الجمعة 29-03-2024 11:59:57 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

في الذكرى الثلاثين لتأسيسه.. حزب الإصلاح ودوره في مواجهة الانقلاب الحوثي

الأحد 20 سبتمبر-أيلول 2020 الساعة 11 مساءً / الإصلاح نت – خاص / عبد السلام الغضباني

 

برز دور التجمع اليمني للإصلاح المساند للسلطة الشرعية في مواجهة الانقلاب الحوثي والنفوذ الإيراني في اليمن منذ اليوم الأول لاستعدادات الحوثيين للانقلاب قبل نحو ست سنوات، ونظرا للدور الكبير لحزب الإصلاح في تلك الحرب، فإن كثيرا من الأطراف كانت وما زالت تصف المعركة في اليمن بأنها بين الإصلاح والحوثيين فقط، وهذا التوصيف الهدف منه محاولة تحييد بعض الأطراف عن المعركة ضد الانقلاب أو إيجاد مبرر لعدم المشاركة فيها، غير أن ذلك لم يؤثر على طبيعة المعركة وعلى تحالف الإصلاح مع السلطة الشرعية والتحالف العربي الداعم لها في الحرب على الانقلاب الحوثي والنفوذ الإيراني في البلاد.

وهذا العام، يحتفي التجمع اليمني للإصلاح بالذكرى الثلاثين لتأسيسه في وقت اشتدت فيه وتيرة المعارك في عدة جبهات، خاصة جبهات محافظة مأرب التي توصف بأنها الأعنف منذ بدء الحرب، حيث تحولت ذكرى التأسيس إلى محطة تجديد للتصدي لانقلاب مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، ويخوض عدد كبير من قيادات وأعضاء وأنصار الإصلاح هذه الحرب ببسالة ويقدمون تضحيات كبيرة في الميدان، إلى جانب كل شرفاء الوطن الذين يخوضون معركة مصيرية ضد مليشيات الحوثي، واستشهد عدد كبير من قيادات الإصلاح في المعركة منذ بدء الحرب قبل ما يقارب ست سنوات، كان آخرهم عضو مجلس النواب الشيخ ربيش بن نبهان العليي، الذي استشهد في إحدى جبهات محافظة مأرب المشتعلة منذ أسابيع.

- الانقلاب وشماعة الإصلاح

عندما بدأت ترتيبات مليشيات الحوثي وحليفها الرئيس السابق علي صالح للانقلاب على السلطة الشرعية، تبين لطرفي الانقلاب أن التجمع اليمني للإصلاح يمثل أكبر عقبة حقيقية من شأنها إرباك مشروع الانقلاب، رغم معرفة الانقلابيين بأن الإصلاح حزب سياسي مدني لا يمتلك قوات عسكرية ولا مليشيات مسلحة، غير أن المخاوف كانت نابعة من قدرات الإصلاح التنظيمية ونفوذه الاجتماعي الذي سيمكنه من إقناع المواطنين بخطورة الانقلاب السلالي العنصري ومآلاته وحشدهم إلى ساحات النضال دفاعا عن الوطن والجمهورية والوحدة والمواطنة المتساوية، ورفضا للسلالية الطائفية العنصرية البغيضة ومحاولتها إعادة نظام حكم الإمامة إلى البلاد.

ولهذا السبب، سبقت عملية الانقلاب وتزامنت معها أيضا دعاية سوداء وحملات شيطنة وافتراءات طالت الحزب وقياداته وكوادره، بهدف تشويه سمعته وتحييده عن التأثير على الانقلاب وتقليل قدرته في التصدي له، كما تزامن ذلك مع مزاعم مكثفة بأن تحركات الحوثيين المسلحة واقتحام العاصمة صنعاء الغرض منه فقط الحرب على حزب الإصلاح وليس الانقلاب على السلطة الشرعية، وما زال الانقلابيون شمالا وجنوبا منذ ذلك الوقت يتخذون من حزب الإصلاح "شماعة" لتبرير انقلابهم على السلطة الشرعية، رغم انكشاف زيف تلك الادعاءات وارتدادها على أصحابها وتعريتها لهم أخلاقيا.

كما أن مزاعم المليشيات الانقلابية شمالا وجنوبا بأن انقلابها على السلطة الشرعية هو حرب تستهدف حزب الإصلاح فقط، تكشف حجم الاختلالات التي اعترت المشهد السياسي اليمني، ذلك أنه لأول مرة في تاريخ البشرية تظهر مليشيات مسلحة ليس لها أي صفة قانونية تزعم محاربة حزب سياسي مدني حصل على ترخيص حكومي بممارسة العمل السياسي، وسبق له المشاركة في السلطة والمعارضة، ثم إنه حليف للسلطة الشرعية المعترف بها دوليا في الحرب على الانقلاب، في حين تقر كل القوانين المحلية والدولية ضرورة التصدي للانقلاب وتقديم القيادات الانقلابية للمحاكمة أمام المحاكم العسكرية للدولة.

- المواجهة المبكرة للمشروع الحوثي

أدرك التجمع اليمني للإصلاح خطورة المشروع الحوثي الإيراني في اليمن منذ وقت مبكر، وبدأ العداء بين الطرفين في وقت مبكر قبل انقلاب الحوثيين وعلي صالح على السلطة الشرعية، وبالتحديد بعد إعلان الحوثيين انضمامهم لثورة 11 فبراير 2011 الشعبية السلمية، ونصبهم خياما خاصة بهم في ساحة التغيير بصنعاء، حينها كان شباب الإصلاح في الساحة أول من أدرك أن الحوثيين ليسوا صادقين في انضمامهم للثورة، كونهم لا يؤمنون بأهدافها، واتضح ذلك من خلال شعاراتهم الطائفية التي كانوا يرفعونها في ساحة التغيير ومن خلال الملصقات الخاصة بهم.

وكان شباب الإصلاح يمنعون الحوثيين من الصعود إلى منصة الخطابة في الساحة أمام بوابة جامعة صنعاء، ويزيلون ملصقات الحوثيين الطائفية باستمرار، ويرددون شعارات ساخرة من شعاراتهم، وتسبب ذلك في العراك بالأيدي بين الطرفين عدة مرات. وعندما نصب الحوثيون منصة خطابة خاصة بهم في ساحة التغيير، أزالها شباب الإصلاح، ومنعوهم من الخطابة ومن التأثير على المعتصمين في ساحة التغيير من خلال نشر ملازم سيدهم المدعو حسين الحوثي، وغير ذلك.

موقف الإصلاحيين من انضمام الحوثيين للثورة السلمية نابع من قناعة مفادها أن انضمام الحوثيين للثورة يعكس أمرين: الأول، أنهم يريدون ركب موجة الثورة لتحقيق هدفهم في استغلال الظروف المناسبة للانقلاب وإعادة نظام الحكم الإمامي البائد والمستبد. والثاني، أن الحوثيين كانوا إحدى أدوات الثورة المضادة لنظام علي صالح ضد ثورة 11 فبراير، وعزز الطرفان العلاقة بينهما، ثم دفعهم علي صالح إلى الانضمام الظاهري للثورة، وتسليمهم محافظة صعدة، ودعمهم بأسلحة حديثة ونوعية منهوبة من مخازن ما كان يعرف بـ"قوات الحرس الجمهوري"، والتي تحولت بعد الانقلاب إلى مليشيات إمامية همجية.

- معارك حجة 2012

بعد تسليم علي صالح محافظة صعدة للحوثيين عام 2011، حاولوا في العام التالي، 2012، السيطرة على محافظة حجة بهدف الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، والسيطرة على ميناء ميدي، بتعليمات من إيران، لاستخدامه في تهريب الأسلحة والأموال من إيران، وأيضا تهريب الحشيش والمخدرات وغيرها، إلا أن انتفاضة قبائل حجة التي تقدمها الإصلاحيون هناك كبدت الحوثيين خسائر فادحة، ولم يتمكنوا من السيطرة على المحافظة إلا بعد الانقلاب ودخولهم العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى بتسهيل ودعم من الرئيس السابق علي صالح وجناحه في حزب المؤتمر.

بدأ الحوثيون ينظرون لحزب الإصلاح كخصم رئيسي لهم منذ فشلهم في السيطرة على محافظة حجة عام 2012، ذلك لأن منتسبي وقادة فرع الإصلاح هناك كان لهم الدور الأبرز في الحشد والتعبئة لتلك المعركة، وقد جعل ذلك الحوثيين يقتنعون تماما بأن مشروعهم السلالي الطائفي والعنصري لن ينجح في ظل وجود التجمع اليمني للإصلاح.

- الانقلاب وتأسيس المقاومة الشعبية

رغم أن الحوثيين برروا حروبهم في حجة وعمران بأنها ضد خصمهم الرئيسي، تجمع الإصلاح، إلا أن مبرراتهم للسيطرة على العاصمة صنعاء كانت تتمثل في الاعتراض على زيادة طفيفة أقرتها حكومة الوفاق الوطني في أسعار بعض المشتقات النفطية، وحاصروا العاصمة صنعاء بحشود مسلحة من مختلف مداخلها استعدادا للانقضاض عليها، بعد تلقيهم تطمينات من الرئيس السابق علي صالح بأن جميع الألوية العسكرية الموالية له في داخل ومحيط العاصمة ستبقى على الحياد، قبل أن يسلمها لهم كاملة.

وهنا، اندفع شباب الإصلاح، وبأسلحة شخصية خفيفة، لمنع الحوثيين من السيطرة على العاصمة، واستمرت المعارك ثلاثة أيام، ولم يتمكن الحوثيون من دخول العاصمة والسيطرة عليها إلا بعد أن انسحب شباب الإصلاح من المعركة، كونهم أدركوا أن المؤامرة كانت أكبر من قدراتهم، خاصة أن جميع القوات المسلحة المكلفة بحماية العاصمة لم تحرك ساكنا، بل فقد كانت تقدم الدعم لمليشيات الحوثيين من السلاح والغذاء، وبتوجيهات مباشرة من علي صالح وعائلته.

وبعد أن بدأ الحوثيون يسعون للسيطرة التدريجية على مختلف محافظات البلاد، اندفع قادة ومنتسبو حزب الإصلاح للتصدي للمليشيات الحوثية، وشكلوا المقاومة الشعبية على عجل وبإمكانيات بسيطة، وبرزت أسماء قادة إصلاحيين كان لهم الدور الأكبر في مواجهات المليشيات الانقلابية، مثل: الشيخ علي بدير في محافظة إب، والشيخ حمود المخلافي في محافظة تعز، والشيخ الحسن أبكر في محافظة الجوف، والشيخ علي فلات في محافظة حجة، والأستاذ نائف البكري في العاصمة المؤقتة عدن، وغيرهم الكثير لا يتسع المجال لذكرهم وفي عدة محافظات وصلت إليها مليشيات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي صالح، وقد استشهد عدد كبير من قيادات ومنتسبي تجمع الإصلاح دفاعا عن الوطن وأمنه واستقراره ودفاعا عن الجمهورية والديمقراطية والتصدي للنفوذ الفارسي في اليمن والمنطقة.

- تأييد عاصفة الحزم

وبعد اندلاع عملية "عاصفة الحزم" العسكرية، ترقب كثيرون موقف الإصلاح منها، خاصة بعد أن وصف تحالف الحوثيين وعلي صالح التدخل العسكري بأنه "عدوان" على اليمن، ووصفوا من سيؤيده بـ"الخائن" و"العميل"، وتوعدوا بمحاكمته، وطلب تحالف الانقلابيين من الإصلاح إدانة التدخل العسكري ووصفه بالعدوان، مقابل الإفراج عن معتقليه السياسيين وإشراكه في السلطة.

غير أن الإصلاح أبى إلا أن يكون سندا للسلطة الشرعية ومتحالفا معها، وأعلن ترحيبه بالتدخل العسكري العربي بقيادة السعودية للقضاء على الانقلاب وإعادة السلطة الشرعية وتقليم مخالب إيران في اليمن، ودفع أنصاره ومنتسبيه وقياداته للانخراط في المقاومة الشعبية والجيش الوطني والتضحية بالغالي والنفيس من أجل الوطن وأمنه واستقراره وحمايته من الوقوع في مستنقع التمدد الفارسي الطائفي التخريبي في اليمن والمنطقة بشكل عام.

وهكذا يتضح مدى حجم التضحيات التي يقدمها التجمع اليمني للإصلاح في الحرب على الانقلاب واستعادة الدولة، إلى جانب السلطة الشرعية وبقية الشركاء في الحرب على الانقلاب، وبإسناد ودعم دول التحالف العربي بقيادة السعودية، وبرز تجمع الإصلاح كأكبر طرف يمني مساند للسلطة الشرعية، وأكبر تنظيم سياسي يشكل حماية للوحدة الوطنية كونه يتجاوز الانقسامات القبلية والمناطقية والمذهبية وغيرها من الشروخ التي مزقت المجتمع اليمني بسبب السياسات الخاطئة لنظام علي صالح، ثم الدمار الذي سببه الانقلاب على السلطة الشرعية.

كلمات دالّة

#اليمن