الجمعة 29-03-2024 16:06:22 م : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

ثورة الـ26 من سبتمبر وضرورة الكتلة الحرجة

الثلاثاء 22 سبتمبر-أيلول 2020 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت – خاص / عبد العزيز العسالي

 

"ثورة الـ26 من سبتمبر حققت للشعب اليمني هدفين هما: إخراج بيت حميد الدين، والنظام الجمهوري.. هدفان لا يمكن التحاور حولهما تحت أي مسمى". (خلاصة جلسات الحوار مع الملكيين في حرض عام 1965م، مذكرات القاضي عبد الرحمن الإرياني رئيس الجمهورية، رحمه الله).

خلاصة استبيان..
"شخصيات من محافظات عمران والتي تجاوزت 60 عاما من العمر أو ما دون ذلك.. لديها وعي بالثقافة الديمقراطية -ذهنيا- بنسبة عالية جدا.. في حين أن الشباب الجامعي - عمران نسبة ثقافته في هذا المجال متدنية جدا". (مقدمة أطروحة الدكتوراه.. الموسومة بالثقافة الديمقراطية عند القبيلة.. قسم علم الاجتماع جامعة صنعاء، د. سمير العبدلي).

 

النصان الآنفان يعكسان إلى حد كبير:

1- المكانة السامقة لثورة 26 سبتمبر 1962م ذات الأهداف الستة لدى الرعيل الأول من رواد الثورة الذين كافحوا بكل ما يمتلكون من قوة ضد الكهنوت السلالي والاستبداد والاستعمار وإزالة مخلفاتهما.. وذلك من خلال إقامة النظام الجمهوري الديمقراطي المستمد روحه من الإسلام الحنيف.

2- الفاجعة الأسوأ:

النص الثالث منقول عن ذات الأطروحة.. فقد كشف عن الجانب الآخر للاستبيان الذي نزل في محافظة حضرموت.. فقد كانت الفاجعة أقسى وأمرّ.. نتيجة متدنّية جدا لدى جيل االآباء والأبناء.. في محافظة حضرموت.. الكتاب موجود في الشبكة طبعة مركز دراسات الوحدة العربية.

3- النصوص الآنفة.. تجعلنا أمام مفارقة عجيبة وغريبة.. يجب استحضارها.. واستحضارها.. ثم استحضارها.. لدى مجلس شباب ربيع 11 فبراير 2011م.

أكرر.. يجب استحضار تلكم المفارقة ودراسة العوامل الموضوعية والأيادي الخفية التي أفرغت أهداف ثورة 26 سبتمبر من المنهج الدراسي في المدرسة والجامعة.

يجب على شباب 11 فبراير ومن خلال المتخصصين القيام بالبحث العلمي الموضوعي العميق بعيدا عن العواطف والأحكام المسبقة والمسلمات الجاهزة بعيدا عن إطلاق التعميمات.

فمثلا.. إطلاق الاتهامات تجاه القبيلة عموما يتنافى والشواهد الموضوعية الواقعية، ذلك أن القبيلة في البيضاء وشبوة ومأرب وأبين.. وبجانبها أبطال من تعز وذمار وعمران وصعدة والمحويت.. ها هي تسطر أروع الملاحم في سبيل الجمهورية والديمقراطية وبنفس الوعي عالي المستوى لدى الرعيل الأول من الرواد.. كالنعمان والإرياني والزبيري والسلال وعلي عبد المغني وعبد الرقيب عبد الوهاب ولبوزة.. وغيرهم من أبطال الجيش والسلك المدني والعسكري والقضائي والقبلي.

نعم هناك مرضى في كل زمان.. همهم الوحيد كيل الاتهامات دونما أي دليل موضوعي علمي.. فتراهم يسمعون تضحيات أبناء القبيلة في مأرب وشبوة والجوف.. ومع ذلك فالقبيلة لا زالت في نظرهم مجرمة.. وفي الوقت ذاته يتهافتون لعقا لأحذية آل عفاش الذي دمر شعبنا ومقدرات الوطن جيشا ومالا ونسيجا مجتمعيا في إشعال أقذر حرب طائفية إجرامية.

أعتذر للقارئ العزيز إزاء هذا الاستطراد.. فجراحات الوطن الحبيب كبيرة.. وهي نتائج لأخطاء تراكمت، لأن المثقف الاستثنائي غاب.. وأخص بالمثقف الاستثنائي من يمتلك "السلطة الأخلاقية" المنطلقة من منظومة القيم الكونية.. وفي مقدمتها صفاء المعتقد والتزكية الهادفة إلى تقديس كرامة الإنسان فردا.. أو شعبا.. كرامة الإنسان أولا.. والتي ينبثق عنها سائر حقوق الإنسان.. وصولا إلى وجوب الولاء للأمة والدستور والقانون... إلخ. المنظومة.

إن "الأطروحة العلمية" لـ"د. سمير العبدلي" الآنفة الذكر.. اقتربت بقوة من تشخيص مكمن الداء، الأمر الذي يجعلنا نعيد النظر في المدخلات التربوية والتعليمية في المدرسة والجامعة.

إن جيلا خضع قرابة ثلاثة عقود.. ولا زال يقرأ في مقرر الثقافة الإسلامية (مقرر متطلب لكافة التخصصات).. ظل يقرأ ما يزيد عن 150 صفحة كبيرة حول أركان الإيمان.. كلاما باهتا.. لا يخدم فكرا ولا يبني عقلا ناقدا.. كلاما كثيرا جدا عار عن الأبعاد الإنسانية والحضارية لعقيدة الإيمان والتوحيد.. ناهيك عن الاستبداد وخطورته وأساليب محاربته.. يلي ذلك شبح الغزو الفكري والاستشراق والمرأة.. وتنتهي موضوعات الثقافة الإسلامية غالبا بكلام عاطفي.. والنتيجة السريعة هي أن طالب الجامعة هو أول المؤمنين بالخرافة أيا كانت ضحالتها.

لقد اتجهت لا أقول أصابع.. وإنما أياد.. وأرجل.. وسواعد.. وأقلام.. وأعلام... إلخ. ألوان الكيد الخسيس لاستبعاد الثوار الشرفاء وتهميشهم تدريجيا.. وجيء بعقليات ضحلة لتتصدر العطاء في مصانع العقل والتفكير- الجامعة.. والمدرسة والمعهد.. والمسجد.. والجيش والإعلام.. والكاسيت.. وتم تكريس "عقيدة مكذوبة" فاسدة.. الإسلام منها بريء.. عقيدة اسمع وأطع وإن "جلد ظهرك وأخذ مالك"، وما لم تنبطح للطغيان فاعلم أن ميتة جاهلية تنتظرك.

ولا ننسى أن هذا التقديس للفجور السياسي كان ولا زال يتكئ على أنقاض الفكر العلماني الوافد.. والذي يكرس الاستبداد والطغيان بصورة مقرفة.. علمانية ترفع شعار الحرية وتمارس عكس ذلك.. يقابلها إسلاميون كثر يرفضون الاستبداد قولا ويقبلونه عقيدة.

 

الحلقة المفقودة:

الخلاصة أن ثورة الـ26 من سبتمبر افتقدت الذراع الوطني الحامل لأهداف الثورة.. افتقدت الفكر اليقظ المستحضر لمقولة "الأب الروحي للثورة" القاضي الإرياني رحمه الله.. غابت مقولة الإرياني التي صدرنا بها مقالنا هذا.. فأفرغت مبادئ الثورة والنظام الجمهوري من حقيقته، والنتيجة هي:
1- جيل الجامعة لا يعرف الثقافة الديمقراطية.. كما كشف استبيان قسم الاجتماع.

2- دخول الملكية على ظهر دبابة الجمهورية إلى القصر الجمهوري.

3- التصاهر بين النقيضين التاريخيين عقيدة وتاريخ.. تصاهر مستحيل وقوعه.. إنه التصاهر والتماهي بين تنظيم القاعدة والماركسية.

الضّمَاد المطلوب كتلة حرجة:

ونحن نستقبل العيد الـ58 لثورة سبتمبر المجيدة.. يجب علينا عموما.. ومجلس شباب ثورة 11 فبراير خصوصا.. أن نسعى بكل الوسائل ودونما تأخير.. إلى إقامة "كتلة حرجة" من كافة أبناء الشعب اليمني.. ومن كل الشرائح الاجتماعية والنقابية والحزبية.. وليكن شعارنا: الحرية.. الديمقراطية.. اليمن الاتحادي.. مدنية الدولة.. الولاء للأمة.. ولكل حزبه.

أبرز المهام: إسناد التعليم ثقافيا في بناء جيل يحمل الولاء للأمة والنظام الجمهوري والحرية والديمقراطية.

كلمات دالّة

#اليمن