الجمعة 29-03-2024 09:59:07 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

صناعة الموت.. أرقام وإحصائيات تكشف بشاعة الانقلاب والإرهاب الحوثي

السبت 26 سبتمبر-أيلول 2020 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت – خاص / عبد الرحمن أمين


في الوقت الذي كان اليمنيون يتطلعون إلى غد جميل ومستقبل مشرق، ينتظرون فيه الخروج برؤية موحدة للشكل الجديد لدولة العدالة والمساواة والتنمية والبناء في بلادهم بعد ثورة 2011 التي أطاحت بالنظام العائلي المستبد الذي ظل طيلة 33 عاما برئاسة علي عبد الله صالح، استفاقت اليمن على وطء صدمة وقوعها بين يدي مليشيا الحوثي الانقلابية حاملة معها مشروعها الإمامي من جديد، لتعيد الكرة وتعود بعد ثورة خالدة أطاحت بالإمامة السلالية، بعد عقود من الزمان حكمت اليمنيين بالحديد والنار وعانى الشعب بسبب حكمها مرارات العذاب.

إن انقلاب 21 سبتمبر 2014 يعد من أسوأ انقلابات العصر الحديث إن لم يكن أسوأها على الإطلاق، فالانقلاب الذي قام به الحوثيون لم يكن انقلابا على السلطة فحسب، بل كان أيضا انقلابا على المبادئ والثوابت والهوية والقيم والحضارة والتاريخ والأعراف والتقاليد.

الاجتياح العسكري الذي قامت به مليشيا الحوثي بالتنسيق والتعاون مع علي عبد الله صالح والقيادات العسكرية الموالية له، الذي طال العاصمة صنعاء ومعظم المحافظات اليمنية، قوبل بالرفض والمواجهة من قبل الشعب اليمني الثائر، فمنذ 2014 وحتى هذه اللحظة دخلت البلاد في حرب طاحنة لم تبق ولم تذر، حرب دمرت كل شيء وأحرقت الأخضر واليابس، وقضت تماما على مؤسسات الدولة.

الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي الانقلابية على اليمنيين طوال الست السنوات الماضية والتي ما زالت في أوجها كلفت اليمن واليمنيين الكثير، وخسرت البلاد بسببها ما لم تخسره في أي زمن مضى، مخلفة مئات الآلاف من الضحايا والجرحى وملايين النازحين والمشردين ودمارا هائلا في البنية التحتية للبلاد.

وتشير أرقام وإحصائيات ميدانية رصدها تقرير حقوقي صادر عن «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات»، إلى أن جماعة الحوثي ارتكبت نحو 100 ألف انتهاك ضد المدنيين في 18 محافظة يمنية منذ انقلابها عام 2014، وحتى منتصف ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي 2019.

ورصد التقرير الحقوقي أكثر من 14 ألفاً و222 حالة قتل طالت مدنيين يمنيين في 18 محافظة، بينهم 618 امرأة و974 طفلاً.

وطبقا لدراسة أعدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن عدد ضحايا الحرب حتى 2019 بلغ 233 ألف شخص، 102 ألف أثناء المعارك و131 ألف شخص نتيجة غياب الرعاية الصحية وشح الغذاء.

ووثّق «تقرير الشبكة اليمنية للحقوق والحريات» مقتل 646 مدنياً جراء الألغام التي زرعتها مليشيات الحوثي، بينهم 123 طفلاً و157 امرأة، كما وثّق 33 ألفاً و438 حالة إصابة في صفوف المدنيين بسبب الألغام، بينهم 2467 امرأة و1780 طفلاً.

ولفت التقرير إلى بلوغ عدد المختطفين والمخفيين قسرياً من المدنيين لدى مسلحي جماعة الحوثي نحو 12 ألفاً و636 مختطفاً ومخفياً في 20 محافظة، بينهم سياسيون وأكاديميون وناشطون وتربويون وأطباء، وأوضح أن من بين المختطفين 222 طفلاً و52 امرأة و7 أجانب.

وسجلت فرق «الرصد» التابعة للشبكة نحو 2537 حالة إخفاء قسري لمواطنين، بينهم 231 امرأة و158 طفلاً. كما رصدت 719 حالة تعذيب في سجون الحوثيين، و21 حالة اتخاذ دروع بشرية، و48 حالة تصفية داخل السجون، و19 حالة وفاة بسبب الإهمال في السجون، و23 حالة وفاة لمعتقلين بنوبات قلبية.

في حين يقول تقرير حكومي إن 320 امرأة ما زلن معتقلات في سجون مليشيات الحوثي الانقلابية، وأن الحكومة تعمل وتبذل جهوداً كبيرة مع المجتمع الدولي من أجل إطلاق سراحهن.

أما على المستوى الإنساني، فقد تركت الحرب آثارًا كارثية على التنمية والخدمات العامة في اليمن. ويقدِّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنها دفعت عملية التنمية البشرية في البلاد 21 سنة للوراء، وتسببت في انهيار الخدمات العامة كالكهرباء والمياه والطرق، وبشكل خاص الصحة والتعليم، نتيجة تدمير منشآتها وانقطاع رواتب الأطباء والممرِّضين والمعلمين، وأدت إلى تدهور النظام الصحي في معظم المناطق وظهور الأوبئة والأمراض المعدية.

ووفقا لوزير الصحة العامة والسكان الدكتور ناصر باعوم، فإن الانقلاب الحوثي على مؤسسات الدولة أدى إلى تدمير وإلحاق الضرر بنحو 60% من المنشآت الصحية في البلاد. كما تضاعفت أعداد من يحتاجون الرعاية الصحية ثلاثة أضعاف، من 5 ملايين قبل الحرب إلى أكثر من 16 مليونا اليوم.

في حين بينت المؤشرات الصادرة عن منظمة الصليب الأحمر أن 3.2 ملايين طفل وامرأة مصابون بسوء التغذية الحاد، كما يعاني 50% من الأطفال من التقزم الدائم.

وبينما قالت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» إن ثمانية من كل عشرة يمنيين بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، كشفت منظمة "اليونيسف" هي الأخرى عن مقتل وإصابة أكثر من 6700 طفل يمني بسبب الحرب الحوثية، كما كشفت عن وفاة 30 ألف طفل بسبب سوء التغذية في 17 محافظة يمنية منذ اندلاع الحرب.

أما التعليم، فقد أُصيب بالشلل جرَّاء توقف رواتب الأساتذة الجامعيين وما يقرب من ثلاثة أرباع معلمي المدارس الحكومية في البلاد منذ سبتمبر/أيلول 2016، وخروج أكثر من 2500 مدرسة عن الخدمة بسبب الدمار، وتحول بعضها إلى مأوى للنازحين.

وارتفعت كذلك نسبة الأطفال خارج المدارس لتصل إلى مليوني طفل، وهناك 3.5 ملايين طفل معرَّضين للتسرُّب المدرسي بسبب الأوضاع الاقتصادية وتدني الخدمات التعليمية والعبث الممنهج في مسار التعليم واستقطاب الأطفال للقتال من قبل المليشيات.

وخلَّفت الحرب منذ بدايتها أكثر من 3.65 ملايين نازح داخليًّا حتى بداية 2019.

وخلال العام 2019 فقط، نزح ما يقارب 350 ألف شخص إلى مناطق أخرى بسبب الأعمال القتالية، ودفعت الموجة الأخيرة من القتال بداية العام 2020 في نهم والجوف أكثر من 35 ألف شخص إلى النزوح عن منازلهم والتوجه للعيش في مخيمات النزوح، إضافة إلى مئات الآلاف من الفارين والمُهجَّرين خارج اليمن نتيجة الحرب.

وعلى الصعيد الاقتصادي، فقد أشار اقتصاديون إلى عدم وجود إحصائيات دقيقة لحجم الخسائر الاقتصادية في اليمن، وقالوا بالمقابل إن بعض التقديرات المحلية تؤكد أن البلاد تكبدت خسائر اقتصادية جسيمة، تفوق في تقديراتها الأولية الـ100 مليار دولار.

وفي تقديرات أولية لخسائر البنية التحتية بسبب الحرب، فقد تضرر 15 مطارًا، و14 ميناء، و2512 طريقًا وجسرًا، و727 خزانًا وشبكة مياه، و185 محطة ومولد كهرباء، و421 شبكة اتصالات، و882 مدرسة ومعهدًا، وأكثر من 400 ألف منزل، و318 مستشفى ومركزًا صحيًّا، و1797 منشأة حكومية، و360 محطة وقود سيارات.

وكان تقرير أعدته المؤسسة الدولية للسياسات الخارجية بالتعاون مع «صندوق السلام الأميركي» أكد أن اليمن احتل المركز الأول بين دول العالم أجمع من حيث هشاشة الدولة وخطورة الأوضاع فيها، لأسباب أبرزها يتعلق بالحرب التي أشعلت فتيل نيرانها المليشيات الحوثية.

وإلى جانب اليمن، جاءت كل من الصومال وسوريا والسودان في أعلى قائمة الدول التي استوجب سوء الأوضاع فيها «التحذير بدرجة عالية جداً».

وفي تقرير أممي صدر العام الماضي عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أفاد أنه «لو تحقق السلام غداً فقد يستغرق الأمر عقوداً حتى يعود اليمن إلى مستويات التنمية السابقة، هذه خسارة كبيرة للشعب اليمني».

كلمات دالّة

#اليمن