الخميس 25-04-2024 00:02:35 ص : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ما الذي قدمه البنك المركزي في عام ولم تقم به الأسلحة والذخائر (الثالثة والأخيرة)

الخميس 05 أكتوبر-تشرين الأول 2017 الساعة 12 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ محمد الجماعي

   

"ثورة شعبية" حذر منها "بن همام" المحافظ السابق للبنك المركزي اليمني، إثر عجز إدارته عن تدارك انهيار البنك، وإصراره على طباعة 400 مليار في أغسطس 2016، وفشله في إقناع المواطنين باستئناف إيداع أموالهم، كمؤشر جلي على سحب ثقتهم عنه. ما يعكس صوابية اختيار الحكومة الشرعية "أخف الضررين" بالنقل مقارنة مع "هدنة بحاح" وإصراره على بقاء البنك بصنعاء، أو نقل بعض وظائفه إلى العاصمة الأردنية عمان.

قرار الحكومة بنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن سبقته آلاف "النكات السياسية" التي تزامنت مع إعلان إفلاس البنك بصنعاء ثم دعوة زعيم الحوثيين للتبرع بـ "خمسين" ريالا عقب القرار!! وهو ما دفع محاسب يعمل في كفتيريا بمدينة عدن لتعليق 50 ريالا على جدار البوفية، وبجانبها عبارة: "أرجو من أي واحد يطلع صنعاء أن يأخذ معه هذي الخمسين تبرعي شخصيا للبنك المركزي"!

من الصعب تقديرحجم الغضب الذي أصاب معظم اليمنيين إثر خروج البنك المركزي في 12 أغسطس الماضي، ببيان الثلاث عشرة رحلة جوية التي منعت، وكانت تحمل لهم خير حكومتهم المحاصرة، والأموال التي طبعتها على حسابهم ومن أقوات أولادهم لإنقاذ الوضع. إذ لم يكن ينقص البيان الشجاعة ولم تعزه الحكمة حيث قال كل شيء وبالمختصر المفيد.

ويكشف هذا الجزء من هذا التقييم بعد عام من القرار المثير للجدل، صعوبة فصل الجانب الاقتصادي عن الجوانب السياسية والسيادية والعسكرية، إذ لم يصدر عن منتقدي أداء "مركزي عدن" اليوم، أي إشارة إلى أن عودة البنك إلى صنعاء هو الحل! نظرا لمعرفة الجميع عبث الحوثيين بموارد البنك ونهب 25 مليار شهريا لصالح ما سمي بالمجهود الحربي، وإضافة أكثر من 100 ألف موظف من مشرفي لجانهم وأتباعهم إلى كشوفات الراتب.

وبالإضافة إلى احتكار استيراد وبيع المشتقات وحصرها على أتباعهم، وانتشار أسواق الوقود والعملات التابعة لهم، وتعاظم عمليات غسيلهم للأموال؛ما تزال المليشيات حتى الآن تضغط على الإدارات العليا للبنوك والشركات والمنظمات حتى لا تنتقل إلى عدن، وحتى لا تخضع لقرارات الحكومة التي كان آخرها قرار التعويم، الذي قوبل بترحيبالبنك الدولي تمهيدا لبدء خطة إعادة الإعمار..

قبل الانتهاء من كتابة هذا التحليل، كانت مواقع التواصل الاجتماعي تنال بشدة من تصريحات "بحاح" رئيس الحكومة السابق، لتطاوله – حسب وصفهم –على الحكومة الشرعية، وتحميله مسئولية ونتائج ما سميت بالهدنة الاقتصادية التي كان عرَّابها،بل وذهب كثير من المغردين إلى أن استئناف ضخ النفط من حقول المسيلة ووصول بعض الأموال إلى مركزي عدن، أثار حفيظة بحاح وأخرجه عن لياقته كمسئول سابق.

وإذن فقد ساهم نقل البنك المركزي إلى عدن، في تمكين الحكومة من استعادة السيطرة على موارد المناطق المحررة، والضغط من أجل إيرادات المناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون، ونقل المعركة إلى أوكارهم، لاسيما بعد إرسال أول راتب حكومي إلى صنعاء في يناير الماضي.ويذهب كثيرون إلى أن تعامل الحكومة معهم بسياسة طول النفس، نابعة من يقينها بأن تفكيك سيطرتهم على الموارد يحتاج إلى وقت، خصوصا وهي تخوض هذه المعركة دون إسناد خارجي كما أسلفنا في الجزئين الماضيين.

وتفاعلا مع دوران عجلة الحكومة الاقتصادية، قدم خبراء اقتصاديون وأكاديميون توصيات للحكومة عقب ندوة نقاش علمية متخصصة عقدت بجامعة عدن برعايةالبنك الأهلي الحكومي ورئيسه الخبير الاقتصادي د. محمد حلبوب، طالبت الحكومة بوضع ميزانية عامة وتبني مشاريع لرفد خزينة البنك معظمها موارد ذاتية، والتعامل بشفافية فيما يتعلق بالإيرادات والإنفاق العام.

كما طالبت بسرعة اتخاذ إجراءات تخفيض الإنفاق الحكومي وتقليص عدد السفارات في الخارج وإيقافالتعيينات غير المبررة، مشددة على عودة المسئولين الحكوميين ورئيس وأعضاء مجلس إدارة البنك إلى عدن، وعدم الاستمرار في تغذية الخزينة العامة من مصادر تضخمية، وعدم الرضوخ لضغوط موظفي الدولة والمتقاعدين في الحصول على رواتبهم، بطبع عملات جديدة، لأن هذا الحل السهل لا يمثل حلا مستداما لازمة السيولة.

ويرى المختصون في ندوة "الجهاز المصرفي اليمني..التحديات وآفاق المستقبل" التي عقدت منتصف سبتمبر الفائت، أنه يجب ضمان استئناف تأمين تدفق الموارد الضريبة والجمركية من مصادرها الأصلية التي انقطعت، وتوريد عوائد النفط والغاز إلى حسابات الحكومة في المركزي، والبحث عن مصادر خارجية "قروض ومساعدات " من المؤسسات الدولية والدول المانحة لدعم الموازنة العامة والتخفيف من مستويات العجز الذي وصل حد "الرقمين" نسبة إلى الناتج المحلي.

"استكمال بناء وتشكيل الجهاز الإداري وتعزيز البنك بعدد من المستشارين اليمنيين والأجانب من ذوي الخبرة والكفاءة، ووضع معايير قانونية ومالية تضمن استقلاليته ودعم الحكومة له، وفصل مهامه عن مهام الخزينة العامة، ورفع رأس مال البنوك التجارية والاسلامية، وتقنين نظام الصرافة وضبطها..."، كل ذلك ورد ضمن توصيات أكاديمية تعاملت مع البنك المركزي كمستقبل يجب دعم صموده لا التقليل من أهمية الخطوات التي يقوم بها.

ورأى هؤلاء ضرورة إيجاد دعم للاحتياطي النقدي بودائع لا تقل عن 3 مليار دولار بصورة عاجلة، وربط المرحلة النقدية بالظروف السياسية والادارية، واستعادة وتوسيع انتاج النفط والغاز، وتفعيل وتطوير الموانئ والمطارات ومصافي عدن، وتسهيل قيام البنوك المحلية ببناء أرصدة خارجية لفتح الاعتمادات وضخ السيولة إليهابانتظام لاستعادة ثقة المجتمع، ووضع خطة برنامج تنفيذي لاستكمال تنفيذ مهام البنك، وانفاذ قرار مؤتمر الحوار بإنشاء الخزينة العامة.

ومن شأن لقاء رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر الذي جمع فيه قبل يومين بعدن، قيادة القطاع الخاص ممثلا بالغرفة التجارية، ووزير الشئون القانونية وممثلين عن وزارتي المالية والتخطيط،والضرائب والجمارك وميناء عدن، ولاحقا النائب العام، أن يحسن البيئة السياسية والأمنية والقانونية التي تعمل في ظلها هذه المؤسسات الإيرادية في القطاعين العام والخاص، وتمكين الموارد من التدفق إلى المصرف المركزي.

والتقى الفريق علي محسن نائب رئيس الجمهورية اليوم بإحدى اللجان المنبثقة عن اجتماع أصدقاء اليمن، بعد أيام من عودة المشير عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، من نيويورك بعد مشاركة ناجحة في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة على رأس وفد يضم محافظ المركزي ووزراء المالية والتخطيط طلب خلالها مساعدة المانحين بدعمماليمباشر للميزانية العامة، وفني من المؤسسات المالية الدولية، ومنحا نقدية لرفد الاحتياطيات الأجنبية.