السبت 20-04-2024 06:07:00 ص : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ابتزاز ومتاجرة.. لماذا ترفض المليشيات الحوثية الإفراج عن المختطفين رغم تفشي كورونا؟

الثلاثاء 07 يوليو-تموز 2020 الساعة 07 مساءً / الاصلاح نت-خاص-اسماء محمد

 

عاما بعد آخر، وخلف القضبان آلاف اليمنيين المعتقلين الذين يمتزج صوت أنينهم مع أصوات السجانين في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي، التي لم تُعر أي اهتمام لما يجده المعتقلون والمختطفون والمخفيون قسريا لديها طوال بقائهم في سجونها الرسمية وغير الرسمية.

لا شيء يمكنه أن يخفف معاناة المعتقلين، أو يعمل على حل ملفهم المأساوي الذي كلما طال أمد الحرب استنزف ما تبقى من أرواحهم وأجسادهم التي يتغذى عليها المرض والجوع، ووسائل تعذيب السجان لهم.

مناشدات لإنقاذهم من كورونا

منذ أن بدأ شبح كورونا يهدد حياة اليمنيين، ارتفعت أصوات حقوقية وحتى سياسية كثيرة لإنقاذ حياة آلاف السجناء المعتقلين والمخفيين قسريا في سجون مليشيات الحوثي، لكن تلك المناشدات لم تجد تفاعلا كبيرا من قِبل تلك الجماعة، فهي ترفض الاعتراف بوجود حالات كورونا في مناطق سيطرتها برغم أن الجائحة حصدت أرواح الكثيرين هناك، ما يعني إمكانية انتشار الوباء بين السجناء.

وكشفت منظمة "سام" للحقوق والحريات، مؤخرا، عن إصابة أكثر من سبعة معتقلين بفيروس كورونا في السجن المركزي بصنعاء، وهو ما يهدد حياة الآلاف منهم، مع عدم إعلان واضح لخطة احترازية لحماية السجون من قبل الجماعة.

وتقول رابطة أمهات المختطفين والمخفيين قسريا، إنها تلقت بلاغا من بعض أهالي المختطفين في السجن المركزي بصنعاء، يشكون فيه حرمان أبنائهم من الطعام والأدوية في ظل تفشي فيروس كورونا، مؤكدة أنهم يتضورون جوعا، وتواصل المليشيات الحوثية احتجازهم في عنبر واحد، متجاهلة الوسائل الاحترازية اللازمة لحمايتهم من الجائحة.

ويبدو الوضع -كذلك- صعبا في أوساط الصحفيين المعتقلين لدى المليشيات، ليس فقط لتعرضهم لمحاكمات غير عادلة كباقي السجناء أيضا، وصدور أحكام غير عادلة بحقهم كالإعدام، ولكن لاستمرار اعتقالهم في قضايا رأي وأخرى ملفقة، في ظل الحديث عن وجود موجة ثانية من كورونا بدأت في دول عديدة.

كورونا وابتزاز السجناء

أعطت بعض المؤشرات أهالي المعتقلين بعض الأمل بخروج أبنائهم من سجون المليشيات مع تفشي كورونا، لكن ذلك لم يستمر طويلا، وبدأت الجماعة باستئناف مسلسلها في ابتزازهم، وأفرجت عن عدد قليل من السجناء مقابل المال وفي إطار صفقات تبادل أسرى محدودة.

وبدا تفاعلها مع أزمة كورونا، كما لو كان مجرد محاولة لتلميع صورتها لدى المجتمع الدولي، وتخفيف الضغط عليها فقط خاصة مع تزايد الدعوات لإطلاق سراح المعتقلين، فلم تتفاعل بشكل جدي مع ملف إنساني كهذا، فهي مستمرة حتى اليوم بتسييسه.

اتهامات متبادلة

طوال جولات المشاورات التي تمت من أجل السلام في اليمن، تم التوصل لعدد من الاتفاقات بشأن ملف الأسرى والمعتقلين، من أبرزها اتفاق عَمان الذي لم يرَ النور بعد، بسبب تعمد مليشيات الحوثي إفشاله كما كان يحدث كل مرة.

وحمَّل رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى التابعة للمليشيات عبد القادر المرتضى -في تغريدة له على تويتر- غريفيث وفريقه مسؤولية فشل تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى الموقع في عمان.

لكن الحكومة تقول إن المليشيات تتعمد عرقلة اتفاقيات تبادل الأسرى، من خلال المطالبة بالإفراج عن أسماء وهمية، مستمرة بذلك في تسييس ذلك الملف الإنساني.

استمرار الأزمة

ولا يبدو أن أزمة ملف المختطفين ستنتهي، فما تزال حتى اليوم المليشيات تقوم باعتقال المدنيين وكثير من خصومها تحديدا في مناطق سيطرتها، ومعه يرتفع أعداد المعتقلين لديها، فذلك جزء من سياستها في التعامل مع اليمنيين.

وتوجه كثير من الاتهامات للمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، بعدم الضغط والاهتمام بملف الأسرى والمعتقلين الذي تتعمد المليشيات المماطلة فيه، وتربطه بالشق السياسي.

وحذرت منظمة الصحة العالمية من تفشي فيروس كورونا في اليمن بشكل كبير، قائلة إنه ينتشر بصمت وبصورة سريعة على خلاف الإصابات والجروح الناجمة عن الحرب.

متاجرة وقمع

برغم كل تلك التحذيرات من خطورة تفشي كورونا بين السجناء، إلا أن مليشيات الحوثي لا تلقي لذلك بالا، فهي تراهن على ورقة المعتقلين منذ بداية انقلابها، لاستثمارها بطرق عديدة.

تقوم المليشيات باعتقال حتى مدنيين أبرياء دون أن توجه لهم أي تهمة، وكثيرا ما تلفق لهم تهما كيدية، وغرضها هو مبادلة المعتقلين المدنيين بأسرى حرب من أتباعها لدى قوات الشرعية.

ويكون الكثير منهم وسيلة لجمع كثير من المال، فمجرد معرفة معلومات عن المعتقلين يكلف أهلهم أموالا طائلة، ثم تبدأ لاحقا رحلة ابتزاز أهلهم لرؤيتهم، والوعود الكثيرة التي يسمعونها لإخراجهم من خلف القضبان، وهو ما لا يحدث وإن حدث فبعد أن يكونوا قد حصلوا على الكثير من النقود.

كما يعد الاختطاف والإخفاء القسري خاصة لمناوئي الجماعة أو ممن يشكلون عليها خطرا، وسيلتها لقمعهم، وإيقاف أي مصادر تهدد وجودها، ومحاولة تشكيل صورة ذهنية وحشية عنها لمنع المواطنين من الانتفاضة ضد ممارساتها.

انتهاكات وتعذيب

حتى اليوم لا يزال الاختطاف والإخفاء القسري أبرز أدوات الحوثيين، ويقول التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (رصد)، إن المليشيات تختطف نحو 20 ألف معتقل مدني موزعين على 790 سجنا رسميا وغير رسمي في جميع مناطق سيطرتها، وهو رقم كبير يكشف عن حجم الكارثة.

ولم يعد يقتصر الاعتقال والإخفاء القسري على الرجال فقط، فهناك أكثر من 300 امرأة في سجون المليشيات، بحسب مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان. وكذلك فإن عناصر تابعين للجماعة قاموا باختطاف 189 طفلا في نقاط التفتيش أو الدوريات، وزجوا بهم في جبهات القتال.

ويعاني السجناء -كما تفيد منظمات- من التعذيب الوحشي على يد الحوثيين، وتتحدث تقارير حقوقية عديدة عن تعرضهم للضرب بالهراوات وأعقاب البنادق، وتعليقهم بواسطة السلاسل المعدنية من المعصم، فضلا عن حرقهم بالمواد الكيمائية، وإسقاط البلاستيك المذاب على أجساد بعضهم، وضرب رؤوسهم على الجدران، والاغتصاب، مما دفع بعضهم للانتحار خاصة من النساء.

ويصاب عدد من السجناء بإعاقات جسدية جراء التعذيب، ويخرج بعضهم بعد وساطات وهم يعانون من الشلل وحالة نفسية سيئة، وكثير منهم يموتون بعد خروجهم، وحتى في السجون فقد وثقت رابطة أمهات المختطفين وفاة أكثر من 100 معتقل.

ظروف اعتقال غير لائقة

في ظل كل ما يتعرض له السجناء، يكون وضعهم أشد خطورة مع انتشار وباء كورونا سريع التفشي بين الناس، ما يعني أن حياة عشرات السجناء ستكون في خطر، خاصة أن هناك كثيرا من كبار السن بينهم، وعدد من الذين يعانون من أمراض مزمنة.

ونتيجة لعدد السجناء الكبير، فإن المليشيات تعتقلهم في أماكن ضيقة، وتكتظ المعتقلات بعدد كبير منهم في غرف صغيرة وأماكن اعتقال توصف بـ"المروعة" وبعضها سرية، فضلا عن تغذية غير مناسبة تجعلهم عرضة للأمراض المنتشرة بينهم، خاصة مع تفشي كورونا في أوساطهم، وصعوبة حصولهم على الرعاية الصحية اللازمة.

وتتفاقم أوضاع المعتقلين في السجون، بسبب أوضاعهم النفسية التي تزداد سوءا، خاصة مع عدم معرفة الكثير منهم مصير أهلهم خارج المعتقلات، وفيما إذا كانوا قد نجوا من فيروس كورونا أم لا، وهو ذات القلق الذي يعانيه أهالي السجناء خاصة من انقطع تواصلهم مع أبنائهم خلف قضبان المليشيات.

كلمات دالّة

#اليمن