الثلاثاء 23-04-2024 23:44:20 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

بعد عام على قرار نقله إلى عدن:

ما الذي حققه البنك المركزي خلال عام وعجزت عنه الأسلحة والذخائر (1 – 3)

الجمعة 29 سبتمبر-أيلول 2017 الساعة 10 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ محمد الجماعي

   

نعم.. كان قراراً صائباً وهاماً واستراتيجياً وليس لمجرد تحقيق انتصار ضد انقلابيي صنعاء.. هكذا يقول اقتصاديو حكومة الشرعية، ويرون أنه حقق في العام الماضي ما لم تحققه البنادق بشكل أو بآخر.. فقرار نقل البنك المركزي اليمني في مثل هذا الشهر من العام الفائت، من وجهة نظرهم، كان ضرورياً وحاسماً لاستعادة الشرعية، وإنقاذ اقتصاد اليمن وسمعته الخارجية بعد التهديدات التي تلقاها من عدد من المؤسسات المالية الدولية خاصة فيما يتعلق بمكافحة غسيل الأموال..

حَسَمَ القرارُ- حسب مصادر حكومية - نحو 50% من معركة الاقتصاد التي يخوضها بن دغر وحكومته مدعوماً من الرئيس هادي بنسبة 100% كما يبدو، فإعادة الصورة الذهنية لواجبات الدولة تجاه مواطنيها أضحت أحد أهم أسباب قوتها أمام شعبها وجيشها الذي يقاتل في مختلف الجبهات غير آبه براتب شهري كان يسيطر عليه الانقلابيون قبل نحو عام من الآن..

وجرَّدَ القرارُ الجمهوري رقم (119) لسنة 2016، سلطة الأمر الواقع في صنعاء من قوة القرار المالي، بعد سلسلة من إجراءات الحصار التي نفذتها الحكومة تمهيدا لضربة قاضية.. وأهمها: فصل "مركزي" مأرب عن صنعاء، تبعته عدن، ثم حضرموت.صارت العواصم المالية الثلاث: غاز،نفط، موانئ ومطارات، لا تقبل التعامل إلا نقداً، متغاضية عن كل ما سيترتب على ذلك من أضرار، تدركها تماماً، وتدرك أنها تسببت جزئياً بمشكلة السيولة.

تاليا: أصبحت الحكومة وخزينتها المركزية في عدن هي الواجهة الوحيدة للتعامل مالياً مع العالم، ومنذ تعطل توقيع بن همام في الخارج بأوامر بن دغر، فقد أصبح صرف الرواتب رسمياً من مهام الحكومة التي طبعت 400 مليار ريال في الخارج لحل معضلة السيولة، وإعادة تدوير المال المحلي ضمن الجهاز المصرفي للدولة، استعداداً لاستئناف تشغيل خطوط إنتاج وتصدير النفط والغاز من المنافذ المتاحة، وصولاً إلى تحقيق موازنة سنوية مستقرة مالياً وإدارياً.

فعليا: لا توجد أية معونات خارجية تسند ظهر الحكومة لتسديد الرواتب والالتزامات الأخرى، لكنها لم تفشل حتى الآن ولم تدر ظهرها لوعودها بتحسين الحال، وبياض الوجه، كما يقول قادتها، فالمعركة العسكرية لابد أن تتزامن مع نماذج حكومية مشرقة على الأرض وخصوصاً في عدن، وذلك ربما ما أدركه المواطنون بوضوح، ويأتي إصرار الحكومة انطلاقاً من هذا الإدراك الذي يبتسم إزاء كل محاولاتها ترقيع الوضع الراهن.

على أرض الواقع: هناك جيش وطني مكون من سبع مناطق عسكرية وعدد من التشكيلات الأخرى، استلمت بنظام "البصمة" رواتب عدداً من الأشهر - وفقاً لأهم إصلاح اقتصادي سعى إليه الرئيس هادي منذ توليه - لكنها رغم انقطاع وتأخر الرواتب لم تغادر الجبهات، وكان ذلك مثار استغراب الخارج وإعجاب الداخل..وبالمثل يستلم موظفو عشر محافظات محررة رواتبهم شهريا بانتظام إلى حد كبير.

وفيما يؤكد تقرير حديث لوزارة التخطيط، أنه لا يمكن وقف تدهور العملة دون وديعة دولارية عاجلة تسمح للبنك بمواجهة ندرة المعروض والتعامل مع مطالب المستوردين، فقد أثبت قرار التعويم الصادر عن المركزي قبل نحو شهرين أن أسعار العملة لم تتحرك، وأن البنوك المحلية استفادت إلى حد ما، بالرغم من عدم موافقة إداراتها في صنعاء عليه، خوفاً من الحوثيين الذين أصابهم هذا القرار كسهم موجع.

خارجيا: هناك عشرات السفارات والبعثات الديبلوماسية اليمنية في مختلف دول وممالك العالم، تتقاضى رواتبها من قبل الحكومة، في الوقت الذي يعجز الحوثيون عن تعيين سفير أو ملحق حتى في إيران، كما يلتزم البنك المركزي بمستحقات كافة البعثات الطلابية المنتشرين في عدد من دول العالم وبكل العملات.. وتلك أعباء مالية نجحت الحكومة في توفيرها في ظل تحديات أمنية وسياسية ومالية ومناطقية وخارجية أيضاً.

وفي 21 سبتمبر الجاري نقل "بن دغر" في طيارته نحو خمسة مليارات ريال يمني إلى حضرموت موجهاً بإعادة تشغيل فرع البنك المركزي بعد توفير السيولة له، وفي 23 سبتمبر الجاري أيضاً وجه بفتح فرع المركزي بمحافظة تعز تمهيداً لانتظام الحالة المالية، وأشرف على صرف 5 مليارات ونصف رواتب موظفي السلطة المحلية فيها، مشترطاً تحويل الإيرادات إلى حساب الحكومة العام في مركزي عدن.

وكشف تقرير حكومي صادر عن وزارة التخطيط عن استيراد اليمن أكثر من 2.2 ملايين طن من الغذاء خلال النصف الأول من العام الجاري، بمعدل يفوق 4 مليارات دولار على الرغم من عجز البنك المركزي في عدن عن فتح اعتمادات مستندية للتجار، لتغطية الواردات الأساسية للعيش.

محافظ البنك منصر القعيطي الذي وجه أواخر سبتمبر 2016 بنوك صنعاء الحكومية والتجارية بالتعامل مباشرة مع البنك المركزي في عدن، اشترط أيضا ولاء تلك البنوك لمركزي عدن مقابل التزامه بكافة الديون المستحقة لها، والتي تتجاوز 1.3 تريليون ريال. كما أصدر تعميمات في يناير ومارس 2017 يحذر فيها بشدة من المساس بحسابات المناوئين للانقلاب بعد صدور قرارات ضد بعضهم من جهات قضائية..

وطلبت حكومة الرئيس هادي نهاية مارس الماضي، من الأمم المتحدة التدخل بالضغط على جماعة الحوثيين لتحويل الإيرادات من مناطق سيطرتها إلى البنك المركزي في عدن كشرط لدفع الرواتب، ثم قبلت بعد ذلك مقترحا أممياً – رفضه الحوثيون- بإبقاء إيرادات ميناء الحديدة تحت أيديهم مقابل تسليم رواتب المحافظات التي يسيطرون عليها، كواحد من الأساليب التي واجهت بها الحكومة تعنت الداخل وتغاضي الخارج.

وتفند هذه السطور من أعمال البنك المركزي خطأ ما وقع فيه سياسيون وخبراء اقتصاديون من خطأ التشكيك بنوايا وخطوات الحكومة بدءا بقرار نقل البنك المركزي مروراً بنقل السويفت، ثم التعويم الحر للعملة، وليس انتهاء بالتنظير المتواصل وتوقع فشل البنك وخطأ قرار الحكومة والرئيس هادي..