الجمعة 29-03-2024 05:22:23 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

لماذا سبتمبر؟! (الحلقة الرابعة)

الخميس 28 سبتمبر-أيلول 2017 الساعة 05 مساءً / التجمع اليمني للاصلاح - خاص / عبد العزيز العسالي

 

عودة الى الهدف الأول

تضمن الهدف الأول عدة مبادئ التحرر من الاستبداد، التحرر من مخلفات الاستبداد. وقد أشرنا في الحلقات السابقة إلى أن إزاحة الشخصيات السلالية المستبدة تم بنجاح، كما أشرنا أن مخلفات الاستبداد، كان هو الطريق الأصعب، وما حصل من مكافحة آثار السلالية المستبدة هو عمل قليل جدا قياساً بالتضحيات التي قدمها الشعب اليمني. بل لقد تكرست السلالية عبر ذراعها الباطنية وسلكت وسائل شتى لا مجال لذكرها.


نستطيع القول إأ الفشل في التحرر من مخلفات السلالية المستبدة: يعني فشلاً في المبدأ الثالث من الهدف الأول المتمثل في إقامة حكم جمهوري عادل، فالاسم فعلا (الجمهورية العربية اليمنية) لكن المضمون ملكي سلالي قبلي طائفي.. الخ.

 

تقاليع مخلفات السلالية المستبدة
وكما أشرنا سابقا أن الجميع اتفقوا على إزالة الاستبداد ولكنهم لم يتفقوا كيف يحكمون!


كان هذا أبرز عوامل الإخفاق، فكل فصيل كان يظن أنه من سيحكم أو هو صاحب القرار الأقوى.


إن الفشل في إقامة حكم جمهوري عادل يعني فشلا في تطبيق المبدأ الرابع من الهدف الأول والمتمثل في إزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات؛ فهذا المبدأ جاء لإزالة مخلفات السلالية المستبدة وهو التمييز الطبقي؛ حيث كان هذا التميز هو محور السلالية العنصرية دينياً وثقافياً وعقدياً وفكرياً!


قال الزبيري:
وما لأرض إلا لنا وحدنا ولكنهم غالطونا بها هذا هو لسان الحال والمقال من يوم دخل الهادي يحيى الرسي الى صعدة أواخر القرن الثالث الهجري؛ فالملك والسيادة على الناس هو للسلالية.. وتناسى أم نسي الناس بمن فيهم العلماء و.و.و. أن الإسلام لو كان قد جاء لتكريس السلالية لأسلم أبو لهب وأبو جهل وكفر بلال وخباب وصهيب وزيد، بل لم تسلم المجتمعات كلها!


في اليمن طيلة ألف ومئة سنة، وفي المناطق التي خضعت للحكم السلالي تم تفريق المجتمع الى طبقات: ملوك، وزراء، قضاة، فقهاء، قبائل خدام المذهب، مزارعون، تجار، مزين، مهن أخرى!


هذا التقسيم في ظاهره صحيح لكن الأمر في اليمن يختلف؛ في اليمن يعني أن الملوك هم من سلالة خاصة ولا ينازعهم في ذلك الا كافر حلال الدم، والقاضي هكذا يبقى هو وولده مهما تعلم ونبغ فليس له أن يتطلع الى المنصب الوزير، والوزير كذلك طبقة هي هي لا ينبغي له أن يفكر بالملك، والتاجر كذلك والشيخ القبيلي، ناهيك عن تفكير ما يسمى بالمزارع او ذي مهنة أخرى.


الخلاصة هذه ثقافة فارسية برهمية مجوسية، لا وجود لها في الإسلام، لكن هذا الذي حصل.


تأمل معي أفضل كتاب في الفقه الهادوي (التاج المذهب للعنسي) ظهر في 1944 ولم يقدم فيه الكاتب شيئاً جديداً اللهم سوى أنه اختصر المطولات الهادوية!
ولنأخذ مسألة الكفاءة في الزواج، حيث جاء الكاتب بشيء من راسه المتعصب قائلاً بأنه هذا مذهب آل البيت (الفتاة التي تنتسب الى الحسين لا يجوز لها الزواج بابن عمها الحسني)!


ليشي يافقيه عنس؟! لأن الحسن تنازل عن حقه في الحكم، والحسين قتل في سبيل حقه في الحكم!


أحد الظرفاء لما قرأ هذه الفرية الكبرى، استلقى على قفاه ضاحكاً وقال: "ودفت بنات ذمار وعنس المعركة بكربلاء ان صحت قبل 13 قرناً، والضريبة عند بنات عنس"!


ظريف آخر علق على هذا لم يقل فرية على الدين، وإنما قال أربعة أحرف مفهومها اذا ذكرتها فضع يدك على أنفك (فرية ووزنها خ ر ي ه) طبعا هذه آل ... لا توجد الا في اليمن ذلك أني سألت شيعياً عراقياً عن الكفاءة العنسية الآنفة الذكر قال لا وجود لها! كن ابن من شئت وتزوج هاشمية او غيرها، صراعنا سياسي. وأكد قائلاً: "انا هاشمي شيعي وهذه ابنتي تعال أزوجك الآن إن شئت"! قلت ساعتها لقد صدق الظريف الآنف الذكر الذي وصف الكفاءة العنسية بانها (خ....ية). وبعد تأمل وجدت أن القبول لهذا الهراء تقسيم الناس حسب المهن يعود الى الجهل ورواسب البدوية المتصحرة والأبوية القبيلة بنسبة 30 % لكن 70 % تركة السلالية المتأبلسة التي كرست هذه التفرقة العنصرية باسم الدين، والدين براء.


الهدف الثاني من أهداف ثورة 26 سبتمبر بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها. هذا الهدف جاء يعالج مخلفات السلالية التي لم تبن جيشاً عبر تاريخها، وإنما كانت تضرب قبيلة بأخرى، وهذا الاجرام له اهداف غاية في الخسة، منها أن الملك لن يخسر مالاً للجيش ولا رواتب وإنما يعطي بحسب الحاجة، ثم يبيح لهم القبيلة الأخرى التي هاجمها. هناك هدف أخطر هي تمزيق النسيج المجتمعي وهذا أسوأ من الهدف الأول، وتصور معي أخي القارئ ان الحدود بين القبائل والمناطق يكرس سياسياً، بل تصور معي الى اين وصل التكريس!


في قريتنا دار قديم مكون من ثلاثة طوابق، فتم تقسيم الدار إلى قسمين (شطرين) مجموعة غرف رأسياً تنتمى إلى العسيلة (عزلة العسيلة)، وغرفتان جنوبيتان تنتميان إلى عزلة الأشموس؛ علماً أن الدار هو في منطقة العسيلة، لكن البطش السلالي كان وراء هذا التقسيم المضحك للثكالى، كنت الى عهد قريب أسأل صاحب الدار هل صحيح التقسيم؟! يجيب بالإيجاب، مؤكدا القول: يا ولدي: "كان عكفي الإمام اذا حضر فجأة يطلب منك كبشاً أبو اربع كعل وانت البائس لا تمتلك عشاء. فإن لم تعط كبشاً أبو أربع كعل سيأخذ البقرة او سلة البذور، والتي هي كنز المزارع، فكان تقسيم الدار عسالي وشمسي اتقاء للمفاجأة؛ حيث يتم نقل البقرة والبذور الى الغرفة الشمسية إذا كان العكفي قادماً باسم العسيلة، والعكس صحيح، فيتأدب العكفي ولا يدخل الغرفة"!


هذه شهادة المواطن البسيط قحطان، والدار الآن قد تهدم غير أن أولاد قحطان يؤكدون هذا!


تميز حكم آل حميد الدين بميزة جديدة في جانب الجيش؛ فالقبيلة لضرب القبيلة لا خلاف لكن (عكفي) العكفة: هؤلاء من مناطق محدودة جداً - همدان لها النصيب الأكبر من العكفة وبعد التأمل في مفرد (عكفي) نجدها مشتقة من العكوف الديني الاعتكاف العقدي في حماية السلالية ديناً ولو كان العكفي لا يحصل على كسرة الزاد – تربية أيد يولوجية تنظيمية! اختيار العكفة من همدان قادم من البيت الشعري المنحول زوراً الى على بن ابي طالب فلو كنت بواباً على باب جنة لقلت لهمدان ادخلوا بسلام!


من غرائب الأقدار أني جاورت شخصاً طاعناً في السن تجاوز 120 عاماً .. كانت هذه المجاورة بين عامي 2009 - 2015 هذا الرجل – همداني صحيح النظر وصحيح الاسنان، قوي البنية يفيد انه يوم قيام ثورة 26 سبتمبر كان في عمر 70 عاماً وهو عكفي مع الإمام، وجاءت الثورة وأعطته ميري وبريه فرفض وقال سأخدم حكومتكم بلباسي (عكفي)، وكان الى جانبه مجموعة عكفة، وحسب قوله: ان السلال أمر بعدم ترفيع رواتبهم ولا يمنحون رتباً عسكرية، فخضع زملاؤه وقبلوا الميري، لكنه أصر على موقفه حتى أحيل الى التقاعد وتوفي وراتبه ثلاثون ألف ريال لاغير!


السؤال: لم هذا الإصرار؟


الجواب من العكفي: هكذا أنا خادم آل البيت – المذهب – همداني اصيل، كيف القى امير المؤمنين – علي بن ابي طالب؟!


طيب ياعمنا هل تعرف المذهب؟ لا ليس شرطاً أنا مأمور من إمام المذهب.. هنا تذكرت كلام الشوكاني -رحمه الله- حيث قال عن نفسه: "نجوت هذه الليلة من اغتيال حيث هجمت قبائل برط، وهم جمرة العرب – نار همجية – حاصروا منزل الملك بشيء من الأدب لأنه إمام المذهب وأنا هربت من بيتي، وبعد أسبوع خرج إليهم الملك سألهم ايش الخبر؟! قالو له: الشوكاني والأمير الصنعاني خربوا مذهب آل البيت ونحن حماة المذهب، فقال لهم الملك كم تأخذون حق حماية المذهب سنويا؟ قالوا ( 8 ) ألف روبية.. قال خذوا هذه العام 20 الف روبية! فأخذوها وانصرفوا شاكرين". الشوكاني معلقاً: هكذا تم بيع المذهب بزيادة 12 ألف روبية"!


اذن هذا هو الجيش القبلي الذي يلعق راس العام حفنة روبيات.. نعم في العهد العفاشي تم بناء جيش حرس جمهوري وأمن مركزي يحمي العائلة العفاشية وتم تدمير بقايا الجيش ذي الولاء الوطني – الله – الوطن – تحولت – سنحان وبس!