا نهب الأراضي تعمل المليشيات على تضييق الخناق وتطفيش الملاك والتجار بهدف إجبارهم على بيع ممتلكاتهم لصالح سماسرة ومعاونين يتبعون قيادات حوثية بارزة.

- مساكن الأوقاف

وفي مجال مساكن الأوقاف، أخلت المليشيات في وقت سابق سكانا كثرا من منازلهم وتجارا من محالهم التي استأجروها من الأوقاف، وأمهلت المستفيدين من عقارات الأوقاف بأمانة العاصمة أياما محدودة لإخلاء المنازل والمحال التجارية التابعة للأوقاف، وما لم يحدث فسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة والصارمة في حق "المخالفين".

وسبق للجماعة أن طردت عددا من المستفيدين من الأعيان المستأجرة، وأجرتها لأشخاص يديرون أموال القيادات الحوثية من جهة، وبيعها لنافذين وشخصيات موالية لها من جهة ثانية.

وتنفذ فرق ميدانية حوثية حملات ميدانية لإجبار المستفيدين على إخلاء المباني والمنازل والمحال التجارية العائدة تبعيتها لوزارة الأوقاف وتسليمها لموالين لها للتصرف بها.

- نهب أراضي الأوقاف في صنعاء

في أكتوبر 2018، أقدمت مليشيات الحوثي على نهب أراضٍ تابعة لوزارة الأوقاف والإرشاد المختطفة بالعاصمة صنعاء.

وذكرت مصادر إعلامية أن أحد مشرفي مليشيات الحوثي سطا بمعية مسلحين تابعين له بقوة السلاح على مساحة واسعة من أراضي الأوقاف المجاورة لمقر دائرة التوجيه المعنوي في حي التحرير وقاموا بتسويرها.

كما أن أحد مشرفي المليشيات المنتمين لأسرة آل المهدي أقدم على نهب أرض تابعة للأوقاف تبلغ مساحتها 61 لبنة في شارع الزبيري بالعاصمة صنعاء.

- تضييق على المواطنين

في سبتمبر 2019، نفذت مليشيات الحوثي في العاصمة صنعاء حملة واسعة لمطالبة ملاك المباني بإبراز وثائق منازلهم لمعرفة إن كانت تتبع الأوقاف.

وشكلت المليشيات الحوثية لجنة خاصة تضم مشرفين وعقال حارات بهدف النزول إلى منازل المواطنين بصنعاء لمطالبة أصحابها بإبراز وثائق بيوتهم، بهدف ابتزازهم تحت ذريعة أنها تابعة لوزارة الأوقاف التابعة لهم.

- استئناف النهب بقوة

في أبريل الماضي، عاودت المليشيات الحوثية السطو على المزيد من عقارات وأراضي الدولة في صنعاء ومدن يمنية أخرى مبتكرة ذرائع وطرقا متعددة لاستكمال سيطرتها على العقارات الخاصة والعامة لمصلحة كبار قادة الجماعة.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء أن المليشيات نشطت مؤخراً في شراء المئات من العقارات والأراضي المملوكة لمواطنين في أحياء متفرقة من العاصمة صنعاء، من بينها: الحصبة، والخمسين، وحدة، والسبعين، وحزيز، وأرتل، وأحياء أخرى وسط العاصمة. وتحدثت المصادر عن دفع مشرفين حوثيين عند عملية الشراء للأراضي والعقارات مبالغ مالية طائلة تصل إلى مليارات الريالات، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار العقارات.

ولفتت المصادر إلى قيام الجماعة باستحداث وبناء مجمعات سكنية ومراكز تجارية عدة، وتحويل العقارات التي استحوذت عليها بقوة السلاح أو قامت بشرائها من أموال اليمنيين المنهوبة إلى مواقع استثمارية تعود ملكيتها لقيادات في الجماعة الذين بدورهم أوكلوا إلى أشخاص موالين لهم مسؤولية تشغيلها وإدارتها.

ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصادر مطلعة في أراضي وعقارات الدولة أن عمليات التجريف والاستيلاء والنهب بقوة السلاح لأراضي الأوقاف والمواطنين والمستثمرين تقف خلفها عصابات إجرامية متعددة تدعمها وتمولها وتساندها قيادات حوثية بارزة.

ولفتت المصادر إلى تصاعد نشاط المشرفين الحوثيين بشراء الأراضي والعقارات خلال الفترة القليلة الماضية بالتزامن مع عمليات النهب والسطو والاعتداء على أراضي المواطنين والدولة بصورة وصفت بـ"المخيفة".

وأفادت المصادر أن الأرقام التي أحصيت لعمليات التعدي تعتبر بسيطة مقابل ما يقوم به الحوثيون من عملية تجريف واسعة للأراضي والعقارات، خصوصاً أن أغلب الأشخاص والجهات المعتدى على أراضيها وعقاراتها لا تقوم بتوثيق الوقائع، إما نتيجة لتهديدها من قبل أفراد العصابة وإما لمعرفة الملاك المسبقة بعدم جدوى اللجوء إلى الشرطة والقضاء الخاضعين للمليشيات.

- نهب مؤسسات تعليمية

وكانت مصادر تربوية في العاصمة صنعاء قد أكدت قيام قادة في الجماعة، في منتصف مارس الماضي، ببيع مساحة واسعة أمام مدرسة الشعب الواقعة بالقرب من سوق شعبية وسط العاصمة بمبلغ 3 مليارات ريال (الدولار حوالي 600 ريال).

وكشفت المصادر عن أن المدعو يحيى الحوثي، شقيق زعيم العصابة الحوثية والمعين وزيرا للتربية والتعليم بحكومة الانقلابيين، كان الرأس المدبّر لصفقة بيع ساحة المدرسة وتحويلها إلى محال تجارية.

وعلى ذات الصعيد، اقتطع مشرفون حوثيون آخرون أجزاء من "حديقة هايل" وسط صنعاء لإنشاء محال تجارية خاصة بهم، كما فقدت الكثير من الحدائق والمتنزهات مساحات استخدمت لبناء محال ومقاهٍ لصالح المليشيات الحوثية.

كما حولت المليشيات الحوثية أجزاء من مقر "المؤسسة الاقتصادية اليمنية" إلى محال تجارية، وأجّرتها لموالين لها طائفيا. وطالت اعتداءات المليشيات أرضية تابعة لضباط القوات الجوية بمنطقة سعوان في العاصمة، بالإضافة إلى أراضٍ كانت الدولة قد منحتها لأهالي قتلى منتسبي القوات المسلحة قبل الانقلاب عام 2014.

- نهب في الحديدة

ولا تقتصر عمليات النهب الحوثية للأراضي والعقارات في العاصمة صنعاء فقط، بل طالت أيضا محافظات يمنية أخرى يسيطر عليها الحوثيون، حيث واصل قادة المليشيات في الحديدة نهب أراضي المواطنين وأملاك الدولة، متخذين خلال ذلك أساليب متنوعة للاستحواذ عليها دون أي مسوغات قانونية.

وأوضحت تقارير إعلامية أن القيادي الحوثي المدعو حسين إسماعيل الحوثي قام عدة مرات بتزوير البصائر والإثباتات القانونية لأراضي المواطنين التي قام ويقوم بنهبها.

ويقوم القيادي الحوثي بعد تزوير البصائر بإيجاد تحكيم صوري غير قانوني، ثم يبدأ باستخراج أوامر لتنفيذ الحكم المزور، وفي الأخير يقوم ببيع الأرض المنهوبة بالتعاون مع مدير أمن مديرية الجراحي المعين من قبل المليشيات المدعو هاني حزام الأشول.

- سطو في عمران

وفي محافظة عمران، تشهد أراضي الأوقاف عمليات نهب واسعة من قبل قيادات في مليشيات الحوثي، والتي قامت بتمليك أراضٍ تقع في محيط اللواء 310 لصالح قيادات ومشرفي الجماعة.

- نهب في ذمار

وفي محافظة ذمار، واصلت مليشيات الحوثي نهبها لأراضي المواطنين والدولة بمناطق متفرقة من المدينة ومديرياتها، حيث نهبت وعبر مجموعة من القضاة مساحات واسعة من الأراضي التي تعود ملكيتها لمواطنين من أبناء المحافظة.

وتقول المصادر إن المليشيات عادة ما تركز أثناء عملية السطو على الأراضي ذات المواقع الإستراتيجية كونها أكثر الأراضي جنياً للأموال.

واستخدمت المليشيات عددا من القضاة لتزوير الوثائق الخاصة بالأراضي ولتسهيل عملية النهب الممنهجة، حيث اشترطت أن تكون جميع تلك الأراضي باسم القاضي محمد عبد الله إسماعيل الشجني المعين من قبل الجماعة وهو المسؤول عما تسميه الجماعة "لجنة المظالم".

وكشفت المصادر عن أسماء بعض القضاة الذين سهلوا للمليشيات الحوثية عمليات النهب لأراضي وأملاك المواطنين بذمار، ومن بين تلك الأسماء، وفقا للمصادر: القاضي أبو حسن الديلمي والقاضي أبو الحسين المروني وآخر يدعى الموشكي، وجميعهم يعملون في محاكم ذمار، في حين لا يزال هناك قضاة آخرون لم تتمكن المصادر من معرفة أسمائهم.

- سطو في إب

لم تكن أراضي الدولة والمواطنين في محافظة إب هي الأخرى بمنأى عن مسلسل السطو والنهب الحوثي، فقد نفذت المليشيات، منذ ديسمبر من العام الماضي، وحتى أواخر مارس الماضي، المئات من عمليات الاعتداء على أراضي مواطنين بعدة مدن تتبع المحافظة.

وتعرضت أراضي مواطنين كُثر في مديريات إب كـ"الظهار والمخادر والمشنة وحبيش والعدين والحزم ويريم" وغيرها، لتعدٍ وبسط ونهب من قبل العصابات الحوثية، وذلك ضمن عملية استهداف واسعة لم تشهد لها إب مثيلاً.

- تغيير ديمغرافي

ويرى المراقبون أن عمليات السطو الحوثية وكذا الشراء النشط في الوقت الحالي للأراضي والعقارات يأتي ضمن عملية التغيير الديموغرافي التي تنفذها المليشيات في صنعاء ومدن أخرى بهدف التموضع بعيد المدى وتغيير البنية السكانية للمدن وتفخيخها طائفيا.

وقد ارتفعت أسعار العقارات في العاصمة صنعاء بشكل خيالي، وسط إقبال كبير من قبل قيادات المليشيات الحوثية على شراء الأراضي والمنازل في عموم العاصمة.

وتقول مصادر في صنعاء إن القيادات الحوثية القادمة من صعدة هي من تدير مهمة الشراء التي نشطت منذ بداية العام الجاري أكبر مما كان عليه الحال ذاته خلال الأعوام السابقة، موضحة أن المليشيات تنفق مبالغ خيالية ومضاعفة لإغراء المُلّاك.

وحذر مراقبون من مغبة استمرار المليشيات في هذا النهج الذي تحاول من خلاله إقصاء السكان الأصليين في صنعاء مقابل توطين اتباعها القادمين من صعدة ومناطق أخرى.

- السلطة الشرعية: إجراءات الحوثيين باطلة

أصدرت وزارة الأوقاف والإرشاد، في أغسطس 2018، قرارا ببطلان التصرف بأراضي وعقارات الأوقاف من قبل مليشيات الحوثي الانقلابية في صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها، وذلك بعد أن بدأت المليشيات بنهب ممتلكات الأوقاف.

وجاء القرار بناءً على توجيه الحكومة بإلغاء كل ما تم التصرف به والانتفاع من خلاله بأراضي الأوقاف، سواءً بالبناء أو بأي صورة من صور الانتفاع لجهات أو شركات أو أفراد.

ونصت المادة الأولى، وفقا لوثيقة قرار وزير الأوقاف أحمد عطية، على تحميل مليشيات الحوثي الانقلابية مسؤولية سلامة وثائق الأوقاف كاملة.

في حين نصت المادة الثانية من القرار على بطلان جميع التصرفات التي تصدرها مليشيات الحوثي، والعاملين تحت سلطتها في أراضي الأوقاف وعقاراته، سواء أكانت تصرفات ناقلة للملكية أو مقتصرة على منفعة من منافعها، محذرة المواطنين من التعامل مع تلك العقود.

ونصت المادة الثالثة من القرار على تأكيد الوزارة احتفاظها بحقها القانوني والدستوري في ملاحقة جميع من نهب وثائق الأوقاف أو سهل ذلك أو أعان عليه أمام القضاء.

كلمات دالّة

#اليمن